سيستمر حزب الله في التصعيد في وادي بردى، إلى أن تتوضح صورة الإتفاق الذي سيحصل في مؤتمر أستانة. إذا ما استمرّ تهميش الدور الإيراني في سوريا، فإن التصعيد سيزداد، وسنتقل من تلك المنطقة إلى مناطق أخرى في محيط دمشق، وأبرزها الغوطة.

هذا ما أصبح واضحاً بالنسبة إلى الجميع. لذلك، فإن المؤتمر لن يدخل في تفاصيل سياسية ومناقشة مصير النظام. لأن الإدارة الأميركية برئاسة دونالد ترامب تحتاج إلى بعض الوقت لتسلّم مهماتها ومتابعة التطورات السياسية والعسكرية في سوريا. بالتالي، فإن هذا الاجتماع سيكون تقنياً لأجل تثبيت وقف إطلاق النار في المناطق التي لم يشملها، ولن يناقش أي تفاصيل سياسية أو مستقبلية، على أن تعقد جولة أخرى من المفاوضات يتم تحديدها في هأستانة، تشارك فيها الفصائل السياسية، لبدء البحث الجدي عن حلّ سياسي للأزمة السورية.

يهدف ضغط إيران العسكري إلى فرض نفسها طرفاً ثالثاً في الحلّ. لكن هناك رفضاً روسياً وتركياً لذلك، تماشياً مع موقف ترامب، الذي يضع فيتو على الدور الإيراني في سوريا. ولأن الطرفين حريصان على شراكة أميركية في هذا الحلّ، أو على الأقل حصولهما على غطاء أميركي، فهما يستمران برفض إشراك إيران في ذلك.

حتى الآن، مازال حزب الله في مواقع انتشاره في سوريا، لم ينسحب من أي منها، حتى في دير الزور مازال موجوداً. وإن لم يشارك في أي عمليات عسكرية باستثناء ريف دمشق، ولاسيما في ظل التقدم الذي يحرزه تنظيم داعش في محافظة دير الزور، واستطاع خلاله عزل المطار عن المدينة. ويعتبر حزب الله أن الارتكاز في تلك المعركة على السلاح الجوي، ولذلك هو يتريث لمعرفة ما سيحصل من تطورات. وتشير مصادر متابعة إلى أن هجوم داعش الواسع في تلك المناطق، يأتي رداً على تقدم يحرزه حزب الله والجيش السوري في محيط تدمر عبر تحركات عسكرية بعيدة عن الإعلام.

وإذا كان الحزب يتريث في المناطق البعيدة، فالأمر مختلف بالنسبة إلى محيط دمشق والمناطق التي يعتبرها إستراتيجية. بالتالي، ففي وادي بردى مازالت لعبة التوازن مستمرة، وهدف الحزب من خلال ذلك، الإستفادة منها بأمور عديدة، وعلى رأسها منع روسيا من التحكم بالأرواق كلها في سوريا، لأن لها تأثيراً على دمشق وعلى السلسلة الجبلية الرابطة بين لبنان وسوريا. ويستند الزب في ذلك إلى أن وقف إطلاق النار لم يشمل منطقة وادي بردى، ولا المناطق الحدودية مع لبنان. وكذلك بالنسبة إلى إسرائيل التي رفضت شمول وقف إطلاق النار المناطق الحدودية معها، وكذلك بالنسبة إلى تركيا.

ويعود هدف الحزب إلى ذلك، لإعادة التحكم بالميدان بشكل أو بآخر، ولتمرير الرسائل. وتعتبر المصادر أن الأمور لن تذهب إلى النهاية هناك، ولكنها ستصل إلى مكان متقدم جداً، وهو تفريغ المدينة من مضمونها وعناصر قوتها، وعوامل الجغرافيا التي تقويها، وإحداث تغيير جغرافي واسع في تلك المنطقة، عبر السيطرة على القرى المحيطة بالمدينة. وذلك تحسباً لأي أمور مستقبلية.

بعد إندلاع معارك القلمون، قبل أكثر من سنتين، تهجّر معظم سكان تلك المناطق في اتجاه محيط وادي بردى. بالتالي، هناك أعداد كبيرة من المدنيين في تلك المنطقة. وفي حال استمرّت الأوضاع العسكرية على حالها، فإن مصير هؤلاء التهجير مجدداً، إما إلى دمشق، أو إلى جبل الشيخ. أما في حال حصلت تسوية معينة فقد يتم إبقاؤهم في تلك المنطقة إلى مرحلة لاحقة. وتعتبر المصادر أن هناك إحتمالين، الأول أن تكون خاضعة لسيطرة الجيش السوري، أو تشكيل مجالس محلية تنسق مع النظام لإدارة تلك المناطق. لكن هذا رهن ما سيتبين في مؤتمر أستانة.