كانت إطلالة الدكتورة منى فياض يوم الجمعة الماضي عبر إذاعة الشرق مثيرة للجدل لما تضمنته حلقتها من دعوات جريئة للإصلاح الديني والعمل بجدية لنبذ التطرف.
 


تضمنت الحلقة مواقف جريئة للدكتورة فياض كسرت فيها حواجز المحرمات الوهمية التي تضعها المؤسسات الإسلامية الرسمية والتي تشكل عائقا أمام حرية الإجتهاد والتفكير المنطقي الذي يواكب الحداثة.
ما قالته الدكتورة لم يستسغه الفكر التقليدي السائد والمهيمن على عقول معظم المسلمين في لبنان فشنوا حملة إعلامية عليها وأخرجوها من الدين ونعتوها بأفظع العبارات النابية التي لا تمت لتعاليم الدين الحنيف.
وهؤلاء الغوغاء هم أنفسهم من ينتقدون داعش على تصرفاتها وطريقة تفكيرها وإذ بهم يمارسون نفس لعبة داعش في طريقة التعاطي مع من يخالفهم الرأي .
فكل دعوة للإصلاح الديني باتت تعتبر بدعة وأي إنتقاد بهدف البناء والتأسيس لمجتمع صالح أصبح يعتبر هرطقة دينية وكأنه مكتوب علينا أن نتماشى ونتقيد بتعاليم وأحاديث لها زمانها الخاص ولها  ظروفها الخاصة التي إنتهت.
وما نية الدكتورة فياض إلا طلب الإصلاح في الفقه الإسلامي وإعادة مراجعة تاريخ وظروف تنزيل الآيات القرآنية وهي لم تدعو إلى إلغائها بل إلى تأويلها وتفسير ظروف تنزيلها وهل هي صالحة لكل زمان ومكان.
فمشهور فقهيا أن الآيات القرآنية ليست جميعها صالحة لكل زمان ومكان وبعض الآيات لها ظروفها التاريخية الخاصة بأزمانها فقط ولا يمكن تعميمها  دائما.

إقرأ أيضا : هذا ما قالته الدكتورة منى فياض عبر إذاعة الشرق وأثار جدلا واسعا


وهذه النقطة بالذات هي نقطة إختلاف بين رؤيتين وفهمين للإسلام أحدهما يمثله داعش.
لكن الفهم الآخر وهو فهم الإعتدال بدأ يدخل من حيث يدري أو لا يدري بمزايدة في التمسك بحرفية الآيات كما داعش ويقلد داعش وفي الوقت نفسه ينتقد داعش في مغالطة منطقية لا يمكن تفسيرها.
وإذ نعلن تضامننا مع الدكتورة منى فياض ونشد على أياديها لكي تذهب بعيدا في هذا المضمار وخوض الصعاب وتحريك المياه الراكدة التي حجرت الفكر الإسلامي وجعلت المسلمين بأجمع يعيشون شخصية مزدوجة ينزلقون فيها بسرعة نحو التطرف ويميلون بإتجاه الإرهاب، نؤكد على أن ما ذكرته لا يشكل خروجا عن  الإسلام أو إنتقاصا من قيمته بل دعوة للإصلاح فقط.
فمنى فياض هي صوت من أصوات الله في وجه أوثان التطرف والتعصب التي تغزو فكر شبابنا وجعلتهم أدوات في مشاريع شيطانية هدمت مجتمعاتنا العربية والإسلامية وحولت المسلمين إلى إرهابيين بنظر العالم.
وربما خطيئة الدكتورة منى فياض أنها أحرجت من يدعي الإعتدال في الإسلام فأخرجته وعرته وكشفت حقيقته أمام العالم أجمع بأنه لا يختلف عن داعش ولا يتقبل النقد ،  فدائما  ما أقول أن داعش لا تقتلنا بل تفضحنا وتفضح ما فينا من كبت وتطرف وعنصرية.