جلالة الملك: شأننا هو شأن الكثيرين من أبناء الطائفة الشيعية الكريمة في لبنان،يرفضون الولاء السياسي لأي دولة خارج دولتهم على حساب وطنهم وتعايشهم، وحالهم حال الكثير من أبناء الوطن على إختلاف مذاهبهم وإنتماءاتهم،ولنعترف يا جلالة الملك بأن هناك من ينحو منحى الولاء السياسي للقيادة الإيرانية.. مثلاً في لبنان حزبٌ كاملٌ هو حزب الله يقولها بوضوح وبدون مواربة ويفتخر بأنه ينتمي إلى المرجعية الدينية،وبالتالي المرجعية السياسية الإيرانية، ويوجد الكثير من أبناء الطائفة السنية الكريمة من يؤيد هذا المشروع المقاوم،وقد لا يتفق مع المرجعية السياسية والدينية والمذهبية،إلاَّ أنه يتعاطف معه ومع مقاومته ضد المشروع الصهيوني..فهذا إن دلَّ على شيء فإنما يدل على أنه يوجد خط فاصل بين السياسة والعقيدة، فكثير من السنة والشيعة لا تروقهم السياسة الإيرانية والسياسات الخارجية التي تكون على حساب بلدهم وهذا حقٌ مشروعٌ لهم،ولا يرون يا جلالة الملك في الوقت عينه أنَّ العداء يجب أن يستحكم على طائفة بأكملها ويتصاعد إلى درجة الخطر بسبب مجموعة من هنا أو تيَّار من هناك تنتمي إلى دولة خارج وطنها، فيدفعون الثمن بأكملهم، إلاَّ في حال الجرم المشهود وبالدليل القاطع لحفظ النظام وعدم إحداث فوضى..فلهذا يا جلالة الملك تتجه الأمور إلى خلط السياسة بالعقيدة وهذا ما يرغب به المتعصبون من الجانبين ويصطاد في بحر الطائفية السياسيون،ويغرق فيه البسطاء والجهلاء.... المقصود من رسالتي وكلامي هو أنني لا أسمح لنفسي أن أتكلم بإسم الطائفة أو أسمح لنفسي بالتدخل في شؤون الغير، إلاَّ أنني أرى ما يراه الكثيرون من الطائفة الشيعية، أنَّ شيعة الخليج وخصوصاً الشيعة في دولة البحرين الكريمة، هم عرب في معظمهم،ومن كان أصله من إيران تعرَّب جيلاً بعد جيلٍ،كمن أعطت الدولة الكريمة الجنسية لغير البحارنة، وقد لا يعرف البعيدون بأنَّ هناك جماعات هي من أصلٍ عربيٍ في إيران، من هنا نرى أن الشيعة قد أسهموا مساهمة كبيرة وجليلة في الدفاع عن الوطن،في السبعينيات من القرن الماضي صوَّتت نسبة كبيرة من أبناء البحرين سنَّةً وشيعةً مع الإستقلال والعروبة،واليوم وبعد مضي أكثر من خمس سنوات على الثورة البحرينية لم نجدها أنها رفعت شعار إسقاط النظام،أو ثورة مسلَّحة تريد العبث بأمن البلاد،وقد تكون من أفضل الحراكات السلمية في عالمنا العربي والإسلامي...جلالة الملك:ماذا يحدث لكي تحاول بعض القوى أن تلعب في النسيج الإجتماعي؟ إنها السياسة لا أكثر ولا أقل،وهذا ما يجري في أكثر من بلد إسلامي، وأنتم من حكماء وعقلاء هذه الأمة من الذين يهدفون إلى رفع الحرمان والسعي لإقامة قانون يحفظ الجميع تحت سقف الدولة، ولا يوجد عند أحد لديه شيء من العقل أن يدخل الجدل من الناحية العقيدية والتقليدية،لأنها من المسائل الفردية،وليست مشروعاً سياسياً خارج أطر الدولة، وهذا الأمر وجد تاريخياً عند الطائفة الشيعية،يختارون من يقلدونه في شؤونهم الدينية، وليس هذا الأمر بجديد أن يكون المرجع إيرانياً أو عراقياً أو من أي قطرٍ إسلاميٍ آخرٍ، والعلاقة بين العقيدة والفقه لن ينفع فيه أي تعصُّبٍ هنا أو تعصُّب مضادٍّ هناك، وأنتم يا جلالة الملك ترون من الأفضل أن التعايش في إطار المواطنة الحديثة لهي أفضل السبيل لتجنب البلاد والعباد البلاء والفوضى، وإن أخطر ما يمكن أن يحصل للنسيج الإجتماعي في عالمنا الإسلامي هو اللعب على المشاعر،أقلية هنا تُدغدغ مشاعرها، وأغلبية هناك تُثار مشاعرها، وأخيراً حفظكم الله وحفظ الأمة الإسلامية وشعبها وحفظ الله دولة البحرين،فإنَّ أفضل ما يمكن أن يحصل لهم،هو العيش مع إخوانهم في دولة مدنيةٍ،تتساوى فيها جميع المكونات وتحفظ حقوقهم المختلفة.