دخل مسلح الى ملهى "Reina" الشهير في مدينة اسطنبول ليلة رأس السنة وفتح النار على الساهرين فقتل العشرات وأصاب آخرين وهرب! هذا ليس مشهد أو سيناريو لفيلم رعب تدور أحداثه في هوليوود بل مجزرة بكل ما للكلمة من معنى اضطر أن يعيش أحداثها شبان وشابات بعمر الورد.


"اللبناني بكل عرس الو قرص".. مثل شعبي تربينا عليه وللأسف يتضح لنا يوم بعد يوم أنه صحيح، فمن بين ضحايا الإعتداء الشنيع 3 لبنانيين بالإضافة الى الجرحى الذين عاشوا لحظات رعب وخوف ستظل محفورة بذاكرتهم ووجدانهم.

لن نغوص بتفاصيل الهجوم الإرهابي أو نوصّف القاتل المجرد من كل معاني الانسانية، فلغة الكلام تشّل أمام هذه الفاجعة وأمام دموع الأهالي الذين فقدوا أبناءهم أو الزوجة التي فقدت زوجها في دقائق قليلة.

سنروي ما عاشه أحد الناجين نضال بشراوي صاحب وكالة "Nidal’s Agency" الذي أصيب بـ3 رصاصات خلال الإعتداء الارهابي ويقبع اليوم في المستشفى بانتظار أن يزرعوا له "سيخاً حديدياً" في فخذه بعدما سحبوا الرصاصات الثلاث التي اخترقت جسده.

"لا أستطيع النوم ولا أتخطى ما رأيته في تلك الليلة" يقول بشراوي في إتصال مع "لبنان 24"، لافتاً الى أنه "منذ وقوع الحادث لم أتمكن من النوم الا 4 ساعات على الأكثر المشهد موجود أمامي بكل تفاصيله ولا أستطيع محوه من ذاكرتي".

هكذا بدأ الهجوم


ويسرد بشراوي ما حدث ليلة رأس السنة بقلب مثقل بالحزن: "اخترنا أفخم أماكن السهر في تركيا لنودّع السنة وهو معروف بأمنه ودقة التفتيش الذي يخضع له الساهرون فيه. كنت أجلس وأصدقائي على الطاولة الثانية قرب الباب في قسم الـ VIP. أما الطاولة الاولى في هذا القسم فكانت تلك التي تجلس عليها بشرى الدويهي وأصدقاؤها وبينهم ايلي وارديني".

ويتابع: "ما يدعو للاستغراب هو اختفاء عناصر الأمن المولجة حماية الملهى، كانوا أكثر من 25 عنصراً، اختفوا فجأة كما واختفى جميع النُدل لحظة بدء اطلاق النار".

وعن تفاصيل الحادث وعدد القاتلين، يشدد بشراوي على أن إطلاق النار بدأ من خارج الملهى، كاشفاً أنه "سمعنا صوت إطلاق النار من الخارج وفجأة دخل المسلح الى الملهى وبدأ يطلق النار علينا بطريقة أفقية، ولم يكن القاتل وحده كانوا أكثر".

جثة فوقي ودماء في كل مكان


ويضيف: "من دخل الى الملهى من الخارج كان مسلح واحد لكن في الداخل كان يوجد آخرون. أما "بابا نويل" الذي انتشرت صوره عبر وسائل الإعلام ليس الشخص نفسه الذي التقطنا معه الصور داخل الملهى فالأخير كان يرتدي قناعاً وهناك أكثر من واحد".

"كان القاتلون يتوقفون لمدة 10 دقائق ليتأكدوا ان كان هناك من يزال على قيد الحياة للقضاء عليه، وكانوا يتحدثون مع بعضهم بصوت مرتفع لكننا لم نفهم لغتهم. أحد المعتدين كان يدوس على الأشخاص المرميين على الأرض، منهم قتلى ومنهم أحياء، ليعرف ما إذا كانوا على قيد الحياة أم لا، وكنّا نحاول قدر الإمكان ألاّ نتحرّك كي لا يطلق النار علينا ثانية. وظلت عيناي متفتحتين لترقب وصول القاتل نحوي لذا رأيت المجزرة المأساوية التي حصلت خصوصا بقربي، اذ فرّغ أحد القاتلين الكلاشينكوف برأس شخص تونسي كان يجلس على الطاولة بقربي".

وأكد بشراوي أن "عدد الضحايا أكبر بكثير من الذي صرح عنه" وأستغرب كيف أن "الضحايا كانوا من جنسيات عربية وأجنبية فقط ونحن في تركيا".

مشاهد غريبة ومرعبة لا يمكن وصفها، يسرد بشراوي بغصة تفاصيل اللحظات البشعة التي عاشها، ويقول: "تمنيت في لحظة من اللحظات أن يفجر القاتل نفسه لأننا كنا سنموت من النزيف بسبب الإصابات أو بسبب القنابل التي رموها. تخيلوا أن جثة كانت فوقي مباشرة وكانت دماؤها تسيل علي وكان يفصلني عن الموت أقل من ثوان".

وتمنى بشراوي أن "لا يضطر أن يعيش أي انسان ما عشناه لأنه أبشع من فيلم رعب"، داعيا لأخذ العبر مما حصل و"عيش كل يوم بيومه، بسلام مع الجميع لأن لا شيء يحرز في الحياة"، بحسب تعبيره.