تخفيض تعرفة المكالمات الأرضية والخليوية في لبنان، تعتبر خطوة أساسية لأي وزير إتصالات جديد يتسلّم واحدة من أهم الوزارات الخدماتية في أي حكومة لبنانية.
لا تزال مشكلة الإتصالات في لبنان هي الفاتورة الشهريّة وشراء بطاقات مسبقة الدفع بشكل شهري وما يسمى "تشريج الأيام"، وهي طريقة بدائية موجودة فقط في لبنان، إذ أن اغلب دول العالم لا تحصل على بدل مادي مقابل الحصول على أيام الإستفادة من الخط وهنا تكمن المشكلة الكبيرة.
ولتصبح خدمات الهاتف متساوية مع تلك الخدمات في البلدان الأخرى كباقة واحدة، وليس فقط الإنترنت أو تكلفة الدقيقة، قرّر عدد من اللبنانيين القيام بحملة ضد هذه التكاليف التي إعتبروها مرتفعة جدًا، ونظموا حملة تحت عنوان "رح سكّر خطي"، وهي من تنظيم حركة "الكفاح المهذّب"، ودعت هذه الحملة اللبنانيين لإقفال خطوطهم  يوم الأحد 8-1-2017.

فما كلفة هذا النوع من "الإضراب" في حال الإلتزام به على نطاق واسع ليوم واحد؟
إن عائدات قطاع الاتصالات بلغت بشكل عام نحو 2,783 مليار ليرة، ومن بين هذه العائدات الإجمالية مبلغ 863 مليار ليرة هي عائدات الهاتف الأرضي، ما يعني أن عائدات الهاتف الخليوي في 2015 هي 1920 مليار ليرة.
ووفق الإحصاءات عبر السنوات الماضية، فإن عوائد قطاع الإتصالات تتجه نحو التنامي كل سنة، نظرًا إلى التزايد الديموغرافي من جهة، وتوسّع الشركتين Touch  وAlfa في إستقطاب العملاء لمصلحة الخدمات الجديدة من جهة أخرى.
لكن، إذا قمنا بإستعمال الأرقام الأكثر تحفظًا، وهي أرقام العام 2015 نفسها، أي من دون الأخذ بالإعتبار تنامي الإيرادات في العامين 2016 و2017 (المقبلة)، فإن المعدل اليومي للعائدات في قطاع الهاتف الخليوي سيكون 5.26 مليار ليرة، تتنوع هذه العائدات بين المكالمات الهاتفية المحلية والدولية والرسائل النصية والإنترنت وغيرها من الخدمات التي تقدّمها الشركتان المشغلتان للقطاع.
بمعنى آخر، فإن كلفة إضراب يعطل الإتصالات الخليوية ليوم واحد ستكون نحو 3.5 مليون دولار أميركي، بفعل وقف هذه العائدات في هذا اليوم.


ومن الناحية النظرية، لا يوجد فرق بين أن تكون هذه المبالغ ناتجة من وقف إستعمال الخطوط مسبقة الدفع أو الثابتة، إذ إن أرصدة الهواتف مسبقة الدفع نفسها هي عملياً أرصدة لمصلحة العملاء ولا تستحق كأرباح أو عوائد فعلية إلا عند إستهلاكها من قبل العميل (حتى لو كان ثمن الأرصدة مدفوعًا مسبقًا عند تعبئة الخط).
من الناحية العملية، فإن نسبة مقاطعة تشمل أغلبية المشتركين ستكون كفيلة بتعطيل الشبكة إلى حد كبير، حتى لو لم تشمل جميع المشتركين، فحتى الخطوط غير الملتزمة بالمقاطعة ستجد صعوبة في التواصل هاتفيًّا مع أغلبية المشتركين الملتزمين بالمقاطعة.

إقرأ أيضًا: إبن الـ 31 يومًا كاد أن يموت على أبواب المستشفيات اللبنانية .. حكومة جديدة ورزق الله على أيام أبو فاعور

أما حجم الخسارة فلن يكون محصورًا بالعائدات التي ستتوقف، بل ستشمل أيضًا الخسائر التي سيتم تكبدها بفعل تشغيل الشبكة وتحمل التكاليف من دون وجود مردود مقابل، وتبدو هذه النقطة بالغة الأهمية، خصوصاً أن القطاع الخليوي من القطاعات التي تتحمل بطبيعتها كلفة ثابتة عالية بمعزل عن حجم الإستهلاك، فمثلًا، سيكون على الشركتين الحفاظ على تغطية الشبكة ومراكز التشغيل والإتصال وغيرها.
في المحصلة، أطلقت مجموعة "سكّر خطك" صرخة بوجه أسعار الإتصالات المرتفعة والتي يعاني منها اللبنانيون، فهل يسمع وزير الإتصالات الجديد جمال الجرّاح لصرخة المواطن هذه، أم أنها ستكون كصرخات باقي المواطنين التي لم تجد آذانًا صاغية لها؟