قال خبراء اقتصاديون إن إيران لم تحقق إلى الآن الاستفادة الاقتصادية المرجوة، رغم مرور عام على رفع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي العقوبات، التي كانت مفروضة على طهران بسبب برنامجها النووي.
 
وکانت الحكومة الإيرانية وما تزال، تأمل في أن يمهد الاتفاق النووي الطريق أمام رفع العقوبات الاقتصادية، وفتح المجال لجذب الاستثمارات الأجنبية.
 
وأضاف خبراء أن الاقتصاد الإيراني ما يزال يواجه بعض العقبات، منها عزوف الشركات الكبرى عن الاستثمار في البلاد، واستمرار حجز وتجميد الأرصدة الإيرانية، بسبب استمرار العقوبات الأمريكية.
 
ودخل الاتفاق النووي الموقع بين إيران والدول الكبرى حيز التنفيذ في 15 يناير/كانون الثاني 2016، ليبدأ تدريجياً رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على طهران منذ عام 1979.
 
وتوصلت إيران في يوليو/ تموز 2015 إلى اتفاق نووي تاريخي مع القوى العالمية الست (الصين، فرنسا، روسيا، المملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية، بالإضافة إلى ألمانيا)، يمهد الطريق أمام تخفيف العقوبات الدولية على طهران وزيادة صادراتها النفطية.
 
وقال الخبراء، إن الاتفاق النووي يتعرض مؤخراً إلى تهديدات مفاجئة مع صعود دونالد ترامب إلي سدة الرئاسة الأمريكية.
 
كان الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، اعتبر الاتفاق النووي بين القوى الغربية وإيران، من بين الأسوأ على الإطلاق، وتعهد في وقت سابق بإلغائه أو إعادة التفاوض بشأنه.
وقال شهاب قرقاش، رئيس شركة ضمان للاستثمار، إن إيران لم تحقق أهدافها الاقتصادية المنشودة منذ الاتفاق النووي الذي ما يزال محل جدل إلى الآن.
 
وأضاف أن الحكومة الإيرانية ما تزال مستمرة في السعي نحو الإندماج مع التوجه الرئيسي للاقتصاد العالمي رغم أن بعض القيود، التي فرضت عليها في أوقات سابقة، ما زالت قائمة.
 
ولفت شهاب قرقاش، إلى أن استقطاب الاستثمارات الأجنبية، لا سيما في قطاع النفط والغاز، يعد ضرورة ملحة بالنسبة لإيران، ومع ذلك ستكون عملية التكامل مع الاقتصاد العالمي تدريجية وليس دفعة واحدة.
 
وتأمل إيران، ثالث أكبر منتج للنفط في منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك"، في أن تجذب عقود النفط الإيرانية الجديدة الشركات الأجنبية، وأن تعزز الإنتاج بعد سنوات من نقص الاستثمارات.
 
بدوره، قال جاسم عجاقة، الخبير الاقتصادي والأستاذ في الجامعة اللبنانية، أن الاقتصاد الإيراني صار يتنفس مقارنة بما كان عليه قبل العقوبات، ولكن لم يصل إلى ما كان مستهدفاً من جانب القيادة الإيرانية.
 
وأضاف أن الآمال الإيرانية بتدفق الاستثمارات الأجنبية إلى البلاد لم تتحقق، علاوة على استمرار حجز الأصول المالية لدى المصارف الأجنبية وفقا لبعض التقديرات تصل 120 مليار دولار.
وبين أنه على الرغم من زيادة الصادرات النفطية لإيران، إلا أن هذا لم يترك أثرا ملموساً على النمو الاقتصادي للبلاد في ظل أسعار النفط المنخفظة حتى الآن.
 
ولفت عجاقة، إلى إن القطاع النفطي ما يزال بحاجه إلى استثمارات ضخمة، لكن تعقيدات التعاملات مع المصرف المركزي الإيراني علاوة على استمرار وجود حواجز ومعرقلات أمام انتقال الأموال، يحول دون ذلك.
 
وحتى الآن، لم تقدم الشركات الغربية الحريصة على استغلال احتياطيات النفط والغاز الإيرانية الهائلة، على الدخول بقوة في البلاد رغم رفع العديد من العقوبات عنها.
 
ويقدر الإيرانيون أن القطاع بحاجة إلى استثمار 100 مليار دولار لعودة الإنتاج إلى مستوياته السابقة قبل فرض العقوبات، مقارنة مع تقديرات غربية تقول أن إيران بحاجة 300 مليار دولار تقريباً.
 
وأشار الخبير الإقتصادي اللبناني، إلى أنه رغم الحراك الدبلوماسي المكثف لإيران لم تحقق حتى التبادل التجاري المستهدف بمضاعفته ثلاثة أضعاف ما كان عليه، والسبب في ذلك يعود إلى التدخلات السياسية لطهران في المنطقة.
 
وقال الخبير الاقتصادي محمد العون، إن العقوبات على إيران لم تنته عملياً وما تزال سارية المفعول رغم الاتفاق، لاسيما أن العقوبات رفعت عنها وباتت عودتها إلى الأسواق العالمية في حكم المؤكد، موضحاً أن معظم العقود ليست حاسمة وأغلبها اتفاقيات تمهيدية ومذكرات تفاهم وليست ملزمة للاستثمار.
وتابع: أن إيران غير مستعدة بعد لجلب رؤوس الأموال والاستثمار فيها بسبب العلاقات المتردية مع دول الشرق الأوسط، ولا سيما الخليج العربي.
 
ولفت إلى استمرار وجود مخاطرة حالية أمام إيران، تتمثل في احتمال إلغاء الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب الاتفاق النووي، الذي أنهى العقوبات المفروضة عليها.
 
وأضاف أن السلطات الإيرانية ستستغرق بعض الوقت لاستعادة ثقة المستثمرين مرة أخرى، لافتاً إلى أن التحدي الأكبر أمامها في الوقت الحالي هو تمويل المشروعات، في ظل إحجام مصارف عالمية عن التعامل مع طهران.
 
ويعاني الاقتصاد الإيراني من أزمة حقيقية دفعت البنك المركزي الإعلان، قبل أيام عن أنه سيقدم مشروع قانون أمام البرلمان لتغيير عملة الريال إلى التومان، بعد أن هبطت قيمتها أمام الدولار إلى مستويات غير مسبوقة بلغت أكثر من 37 ألف ريال لكل دولار.