ساد الظن بعد انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية ان فريق حلفائه الاصيلين من قوى 8 آذار سيتخلون تلقائيا عن كثير من انماط ووسائل سياسية اتبعوها في مسار الصراع الداخلي في مواجهة قوى 14 آذار ما دام الرئيس عون يشكل ما يتجاوز الثلث الضامن بالنسبة اليهم كما أعلن ذلك السيد حسن نصرالله نفسه.
 

 ولنفرض جدلا مع "الفريق الممانع" باستبعاد أي بعد إقليمي وتحديدا "احتفاله" بسقوط حلب في أيدي النظام السوري وحلفائه عن التعقيدات الماثلة في تأليف الحكومة نجدنا أمام ظاهرة غريبة بتمسك هذا الفريق بعدة شغل قديمة يبدو انها لا تفارق سياساته مهما توافرت له وسائل التفوق في الامساك بأوراق القوة. مفاد ذلك ان العودة الى تركيبة ثلاثينية في الحكومة العتيدة يطلق ايحاءات معاكسة تماما لكل الحسابات التي قامت على ظن خاطئ بان الفريق "الممانع" يمكن ان يبدل أي قاعدة من قواعد الاشتباك السياسي التي وفرت له مكاسب منذ ما بعد 2008 تحديدا أيا يكن الجالس فوق كرسي بعبدا. هذه الحقيقة ترتسم الآن في مشروع تركيبة حكومية لا تستعيد الثلث المعطل وحده وانما تفرض وقائع سياسية تسمى تهذيبا توازنات فيما هي مشاريع صدامات دائمة داخل الحكومة. تختلف تركيبة الثلث المعطل هذه المرة بما يوهم البعض بانه بات ثلثا متقادما أشبه بعنوان هالك لحرب باردة أفلت مع انتخاب الرئيس عون. اذ ان تموضع الرئيس نبيه بري كخصم تقليدي دائم لرئيس الجمهورية يدخل تلوينا طارئا على هذا الثلث. ولكنه وهم حقيقي متى اتضح ان القوى الدافعة بقوة الى فرض هذا الثلث "كمنت" للرئيس سعد الحريري على كوع النهاية الواعدة للولادة الحكومية ثم اندفعت في فرض النسخة المحدثة. فلماذا انتظروا شهرا ونصف الشهر لإعلان تركيبة الـ24 وزيراً من الممنوعات الطارئة، ولماذا ليس قبل الآن؟ يصعب إقناع اللبنانيين بعد طول التجارب المملة في تشكيل الحكومات ان احدهم استفاق باكرا وقرر ان حكومة ثلاثينية هي أفضل ضمان لتلك الأكذوبة المسماة وحدة وطنية. ولماذا الثلث المعطل ما دام مؤسس "التيار الوطني الحر" ورمزه الحليف المسيحي "القوي" الذي يشكل نقطة الارتكاز الاساسية في التحالف مع القوى الاخرى في 8 آذار صار رئيس البلاد؟ صحيح ان "بعض الظن اثم"، ولكننا نرتكب هذا الاثم كلما أمعنا في مقاربة حالة التوجس التي تعتري الشركاء "الممانعين" حيال شراكة العهد مع "القوات اللبنانية" في المقام الاول والرئيس سعد الحريري في الدرجة الثانية. حينذاك لن تبقى تلاوين متعددة داخل "الثلث الممانع" وسيضحي اللون واحدا أحدا، ولا نظن ان مضمون الرسالة خاف على من أرسلت اليهم.