يبدو أن الوزير الجديد غسان حاصباني اكتشف خللا في التغطية المالية فنعى القرار السابق على خلفية أن الدولة ليس لديها القدرة لتغطية نفقات جديدة، معتبراً أن الوعد المعطى باستشفاء المسنين، فكرته جيدة، لكن تأمين تمويله يبقى هو الأساس
 

كانت التغطية الصحية و لا تزال مطلبًا لشريحة كبيرة من اللبنانيين، وإستبشر اللبنانيون خيرًا بصدور قرار عن وزير الصحة السابق وائل أبو فاعور بالتغطية الصحية الشاملة لمن تخطى الـ 64 من العمر حيث كان الوزير ابو فاعور قد أعلن أن تغطية الفاتورة الصحية التي تؤمنها الوزارة لمرضى تلك الفئة العمرية قد أصبحت 100% بعد ان كانت الوزارة تغطي 95% من الفاتورة في المستشفيات الحكومية و85% في المستشفيات الخاصة.
وهذه التغطية تحتاج بطبيعة الحال إلى إيرادات لتغطية هذه النفقات الجديدة وردها أبوفاعور يومها، إلى أن تغطية النفقات الجديدة ستكون عبر تصويب فاتورة الإستشفاء، وليس بأن تنفق الدولة إنفاقًا إضافيًا جديدًا، وهذا التصويب يأتي من خلال التدقيق في الفواتير الاستشفائية المقدمة من المستشفيات إلى الوزارة، إذ أشار أبوفاعور مراراً إلى وجود فواتير مضخّمة.
ولكن يبدو أن الوزير الجديد غسان حاصباني اكتشف خللًا في التغطية المالية فنعى القرار السابق على خلفية أن الدولة ليس لديها القدرة لتغطية نفقات جديدة، معتبرًا أن الوعد المعطى باستشفاء المسنين، فكرته جيدة، لكن تأمين تمويله يبقى هو الأساس.
ووضع الوزير الجديد علامات إستفهام حول آلية التمويل التي كان أبوفاعور واثقاً منها وبالتالي تعرض القرار إلى التجميد وربما إلى الإلغاء لاحقًا .
في هذا السياق  اوضح الوزير السابق أبو فاعور أن على الحاصباني مراجعة الإدارة في وزارة الصحة، التي لم تتغير منذ عهد سلفه، وتبيان إذا ما حققت عملية تصويب الفاتورة الإستشفائية وفرًا أم لا، وأكد أبوفاعور، في حديث صحفي أن المشروع حقق لغاية أيلول 2016 وفرًا بقيمة 3 مليارات ليرة . 

إقرأ أيضًا: زيارة السعودية والتداعيات الاقتصادية
ويذكّر أبوفاعور بأنه إجتمع مع المستشفيات الخاصة ووافقت على المشروع، لكنها طلبت زيادة نسبة المستشفيات على كل بطاقة طبية تستقبلها .
نقيب أصحاب المستشفيات سليمان هارون أكد أن المستشفيات الخاصة قالت لأبوفاعور منذ البداية إن المشروع يحتاج إلى 36 مليار ليرة سنوياً، في حين أن وزارة الصحة قالت إنه يحتاج إلى نحو 18 ملياراً". وأشار هارون أن المستشفيات الخاصة مستمرة في تطبيق القرار حتى الآن، مع الإشارة إلى أنه إذا لم تغطِ الوزارة تكاليف المستشفيات، فمن الطبيعي أن لا تستطيع المستشفيات تطبيق القرار، ويلفت هارون إلى أن المستشفيات لم تقفل بعد حسابات العام 2016، لذلك، هي لا تملك الأرقام النهائية للكلفة.
إقرأ أيضًا: فيروس H1N1 في لبنان؟
وكان رئيس الهيئة الوطنية الصحية الاجتماعية إسماعيل سكرية، وصف قرار أبوفاعور بأنه ارتجالي وغير مدروس، وهو أقرب إلى لغة الشعارات، في حين كان المطلوب،أن يرتكز المشروع على قاعدة تمويل واضحة. أما عدم ارتكازه على قاعدة واضحة، فيضعه في خانة التجارب السابقة لقرارات مشابهة، منها بطاقة المعوقين الصحية، التي أصبحت عبارة عن "شك بلا رصيد"، وبرأي سكرية، فإن الحاصباني "لن يتخذ قرار إيقاف المشروع، لأن المشروع مات.
وبين القرار القديم بالتنفيذ والقرار الجديد بالتجميد يبقى المواطن اللبناني ضحية الإستهتار بحياته الصحية إذ لا سياسات واضحة قادرة على المعالجة في ظل التخبط الواضح في إيجاد الحلول اللازمة.