ظل المشهد السياسي على وتيرته من الجمود اذ لم تظهر واقعياً بعد أي ملامح اختراق فعلي لمأزق تأليف الحكومة بعد شهر كامل من تكليف الرئيس سعد الحريري هذه المهمة
 

حرف حادث الاعتداء على حاجز لواء المشاة العاشر في الجيش في منطقة بقاعصفرين – الضنية ليل أول من أمس والذي أدى الى استشهاد الجندي عامر مصطفى المحمد من بلدة مشتى حسن العكارية واصابة جندي آخر بجروح، الانظار عن رتابة المشهد السياسي المتعثر بتعقيدات تأليف الحكومة والذي تبدو المراوحة سمته الغالبة وسط ملهاة ضرب المواعيد المتعاقبة حتى اشعار آخر. واكتسب هذا الاعتداء دلالات خطرة من حيث الغموض الذي اكتنف ظروفه وملابساته اذ لم تتبين بعد مرور اكثر من 24 ساعة على حصوله أي ملامح يمكن ان تدل على هوية المسلحين الذين نفذوا الاعتداء على الحاجز ولا دوافعهم. واذا كانت الشبهة التلقائية اتجهت نحو احتمال ان يكون الحادث من تدبير وتنفيذ مجموعة ارهابية، فان بعض المعلومات التي تحدثت عن احتمال وجود دافع انتقامي من عمليات دهم ذكر ان اللواء العاشر قام بها في بعض نواحي المنطقة جعل الجزم بالهوية المفترضة للمسلحين عرضة للتشكيك. كما ان بعض المعطيات المتوافرة عن الحادث افادت أن الاعتداء نفّذ من اماكن قريبة من الحاجز ولم تمر سيارات نقلت المعتدين أمام الحاجز فيما نجح المعتدون في الفرار والتواري ولم تتمكن وحدات الجيش حتى ليل أمس من تحديد مكان اختبائهم وتوقيفهم.
في غضون ذلك، ظل المشهد السياسي على وتيرته من الجمود اذ لم تظهر واقعياً بعد أي ملامح اختراق فعلي لمأزق تأليف الحكومة بعد شهر كامل من تكليف الرئيس سعد الحريري هذه المهمة. واعرب مطلعون على الاتصالات الجارية في هذا الصدد لـ"النهار" عن تنامي الريبة لدى مراجع معنية بعملية التأليف حيال لعبة استنزاف الوقت التي بدأت تتخذ دلالات تتجاوز ملف الحقائب الى لعبة عض على الاصابع علما ان احدا لا تفوته معرفة ما يمكن ان يتركه التأخير المتمادي من تداعيات على استحقاق الانتخابات النيابية والتوافق على قانون انتخاب جديد اذا مرت الاسابيع المتبقية عن نهاية السنة الجارية من دون تشكيل الحكومة.
بيد ان جهات سياسية مواكبة للمساعي الجارية لتذليل العقبات عولت على إطلالة مرتقبة للامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله وتوقعت ان تعطي دفعا قويا لتشكيل الحكومة في فترة قريبة تراوح بين نهاية الاسبوع الجاري وموعد لا يتجاوز الـ 20 من كانون الاول الجاري اي قبل عيد الميلاد. ورأت هذه الجهات ان هناك منحى جديدا بدأ يتبلور مما سمح للجهات التي تصلبت في وقت سابق بالعودة الى التعامل بإيجابية مع المقترحات المتداولة بعيداً من الرسائل المتشددة التي وجهتها هذه الجهات في وقت سابق.

لقاء "بيت الوسط"
وفي سياق متصل، علمت "النهار" ان اللقاء الذي جمع مساء أول من أمس في "بيت الوسط" الرئيس الحريري ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع تطرق الى اربعة ملفات:
الاول: الادارة التي يعتمدها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للقضايا المطروحة والتي تنطلق من تمسكه بالدستور بإعتباره المعيار الذي يجب إعتماده مما أقتضى تنويهاً مشتركاً من الحريري وجعجع اللذيّن أشادا بحكمة الرئيس عون التي إنعكست إيجاباً على أوضاع لبنان إقتصادياً ومعيشياً على ان تتعزز هذه الاوضاع مع تشكيل الحكومة.
الثاني: الاسباب والخلفيات التي تسببت بتعطيل تأليف الحكومة والجهود المبذولة للتغلب على العراقيل التي حالت دون ولادة الحكومة. ووصف الجانبان هذه العراقيل بإنها ذات طابع سياسي يتجاوز الحقائب والحصص.
الثالث: قانون الانتخاب وقد شدد الجانبان على ان هذا القانون يشكّل حاجة ضرورية ورافعة أساسية للعهد ولكل القوى السياسية. وتالياً يجب الذهاب الى إقرار قانون جديد إنطلاقا من إقتراح القانون المختلط الذي سبق ل"القوات اللبنانية" والمستقبل" والحزب التقدمي الاشتراكي ان قدمته ليكون ضمن الحوار المرتقب على هذا الصعيد.
الرابع: عرض الجانبان التطورات الداخلية والخارجية وتوقفا عند أحداث سوريا وخصوصاً في حلب ونتائج الانتخابات الاميركية ومدى إنعكاسها على لبنان.
وأفادت معلومات لـ"النهار" ان "القوات " التي بدأت تردد انها مستعدة للتخلي عن حقيبة الأشغال مقابل اعادة اعطائها حقيبة سيادية ليست مستعدة لتقديم مزيد من التنازلات ما لم يعرض عليها بديل كما انها تتمسك برفض الابتزاز أو محاولة حشرها في ملف قانون الانتخاب واتهامها مع بعض حلفائها بالعمل على تكريس قانون الستين. وفي هذا السياق ردت "القوات " في بيان أمس على كل من يلمح الى عدم معارضتها لقانون الستين ووصفت هذه الاتهامات بأنها "التلفيقات" مشددة على انها تعتبر "معركة قانون الانتخاب أم المعارك" وأكدت تالياً تمسكها باقتراح القانون المختلط الذي قدمته مع "تيار المستقبل" والحزب التقدمي الاشتراكي ورفض العودة الى قانون الستين.
وفي الجانب الآخر من المأزق لم يحرز أي تقدم على خط معالجة الحقيبة الوزارية لـ"تيار المردة " والمساعي الجارية لتسوية هذه العقدة. وأفادت معلومات ان "حزب الله " أبلغ أخيراً وزير الخارجية جبران باسيل انه بعد موقفي الرئيس نبيه بري والنائب سليمان فرنجية في الانتخابات الرئاسية لا يمكنه الا الاستجابة لما يطالب به رئيس مجلس النواب الذي يفاوض باسم الطائفة الشيعية وباسم النائب فرنجية كما لا يمكن السير بحكومة الا اذا كان كلاهما شريكين ومقررين فيها.