اشتهر رفسنجاني بمواقفه البراغماتية في التقريب بين تيارات السلطة الإيرانية المتصارعة. كما كان له دورا بارزًا في كتابة الدستور الإيراني بعد الثورة وتعديله بعد رحيل الإمام الخميني
 

أعلنت وسائل الإعلام الإيرانية مساء أمس الأحد عن وفاة رئيس مجلس تشخيص النظام الإيراني حجة الإسلام والمسلمين الشيخ هاشمي رفسنجاني إثر نوبة قلبية بعد نقله إلى مستشفى شهداء في العاصمة طهران عن عمر يناهز 82 عاما. 
وفي نبذة موجزة عن حياته الشخصية فقد ولد الشيخ رفسنجاني في 25 من شهر اب عام 1934 في قرية بهرمان في ضاحية مدينة رفسنجان بمحافظة كرمان جنوب إيران من عائلة ثرية. 
وفي بداية حياته الدراسية الدينية تتلمذ في مدرسة محلية ثم أنتقل وهو لا يزال في سن المراهقة إلى الحوزة الدينية بمدينة قم. فتابع دروسه على يد مراجع كبار أمثال بروجردي والمرعشي النجفي والإمام الخميني. 
وقبل إنتصار الثورة الإسلامية في إيران كان رفسنجاني يعتبر من أبرز المعارضين للشاه لقربه من الإمام الخميني والموالين له حيث دخل السجون الإيرانية سبع مرات وقضى فيها أكثر من خمس سنوات. 
وبعد سقوط الشاه لعب الشيخ رفسنجاني دورا بارزا ومميزا وملموسا في ترسيخ نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية. وأصبح أحد اهم عناصر مجلس قيادة الثورة الذي تولى الحكم بعد انهيار النظام الشاهنشاي حيث شغل منصب رئيس البرلمان بين عامي 1980 و 1989. 

 

إقرأ أيضًا: أكثر من 33 مليار دولار تكلفة الحرب السورية على إيران فهل ترضى بدور ثانوي في سوريا؟
يعتبر الشيخ رفسنجاني من أقرب رجال الدين للإمام الخميني الذي عينه خلال الحرب العراقية  الإيرانية نائبا عنه في قيادة القوات المسلحة. 
وفي العام 1989 لعب دورا بارزا في استبعاد الشيخ حسين منتظري عن موقع خلافة الخميني وإقناع مجلس خبراء قيادة الثورة لاختيار المرشد الحالي السيد علي الخامنئي خليفة لمؤسس الجمهورية الإسلامية الإيرانية الإمام الخميني. 
وبالتزامن مع إختيار الخامنئي مرشدا للثورة تولى الشيخ رفسنجاني منصب رئاسة الجمهورية في دورتين متتاليتين من العام 1989 إلى العام 1997 وبعدها بدأ يبتعد عن الخامنئي حيث صار يميل إلى انتهاج سياسة الاعتدال وحركة الإصلاحات. 
وفي العام 2009 انتقد بشدة قمع الاحتجاجات على نتائج الانتخابات الرئاسية التي فاز بها محمود أحمدي نجاد في الدورة الثانية لترشحه للرئاسة. واتهمت المعارضة المقربين من المرشد بتزوير هذه الإنتخابات. 
تعرضت أسرة رفسنجاني والمقربين منه إلى مضايقات شديدة من قبل الحرس الثوري الإيراني الموالي للخامنئي وهو الفريق الذي يوصف بالمحافظ، إلا أن الشيخ رفسنجاني أستمر في رئاسته لمجلس تشخيص مصلحة النظام الذي عينه الخامنئي لأدارته. 
وفي الانتخابات الرئاسية الأخيرة لعب رفسنجاني إلى جانب الرئيس الاصلاحي محمد خاتمي دورا حاسما في دعم الرئيس الحالي الشيخ حسن روحاني الذي ينتمي للتيار المعتدل في وصوله إلى سدة الرئاسة. 
وفي العام 2016 فاز الشيخ رفسنجاني في انتخابات مجلس خبراء القيادة بحصوله على أعلى الأصوات إلا أنه ظل مرفوضا من قبل المتشددين المقربين من المرشد الخامنئي. 
وفي آخر تصريح له قبل فترة وجيزة دعا رفسنجاني إلى إعادة النظر في الدستور الإيراني. 

إقرأ أيضًا: اللبنانيون في عامهم الجديد
وقد بدأت دوائر الخامنئي تمارس نوعا من الحرب الباردة ضد الشيخ هاشمي رفسنجاني والمقربين منه بعد انتخابات 2009 الرئاسية ألتي فاز بها أحمدي نجاد إثر رسالة مثيرة للجدل وجهها رفسنجاني للمرشد الأعلى السيد علي الخامنئي يطالبه فيها بالتدخل لوقف التلاعب بنتائج الانتخابات. وبدأ رسالته من دون سلام وختمها بجملة : الحكم دون رضى الشعب لن يدوم .
 وقد شكلت هذه الرسالة فرصة للنظام الإيراني لملاحقة أبناء رفسنجاني وادخالهم السجن بتهم الفساد الاقتصادي. 
لكن وعلى رغم الضغوط التي مورست عليه وعلى أنصاره في السنوات الأخيرة ظل رفسنجاني يلعب دور الفيصل في حل الخلافات الحادة بين دوائر صنع القرار الإيراني نظرا لمكانته في هرم السياسة في إيران بحيث تحول إلى شخصية رمزية لدى الإصلاحيين. 
ولعب دور الوسيط بين الرئيس الحالي الشيخ حسن روحاني والرئيس الأسبق محمد خاتمي زعيم التيار الإصلاحي، وبالتالي فإن روحاني يدين لرفسنجاني بفوزه برئاسة الجمهورية عقب رفض أهلية الأخير للترشح للرئاسة. 
لا شك ان إيران برحيل الشيخ هاشمي رفسنجاني ستفقد احد أبرز أعمدة ومؤسسي النظام الإيراني ورجل الأسرار الكبيرة وأحد أبرز الشخصيات بعد المؤسس الإمام الخميني والمرشد الخامنئي. 
وقد اشتهر الرجل بمواقفه البراغماتية في التقريب بين تيارات السلطة الإيرانية المتصارعة. كما كان له دورا بارزا في كتابة الدستور الإيراني بعد الثورة وتعديله بعد رحيل الإمام الخميني.