في موضوع موقف الإدارة الأميركية الجديدة من حلف شمال الأطلسي، يقول الصديق نفسه الذي يمتلك الكثير من المعرفة والخبرة في شؤون بلاده والذي يُتابع من عاصمتها واشنطن سياساتها الداخليّة والخارجية: "إن الرئيس دونالد ترامب وجد نفسه مضطرّاً إلى التراجع عن كثير من "إعلاناته السياسيّة" غير المألوفة والهوجاء التي أطلقها في حملته الانتخابيّة. علماً أن أحداً لا يثق فيه جرّاء استمراره في أسلوبه الشعبوي والتعبوي، وفي تعميق الانقسام بين الأميركيّين، والخلافات مع جيرانهم في المكسيك ومع حلفائهم كما منافسيهم في العالم. صحيح أن وزير الدفاع الجديد جيمس ماتيس ووزير الخارجية ركس تيلرسون أعادا أخيراً طمأنة حلفائهما في "حلف شمال الأطلسي"، لكن إعادة بناء الثقة بينهم ستكون صعبة جدّاً". ويضيف: "أمّا العلاقة مع روسيا فيبدو أنها بدأت تتّجه نحو الأسوأ بعدما كان الاتجاه السائد عند السيّد الجديد للبيت الأبيض إزالة التردّي الذي شهدته في ولايَتَيْ سلفه باراك أوباما. فرئيسها فلاديمير بوتين عاد على ما يبدو إلى ديبلوماسيّته واستراتيجيّاته التي تنطوي على مخاطرات ومجازفات كثيرة. ومن شأن ذلك دفع التدهور في العلاقة إلى أسوأ الدرجات. ومن الأدلة على ذلك إقدامه على وضع سفينة تجسّس روسيّة قبالة قاعدة عسكريّة بحريّة أميركيّة وتكليفه إيّاها التشويش على السفن الأميركيّة في البحر الأسود. وقد بدأت ذلك فعلاً. كما أنه طوّر سرّاً صاروخاً من نوع "كروز" الذي أوقفت معاهدة خفض التسلّح الموقّعة بين واشنطن وموسكو أيام الرئيسين رونالد ريغان وميخائيل غورباتشيوف تصنيعه، وأمر بنصب أعدادٍ منه في مواقع استراتيجيّة معيّنة. فضلاً عن أنه يستمرّ في ممارسة القرصنة الإلكترونية لحلفاء أميركا من الدول الأوروبيّة وخصوصاً لقواعد "داتا" الحملات الانتخابيّة الجارية في عدد منها. لكن هذه الدول علِمت وأُعلِمت في الوقت نفسه بتفاصيل ذلك، وبدأت تتّخذ التدابير اللازمة من أجل وقف القرصنة أو مواجهتها". ويتابع الصديق الأميركي نفسه: "أعتقد أن بوتين بدأ يدرك أنه لن يتمكّن من جعل نظيره الأميركي ترامب شريكاً له على الأقل في المستقبل المنظور رغم أن الأخير يستمر في الامتناع عن قول أي شيء سلبي عنه علانيّة على الأقل، تاركاً هذه المهمّة أي الحديث عن السلبيّات الروسيّة إلى مرؤوسيه. وحقيقة أنا أتساءل إذا كان الرئيس الروسي فكّر قبلاً أو اقتنع فعلاً بأنه يستطيع ضبط رئيسنا (ترامب) وتوجيهه والتحكّم به. وأعتقد أن أفعاله كلّها التي أثارت غضب الأميركيّين كانت ترمي إلى نشر الارتباك وزرع التشوّش والاضطراب في أميركا والدول الحليفة لها. ودافعه إلى ذلك قد يكون يأسه من إمكان تخلّص بلاده من العقوبات الأميركيّة والأوروبيّة المفروضة عليها جرّاء احتلال جيشها بأمر منه شبه جزيرة القرم الأوكرانيّة وضمّها إلى أراضيها بأمر منه أيضاً. علماً أنها ألحقت بها وبشعبها ضرراً كبيراً جدّاً. وعلماً أيضاً أنه رفض إعادة شبه الجزيرة هذه إلى أصحابها أو حتى مجرّد التفكير في ذلك رغم مطالبة أميركا وتحديداً رئيسها السابق أوباما. وقد تصبح الأمور خطيرة أو بالأحرى أكثر خطورة إذا قرّر الرئيس الجديد ترامب إرسال قوات عسكريّة نظاميّة إلى سوريا لمواجهة "الأشرار" فيها وفي مقدّمهم الارهابيّون من أبناء "داعش" و"النصرة" وتنظيمات أخرى إسلاميّة مُتشدّدة حتى التكفير والعنف. ذلك أن هذه القوّات ستحتاج إلى غطاء جوّي، ومن شأن ذلك توفير إحتمالات التصادم عسكريّاً مع القوات الروسيّة الموجودة في سوريا. علماً أنني لا أعرف، وربما كثيرون غيري لا يعرفون، إذا كان إرسال قوات أميركيّة إلى هذه الدولة سيكون الخطوة الأولى لإقامة منطقة أو مناطق آمنة (Safe Zones) هناك، وماذا سيكون موقف الرئيس بشار الأسد والرئيس بوتين من ذلك ورد فعل كل منهما عليه".
في نهاية كلامه يلفت الصديق الأميركي المُتابع نفسه إلى قضيّتين مهمّتين تضمّنهما البرنامج الانتخابي لترامب أو بالأحرى عناوينه. الأولى الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي و"حل الدولتين" الذي تبنّته أميركا والمجتمع الدولي وموقفه منهما. ففي بداية حملته الانتخابيّة "نقزت" إسرائيل نتنياهو منه. لكنّها اطمأنّت بعد زيارة الأخير البيت الأبيض، إذ وافقه على "ضرب" الحل المذكور ودعم أي حل يتّفق عليه الفريقان. أما القضيّة الثانية فقد تكون الوحيدة ربما التي لا يزال متمسّكاً بها مع "جدار المكسيك" وهي العداء لإيران و"إرهابها" وشريكها "حزب الله".