مع زيارة وزير الخارجية الفرنسي إلى لبنان وزيارته رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تعود الحرارة الديبلوماسية إلى قصر بعبدا بعد تشكيل الحكومة واستقرار العهد الجديد.
جاءت زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت لتؤكد عودة لبنان إلى الساحة الدولية بعد الإنكفاء القسري الذي سببه الفراغ الرئاسي .
الضيف الفرنسي أعاد البحث في الهبة السعودية للجيش اللبناني، ما أعادها إلى دائرة الإهتمام بعد عام ونصف العام تقريبا على إعلانها، وعرض على الرئيس عون البحث في الموضوع خلال زيارته المرتقبة إلى المملكة العربية السعودية والمقررة على الأرجح في كانون الثاني المقبل .
عرض الوزير الفرنسي على عون ضرورة إقناع السعودية بإخراج المليارات الثلاثة من الأدراج لتنفيذ الصفقة بالنظر إلى أهميتها للجيش اللبناني في ضوء التصدي الدائم للإرهاب في الداخل وعلى الحدود .
وكانت السعودية قد أعلنت منذ عام ونصف قبل وفاة الملك السابق عبد الله بن عبد العزيز بتخصيص الجيش اللبناني بهبة لشراء الأسلحة والأعتدة العسكرية عبر فرنسا التي التزمت بناء على هذه الهبة بتقديم السلاح و برامج تدريب وصيانة طويلة الأمد، وبعد جملة أحداث شهدها لبنان والمنطقة ومن أهمها وفاة الملك عبد الله أرجأت السلطات السعودية الهبة المقررة.


 تعود هذه الصفقة إلى الواجهة اليوم مع زيارة وزير الخارجية الفرنسي إلى بعبدا ومع الحديث عن الزيارة المرتقبة لرئيس الجمهورية الى الرياض الشهر القادم فهل ينجح رئيس الجمهورية في تحرير هذه الهبة من جديد ؟
الأرجح أن المهمة التي يتصدى لها عون، لن تكون يسيرة سياسيا وعقديا من دون العودة مجددا الى طاولة المفاوضات، من دون إهمال بعض المستجدات ومنها عودة «عراب الصفقة» خالد التويجري صاغرا إلى الديوان الملكي، إلى جانب ولي ولي العهد محمد بن سلمان، ورغبة الأخير بتحرير شركة «أوداس» من مهمة الوساطة وحصر الاتفاقية بين وزارتي الدفاع السعودية والفرنسية.
ومن المعروف أن العقد الاصلي الذي عرف بعقد «الهبة السعودية للبنان» التي كانت تشرف على تنفيذه شركة «اوداس»، أصبح متداولا اليوم تحت اسم العقد الفرنسي السعودي العسكري، وبموجبه، تم تحويل وجهة تسليم الاسلحة التي تم التعاقد عليها، من الجيش اللبناني الى الجيش السعودي.

إقرأ أيضًا: إيران: إشارات إيجابية إلى السعودية

 

وفي إطار العقد نفسه، تم التفاهم بين باريس والرياض على دفع مقدم ثالث من قيمة المليارات الثلاثة لتنفيذ العقد لمصلحة السعودية.
وتقول مصادر فرنسية متابعة ان ما يشجع الفرنسيين على حث اللبنانيين على محاولة تحريك الصفقة، ما سمعوه من وعود سعودية في الأسابيع الأخيرة، بدفع مقدم من 300 مليون يورو في المستقبل القريب، على أن يليه تمويل صفقة مصغرة للجيش اللبناني بقيمة 800 مليون يورو.
لكن ما حصل عليه الفرنسيون هو مجرد وعود حتى الآن، كما أن الاهتمام المالي والتسليحي السعودي يقتصر في الوقت الحالي على تمويل صفقات تخص العمليات الحربية للسعوديين في اليمن، خصوصا في ميدان الذخائر حيث تعاني السعودية من ضغوط أميركية، لإلغاء بعض الصفقات، وآخرها بقيمة مليار و200 مليون دولار، رفضت راشنطن الوفاء بها.

إقرأ أيضًا: جبران باسيل: فقيه القصر، بل أفقه أهل زمانه
وتبدو شروط الاستثمار السياسي السعودي في لبنان، أكثر تعقيدا وصعوبة مما كانت عليه عندما كانت الهبة تعكس هجوما سعوديا كبيرا لتقييد «حزب الله» في لبنان ومحاصرته عبر الدخول بقوة الى المؤسسات اللبنانية. وما كان صعبا عندما كانت السعودية تمسك بحيز كبير من القرار اللبناني قبل ثلاثة أعوام، عبر رئيسي الدولة ميشال سليمان والحكومة سعد الحريري ومن ثم تمام سلام، لن يكون يسيرا، مع تعقيد علاقتها مع سعد الحريري، وصعود «حزب الله» كصاحب القرار الأول في لبنان، برغم تواضع حضوره الحكومي.