يحتلّ سرطان البروستات المرتبة الثانية عالمياً من ناحية إصابة الرجال به بعد سرطان الرئة، ويُعتبر تطوّرُه بطيئاً، ما يعطي أهمية كبيرة للتشخيص والكشف عنه باكراً، من أجل الخضوع للعلاج الذي يشفي المريض.تشخيص سرطان البروستات لم يكن دقيقاً سابقاً، فحتى لو كانت النتيجة سلبية قد لا تُعتبر نتيجة دقيقة.

التورّم الحميد والسرطان

ولكن تطوّرت فحوصات التشخيص باختراع آلة باتت تُستعمل منذ 6 سنوات في فرنسا، ووصلت الى لبنان منذ 3 اسابيع، لتكون الأولى من نوعها في الشرق الاوسط.

وفي هذا الاطار، كان لـ«الجمهورية» حديث خاص مع الاختصاصي في جراحة المسالك البولية بالروبوت والمنظار الدكتور فؤاد الخوري، الذي استهلّ حديثه كاشفاً عن «اهمية التفرقة بين التورّم الحميد وسرطان البروستات»، وقال: «يعطي التضخّم الحميد عادةً عوارضَ تدلّ المريض على الإصابة، فيشعر بصعوبة في التبوّل، أو حريق أو تقطّع في البول، عكس سرطان البروستات الذي لا يظهر أيّ عوارض إلّا في الحالات المتقدّمة جدّاً.

اما البروستات، فهو عبارة عن غدّة ذكورية تناسلية، تتواجد في الحوض، محاطة بعدد من الأوردة التي تساعد في تدفّق الدم إلى العضو الذكري أثناء حدوث الانتصاب، وتتمثل وظيفة هذه الغدة في إفراز سائل شفّاف خلال إفراز السائل المنوي. وهي غير مهمّة للرجال الذين لا يريدون الإنجاب.

كما أنّ التضخّم والسرطان في البروستات يصيبان كبار السنّ، وهما جزءٌ من عملية الشيخوخة الطبيعية، ومن النادر أن يصيبا أيّ رجل تحت سنّ الأربعين. وقد تشكّل احياناً العوامل الجينية الوراثية سبباً للإصابة».

تشخيص التورّم الحميد

الى ذلك، تطوّر سرطان البروستات بطيء، وبالتالي كلّما تمّ تشخيصه باكراً كانت نتيجة العلاج والشفاء افضل، وكون تشخيص التضخّم الحميد يكون عبر الموجات فوق الصوتية «echographie»، أمّا العلاج فيكون عادةً بالأدوية التي تساعد على فتحِ عمقِ المثانة، وأدوية أخرى تهدف إلى تصغير البروستات.

وفي حال عدم تجاوب المريض مع الأدوية، يُخضع حينها للعلاج الجراحي الذي يُجرى عادةً عبر إدخال المنظار إلى مجرى البول واستئصال جزء من غدة البروستات التي تسدّ المجرى».

طريقة التشخيص التقليدية

أمّا بالنسبة لتشخيص سرطان البروستات الذي لم يكن دقيقاً في السابق، فيكشف خوري أن «ليس هناك أيّ فحص تشخيصي دقيق بنسبة 100 في المئة، بل هناك عدد من الفحوصات التي نقوم بها، والتي قد تكشف نتائجها إذا كان هناك سرطان بروستات أو لا.

وعادةً، يكون الورم في منطقة محدَّدة من البروستات وليس في كلّ الغدة، فكنّا نأخذ الخزعة بواسطة الموجات ما فوق الصوتية، إلّا أنّ هذه الطريقة لم تكن تسمح لنا بتحديد مكان الورم بدقة، لذلك كنا نستعمل الرنين المغنطيسي الذي يحدّد مكان الورم والمرحلة التي وصل اليها.

وبالتالي، نستنتج أنّ طريقة التشخيص هذه لم تكن دقيقة، فكنّا نحاول التصويب لسحب الخزعة دون تحديد المكان بدقّة، على أمل أن نصيب الورم.

وبعد ذلك، نرسل خزعة المريض الى مختبر الانسجة لتحديد النتيجة التي لا تتعدى دقتها الـ60 الى 70 في المئة، والتي إذا كانت سلبية، وهو ما يدلّ على غياب السرطان، كنا لا نعالج المريض رغم معرفتنا أنه يمكن أن لا نكون قد اصبنا المكان الذي يحتوي على الورم».

تقنية التشخيص الواعدة

ومع التقدم الطبي الحاصل، تطوّرت تقنية تشخيص البروستات وارتفعت نسب دقتها إلى 98 في المئة، ويشرح خوري: «تُعتبر نتائج الآلة الجديدة التي بدأنا استعمالها في لبنان دقيقة، فهي ثلاثية الابعاد وباستطاعتها الدمج بين الصورة ما فوق الصوتية والرنين المغنطيسي، ما يسمح بتحديد مكان الورم وأخذ الخزعة المناسبة من اجل التشخيص».

العلاج والقدرة الجنسية

يُعتبر التشخيص المبكر من اهم طرق الشفاء، فكلما تأخر الكشف عن البروستات تأخر العلاج وتطورت مرحلة السرطان وتراجعت نسبة الشفاء، لذلك تبدو هذه التقنية الجدّية واعدة خصوصاً من ناحية التشخيص والعلاج الباكر التي يرفع نسبة الشفاء.

وعن الذي يمكن أن يكون جراحياً أو شعاعياً أو الاثنين معاً، يفصّل خوري: «نلجأ للجراحة إذا كان التورّم محصوراً داخل البروستات، فنَعمد إلى استئصال الغدة كاملةً عبر الجراحة العادية أو عبر الروبوت. وتجدر الإشارة الى أنّ العلاج الجراحي يؤمّن غالباً الشفاء الكامل للمريض.

وتجدر الاشارة الى أنه لا يؤثر التضخّم الحميد بعد علاجه أو قبله على الأداء الجنسي للمريض، ولكنّ الوضع يتغيّر بالنسبة لمريض سرطان البروستات، ويوضح خوري أنّ «قبل علاج السرطان لا تكون هناك أيّ مشكلة جنسية، ولكن بعد علاجه قد تتأثر قدرة الانتصاب عند المريض».