ترامب رئيسا , خطابه الاول يكشف ثغرات أميركا الداخلية المُرهِقة

 

النهار :

تعهد دونالد ترامب الرئيس الـ 45 للولايات المتحدة، بعيد ادائه اليمين، وضع الولايات المتحدة على طريق حقبة جديدة مبنية على "رؤية جديدة" ترفض العلاقات القديمة بين الطبقة السياسية التقليدية من الحزبين الجمهوري والديموقراطي في واشنطن والشعب الاميركي، واقامة علاقات مختلفة بين أميركا والعالم الخارجي مبنية على مبدأ " أميركا أولاً" من طريق اعتماد اجراءات حماية اقتصادية، وبناء تحالفات جديدة .
وقال ترامب في خطاب تنصيبه الذي كان مقتضباً وخارجاً عن المألوف ان ادارته سوف " تعزز الاحلاف القديمة وتنشئ احلاف جديدة" في اشارة ضمنية الى حلف شمال الاطلسي وربما الى ميله الى اقامة علاقات أشد وثوقاً مع روسيا. وقال: "سوف نوحد العالم المتحضر ضد الارهاب الاسلامي المتطرف، الذي سوف نمحوه كلياً عن وجه الارض"، كأنه يوحي بأن العالم المتحضر لا يشمل الدول العربية والاسلامية.
وجاء خطاب التنصيب وسط اجراءات أمنية لا سابق لها نتيجة المخاوف من حصول أعمال ارهابية، ونظراً الى الانقسامات الحادة في البلاد والتي أدت الى تنظيم تظاهرات ضخمة في واشنطن والمناطق المحيطة بمكان احتفال التنصيب أمام المبنى الرئيسي للكونغرس. وبينما كان ترامب يلقي خطابه، قام مئات من الملثمين الفوضويين المنظمين باعمال شغب، فرشقوا رجال الشرطة بالحجارة، وحطموا واجهات ومداخل المصارف والمحال التجارية وغيرها من رموز الرأسمالية. وتحدثت شرطة واشنطن عن اعتقال اكثر من مئة مشاغب. وقاطع الاحتفال 51 نائباً ديموقراطياً، احتجاجاً على مواقف ترامب وعلى تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية، وهي مسألة لا تزال قيد التحقيق.
وصرح الناطق باسم الرئيس الاميركي، بأن ترامب اتخذ أول إجراءاته الرسمية رئيساً للولايات المتحدة امس الجمعة اذ أرسل ترشيحاته الوزارية إلى مجلس الشيوخ ودعا إلى يوم للوطنية.
وقال الناطق شون سبايسر إن ترامب الذي أدى اليمين لتولي السلطة في وقت سابق وقع أيضاً استثناء قانونياً يسمح لجيمس ماتيس الجنرال المتقاعد في البحرية الأميركية بتولي منصب وزير الدفاع.

 

نبرة شعبوية
لكن أبرز ما في خطاب التنصيب للرئيس ترامب والذي صيغ بلغة مباشرة بعيدة من البلاغة الشعرية التي تميزت بها خطب تنصيب الرؤساء الاميركيين في العقود الاخيرة من خطاب الرئيس جون كينيدي الى خطاب الرئيس السابق باراك اوباما عام 2009، هو تنديده الصارخ بالتركة السياسية والاقتصادية لجميع الرؤساء الذين سبقوه الى البيت الابيض، بمن فيهم الذين حضروا تنصيبه وهم الرؤساء جيمي كارتر وجورج بوش الابن وطبعاً سلفه أوباما (الرئيس بوش الاب تخلف عن الحضور بسبب وعكة صحية). وهذا التنديد شمل أيضاً زعماء الحزبين الجمهوري والديموقراطي الذين حضروا الاحتفال ، وكأن الحقبة التي سبقته كانت فاسدة وأخفقت في تحقيق أمال الاميركيين وتطلعاتهم، وكأن المسؤولين عن الحياة السياسية في واشنطن في العقود الماضية كانوا أقلية أوليغارشية استغلت ثروات الشعب الاميركي لتغني نفسها على حسابه.
وتحدث ترامب بنبرة شعبوية، كأنه لا يزال مرشحاً لحزبه خلال الانتخابات التمهيدية، حين قال ان ما يجري حالياً في واشنطن ليس نقل السلطة من حزب الى آخر، "بل نقل السلطة من واشنطن واعادتها اليكم انتم الشعب الاميركي". واتهم ترامب " فئة صغيرة" من السياسيين الذين جنوا مكاسب السلطة وقت كان الشعب الاميركي يدفع الثمن، قائلاً: "السياسيون ازدهروا، لكن الوظائف غادرت البلاد، والمصانع اقفلت..." واضاف في تحذير للسياسيين :" لن نقبل بعد الان سياسيين كل ما يفعلونه هو الكلام من دون أي عمل، وهؤلاء يشكون دوماً لكنهم لا يفعلون شيئاً " لتغيير الاوضاع.
وخرج خطاب ترامب عن المألوف، لانه لم يتضمن أي اشارات شهمة أو وفاقية، كما يفعل الرؤساء الاميركيون خلال احتفالات تنصيبهم حيال منافسهم المهزوم أو المتقاعد وحزبه، فهو لم يذكر ولو بشكل عابر منافسته الديموقراطية هيلاري كلينتون التي كانت تبعد عنه بضعة امتار مع زوجها الرئيس سابقاً بيل كلينتون، كما لم يمد يد الوفاق الى الغالبية الاميركية التي صوتت لمنافسته كلينتون، وبدا كأنه يتحدث الى مؤيديه في مهرجان انتخابي عادي.
وتحدث ترامب بلغة غير مألوفة لثري ومقاول كان يتهرب من دفع الضرائب أو الوفاء بما يدين به للاخرين، وبدا كأنه زعيم شعبوي أو نقابي ، وهو يرسم صورة قاتمة لاميركا ولحال الكثير من الاميركيين وخصوصاً اولئك "المحاصرين في حال فقر في المدن، وهناك مصانع اصابها الصدأ منتشرة في انحاء البلاد وكأنها شواهد للقبور، وهناك نظام تعليمي يفتقر الى المال يترك شبابنا وطلابنا محرومين المعرفة، وهناك الجرائم والعصابات والمخدرات التي سرقت أرواحاً كثيرة وحرمت بلادنا تحقيق امكاناتها" وعلّق في عبارة صدمت كثيرين من المشاهدين: "هذه المذبحة الاميركية تتوقف هنا، وتتوقف الان".
وأوحى ترامب كأنه رئيس دولة صغيرة ومغبونة من دول ذات اقتصادات أكبر حين ادعى ان الولايات المتحدة تولت في السابق بالدفاع عن حدود دول اخرى "ورفضت الدفاع عن حدودنا " في اشارة الى الحدود مع المكسيك. وأضف ان أميركا جعلت الدول الاخرى غنية وقوية، بينما كانت ثقة اميركا بنفسها تنحسر، وتحسر على رحيل المصانع تاركة وراءها العمال الاميركيين.
وبعدما أعلن ان ادارته سوف تكون مبنية على مبدأين بسيطين "اشتروا البضاعة الاميركية ووظفوا الاميركيين"، قال: "سنسعى لاقامة علاقات صداقة وحسن نية مع دول العالم، لكننا سنفعل ذلك انطلاقا من مبدأ حق جميع الدول ان تضع مصالحها في المرتبة الاولى". وشدد على "اننا لا نسعى الى فرض نمط حياتنا على أحد، ولكننا نريد في ان نشعّ كمثال يتبعه الاخرون". وأضاف: "سنعزز الاحلاف القديمة، ونعمل على اقامة احلاف جديدة، وسنوحد العالم المتحضر ضد الارهاب الاسلامي المتطرف، والذي سنمحوه كليا عن وجه الارض".
ورأى ان على الاميركيين ان يتحدثوا بعقول مفتوحة، وان يتناقشوا ويختلفوا بصدق و" يجب ألا يكون هناك أي خوف، لاننا محميون..." وهو موقف مثير للاستغراب، لان ترامب خلال حملته استغل مشاعر الخوف لتعبئة قاعدته، وتحدث بنبرة عدائية عن منافسيه، وكان يحرض مؤيديه على وسائل الاعلام والصحافيين خلال مهرجاناته الانتخابية، كما واصل ترامب حملته على وسائل الاعلام والصحافيين بعد انتخابه، قاطع بعضهم وامتنع عن الاجابة عن اسئلتهم في مؤتمره الصحافي الاخير.

 

أول الإجراءات
وبعيد مراسم التنصيب (الوكالات)، صرح الناطق باسم الرئاسة الاميركية شون سبايسر بان ترامب اتخذ أول إجراءاته الرسمية رئيساً للولايات المتحدة بارسال ترشيحاته الوزارية إلى مجلس الشيوخ ودعا إلى يوم للوطنية.
وقال إن ترامب وقع أيضا استثناء قانونياً يسمح لجيمس ماتيس الجنرال المتقاعد في البحرية الأميركية بتولي منصب وزير الدفاع.
وجاء في بيان عن الموقف السياسي نشر في موقعه الالكتروني أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تنوي تطوير نظام دفاع صاروخي "متطور" للحماية من الهجمات من إيران وكوريا الشمالية.
ولم يورد البيان الذي نشر بعد دقائق من تنصيب ترامب تفاصيل عن إذا كان النظام سيختلف عن النظم الخاضعة للتطوير حالياً، أو عن كلفته وعن طريقة تمويله.

 

 

المستقبل :

أدى دونالد جون ترامب، أمس، اليمين الدستورية رئيساً للولايات المتحدة، متعهداً في كلمته الرئاسية الأولى أن تكون رؤية عهده «أميركا فقط أولاً» في كل المجالات، وأن «كل شيء سيتغير منذ الآن». وأخذ ترامب على عاتقه «توحيد العالم المتحضر في وجه الإرهاب الإسلامي الراديكالي الذي سنمحوه تماماً عن وجه الأرض». 

وأكد الرئيس الاميركي، في خطاب تنصيبه، أنه سوف يقوم بإنهاء «مجزرة» المصانع الصدئة وكذلك الجريمة في خطاب تنصيبه الذي رسم صورة قاتمة لبلد قال إنه تضرر بشدة من جراء توقف مصانع عن العمل والجريمة والعصابات والمخدرات، وألقى باللوم بشكل غير مباشر على أسلافه في البيت الأبيض بسبب سياسات أتت على حساب الأسر المطحونة.

وقال ترامب مخاطباً حشداً كبيراً تجمع في ساحة متنزه «ناشونال مول» مع توليه السلطة من الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، «بدءاً من هذا اليوم سيكون الشعار الوحيد.. أميركا أولاً».

وتسمّر الملايين حول العالم أمام شاشات التلفزة أمس لمشاهدة حفل تنصيب ترامب. وكما كان متوقعاً، شابت اليوم الطويل في واشنطن تظاهرات واحتجاجات مناهضة للرئيس الجديد واحتج نشطاء ملثمون بالشوارع وحطموا زجاج فرع لمطاعم مكدونالدز بالمطارق ومقهى لستاربكس على مقربة من البيت الأبيض.

وحملوا أعلام ولافتات الفوضويين السوداء كتب عليها «انضموا للمقاومة.. تصدوا الآن«.

ترامب الذي «التزام الدستور الأميركي وحمايته من أعداء الخارج والداخل»، ألقى خطاباً مقتضباً مقارنة بخطابات الرؤساء السابقين، إذ لم يتجاوز نص خطابه 1400 كلمة مقارنة بخطاب من 2400 كلمة ألقاه سلفه أوباما عام 2009.

وكما درجت العادة جلس الرؤساء السابقون وزوجاتهم بالقرب من منصة التنصيب، وكان حاضراً أمس الرؤساء جيمي كارتر وزوجته روزالين سميث وبيل كلينتون وهيلاري وجورج بوش الابن ولاورا وباراك وميشيل أوباما. 

خطاب ترامب جاء مطابقاً تماماً لكل ما كان تفوه به خلال حملته الرئاسية ووعد به جمهوره. وبالتالي جاء مخيباً لكل من كان يأمل أنه عندما يصبح الرئيس الـ45 رسمياً سيتبنى خطاباً أكثر اعتدالاً وانفتاحاً على شريحة كبيرة من الأميركيين ترفض وصوله الى البيت الأبيض. 

وجاءت نبرة ترامب في خطابه غاضبة وواثقة، مهددة ومتوعدة. فابتدأ بالكلام كفرد من الشعب قائلاً: «نحن، المواطنين الأميركيين سنتشارك في مجهود وطني عظيم من أجل إعادة بناء بلدنا واستعادة وعده لجميع أبنائه. معاً سنحدد الطريق الذي ستسلكه أميركا والعالم لسنوات عديدة مقبلة». أضاف «سنواجه تحديات ومصاعب ولكننا سننجز العمل». ثم انتقل الى تعداد ما كانت عليه أمور الأميركيين في المرحلة السابقة من سوء سواء في التربية والتعليم أو الأحوال المعيشية والوظائف، وشدد على أن «العملية الانتقالية التي تشهدها أميركا ليست من إدارة الى أخرى، أو من حزب الى آخر، إنما هي انتقال من الطغمة الحاكمة في واشنطن الى الشعب»، وتعهد بأن «جميع السياسات التي سنتخذها في الداخل والخارج ستكون في صالح أميركا أولاً«. وانتقد ترامب استغلال الدول الأخرى للجيش الأميركي في حماية حدودها ومصالحها، مشيراً الى أن «الأوان قد حان لعهدة أمن حدودنا الى جيشنا الذي استغلته الإدارات السابقة في حماية حدود الغير ونسيت حدودنا». وتعهد بمحاسبة جميع الدول التي نمت اقتصاداتها تجارياً على حساب الأميركيين، وأكد أنه سيستغل تريليونات الدولارات التي كانت تصرف في الخارج من أجل تجديد البنى التحتية الأميركية وتوفير وظائف لجميع الأميركيين وتحسين ظروفهم المعيشية أينما كانوا، وإعادة المصانع الأميركية الكبرى الى داخل الحدود الأميركية» في إشارة الى المصانع المنتشرة في الصين. وأعلن ترامب أن «عهد الكلام الفارغ والأقوال قد ولى، وأنه منذ اللحظة ابتدأ عهد الأفعال» وشدد على أن «واشنطن ستعزز تحالفاتها القديمة وتبني تحالفات جديدة».

وتابع: «الأولوية ستكون لأميركا وسنحمي حدودنا واقتصادنا.. أميركا ستنتصر أكثر من أي وقت.. سنبني بلادنا من جديد وسنكون قدوة». وقال: «من اليوم فصاعداً فإن رؤية جديدة ستحكم بلادنا. من هذا اليوم فصاعداً ستكون أميركا فقط أولاً«، مضيفاً: «معاً سنجعل أميركا قوية مرة أخرى. سنجعل أميركا ثرية مرة أخرى. سنجعل أميركا فخورة مرة أخرى. سنجعل أميركا آمنة مرة أخرى. نعم معاً سنعيد إلى أميركا عظمتها مرة أخرى«.

وكشف بيان نُشر على الموقع الالكتروني للبيت الأبيض بعد لحظات من تنصيب ترامب رئيساً للولايات المتحدة أن إدارة ترامب ستجعل من هزيمة «الجماعات الإسلامية الإرهابية» الهدف الأول لسياستها الخارجية.

وانتهز ترامب فرصة خطاب تنصيبه للتعهد «بتوحيد العالم المتحضر في وجه الإرهاب الإسلامي الراديكالي الذي سنمحوه تماماً عن وجه الأرض».

وقال البيت الأبيض في بيان بشأن الموقف السياسي نشر على موقعه الالكتروني إن إدارة ترامب تنوي بناء نظام دفاع صاروخي «متطور» للحماية من الهجمات من إيران وكوريا الشمالية. ولم يذكر البيان الذي نشر بعد دقائق من تنصيب ترامب أي تفاصيل بشأن ما إذا كان النظام سيختلف عن النظم الخاضعة للتطوير حالياً أو تكلفته أو كيف سيتم تمويله.

وشارك عشرات آلاف الأميركيين من كل الأعمار بواشنطن في حفل تنصيب الرئيس الأميركي الجديد وقد امتلأت قلوبهم حماسة وفخراً. ومنذ الفجر تدفقت الحشود من كافة أنحاء الولايات المتحدة على «ناشونال مول» بواشنطن، ولكن أظهرت صور التقطت من الجو لأنصار ترامب المحتشدين في المتنزه إقبالاً أقل بكثير عند منتصف النهار مقارنة مع صور مماثلة لتنصيب أوباما الأول في 2009.

واتهم ترامب في خطابه القصير مؤسسة الحكم في واشنطن بحماية نفسها والتخلي عن المواطنين العاديين الذين يعانون من الفقر والجريمة. وقال «هذه المجزرة الأميركية تتوقف هنا وتتوقف الآن... أي قرار بخصوص التجارة أو الضرائب أو الهجرة أو الشؤون الخارجية سيتخذ لصالح العمال الأميركيين والأسر الأميركية«.

وقوبل انتخاب ترامب بالقلق من جانب كثير من دول العالم فيما يرجع لأسباب منها السياسة الخارجية الانعزالية التي يحتمل أن يتبناها. وقال زيغمار غابرييل نائب المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في مقابلة عقب تنصيب ترامب «ما سمعناه كان نبرات قومية حادة«. وأضاف لتلفزيون (زد.دي.إف) العام «أعتقد أن علينا أن نستعد لمرحلة صعبة»، وقال إنه يجب أن تتحد أوروبا للدفاع عن مصالحها.

وأكدت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي أن ترامب «سيقر بأهمية حلف شمال الأطلسي»، وذلك بعدما اعتبر الرئيس الأميركي الجديد أن الحلف «عفا عليه الزمن». وقالت ماي في مقابلة مع صحيفة «فايننشل تايمز« «أنا واثقة بأن الولايات المتحدة ستقر بأهمية التعاون الذي لدينا في أوروبا لضمان دفاعنا وأمننا المشترك».

وهنأ الرئيس المكسيكي انريكي بينا نييتو ترامب على تنصيبه لكنه قال إنه سيولي أهمية قصوى للسيادة والمصلحة القومية وحماية المكسيكيين. وغضب المكسيكيون لتعهد ترامب ببناء جدار على الحدود الجنوبية الأميركية مع المكسيك لمنع دخول المهاجرين غير القانونيين وبأن تدفع المكسيك تكلفة الجدار. وانتقد ترامب مراراً أيضاً الشركات الأميركية التي تملك مصانع في المكسيك.

وفي الأسواق المالية تراجع الدولار وقلصت الأسهم الأميركية مكاسبها في اليوم الأخير من أسبوع شهد تقلباً في التعاملات بعدما أثار خطاب ترامب قلق المستثمرين من سياسات تنطوي على إجراءات حماية تجارية.

ودعا البابا فرنسيس ترامب للتصرف على هدي القيم الأخلاقية وقال إنه يتعين عليه الاهتمام بالفقراء والمنبوذين خلال رئاسته.

وفي موسكو احتفل بتنصيب ترامب روس يأملون أن يدشن عهداً جديداً من العلاقات الطيبة. وأقام قوميون روس حفلاً طوال الليل. 

وكرر ترامب في خطابه موضوعات خطابات الحملة الانتخابية التي دفعته لتحقيق انتصار غير متوقع في الثامن من تشرين الثاني الماضي.

وبعدما أدى ترامب اليمين فرد ذراعيه وعانق زوجته ميلانيا وأفراداً آخرين من أسرته. وأطلقت المدفعية طلقات للتحية.

وسيحتاج ترامب إلى بذل جهود لتحسين صورته. ووجد استطلاع أجرته شبكة (إيه بي سي) نيوز بالتعاون مع صحيفة واشنطن بوست هذا الأسبوع أن 40 في المئة من الأميركيين ينظرون إلى ترامب بإيجابية وهو أدنى مستوى من التأييد لرئيس منذ الرئيس الديمقراطي جيمي كارتر عام 1977. وكانت هذه نسبة التأييد نفسها لكيفية تعامله مع الفترة الانتقالية.

وفي حين أن الجمهوريين الذين ضاقوا ذرعاً بسنوات أوباما الثماني في الحكم يرحبون بوصول ترامب إلى البيت الأبيض، فإن توليه المنصب يثير عدداً من التساؤلات بالنسبة للولايات المتحدة.

وأثناء حملته الانتخابية تعهد ترامب بوضع البلاد على مسار أكثر ميلاً للانعزالية تأتي فيه الولايات المتحدة في المقام الأول ووعد بفرض جمارك نسبتها 35 في المئة على السلع التي تصدرها شركات أميركية تمارس أنشطتها في الخارج إلى الولايات المتحدة. وقاطع أكثر من 60 عضواً ديمقراطياً بالكونغرس مراسم التنصيب احتجاجاً على ترامب.

ومن المتوقع أن يشارك آلاف المتظاهرين في «مسيرة النساء في واشنطن»، ومن المزمع أيضاً تنظيم احتجاجات في مدن أخرى بالولايات المتحدة وخارجها.

وقام المئات بتظاهرات في العاصمة تحولت الى أعمال شغب وعنف عندما هشم بعضهم زجاج مطعم ماكدونالدز وأحد فروع «بنك أوف أميركا» في وسط واشنطن. واستخدمت الشرطة القنابل المسيلة للدموع في وجه المتظاهرين، وألقت القبض على 90 منهم. وكانت الاحتجاجات بلغت الذروة عند الظهر في وقت خطاب القسم، كما تواصلت حتى المساء. وانتشر رجال الشرطة في صفوف عريضة وأقفلوا جميع المعابر أمام المتظاهرين لمنع هؤلاء من بلوغ جادة بنسيلفانيا التي مشاها ترامب ونائبه مايك بنس متجهين من الكابيتول الى البيت الأبيض.

ووصل ترامب الى البيت الابيض بصفته الرئيس الخامس والاربعين للولايات المتحدة بعد ادائه القسم والقائه خطابا خلال حفل تنصيبه اثر جولة له في شوارع واشنطن لالقاء التحية على الحشود في شارع بنسلفانيا بين مبنى الكابيتول والبيت الأبيض. وقبل ذلك كان الموكب الرئاسي مر أمام مجموعة من المعارضين الذين حملوا لافتات مناوئة.

وتابع ملايين الأميركيين على الشاشات وعبر مواقع التواصل الاجتماعي الالكترونية عائلة أوباما (باراك وميشيل وابنتاهما) وهم يغادرون الكابيتول بطوافة متجهين الى ماريلاند ومنها أقلتهم طائرة خاصة الى بالم سبرينغز بولاية كاليفورنيا لتمضية عطلة هناك. وكان بروتوكول التسلم والتسليم بين عائلتي أوباما وترامب تم صباحاً قبل حفل التنصيب.

ووافق مجلس الشيوخ الاميركي على تعيين الجنرال جيمس ماتيس وزيرا للدفاع، ليكون بذلك اول عضو في ادارة ترامب ينال الضوء الاخضر من المجلس. وماتيس ضابط سابق في سلاح مشاة البحرية الاميركية ويبلغ من العمر 66 عاماً

 

الديار :

في قصة نادرة تتجسد فيها تقاليد تعود في معظمها الى مراسم تنصيب جورج واشنطن عام 1789، خرج الديمقراطي باراك اوباما، الذي شكل علامة فارقة في تاريخ الرئاسة الاميركية، من الجهة الغربية للبيت الابيض، ليدخل ظاهرة القرن الواحد والعشرين دونالد ترامب من الباب الشرقي، لخمس ساعات سترسم مسار العالم لاربع سنوات قادمة، حدد معالمه في اطلالته الاولى واستكمله في خطاب قسمه امس، يقرأ بين سطوره شراكة وتعاون مع «الحلفاء العرب» على حساب تحجيم الجمهورية الاسلامية.
واذا كان مع كل انتخابات رئاسية اميركية يتطلع اللبنانيون الى الادارة الجديدة مترقبين كيفية تعاطيها مع ملفاتهم ومشاريعها لهم، فان لهذه المرة طعمها الخاص، ذلك ان تسويته الرئاسية ببنيتها وتوازناتها استندت الى انتصار مسبق قلبته نتائج التصويت الصاعقة، ما طرح علامات استفهام ومخاوف، وسط حنين البعض لعودة زمن «بوش الابن».
صحيح ان وضع لبنان الداخلي ليس من ضمن اوليات الاجندة الاميركية، لكنه موجود عليها نظرا لارتباط الملفات المهمة في المنطقة بوضعه بشكل مباشر وغير مباشر، خصوصا لتموضعه نتيجة تركيبته الداخلية على تقاطع المصالح الايرانية - السورية - الخليجية. من هنا فان الادارة الجمهورية لن تغير من تعاطيها المباشر مع الملف اللبناني حاليا بانتظار تحديد الخيارات والمسارات في المنطقة وهي ورشة بدأت وينتظر ان تستكمل مع نهاية الربيع المقبل، الا في حال حصول طارئ امني او عسكري «يدمج لبنان بالواقع الاقليمي».
في هذا الاطار تعتبر مصادر دبلوماسية واسعة الاطلاع في بيروت، ان تغييرات ستطرأ على السياسة الاميركية في لبنان «تأخذ في الاعتبار آراء اللبنانيين كمجموعات وشخصيات سياسية، لجهة الهيكلية وآليات التنفيذ، الا ان المبادئ الاساسية ستبقى مرتكزة الى مساعدة اللبنانيين على مواجهة الاخطار الاقتصادية والاجتماعية المختلفة، تشجيعهم على اقامة حوار جدي يعبر فعلا عن تطلعات المجموعات والشخصيات السياسية، التزام القرارات الدولية وفي مقدمتها القرار 1559 بما طبق ولم يطبق منه».
قرار دولي يرى فيه ترامب وفريق عمليه اداة اساسية لمواجهة خطر ايران على لبنان  والمنطقة من خلال حزب الله، والهواجس المرتبطة بدوره ، بعدما اصبح اقوى مع انخراطه في الحرب السورية، والذي يجب ان تستمر العقوبات المفروضة عليه وتعزيزها «لان لا قدرة لاي ادارة على تغيير نظرتها للحزب المصنف على لائحة الارهاب العالمية»، بحسب المصادر التي رأت ان موقف الادارة الجديد واضح وحاسم لناحية التازمها الكامل بتنفيذ القرارات الدولية بما فيها وعلى رأسها القرار 1559، لما قد يشكله من ضغط على  طهران في المرحلة المقبلة،والذي يشكل ركيزة دعمها ومساعداتها للقوى العسكرية والامنية اللبنانية، والكفيل بابعاد لبنان عن كل الصراعات المحيطة فيه»، مشددة على ان «لا احد يستطيع ان يساعد اللبنانيين الا انفسهم وواشنطن ستكون الى جانبهم» ، جازمة بان ترامب لن ينفذ قرارات دولية «يتهرب اللبنانيون منها، لذلك عليهم تحديد ماذا يريدون من الادارة الجمهورية، لانهم حتى الساعة لا يعرفون ذلك»، لافتة الى ان الاوضاع تغيرت عما كانت عليه عام 2005، فما كان يصح زمن الرئيس بوش لم يعد صالحا اليوم.
وتكشف المصادر ان محور العلاقات الاميركية-اللبنانية سيتمحور حول ملفين اساسيين:الاول، المساعدات العسكرية وهو برنامج سيستمر بنفس الوتيرة الحالية، لا سيما ان اياً من الخطط المرسومة سلفا من دعم للجيش والقوى الامنية والمجتمعات المحلية والنشاطات الاجتماعية لن يتغير،والثاني،مرتبط بالملف النفطي والمالي، من منطلق سعي واشنطن لتحصيلها وكسبها لصفقات مالية من دول العالم مقابل «خدمات الحماية» التي ستقدمها لهم، ولبنان شأنه في ذلك شأن دول الخليج وحتى الصين». من هنا يمكن فهم الحديث عن «التدخل» غير المباشر لواشنطن في التعيينات الادارية والعسكرية المرتبطة بالملفين المذكورين والذين يحتلان اهمية قصوى في جدول اعمالها.
ولكن ماذا عن العلاقة بالعهد الجديد في لبنان؟ لا يخفي المرجع ان التسوية التي اوصلت العماد ميشال عون الى قصر بعبدا، جاءت تتويجا لاتصالات قادتها فرنسا بعد تكليفها من ادارة الرئيس اوباما بالملف، على اعتبار ان الساكن الجديد للبيت الابيض سيكون المرشحة يومها هيلاري كلينتون، لذلك جاءت التسوية بمثابة انتصار للمحور الايراني وانكسار للسعودية، غير ان المشهد الذي انقلب مع وصول الجمهوريين والتعيينات الاساسية في المراكز الحساسة، حول السعودية الى نقطة ارتكاز لواشنطن في المنطقة، من جديد، ما اعاد خلط الاوراق لبنانيا لمصلحة ارساء توازنات جديدة . 
امر بحسب المصادر تلقفته بعبدا وبادرت الى فتح قنوات الاتصال مع السعودية ،فكانت الزيارة الاولى الخارجية لرئيس الجمهورية الى الرياض، بعدما لمس الفريق العوني ان التوازن الاقليمي الجديد الذي بدأت ملامحه بالظهور قد يقوي الرئاسة الثالثة على حساب الرئاسة الاولى، ذلك ان الثانية تجيد اللعب بدقة بين النقاط ماسكة العصا من نصفها، مشيدة بكلام واداء رئيس الجمهورية الآخذ في بلورة خطاب قسمه اكثر في اكثر، مطلقا المبادرات واهمها محاولته للعب دور على خط طهران-الرياض املا بتحييد لبنان عن شد الحبال المستقبلي، وهو ما يحظى بترحيب اميركي، حيث يمكن لواشنطن الافادة من ذلك.
وفي هذا الاطار تكشف المعلومات ان نائبا عضوا في تكتل كبير تربطه علاقة «جيرة» بالرئيس الاميركي الجديد، قد يلعب دورا بارزا بين بعبدا والبيت الابيض في الفترة المقبلة، ويفتح ابواب الادارة الاميركية امام الرئيس عون لاحقا ،رغم تشدد بعض المعينين حديثا ازاء ذلك، على اعتبار ما سبق للعماد عون ان مثل في الفترة الماضية سياسيا.
لكن كل ذلك لا يعني ان الصورة زهرية ، والكلام للمصادر، اذ ان الفترة المقبلة لبنانيا وحتى الصيف المقبل مرشحة لان تكون ساخنة عسكريا وسياسيا، ذلك ان هذا البلد الصغير قد يكون احد ابرز ساحات المواجهة الاقليمية بين السعودية وايران، في اطار الاستراتيجية الاميركية الجديدة لـ «احتواء» طهران الاقليمي واضعافها في مناطق نفوذها من العراق الى لبنان مرورا بسوريا وصولا الى اليمن، وهو ما بدأ عمليا في سوريا، كاشفة ان منظري الادارة الحالية يعتبرون «لبنان نقطة ارتكاز للمشروع الايراني خارج حدود الجمهورية الاسلامية»، ما يشكل ضررا لمصالح واشنطن النفطية المباشرة والتي باتت محصورة بعد دخول روسيا على الخط خصوصا بعد معركة حلب وما تبعها من تغييرات يشهدها الميدان السوري، وخطرا من جهة ثانية على الدولة العبرية التي يرتبط رئيسها الجديد بعلاقات ممتازة مع جاليتها في اميركا ،خصوصا ان زوج احدى بناته يهودي ،ويلعب دورا فاعلا في «ايباك». لكن هل يعني ذلك ان ترامب سيدعم حربا ضد لبنان على خلفية توجيه ضربة اسرائيلية لحزب الله؟
وتتابع المصادر في هذا الصدد ان تهويل الاعلام الاسرائيلي ليس من فراغ، فقد زار رئيس الاستخبارات الاسرائيلية سرا واشنطن والتقى عددا من المسؤولين الجدد في الادارة حاملا معه تصورا واضحا،اذ عرض امام رئيس مجلس الامن القومي الاميركي  ووزير الدفاع تصوره لما ستكون عليه الاوضاع في حال السير بالتسوية الروسية - الاميركية، والتي ستؤدي الى انسحاب حزب الله منتصرا باتجاه الجنوب السوري وتمركزه على طول الخط الممتد من مرتفعات الجولان وحتى الناقورة عند البحر، حيث قارب الانتهاء من بناء عشرات المواقع المحصنة ونشر مئات بطاريات الصواريخ، متخذاً من منطقة القلمون - القصير -الزبداني قاعدة خلفية لدعم قواته سواء في لبنان او على جبهة الجولان، حيث جهز مجموعات مقاومة حاضرة لتنفيذ عمليات عندما يحين الوقت، ما سيؤدي الى فتح الجبهة الشمالية، اما سياسيا فهيمنة على الحكومة اللبنانية ،اولى تجلياتها اقرار مجلس الوزراء اللبناني مراسيم النفط ودخولها حيز الإعداد الجدي، محذرا من تبعات ذلك على المشروع الاميركي في المنطقة وعلى اسرائيل، التي لن تقف مكتوفة اليدين في ظل الجسر الجوي المفتوح لامداد الحزب بالسلاح بين طهران ودمشق فبيروت، واجبرها على ايصال رسائل تحذير من خلال قصفها لمواقع داخل سوريا، او رفع وتيرة خروقاتها الجوية على علو منخفض ومن خلال نشاطها العسكري على طول الجبهة الشمالية ونوعية الاستنفارات التي تنفذها.
من هنا ترى المصادر ان نمط تلك الرسائل يبين سعي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لفرض أمر واقع جديد على إدارة الرئيس ترامب من خلال رفع إستثماره في الفوضى التي سينقلها إلى مستوى الحرب وتوريطه بملفات صعبة ، وابتزاز إدارة الرئيس ترامب الذي يريد الدخول على أرضية سليمة ولا يبدو لغاية اللحظة أن في خططه حرباً أو نية دعم حرب، لا على لبنان ولا على غيره، كون التوجهات الحالية تتجه صوب الإستثمار في إقتصاد المادة بدل الحرب.
ما قد يحمله «زمن ترامب» للبنان والمنطقة يحتاج الى وقت. فهل يبدأ الرئيس ترامب و«كلبه المسعور» في الدفاع حربهما مع ايران من لبنان عبر تحجيم حزب الله؟ ام ينجح رئيس الجمهورية في لعب دور الوسيط الذي ارادته له «التسوية الديمقراطية الهوى»؟وهل يستعيد الجمهوريون مسار جورج بوش في المنطقة؟
الجواب الواضح والجازم غير ممكن حاليا، وان كانت مقاربته ترتكز الى مجموعة مؤشرات غير ثابتة اقله راهنا، خيوطه بين سطور خطاب قسمه، لكن الاكيد ان لبنان المتأثر بكيفية ادارة واشنطن لملفي سوريا وايران ومن خلفهما العلاقة مع روسيا، سيكون نقطة ارتكاز للمشروع الاميركي الجديد، والاهم انه سيكون مجددا كما حاله دوما صندوق بريد، رسالته الاولى قد لا تتاخر رغم ان عنوانها بات معروفا. 
استعجال لبناني توازيه برودة اميركية، فترامب قرر فجأة ان يكون رئيسا مع وقف التنفيذ ، لتفضيله الذهاب في عطلة لن يعود منها الا بعد يومين، في تصرف  يسجل لاول مرة في تاريخ الولايات المتحدة الاميركية، حرصا منه «على عدم اختلاط مهام ادارة البلاد باحتفالات التنصيب». اجازات اسبوعية قرر ان يمضيها، بين «جيرانه» في برج ترامب النيويوركي، حيث ستبقى زوجته ميلانيا وابنهما بارون الى حين انهائه عامه الدراسي، وملعب الغولف في «ادمنستر» نيوجرسي، ومنزله الفخم في فلوريدا، بحسب ما «شارط» مساعديه. 

 

الجمهورية :

أقفل الأسبوع على حصاد تشريعي يفترض أن يشهد زخماً في الآتي من الأيام مع استمرار الورشة التشريعية التي أطلقها مجلس النواب، وعلى تراكم «النيّات» السياسية على الخط الانتخابي لصوغ قانون انتخابي جديد، من دون أن تبرز مؤشرات إلى ترجمة وشيكة لها، فيما احتلّت صدارةَ المتابعة عودةُ ظاهرة قطّاع الطرق و»تجّار الفدية» في البقاع، وأخذِ المواطنين رهائن، من دون أن يرفّ لهم جفن، ويَسرحون ويمرحون بلا رقيب أو حسيب، وآخِر ضحايا هذا الفلتان ابنُ زحلة المواطن سعد ريشا، الذي تحوّلَ خطفُه قضيةً وطنية تستوجب أن تحزم الدولة أمرَها وتقتصّ من هؤلاء المجرمين.

سياسياً، كان البارز في الساعات الماضية اللقاء بين الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله ورئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، في حضور وزير الأشغال العامة يوسف فنيانوس والمعاون السياسي لنصرالله الحاج حسين الخليل ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق الحاج وفيق صفا.

وبحسب بيان مقتضب عن اللقاء، فقد «جرى تقييم الأوضاع السياسية القائمة في البلاد، ومناقشة عدد من الملفات والاستحقاقات الحالية، ومِن جملتِها قانون الانتخاب والوضع الحكومي. كما تمّ التأكيد على عمقِ العلاقة بين الطرفين، ومتانةِ التحالف القائم، ومواصلة التنسيق والتعاون في مختلف المجالات».

برّي

والموضوع الانتخابي كان محلّ متابعة من رئيس مجلس النواب نبيه بري، وخلال لقائه وزيرَ الداخلية نهاد المشنوق عرض له التحضيرات التي تقوم بها الوزارة ربطاً بالاستحقاق النيابي.

وقال بري أمام زوّاره إنه أبلغ المشنوق حينما عرض عليه هذه التحضيرات: «تصرّفْ وكأنّ الانتخابات النيابية ستجري غداً، خصوصاً أنّ هناك قانوناً موجوداً».

وردّاً على سؤال، قال بري: «هذه الإجراءات طبيعية لكنّ الأمر متوقّف على الوصول الى قانون انتخابي جديد الذي، مع الأسف، إن لم نتوصّل إليه فالقانون الحالي نافذ».

ولفتَ إلى «اتصالات تجري ولكن لا شيء جديداً بعد، الأمور تجري كجعجعةٍ بلا طحين، أي بلا نتائج حتى الآن». أضاف: «لا استطيع ان اقول إنني متفائل، بل أنا انتظر».

وعمّا إذا كان سيدعو الى حوار انتخابي، أجاب بري: «أبداً، هذا من صلاحية رئيس الجمهورية».

المشنوق

بدوره، أوضَح المشنوق أنّ مهمّة الوزارة «إجراء الانتخابات في موعدها إلّا إذا كان هناك اتفاق على قانون جديد». وقال: «عندما يصبح هناك اتّفاق على قانون جديد ولو في اللحظة الاخيرة، يمكن ان يتضمّن هذا القانون موعداً جديداً لإجراء الانتخابات لأسباب تقنية.

أمّا وزارة الداخلية فبدأت منذ الأمس (امس الاوّل) القيامَ بواجباتها القانونية كاملةً». وأشار الى أنه «سيتقدّم الاسبوع المقبل الى مجلس الوزراء بطلبِ سِلفة خزينة وسيَرفع الى المجلس تشكيلَ هيئة الإشراف على الانتخابات».

وهل إنّ الوقت ما يزال متاحاً لإقرار قانون انتخابات جديد؟ أجاب المشنوق: «من المؤكد أنّ هناك صعوبات، لكن لا شيء مستحيل، لأنّ القوى السياسية المعنية بوضع قانون انتخاب جديد، من المفروض ان تبذلَ كلّ جهدها لإنهاء هذا الموضوع قبل 21 أيار، وهو موعد إجراء الانتخابات على القانون النافذ، وهو القانون الذي يرفضه الكثيرون ويشجّعه أقلّ عدد من الناس. ولكن في الوقت نفسه هذا هو الخيار المتاح أمامنا الى حين وضعِ قانون جديد للانتخابات».

وكان المشنوق قد عرض للملف الانتخابي مع المنسّقة الخاصة للامم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ التي ابدَت ارتياحَها لاستعدادات الداخلية. وقالت: «لولا إصراره (المشنوق) على إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية في موعدها لكان الحديث اليوم يدور ليس على الانتخابات النيابية بل على الانتخابات البلدية».

وأثنَت على العناية التي «يوليها لتسهيل اقتراع ذوي الحاجات الخاصة والتعليمات والتدابير التي اتّخذها في هذا الإطار». وأكدت استعداد مختلف المنظمات التابعة للأمم المتحدة لتقديم كلّ مساعدة ممكنة لوزارة الداخلية لتتمّ العملية الانتخابية بأفضل الشروط.

جنبلاط

في هذا الوقت، مضى رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط في تغريداته ضدّ النسبية، وآخرها بالأمس حيث قال: «النسبية في نظام طائفي توازي المنزلةَ بين المنزلتين، أي حالة من عدم التوازن في التمثيل والاستقرار». وعلمت «الجمهورية» أنّ وفداً من «اللقاء» سيزور عين التينة اليوم، في سياق جولاته «الانتخابية» لعرض موقفِه وهواجسه من الصيَغ المطروحة حول قانون الانتخاب.

«القوات»

وأوضحت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية» أنّ الاجتماعات بين الأطراف السياسية تتوالى للوصول إلى قانون انتخاب جديد، وبوتيرة يومية ومتسارعة، وهي بين «القوات» و«التيار الوطني الحر»، و«القوات» و«المستقبل» و«التيار الحر» و«المستقبل» و«التيار الحر» و«حزب الله» و«المستقبل» و«أمل» (...).

وقالت «إنّ النقاشات الكثيفة والطويلة كانت قد خلصَت أخيراً إلى 3 احتمالات وخيارات: المختلط، التأهيل والصوت المحدود، في مؤشّر واضح لجدّية المنحى المتّبَع وإصرار القوى الأساسية على الوصول لقانون جديد، ومجمل الغَربلات التي حصَلت أدّت إلى تكوّنِ قناعةٍ لدى معظم القوى أنّ القانون الوحيد الذي يَحظى بأوسع توافق هو المختلط، والمراجعات تتمّ أيضاً داخل كلّ فريق للتفاهم على صيغة واحدة للمختلط تُرضي الجميع، ويُنتظر ان تؤدي نتائجها المرجوّة عند حلول نهاية الشهر الحالي».

وأكدت المصادر «أنّ عدم ظهور هذه الحركة إعلامياً لا يعني إطلاقاً أنّ الأمور متروكة، بل الجهود خلفَ الكواليس غير مسبوقة على هذا المستوى في ظلّ 3 لاءات أساسية: لا للستّين، لا للتمديد، ولا لوضعِ اللبنانيين أمام أمر واقع بتخييرهم بين التمديد أو انتخابات على الستين». وقالت:» قوة الدفع التي بدأت رئاسياً وانتقلت حكومياً ستنسحب نيابياً من خلال إقرار قانون جديد».

«الكتائب»

إلى ذلك، كشفَ مصدر كتائبي مسؤول لـ«الجمهورية» أنّ قيادة حزب الكتائب ستعقد خلال عطلة نهاية الأسبوع خلوةً موسّعة لوضعِ خطط مفصّلة للتعاطي السياسي والإعلامي والشعبي المقبل، ولدرس كلّ السيناريوهات الممكنة للمرحلة المقبلة بدءاً بانتخابات على اساس قانون جديد يضمن صحّة التمثيل وصولاً الى تركِ الامور على ما هي عليه، سواء من خلال الإبقاء على القانون الحالي أو من خلال مناورات تؤدي الى مفاعيله، كما أنّ الخلوة ستدرس كلّ ظروف المعركة الانتخابية ومتطلباتها أياً تكن سيناريوهاتها على قاعدةٍ تعطي المجتمع المدني والمستقلّين دورَهم وحضورهم وموقعهم الى جانب القوى الحزبية».

وأكّد تمسّكَ الحزب «بمبادئه ومسَلّماته»، وأنّه «سيُبقي ابوابَ الحلول الديموقراطية الصحيحة حتى اللحظة الاخيرة، مفتوحة على مصراعيها».
كما أكّد المصدر تمسّكَ الحزب «بالتنوّع والتعدّدية السياسية»، رافضاً «أيّ صيغة يمكن أن تحجّمَهما ضماناً لإنتاج مجلس نيابي جديد قادر على المساءلة والمحاسبة من خلال معارضة جدّية ورصينة تؤمّن الضوابط المطلوبة لسلطةٍ يُفترض فيها معالجة الملفات الاقتصادية والاجتماعية والإدارية والسياسية ووضعُ حدّ للهدر والفساد والفوضى».

خطفُ ريشا

مِن جهةٍ ثانية، تفاعلت قضية خطفِ المواطن سعد ريشا واستدعَت استنفاراً سياسياً وأمنياً، وحظيَت باهتمام مباشر من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب.

وقال عون إنّ الأجهزة الأمنية مستنفرة، وهي تواصل ملاحقةَ خاطفي ريشا لتأمين إطلاقِه وإعادته سالماً إلى ذويه. وأكّد لنواب زحلة أنّ الدولة لن تسمحَ لأيّ جهة بالإساءة إلى الاستقرار الأمني السائد في البلاد، لأنّ الاستقرار والأمن هما هدية للبقاعيّين أولاً ولجميع اللبنانيين ثانياً. وشدّد على أنّ مثلَ هذه الحوادث المعروفة الأهداف لن تؤثّر على العلاقات الأخوية بين أبناء منطقة البقاع على اختلاف مذاهبهم، بل إنّها ستعزز العلاقة فيما بينهم.

من جهته، رأى برّي «أنّ هذا الخطف بات يحتاج الى حسمٍ من الجيش والقوى الأمنية، وأنّ أكثر المتضرّرين من هذه الأعمال هو البقاع».
وعبّر بري أمام زوّاره امس عن اشمئزازه من هذا العمل، وقال: «آنَ الأوان لأن ننتهي من هذه الآفة والضربِ بيدٍ من حديد. على هؤلاء الذين يشكّلون بذور الفتنة، هم لا يسيئون لفئة معيّنة ولا لبلدة معيّنة ولا لعشيرة معيّنة، بل للبقاع كلّه وللعشائر كلّها، بل للبنان بأكمله».

أضاف: «هذا الأمر لم يعد يُحتمل، وعلى الجيش والقوى الأمنية بذلُ ما عليهم في هذا المجال، وأبلغتُ ذلك لكلّ من وزيرَي الدفاع والداخلية. ومِن العيب ان تبقى مجموعة من هؤلاء المجرمين تسرَح وتمرح من دون ان يوضَع حدّ لها، هذا واجب القوى الأمنية وغير الأمنية على اختلافها».

إلى ذلك، كشفَ المشنوق أنه طلبَ موعداً من رئيس الجمهورية لزيارته والتحدّث إليه في شأن وضعِ خطة أمنية للبقاع، وفي كلّ الشؤون الأخرى.
وفي خطوةٍ لافتة ستنعكس إيجاباً على الحركة الاقتصادية في وسط بيروت، كشفَ المشنوق أنّ برّي «أعطى توجيهاته بحصرِ الإجراءات الأمنية في منطقة ساحة النجمة مباشرةً، وإلغاء الحواجز في كلّ المنطقة المحيطة، وإلغاء الإجراءات إلّا عندما يكون هناك جلسة لمجلس النواب، وبهذا يمكن لكلّ أصحاب المحالّ المحيطة ولكلّ التجارة المحيطة، التي تضررَت كثيراً نتيجة الإجراءات الأمنية التي كانت ضرورية بسبب التهديدات التي نعرفها، أن يعودوا لأعمالهم ومحالّهم ومكاتبهم».

 

 

اللواء :

على قاعدة «لا يموت ذئب العهد» ولا يفني «غنم» النائب وليد جنبلاط، وفقاً للمثل السائر، تؤكد مصادر نيابية لـ«اللواء» حول ملف الانتخابات ككل على النقاط الآتية:

1 – إن إمكانية إنتاج قانون جديد للانتخابات انطلاقاً من طروحات «التيار الوطني الحر» وحركة «امل» و«حزب الله» تجاه ترجيح كفة النسبية، باتت غير ممكنة، لذا رسا الاتجاه على تجميل قانون الستين بادخال بعض التعديلات عليه، بما لا يثير حساسية النائب جنبلاط، ويرفع الشكوى المسيحية من «سرقة» النواب المسيحيين.

وتوضح هذه المصادر أن التجميل يتناول صحة التمثيل، ويفتح الباب إلى إنتاج قانون آخر، بحيث تجري الانتخابات الثانية في عهد الرئيس ميشال عون في ضوء قانون جديد.

2 – اجراء الانتخابات على أن تحصل على الارجح بين أيلول وتشرين، على أن يتضمن القانون الجديد المفترض الذي يتم التوصل اليه قبل نهاية العقد الاستثنائي العادي، إشارة إلى احتمال تأجيل والموعد المرجح وعبارة «لمرة واحدة».

3 – تنشيط الاتصالات والاسراع في التفاهم على التعديلات المطلوبة، بحيث تراعي طموح العهد بقانون يصحح التمثيل ولو بحده الأدنى، ويأخذ بعين الاعتبار الهواجس الجنبلاطية التي لاقت تفهماً ليس من بعبدا وحسب، بل من عين التينة والسراي الكبير.

4 – وفي ضوء هذه المقاربة الجديدة للقوى السياسية توقعت هذه المصادر أن يدرج مشروع القانون الانتخابي بعد اقراره في الحكومة على جلسة تعقد بين 2 آذار و9 آذار.

5 – على أن وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق الذي تداول مع الرئيس نبيه برّي في الملف الانتخابي، إلى جانب الجهود المبذولة لاطلاق المواطن المخطوف سعد ريشا، كشف انه سيطرح في جلسة مجلس الوزراء الأربعاء في 25 الجاري، اي قبل شهر من انتهاء المهل (التي تنتهي في 21 شباط) موضوع الاعتمادات المالية وهيئة الاشراف على الانتخابات، وفق ما ينص عليه قانون الستين والعمل بسائر المجريات للعملية الإدارية لإنجاز الانتخابات.

وهذه الصورة الهابطة لإمكان إنتاج قانون جديد، دفعت الرئيس برّي إلى إعادة ترديد انه غير متفائل بقانون جديد، وأن «القصة كلها حكي بحكي».

وسمع زوّار عين التينة من رئيس المجلس قوله «اننا ذاهبون إلى قانون الستين، وأردد للمرة الألف انني ضد هذا القانون».

وتتفق أوساط نافذة في 8 آذار مع النقاط الخمس الانفة الذكر، وقالت هذه الأوساط لـ«اللواء» أن إنتاج قانون الانتخاب يواجه صعوبتين أشبه بالاستحالتين:

الاولى: كيفية التوفيق بين تمسك الرئيس عون وت<