ساعد الانقلاب العسكري التركي الفاشل ضد نظام أردرغان بانعطافةٍ حادّة أدّت إلى تقاربٍ كامل مع السياسة الروسية في سوريا والمنطقة العربية.
 

أولاً: شرخ العلاقة التركية الأميركية

ترافقت أحداث الانقلاب التركي الفاشل صيف العام الماضي مع تصاعد التوتُّر الدائم في العلاقة التركية الأميركية، حيث ذهبت أنقرة بعيداً في اتهام الولايات المتحدة برعاية مُنفّذي الانقلاب وعلى رأسهم عبدالله غول الموجود في أميركا ويحظى بالرعاية الأميركية، وما لبث هذا التوتر أن انعكس على أرض الميدان في الشمال السوري، حين بدأ النظام التركي بفتح صفحة جديدة في العلاقات الروسية التركية، والتي كانت قد بلغت ذروة توترها مع إسقاط المقاتلة الروسية بصاروخ تركي مضاد منذ عامٍ مضى، وقد انتهت مبادرات الوفاق الروسي التركي بموافقة روسية على دورٍ محدود لتركيا في الشمال السوري، وقطع الإمداد التركي الحيوي لمقاتلي حلب الشرقية ممّا أسهم في إسقاط المدينة في أيدي النظام السوري وحلفائه.

إقرأ أيضاً: النظام السوري يستعين بداعش لإرباك النظام التركي

 

ثانياً: العامل التركي..عامل توازن في وجه النفوذ الإيراني

يُشكّل العامل الإيراني الحيوي عبر تواجده العسكري في الميدان السوري، مع ذراعه الرئيسية حزب الله عامل اطمئنان للنظام السوري وعامل قلق في نفس الوقت، إلاّ أنّه بالنسبة لروسيا، فهو عامل قلق أكثر منه عامل اطمئنان، ذلك أنّه قد يُعيق أهداف روسيا في سعيها لحلّ الأزمة السورية لاحقاً خارج الإطار العسكري، إذ يعلم الروس جيّداً ألا بدّ من حل ّسياسي في نهاية المطاف، ومن هنا ميل الروس للتركيز على التفاهم الرئيسي مع الأتراك، وإهمال الجانب الإيراني، وهذه سياسة غير محمودة أو مقبولة بالنسبة للإيرانيين  بشكلٍ مطلق، وبالنسبة للنظام بأشكالٍ مختلفة، وهذا يكشف أهمية دخول العامل التركي كعامل استقرار وتوازن جديد في الساحة السورية، إذا ما لاحت بوادر حلول سياسية للحرب السورية المدمرة، بعيدًا عن طموحات إيران التوسّعية. ولربما ضاقت مساحة سوريا عن استيعاب المطامح الروسية والإيرانية معاً، ممّا استدعى الانحياز الروسي نحو تركيا، لخلق نوع من حالة توازن واستقرار في المنطقة التي باتت عرضةً لشتى الاجتياحات والاحتلالات والحروب الأهلية والمطامع الإقليمية والدولية.