لا يُساوي الحبُّ الذي عاشَه راميو وجوليت وقيسٌ وليلى وعنترة وعبلة  قيدَ أنمُلةٍ من أصولِ مدرسةِ وجامعة ِالحُبِّ النبوي،والخالي من المكر والزيف والطلاق والكلام المنفصل عن الواقع.،فَضرَبَ أروعَ النماذجِ في الغزل واللطافة والعاطفة ورومانسية  التعامل مع زوجاتِه،فكان الحبيبَ الراقي والحضاري لسلوك الزوج الصالح،وهو القائل: (خيرُكُم خيرُكُم لأهلِهِ وأنا خيرُكُم لأهله.لا يُكرِمُهنَّ إلا كريم،ولا يُهينُهنَّ إلاَّ  لئيم.واستوصوا بالنساء خيرا،ورفقاً بالقوارير).

ويُعْلِنُ أنه مَن رُزِقَ ثلاثَ بناتٍ فأحْسَنَ تربيتَهنَّ ورعايتَهنَّ دَخَلَ بهنَّ الجنةَ.وهذا الموقفُ الإنساني من المرأة طفرةٌ هائلةٌ في بيئةٍ صحراويةٍ جافَّةٍ وفي مجتمعٍ الأشدُّ تعصُّباً لا يَعرِفُ مثل هذه الطقوس الحميمية،مُعتبراً إنجابَ الأنثى عاراً يَستلزمُ وأدَهَا.
فرومانسيتُهُ تُحافظ على مشاعر وأحاسيس زوجته عائشة :إنَّي لأعلمُ إذا كنتِ عنِّي راضية أم غضْبَى.فيتفهَّمُ نفسيَتَها وطبيعتَها ويشتكي إليها ويستشيرُها ويظهر حُبَّهُ ووفاءَه،ويختار لمناداتِها أطيبَ الأسماء،فيشرب من نفس مكان الكأس الذي شرِبَتْ منه،ويتَّكِئُ في حجْرِها للراحة والسعادة،ويتنزَّهُ  ويتسابق معها على الفرس،ويهدِّئُ من رَوْعِها إذا غَضِبَت،ويفرح لفرحها مُعْلِناً حبَّهُ لها أمام الناس قائلاً :إنِّي رُزِقْتُ حُبَّها.

فكان يتطيب ويتزيَّن لها على كلِّ حال،فلا يعنِّفُها ولا يضربها ولا يؤذيها بكلمة جارحةٍ لمشاعرها ولإنسانيتها،بل كان يضع اللقمة في فمها ويعتبر ذلك صدقةً يؤجر عليها الزوج،ويثق بها ولا يخونها بل يتفقَّدُ أحوالَها ويسأل عنها ويُراعيها أثناءَ المرض والحيض،ويصحبها معه أثناءَ  سفرِهِ،وحتى ورغم الحرب والغزوات والتحديات كان لا ينسى الاهتمامَ بزوجته.ولا يثقل عليها بمطالبه فبيده يُخيِّطُ ثوبَه وحذاءَهُ،مقللَّاً من مساحة الرهبة،فيُدلِّلُها بعائش.والتي تصف وجودَهُ في المنزل بأنه كان ضحَّاكاً بسَّاماً،ولم يضرب زوجةً بيده الشريفة.

ويتطيَّبُ ويتزيَّنُ ويخاطبُ قلبَها بغزَلٍ وبلا كلماتٍ وبل بالإيماءات الصامتة،فيعرف ما يدورُ في عقلها حيث عاشَ حبَّها.وكذلك زوجتُه السيدة خديجة التي أول مَن آمنَ برسلته من النساء والداعم والممول لدعوته الربانية،ولم  يتزوَّجْ عليها في حياتها،وأوفى لها بعدَ مماتها لصديقاتها،وكان يأخذ برأيهم في السياسة والإدارة وكان مستشارته أم سلمة في صلح الحديبية وفي كافة الأمور،لذا لم يخُصِّصْ للحب عيداً ويوماً  في السَنَة لزوجاته بل كان حبيبَ القولِ والعمل لهنَّ في كل لحظة ونظرةٍ ولقاءٍ وإذا غابَ أو حَضَرَ وعلى مدار الثانية والساعة والسنة والعمر.
هذه هي مشاعرُ محمدٍ عليه السلامُ الرقيقةُ والمرهفةُ بالحسِّ الإنساني الرومانسي الذي لا يعرفُه غِلَاظُ القلوبِ والأرواحِ ولا يُدْرِكُها مَن لديْهِم جفافُ حسٍّ وبلادةُ مشاعِرٍ وفقدانٍ للذَّوْق.