لم يتأخر موعدُ لقاء رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط مع رئيس فرنسا اليساري فرنسوا هولاند، وقد ظنّ البعض أنّ لقاء الثلثاء الباريسي جاء رداً على تصريحات لوبن، لكنّ المعلومات تؤكّد أنّ الموعد كان مقرَّراً سابقاً ولا علاقة له بزيارة لوبن ومواقفها من بيروت، وقد عقد اللقاء في هذا الوقت لأنّ ولاية هولاند شارفت على النهاية، ومن الطبيعي أن يزوره جنبلاط لأنّ صداقة قوية تربطهما وقد تعزّزت بعد وصول هولاند الى الإليزيه، إضافة الى العلاقات التاريخية بين لبنان وفرنسا والتي لا يستطيع أحدٌ تخطيها، وجنبلاط حريص على حماية كلّ ما بُنيّ مع باريس التي تقف مع لبنان دائماً.

من جهة ثانية، يجمع الانتماء الى الاشتراكية العالمية بين جنبلاط وهولاند، وهذا ما ساهم في تمتين الصداقة بين الرجلين، في حين تطرّق اللقاء بينهما الى مجمل المسائل السياسية الداخلية والخارجية خصوصاً بعد التطوّرات الحاصلة في لبنان وسوريا والمنطقة، ولم يقتصر فقط على القضايا الشخصية أو انتهاء ولاية هولاند وما ينتظر فرنسا بعد هذه الحقبة.

وينفي قريبون من جنبلاط أن يكون طلب مساعدة هولاند في قانون الانتخاب عبر إقناع أصدقاء فرنسا في لبنان، وهم كثر، بالتخلّي عن النسبية، أو في مسألة التوازنات اللبنانية ودور الدروز في التركيبة الجديدة، لأنّ ولاية هولاند قاربت أن تنتهي وفرنسا لا تتدخّل في التفاصيل اللبنانية، كما أنّ مواقف جنبلاط التي أعلنها في باريس خلال المقابلة التلفزيونية كان سبق أن قالها في بيروت، وتحديداً خلال زيارته الرئيس نبيه برّي، فموقفه من رفض النسبية في ظلّ النظام الطائفي ليس بجديد، وكذلك بالنسبة الى الأحجام والأوزان في لبنان ومستقبل الدروز.

قدّم جنبلاط الى برّي اقتراحه الانتخابي في محاولة أخيرة للخروج من المأزق، وهو وإن قال في فرنسا إنه لا يمانع اعتماد «المختلط» وردّد هذا الكلام سابقاً في لبنان، لكنّ هذا الملف يبقى تفصيلاً في لعبة كبيرة تبدأ في عواصم القرار الدولية والعربية، وتتردَّد في دمشق وتؤثر في لبنان.

لذلك يُنتظر ما سيخرج به جنبلاط من مواقف لقراءة ما سيشهده لبنان من تغيّرات، وإن كانت في اتجاه استمرار التسوية أو الإنفجار الكبير.