يبدو أنّ العاصفة الانتخابية ضربت البلد بنوع من الإرتجاج. مَن يراقب المسار الانتخابي، لن يجد صعوبة في قراءة المشهد؛ أمواج تزحف بمواقف متلاطمة حول النسبية، كلّ طرف يريدها من منظاره. ومواقف متأرجحة، تارة مع النسبية وتارة مع الأكثري وتارة مع المختلط. ومواقف متكسِّرة، تقول يوماً إنها مع الستين. ثمّ ما تلبث بعد يوم أو يومين أن تُشهِر السيف عليه، وتهدّد بالويل والثبور وعظائم الأمور إن سارت الأمور في اتجاه الستين.
 
الأمواج ماضية في الزحف نحو الشاطئ السياسي. والخلاصة أن لا أحد يملك مفتاح المغارة لانتشال الكنز الانتخابي المخبّأ في المجهول.
 
الوقت يمضي، وباقٍ من الزمن بضعة ايام للدخول في المهل وفقاً للستين، مرسوم دعوة الهيئات الناخبة سيعدّ حتماً، وإن تبنّاه مجلس الوزراء، ستسري عليه مهلة الخمسة عشر يوماً ليصبح نافذاً، يعني ذلك أنّ الستين بدأ اولى خطواته العملية لإجراء الانتخابات على اساسه في الربيع المقبل.
 
في هذا الجوّ تحاول «الرباعية» الممثلة بحركة «امل» والتيار الوطني الحر وتيار المستقبل وحزب الله، صياغة قاسم انتخابي مشترك، كأنّها تحفر في الصخر، أطرافها يؤكّدون أنّ النقاش جدّي.
 
لكن ليس في الإمكان القول إنه نقاش مجدٍ، أو أنها تقدّمت خطوة الى الامام. والعجيب أنّ بعض الاصوات السياسية يبشّر اللبنانيين بأنّ الطريق الانتخابي سالك وآمن، وولادة القانون الجديد باتت وشيكة جداً. كيف؟.. لا أحد يعرف.
يبدو أنّ العاصفة الانتخابية ضربت البلد بنوع من الإرتجاج. مَن يراقب المسار الانتخابي، لن يجد صعوبة في قراءة المشهد؛ أمواج تزحف بمواقف متلاطمة حول النسبية، كلّ طرف يريدها من منظاره. ومواقف متأرجحة، تارة مع النسبية وتارة مع الأكثري وتارة مع المختلط. ومواقف متكسِّرة، تقول يوماً إنها مع الستين. ثمّ ما تلبث بعد يوم أو يومين أن تُشهِر السيف عليه، وتهدّد بالويل والثبور وعظائم الأمور إن سارت الأمور في اتجاه الستين.الأمواج ماضية في الزحف نحو الشاطئ السياسي. والخلاصة أن لا أحد يملك مفتاح المغارة لانتشال الكنز الانتخابي المخبّأ في المجهول.
 
الوقت يمضي، وباقٍ من الزمن بضعة ايام للدخول في المهل وفقاً للستين، مرسوم دعوة الهيئات الناخبة سيعدّ حتماً، وإن تبنّاه مجلس الوزراء، ستسري عليه مهلة الخمسة عشر يوماً ليصبح نافذاً، يعني ذلك أنّ الستين بدأ اولى خطواته العملية لإجراء الانتخابات على اساسه في الربيع المقبل.
 
في هذا الجوّ تحاول «الرباعية» الممثلة بحركة «امل» والتيار الوطني الحر وتيار المستقبل وحزب الله، صياغة قاسم انتخابي مشترك، كأنّها تحفر في الصخر، أطرافها يؤكّدون أنّ النقاش جدّي.
 
لكن ليس في الإمكان القول إنه نقاش مجدٍ، أو أنها تقدّمت خطوة الى الامام. والعجيب أنّ بعض الاصوات السياسية يبشّر اللبنانيين بأنّ الطريق الانتخابي سالك وآمن، وولادة القانون الجديد باتت وشيكة جداً. كيف؟.. لا أحد يعرف.
 
قد تُقرأ في هذا التبشير مزايدة لا اكثر، حتى إنّ بعض اطراف الرباعية يرسم علامات تعجّب واستفهام حوله. فيما تجزم مراجع مواكبة عن كثب لاجتماعاتها «أنّ حقيقة الأمر هو أنّ هذه الاطراف تجتمع وتناقش بجدية وانفتاح وتعقد لقاءات تشاورية (غير ملزمة)، علّها تبلور صيغة انتخابية تحظى برضى الجميع.
 
وبعد كلّ اجتماع يحصل اتصالٌ بقوى أخرى وبالتحديد مع وليد جنبلاط لوضعه في صورة النقاشات. لكنّ الأمور كلّها ما زالت في نقطة البداية، ولا نستطيع أن نقول إنّ النقاش تقدّم ولو أنملة».
 
فالرباعية، بحسب المراجع نفسها دارت وتدور حول نفسها. وعلقت في زحمة الصيغ و»عجقة» الافكار، من مشروع ميقاتي الى مشروع بري المختلط (64-64)، الى التأهيلي.. ثمّ اضيف عليها مشروع جديد في الاجتماع الأخير ينطوي على مختلط من نوع جديد... وكما لم يتمّ التوافق على أيّ من الصيغ السابقة له، لم يتمّ التوافق عليه، لسبب جوهري هو أنه لا يتوافق مع المعايير الدقيقة والعادلة، التي يُفترض أن تكون متوافرة ومتلائمة مع الجميع.
هو يراعي أطرافاً معيّنة، لكنّ هذه الأطراف ليست كلّ البلد، ولا تختزله، هناك اطراف اخرى لها كلمتها. وستقولها، هل سأل احد ما هو موقف وليد جنبلاط او غيره من هذا المشروع؟
 
أمام الرباعية اجتماعٌ آخر قريباً. بعبدا تتابع، ورئيس الجمهورية ميشال عون، رفع البطاقة الحمراء في وجه «الستين»، ولن ينزل تحت سقف التصعيد الذي ذهب اليه.
 
مع أنّ كلامه الذي أثار الالتباس حول الصلاحيات وإعلانه عدم توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة، أُلحِقَ بتوضيح رئاسي وآخر من قبل أقرب المقرّبين اليه أمام مسؤول دولي زار لبنان أخيراً ومفاده: «المقصود بكلام عون هو التحفيز ودفع القوى السياسية الى عدم الاسترخاء بل التعجيل في وضع قانون جديد».
 
ورئيس الحكومة سعد الحريري، ترك لممثله في الرباعية أن يناقش تحت سقف المستقبل، ولا مبادرات جاهزة من قبله. والخلفية التي ينطلق منها هي المشروع المقدَّم من كتلة المستقبل مع «القوات اللبنانية»، و«الحزب التقدمي الاشتراكي»، علماً أنّ الاشتراكي سبق وتخلّى عنه. وها هو جنبلاط ماضٍ بتغريداته بما فيها من دلالات و«نكوزات» و«تمريك» ودعوات الى التحلّي بالصبر.
وأما «حزب الله» فيؤيّد كلّ «الصيغ الملائمة»، النسبية الشاملة مطلبه الأوّل ويوافق على اعتمادها في المحافظات. يؤيّد مشروع بري وكذلك التأهيل ولا يمانع اعتماد مشروع ميقاتي. المهم إجراء انتخابات وفق قانون جديد قائم على معايير العدالة وصحّة التمثيل وسلامته لكلّ المكوّنات.
وأما «القوات اللبنانية» ففي أجوائها علاماتُ استفهام عن سبب عدم إشراكها، أو ربما «إبعادها» من اجتماعات «الرباعية».
 
كانت تفضل لو أنها طرف فيها، لكنّها سلّمت - ربما على مضض - بأنّها ممثلة بحليفها التيار الحر. وأما سقفها الانتخابي الثابتة عليه فهو المختلط المقدَّم منها ومن المستقبل والاشتراكي.
 
يبقى الرئيس نبيه بري، وكان يتمنّى أن تبث «الرباعية» رياحاً إيجابية في اتجاه عين التينة لكنه لم ينل ما يتمنّاه.
في التقييم العام، إنّ نظرة بري الى انعقاد الرباعيّة إيجابية لكونها فتحت النقاش الجدّي في الملف الانتخابي. أما في نتائج ما توصّلت اليه حتى الآن فكان يتمنّى لو أنها بنت منطلقاً صالحاً نحو القانون العتيد، لكنّ الوقائع والتفاصيل جاءت معاكسة ومغايرة: «إنّ «الرباعية» تجتمع لكنّ اجتماعاتها غير منتجة حتى الآن. وفي المحصلة هذه الأطراف تحاول وتبذل جهوداً وأعتقد أنّ الأمور ما زالت في حاجة الى جهود أكبر».
 
يقول بري بشكل قاطع «لا يوجد أيّ تقدّم.. لا شيء على الإطلاق.. ما زلنا في «أبجد» يعني في البدايات». ثمّ يضيف بوضوح أكثر «أنا لا يمكن أن أوافق على أيّ مشروع انتخابي ينطوي على خلل في المعايير».
 
يقدّر بري «الجهد النيابي الذي يُبذل لبلورة صيغة انتخابية»، لكنّ المسؤولية في رأيه «لا تقع فقط على النواب، بل على الحكومة بالدرجة الأولى. وهنا أذكّر بأنّني تصدّرت العاملين على الخط الانتخابي، وأخذت على عاتقي تقديم أفكار وصيغ لقانون عادل ومنصف وقائم على معايير دقيقة، ولكن لم يُؤخذ بها.
 
وتبعاً لذلك أقول لقد استنفدت كلّ ما لديّ وقدمت كلّ ما عندي، لا بل لم يعد عندي شيء أقدّمه. الكرة ليست عندي بل هي عند الحكومة. أنا الآن في مرحلة انتظار أي إنني أنتظر الحكومة.. ها هم النواب يجتمعون ويتواصلون ويناقشون، والحكومة تضمّ كلّ الاطراف بما فيها الاطراف غير الموجودة في «الرباعيّة»، ولا يضرّها شيء أبداً إنْ حزمت أمرها وأعدّت مشروع قانون جديداً للانتخابات وأحالته الى مجلس النواب. ومن جهتي احيله فوراً على اللجان المختصة ومن ثمّ أطرحه سريعاً في الهيئة العامة للمجلس ونصوّت عليه».
 
في زمن الطاولة الحوارية والحديث عن «سلّة بري»، كان الملف الانتخابي أحد أبرز بنودها. يقول بري «لو أنّهم سمعوا مني وأخذوا بما طرحته، لكنَّا جلسنا وتناقشنا واتفقنا، ولما كنّا وصلنا الى ما نحن فيه حالياً. كنّا وفّرنا علينا الكثير ممّا نحن فيه. كنتُ اعرف أننا سنصل الى هنا وسنصطدم بالتعقيدات، ومع الأسف لم يسمعوا منّي.
 
«يجب ألّا يكون مكان لقانون «الستين» في الحياة السياسية اللبنانية» يقول بري.. «لقد قلنا في هذا القانون ما يكفي من تحذير من خطورته على لبنان ومستقبله. خلاص بلدنا في النسبية، كنتُ وما زلت وسأبقى أنادي بها. هي ليست طرحاً جديداً عندي.
 
هناك مَن التحق بها وصار يدّعي أبوّتها، فقط أذكِّر بأنّني شخصياً وفي خطاب ألقيته في جامعة الحكمة في العام 1997 قلت بضرورة اعتماد النظام الانتخابي النسبي، رغم إدراكي بأنّ النسبية تخسِّرني 3 أو 4 نواب. ومع ذلك قلت أنا على استعداد لأن اقبل بالخسارة، المهم أن يربح لبنان. وهذا الكلام الآن برسم الجميع فمَن يريد أن يربح لبنان فليتفضل ويعمل في هذا الاتجاه».
 
أمام هذا الواقع المقفل حتى الآن، فإنّ الحلّ في رأي بري سهل وبسيط جداً: «الدستور أمامنا فتفضّلوا وطبّقوه.. هو يقول بمجلس شيوخ وغير ذلك. في أيّ حال أنا لن اخالف الدستور فليخالفه غيري. وفي الخلاصة أنا أنتظركم هاتوا قانونكم».
 
ليس خافياً عن عين بري أنّ هناك أطرافاً تمارس «الزَنّْ» في بعض الآذان حول الموضوع الانتخابي وهنا يقدِّم ما يشبه النصيحة على قاعدة «أشهد أنّني قد بلغت»: «يجب الوصول الى قانون انتخابي بمعايير جيّدة وعادلة. المكايدات والمزايدات و«الغمز» و«اللمز» و«الزنّ» في الآذان تُبقي الحال على ما هو عليه. إنّ انتظام الحياة السياسية في لبنان لا يمكن أن يحصل من دون ارادة سياسية شاملة وصادقة في هذا الاتجاه».
 
عندما يُسأل بري عن موقف رئيس الجمهوية وإعلانه عدم توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة، لا يقاربه كما فعل غيره من زاوية الصلاحيات وما يتصل بها، بل يقاربه بإيجابية ويقول: أنا على يقين أنّ نوايا «فخامة الرئيس» صادقة في اتجاه الدفع نحو قانون جديد للانتخابات. وما نُقل عنه يصبّ في خانة التحفيز والحثّ على بلوغ هذا القانون في أسرع وقت. وأنا معه في هذا الهدف.