قصيدة "إغتيال" للشاعر محمد عبد الرحيم سالم
 

قتلوا أخي...
خبر بسيط 
لا يساوي قطرة
في بحر آلام...عميق
قتلوا أخي...
خبر ضئيل القدر، عادي، عتيق
قتلوا أخي...
حدث من التكرار أضحى عادة
في كل يوم أو طريق
فلقد أُمرنا في عهود الظلم جهرا...أن نموت
وغدا غريبا -سيدي- ألا نموت
فالفرد منا بين أمواج الدماء مخير
إما غرق..أو غريق
قتلوا أخي...
قد كان طفلا يرسم الأحلام
دهرا من سرور
قد كان يرجو في سماء الظلم أغنية
وأشجارا، ونور
قد كان يرسم ليالي الجدب أنهارا
ويحلم بالزهور
قد كان يبدو لمحة
نبتت من الماضي السحيق
قد كان يبدو زهرة
فوق الجبال وحيدة
تستشرق المجد العريق
قد كان شيئا من نهار
بشرى صباح قد يجئ ببسمة
تسترجع الحلم العتيق
آه أخي...
قتلوك غدرا كالذئاب
من يومها لا تبصر العينان شيئا واضحا 
إلا الضباب
آه أخي...
قتلوك في وضح النهار على الطريق
ذبحوا زهور الصبح، واغتالوا الرحيق
آه أخي...
قد سخر الأحرار في دنيا الرقيق
وانساقت الأعراض للذئب الصفيق
ماتت أهازيج الطيور على ربا
من يشتري الألحان في عهد النهيق؟
فالحلم يا طفلي غريق
والفجر يا طفلي غريق
وأنا ببحر الدمع يا وطني..غريق
آه أخي...
قالوا بأنك كنت ذئبا في الظلام
وبأنهم قتلوك حفظا للسلام
وبأن قلبك-يا بريء القلب-نيران انتقام
كذبوا أخي..
لكنه كذب أنيق
والوحش في هذا الزمان مهندم
لبق..، أنيق
ذئب يصافح نعجة
وكأنه نعم الصديق
يوصي بإهدار الدماء، وصوته
عذب..رقيق
ويميتنا جوعا، ويهدي قبرنا
-من بعد أن يُمحى-
جوالا..من دقيق
آه أخي..
نيران آلام تحرق في الصدور
والقلب من فرط الأسى أضحى يفور
لكن شيئا من نهار قد بدا..
من بين أمواج الظلام يطل نور
قتلوا أخي..
لكنهم لم يقتلوا شرفي
وأحلامي، وإيماني العميق
فبرغم ليل الحزن، يملؤني بريق
وبرغم كل سجونهم 
قلبي طليق
وبرغم كل حصونهم
يبقى طريق 
قد أقسم الفجر السجين بأنه
سيعود يوما ظافرا
مهما تضيق
صبرا جميلا أيها الذئب الصفيق
فغدا يذوب القهر
والبهتان في قلب الحريق
وغدا يعود الحق فوق سمائنا
لا لن يدوم الظلم يا دنيا الرقيق
لا لن يدوم الظلم يا دنيا الرقيق
لا لن يدوم الظلم يا دنيا الرقيق.