خسر البرشا الكثير من اللاعبين والمدربين لكنه بقي محافظًا على هويته وأسلوب لعبه منذ عهد الأسطورة الهولندية يوهان كرويف، ومنذ أن تولى الأسباني بيب غوارديولا مهمة تدريب الفريق الكتلوني باتت السيطرة على أجواء اللقاء ولعب فلسفة النادي أكثر سهولة من قبل حتى موسمنا هذا.

تعددت الأخطاء هذا الموسم منذ بدايته حتى الكارثة الكبرى التي حلّت منذ أيام قليلة في العاصمة الفرنسية، خسارات كبيرة وأرقام ضخمة غير مألوفة عن السابق، لكن الموضوع ليس له علاقة بالأرقام بل بهوية الفريق التي تتقلص يوم بعد يوم.

من الجماعية إلى الفردية:
___________________

جميعاً نعلم الفارق بين برشلونة والفرق الأخرى أنه يتمتع بقدرة جماعية في اللعب بالرغم من موجود الكثير من النجوم التي إن وجدت في فريقاً أخر لغردت خارج السرب.

ومع فكرة وجود ثلاثي أمامي كليونيل ميسي، نيمار وسواريز في ظل غياب للقوة العظمة في عالم المستديرة، ألا وهو خط الوسط يصعب أن تتغلب الجماعية على الفردية خاصةً في ظل ضغط الخصوم.

الMsn كما يحب الجمهور أن يسميهم، لاعبين ليسوا بحاجة لصنّاع لعب خاصةً إذا كانت حالتهم البدنية ممتازة، لكن مع كثرة المباريات مع برشلونة والذهاب لتمثيل بلادهم في القارة اللاتنية الأكثر صعوبة بدنياً، بات القيام بأدوار خط الوسط والهجوم شبه مستحيل وخاصةً في المباريات الكبيرة التي يستطيع بها الخصم الضغط على الثلاثي ومحاولة عزلهم مما يؤثر سلباً على الفريق ككل.

خط الوسط: 
_________
أن تذكر خط الوسط في برشلونة، تذهب بنا الذاكرة لأفضل ثلاثي في تاريخ خط وسط البرسا ومن أفضلهم على الصعيد التكتيكي في العالم وهم بوسكيتس، تشافي، وإنييستا، والحديث بالطبع عن عندما كانوا في قمة مستواهم، فالجندي المجهول سيرجيو بوسكيتس صاحب الأدوار الدفاعية المساندة لقلبي الدفاع، إضافة للمتحكم برييتم المباراة هو وزملائه وصانع الهجمة الأولى، وأمامه ممر الفريق وصانع لعبه والمدرب الموجود على المستطيل الأخضر تشافي هيرنانديز، إلى جانب الرسام أندريس إنييستا والإسم يُعرف عن صحابه.

وبالطبع ليس من فراغ ذكر هذا الثلاثي في البداية، لأسباب أهمها أن البرسا فقد هوية وسطه بشكل كبير فتغيرت أموراً كثيرة، ومع تقدم العمر ورحيل البعض، والإصابات التي تتكرر من حين إلى أخر، بات دور خط الوسط مختصر  على تغطية المساحات خلف ثلاثي المقدمة، وربما تتغير الصورة عند وجود إنييستا في الآونة الأخيرة لكن مع كثرة الإصابات وتقدمه بالعمر أصبح الإعتماد على الأسباني بتحمل مسؤولية الوسط مهمة صعبة.

الوسط إفتقد للممر وكاسر خطوط فرق الخصم مع الضغط العالي الذين يفعلوه، مع إفتقاد للمسات إنييستا في الثلث الأخير عند غيابه، والحال يُقاس أيضاً على لاعب إرتكاز البرسا الذي بات إسماً كبيراً يصعب إستبداله بالرغم من المستويات المتقلبة التي يقدمها لأسباب كثيرة أهمها كثرة المباريات.

الخط الخلفي:
___________
برشلونة بمعظم الأوقات، من أكثر الفرق التي لا يتعرض مرمها لكثير من الأهداف أو الفرص، وبغض النظر عن الأسماء أصبح خط دفاع البرسا مهمته الوقوف على خط منطقة جزائه، ومشاهدة تمريرات الخصم البينية، والخطأ بالطبع تكتيكي من الجهاز الفني، فعند الضغط العالي ولو كان هناك أربعة لاعبين بالخلف فمن السهل إختراقهم لأنهم ببساطة غير محمين، لذلك إما الوصول حماية هذا الخط من قبل محور الفريق أو اللجوء لخط الدفاع المتقدم وبذلك يجبر الخصم على التراجع أيضاً، فحتى من ناحية الجرأة البرسا تغير.

الغيابات وسوء الإنتقالات:
____________________
لاشك أن إدارة البرسا دفعت الكثير من الأموال بالفترة السابقة لإنتداب لاعبين خاصةً في خط الوسط، ومنطقياً أي فريق في العالم بحاجة لتجديد دماء بعد كل أربع أو خمس سنوات، لكن الطريق التي إعتمدته إدارة البرسا ومدربهم غير مفهوم تماماً، خاصةً بتهميش مدرسة الفريق أي اللاماسيا التي قدمت أفضل اللاعبين في العقد الأخير، مع الإنتداب بغير دراسة واضحة، فمثلاً إستقدام التركي أردا توران وأليكس فيدال كان من الأخطاء الفادحة للإدارة الذين تم إستخدامهم في العملية الإنتخابية التي كانت موجودة آنذاك، فالتركي والأسباني جاءوا من مركز الجناح إلى مراكز الوسط والدفاع، مما صعبت عملية تأقلهم وسط ضغط الجماهير والإعلام.

ومع صفقات طائلة الثمن كجوميز وألكاسير ووجود ضعف بعملية توظيف اللاعبين من قبل الجهاز الفني، بات ثبات المستوى للصفقات متأرجح والتأثير السلبي يصب على الفريق. 

حلول وتحسينات:
_____________

بالرغم من جميع سيئات الفريق الحالية، فالفريق ينافس ويفوز، منها النتائج الخادعة لسوء الأداء ومنها اللعب بمستوى عالي لكنها قليلا في هذا الموسم، فبرشلونة مع أنريكي بدأ بشكل جيد جداً وحقق الكثير من الألقاب لكن هذ الموسم تراجع لأسباب عدة، أهمها تهميش دور الوسط وإعطاء ثلاثي المقدمة أكثر من دور، لكن هناك الكثير من الحلول التي ممكن أن تنقذ الفريق في الوقت الحالي.

فخطة اللعب المعتادة ٤-٣-٣ من الصعب البقاء عليها طالماً أن ثلاثي الوسط ليسوا بأبهى حالاتهم، لأن الخطة معالمها واضحة، من يريد البدأ بها عليه تكوين وسط فلازي مع أظهرة جيدة للتحكم بنسق المباراة وسهولة الخروج بالكرة من الدفاع للهجوم، لكن حالياً برشلونة لديه خلل بالمنظومة تمنعه من البقاء على تلك الخطة، خاصةً في مركز الظهير، فمع رحيل داني ألفيس وفقدان البرسا لممررهم تشافي هيرنانيز، وعدم تعويضهم باللاعبين المناسبين بات الخروج بالكرة صعب كما ذكرنا لكن ما تأثر أكثر المنظمومة ككل وخاصةً الجهة اليمنى، لأن روبيرتو هو لاعب وسط ولايمتلك أسلوب الظهير العصري، وخلل المركز الأيمن أثر بلاعب الوسط الأيمن الذي تعددت مهماته بالمساندة الدفاعية والهجومية، وبوجود نجم الفريق ليونيل ميسي في الجهة اليمنى مائلاً للوسط، أصبحت الجبهة اليمنى ضعيفة هجومياً وبالمقابل على الصعيد الدفاعي لتكون طريقاً مغرياً لهجوم الخصم منها وما أسهل ذلك.

٣-٤-٣ هي الخطة الملائمة في الوقت الحاضر بثلاثي في الخلف قادر على حماية العمق الدفاعي مع التخلي عن الأظهرة إلا في الحالة الدفاعية، كما ذلك سيقوي منطقة إرتكاز الفريق باللعب بمحورين، وربما تكون المعضلة بلاعب الوسط على الطرف الأيمن لكن بعد إصابة فيدال يبدو أن رافينها أكثر اللاعبين الموجودين الذين يستطيعوا تأدية دورهم الدفاعي والهجومي، وبذلك يتمكن البرسا من الإستفادة من راكيتيش كلاعب إرتكاز.

وبجميع الأحوال هناك موسم جديد قادم، لتعزيز خط الوسط والدفاع والأهم عقل الفريق بتغيير المدرب، وكما عودنا برشلونة سيعود من جديد