صحيح أنّ الإرهابيين يُنفّذون هجماتهم الإرهابية مع صيحات الله أكبر، وفي ظلال رايات لا إله إلاّ الله، إلاّ أنّ ما يضمن نجاح العمليات واتّساع مداها وديمومتها هي الرعاية التامة للأنظمة الشرق-أوسطية.
 

 أولاً: البداية من إسرائيل

زرعت إسرائيل الإرهاب في المنطقة العربية منذ قيامها عام ١٩٤٨ في فلسطين ورعتهُ، فقامت بعمليات إرهابية منظّمة قادتها عصابات القتل واقتلعت  الشعب الفلسطيني من أرضه وطردته خارج البلاد، واستمرّ الكيان الغاصب لأرض فلسطين في زرع الكراهية والتمييز الديني والعرقي ممّا كرّس فيما بعد نظاماً كاملاً قائماً على الإرهاب والعنف، وبرعاية دولة إسرائيل التي تحظى بالدعم الدولي والاعتراف الكامل بجرائمها الإرهابية.

ثانياً: الأنظمة العربية، مصر والخليج

عرفت مصر بدايات العنف الإرهابي على يدّ الجهاز السرّي لحركة الإخوان المسلمين باغتيال القضاة ورجال الحكومة والسياسة، حتى جاءت الثورة الناصرية التي أرست نظام الاستخبارات العسكرية المُولّد للإرهاب، ولم تهدأ مصر طوال نصف قرنٍ من الزمن من نُموّ الإرهاب على أراضيها وتنوُّع أساليبه.
أمّا دول الخليج فوفّرت الفرص الملائمة لنموّ الإرهاب على أراضيها وخارج أراضيها، بالأنظمة التعليمية القائمة على أسوأ ما أنتجتهُ اللاهوتية الإسلامية من كراهية وتمييز وتكفير للآخر، والدعوة إلى محاربته بلا هوادة، وشكلت جماعات الجهاديين الذين خرجوا للجهاد في أفغانستان ضد الوجود الروسي نموذجاً يُحتذى لرعاية "المجاهدين" عقائدياً ومالياً ولوجستياً، فخرجت "القاعدة" كوحشٍ أسطوري في المنطقة تناسلت منه مؤخراً وليس آخراً جماعة داعش والنُّصرة ومنوعات أخرى لا يمكن حصرها.

إقرأ أيضا : النصوص التراثية..الجُثثُ المُفخّخة

 

ثالثاً: الأنظمة العربية، العراق وسوريا

في العراق وبعد سقوط نظام صدام حسين، عانى النظام المُركّب طائفياً ومذهبياً من ويلات الإرهاب الوافد من دول الجوار، وأبرزها سوريا، فالنظام السوري رعا الإرهاب ووزّعهُ شمالا ويميناً باتجاه العراق بشكل رئيسي وباتجاه لبنان كلما سنحت الفرصة بذلك، حتى اندلعت أحداث الثورة السورية عام ٢٠١١ ،فانخرط النظامان العراقي والسوري في رعاية الإرهاب وتغذيته، فقامت دولة الخلافة الإسلامية (داعش) برعاية متبادلة بين نظام الأسد ونظام المالكي، وما زالت دولة الخلافة تتغذّى من ممارسات النظامين القائمة على التمييز المذهبي والارتهان للحسابات الإقليمية والدولية التي ترعى الإرهاب في حين توحي للعالم كله أنّها تُحاربه.

رابعاً: الإرهاب وإيران

الجمهورية الإسلامية الإيرانية تتعاطى مع الجماعات الإرهابية بحذر شديد، فهي تدّعي مناصبتها العداء، في حين ترشح مؤشرات عديدة على تبادل منافع ومصالح مع هذه الجماعات، وفي كل الأحوال لديها الحرس الثوري الإيراني وأذرعهُ المسلّحة في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وهذا ما يُعزّز ويُبرّر الإرهاب في كلتا الضفتين السّنية والشيعية.

خامساً: تركيا والإرهاب..العلاقة الملتبسة

طوال الحرب العراقية والسورية كانت تركيا الملاذ الآمن للجماعات الإرهابية والجماعات المؤيدة للثورة السورية، والقيام بتأمين الممرات الضرورية للمقاتلين الأجانب باتجاه سوريا، وإذ كان النظام التركي يأمل بنهاية سريعة لنظام بشار الأسد، إذ به يُفاجئ بمحاولة انقلاب عسكري في عقر داره، فينعطف انعطافة حادة باتجاه التنسيق مع الروس في سوريا رغم دعمهم للنظام السوري، ممّا أدّى إلى خلط أوراق عجيب في الشمال السوري، ووضع النظام التركي في حالة ملتبسة مع الجماعات الإرهابية.
من حُسن حظّ هذا الإرهاب الذي يتبجح الجميع بمحاربته، أنّه يحظى برعاية الدول المحلية، مع المباركة الدولية، بعد الاتكال على الله تعالى، مالك المُلك وحافظ الجميع.