نشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية مقالاً للمعلّق العسكري عاموس هرئيل تحدّث خلاله عن القصف الذي حصل فجر الأربعاء على مطار المزّة في دمشق، والذي يعدّ الثاني خلال أسبوع والذي وُجّهت فيه أصابع الإتهام إلى إسرائيل.


وقال هرئيل: "إذا صدقت التقارير عن وقوف إسرائيل وراء القصف الذي إستهدف سوريا، فبالتأكيد، ترى تل أبيب أنّ الهدف طارئ وهي متأكّدة أنّ موسكو لن تعترضه".

وسأل هرئيل: "هل تلعب إسرائيل الروليت الروسي (وهي لعبة حظ مميتة)؟"، طارحًا سؤالاً عن مدى تورّط الروس في الإعتداءات أو على الأقل علمهم بها.

وقال: "إنّ حزب الله جزء من التحالف الذي تقوده روسيا للدفاع عن النظام السوري. في الوقت ذاته لدى الروس آلية لمنع المواجهات مع سلاح الجو الإسرائيلي في الأجواء السورية. وإذا كان ما قالته سوريا ومعها حزب الله عن أنّ إسرائيل ضربت مستودعات الأسلحة أمس، فهل كان يعلم الروس بالقصف من قبل وغضّوا الطرف، أو تفاجأوا كما غيرهم؟".

وأشار الى أنّ التقارير التي صدرت في الأسبوع الأخير عن القصف الإسرائيلي أتت بعد إنقطاع أخبار مماثلة لمدّة طويلة، وأرجع الهدوء الذي ساد إلى أمرين: الأوّل هو إنتشار وتكثيف نشاط سلاح الجو الروسي في شمال سوريا، إضافةً الى زيادة التوتّر بين موسكو وواشنطن، قبل الإنتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة.

لكنّ هرئيل رأى أنّ فوز دونالد ترامب بالرئاسة، الذي أبدى إعجابًا بروسيا، يؤكّد عدم وجود اهتمام لدى البيت الأبيض بأي تحرّك عسكري أميركي في سوريا، ما يشير الى وقف العداء المتبادل.

وشدّد المعلّق الإسرائيلي على أنّ إسرائيل لا تريد مواجهة روسيا، وبعد إنسحاب الأميركيين من الملف السوري سيتركون الروس لاعبين أساسيين هناك.

وبحسب بيانات رسمية عن أنظمة الدفاع الجوي الروسية، فإنّ الرادارات الروسية قادرة على رصد أي تحرّك للطيران الإسرائيلي في عمق الأراضي الإسرائيلية وصولاً الى شمالي النقب، وبالتالي فمن غير الممكن أن تتحرّك المقاتلات الإسرائيلية من دون أن يعلم الروس بها.

وتابع هرئيل: "لكن القصف الأخير في سوريا وقع في دمشق أي جنوب سورياـ كما أنّ التوقيت كان في الليل، أي في الوقت الذي لا يكون الطيران الروسي ناشطًا بشكل كبير، كذلك فالطائرات التي قصفت لم تدخل المجال الجوي السوري، بل أغارت عن بعد".

ورأى أنّ موسكو لا تكترث كثيرًا للهجمات التي تحصل في مناطق لا تعمل فيها أو غير قريبة من قاعدتها البحرية في طرطوس. وأضاف: "بحسب وسائل إعلام عربية، فإنّ بعض الأسلحة التي دمّرت في القصف كانت روسية. وفقدان هكذا أسلحة سيؤدّي الى زيادة الطلب على مثلها من روسيا وبالتالي زيادة العائدات إلى موسكو".

وقال المعلّق الإسرائيلي: "كلّ ما سبق لا يعني أنّ إسرائيل تبلغ روسيا بما ستقدم عليه في سوريا مسبقًا". وكان ليبرمان قال إنّ الهجوم لن يؤدّي الى مواجهة مباشرة مع الروس وعلى ما يبدو فإسرائيل تحدّد المناطق ذات أهميّة لروسيا في سوريا قبل أن تقدم على قصف هدفها.

ولفت هرئيل الى أنّ التركيز كان على ما قاله وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان لديبلوماسيين أوروبيين بعد ساعات من الإعتداء على دمشق، إذ شرح أنّ إسرائيل سوف تسعى دائمًا الى حماية المستوطنين، وستمنع أي تهريب للأسلحة متطوّرة وتدمير شاملة من سوريا الى "حزب الله".

وأوضح أنّ هذه هي السياسة نفسها والخطوط الحمراء ذاتها التي وضعت إسرائيل منذ إندلاع الحرب السورية قبل 5 أعوام. وكلام ليبرمان القوي أدّى الى فهم البعض أنّ إسرائيل تبنّت رسميًا القصف، لكنّ الكلام يبدو إشارة مباشرة الى تهريب أسلحة كيماويّة، مع أنّ لا شيء من هذا القبيل ذكر منذ تفكيك الترسانة الكيماوية في سوريا عام 2013.

(هآرتس - لبنان 24)