هناك استراتيجية أميركية لترتيب الوضع السياسي في العراقي ما بعد داعش، حيث سيُربط العراق مباشرة بمنظومة الأمن القومي الأميركي تحت عنوان صديق استراتيجي.
 


:

 وسوف يُفرض فيه نظام الحكم الفيدرالي بقرار سيصدر من مجلس الأمن الدولي، وسوف يكون هناك مؤتمر عالمي تحت عنوان "أصدقاء العراق". وبموجب قرار مجلس الأمن الدولي سوف يُقسّم العراق إلى "ثلاث أقاليم شبه منفصلة لا يجوز لها سن القوانين وأعلان الأنفصال، ومرتبطة بالعاصمة بغداد التي سوف تكون بدرجة "إقليم حر" على غرار العاصمة الأميركية واشنطن، وسوف تصبح بعد قرار مجلس الأمن بورصة مال وأعمال برعاية يهودية " المال اليهودي"!!.

وسوف ترتبط الأقاليم الثلاثة ببغداد حيث تتواجد الحكومة المركزية. وهناك عملية دعم لاستمرار الدكتور "حيدر العبادي" مادام هو "مسترYes" بالنسبة للولايات المتحدة وبريطانيا، ومادام  لا يحبذ السفر نحو طهران!!.

ملامح الاستراتيجية الأميركية هي:

أولا: إقليم كردي :

ستكون النواة الأساسية لهذا الإقليم هي " البشمركة"، وسوف لن تكون هناك هيمنة لحزب وحده ولن تكون هناك هيمنة لشخصية وحدها، وسوف يُدار هذا الإقليم من قبل "خمسة أحزاب" رئيسية، بمقدمتها:

1. الحزب الديموقراطي بزعامة برزاني
2. حزب الاتحاد بزعامة طالباني
3. ثلاثة أحزاب أخرى من ضمنها حزب التوجهات الإسلامية.

ثانيا: الإقليم السني:

سوف يُدار من قبل عدة أحزاب "سنية" ولن يُدار من قبل حزب واحد أو من قبل جماعة واحدة وفي نفس الوقت لن يُسمح بتأسيس " أقاليم ضيقة في الموصل والرمادي وغيرها". وسوف يسمح لبعض الدول "السنية" بدعم محافظات معينة دون غيرها في "الإقليم السني" لكي لا تستحوذ دولة سنية معينة على القرار السني وتخلق مشكلة طائفية ومناطقية وسياسية في العراق فتمّ التوزيع بالنسبة للدعم "التجاري والسياسي والاقتصادي" 
كما يلي:

1. بالنسبة لمنطقة الأنبار "المحافظة وضواحيها" :
سوف يكون فيها نفوذ سعودي كبير
"تجاري واقتصادي وسياسي تراقبه واشنطن" لمنع خلق بؤرة وهابية في الرمادي أو تأسيس خلايا متطرفة.

2. بالنسبة لمنطقة الموصل "المحافظة وضواحيها" : 
سوف يكون هناك نفوذ تركي كبير "سياسي واقتصادي وتجاري وأمني". مع عدم جواز انسلاخ الموصل نحو تركيا لأن هناك قرار من مجلس الأمن الدولي وفيه بنود قاسية على الدول السنية التي سيسمح لها بالتدخل والدعم كي لا تفكر بضم تلك المناطق إلى نفوذها ويبقى القرار  قرار بغداد "الحكومة المركزية"!!.

3. بالنسبة إلى "صلاح الدين، وديالى، وحزام بغداد، وكركوك" : 
سوف يكون النفوذ " تركي سعودي" للدعم الاقتصادي والتجاري والإعمار برعاية أميركية وفرنسية تحديدا!! وهو الموضوع الذي أقلق إيران فذهبت للتحالف مع تنظيم الإخوان المسلمين "الحزب الأسلامي" في العراق، وإجبار رئيس البرلمان سليم الجبوري "ابن ديالى وزعيم تنظيم الإخوان في العراق " بأن يتحالف مع طهران مقابل حمايته الشخصية والسياسية والديموغرافية وضمان مستقبله السياسي.

خطة تأهيل "الإقليم السني" ضد الإستراتيجية الأميركية:

سوف يكون الإقليم السني مستقرًا من الناحية السياسية والاقتصادية والأمنية، حيث سيكون فيه الإعمار بسرعة كبيرة جدا. وسوف تكون الديموغرافية الغنية بالقواعد الأميركية والتي من صلب واجبها "منع النزاعات القبلية والعشائرية والسياسية". وهناك خطة جاهزة لدعم الإقليم السني عسكريا واقتصاديا وسياسيا.

ولقد تأسست بتاريخ 26/5/2016 في العاصمة السعودية الرياض "منظومة أعمار المحافظات السنية العراقية" وبمشاركة دولية كبيرة، حيث ستشترك في إعمار المحافظات السنية "شركة جنرال الكتريك الأميركية" وشركات غربية وستباشر حال الانتهاء من معركة داعش في العراق.

 من المؤكد أن الأجهزة المختصة في العراق لا تدري ولم تتابع، لأن المؤسسات المختصة الاستخبارية  والمخابراتية تعمل من أجل البقاء وسط فوضى المحاصصة وغزو الجهلة ومافيا الفساد، وبالأحرى لا يوجد مؤسسات ترصد وتحلّل حول المستقبل العراقي ومايدور في المطابخ السياسية العربية والإقليمية والدولية حول العراق !!! 

ولقد حددت منظومة إعمار المحافظات السنية العراقي في الرياض جدولا كاملا للشروع في "الإعمار" ويختلف تمامًا عن الدعم التجاري والاقتصادي والسياسي. لأن هذه المنظومة أخذت على عاتقها موضوع الإعمار وسوف يكون كما يلي:

1. الأنبار وضواحيها: سوف يكون الإعمار فيها من حصة السعودية والإمارات حصريا.
2. نينوى وضواحيها : سوف يكون الإعمار فيها من حصة تركيا ودولة قطر حصريا.
3. صلاح الدين وضواحيها : سوف يكون الإعمار من حصة الإمارات، وقطر، والكويت حصريا؛ وهنا الكويت تحاول إزالة ما علق في صدور أهالي تكريت ضدها.
4. ديالى وضواحيها : سوف يكون الإعمار فيها من حصة الإمارات، وقطر، والكويت.

ثالثا : الإقليم الشيعي:

 بالنسبة للإقليم الشيعي سوف يكون النفوذ الإيراني فيه قوي جدا، وسوف يكون غير مستقر أمنيا. وهناك فرضية موجودة في الإستراتيجية الأميركية المشار إليها في هذا المقال بأنه سوف "يحدث صراع بين الأحزاب الشيعية على السلطة". 

حيث أن هناك أكثر من "55 فصيل مسلح" وكل فصيل سيقول أنا قاتلت ضد داعش وخسرت وضحيت ويجب أن أحصل على نفوذ وأحصل على مناصب، وبالتالي وحسب الإستراتيجية الأميركية سوف تكون هناك مواجهات وتصفيات كبيرة بالأسلحة الكاتمة للصوت، وبالتالي سوف يكون الوضع غير مستقر أمنيا.

سوف تحدث انقسامات داخل الإقليم الشيعي:

 أولا:
فصائل وأحزاب وحركات سوف تتبع مرجعية" النجف" والسيد السيستاني.

ثانيا:
فصائل وأحزاب وحركات سوف تتبع مرجعية "قم" والسيد الخامنئي.

ثالثا: 
وسوف تتشكل جبهة لا مع "أولا" ولا مع " ثانيا" وهؤلاء سوف ينجذب لهم عمار الحكيم، والسيد مقتدى الصدر، والسيد الصرخي؛ وهؤلاء جميعا يمتلكون نفوذًا سياسيًا، وفصائل عسكرية مختلفة ومدربة، ويمتلكون أسلحة مختلفة ومناطق جغرافية. باستثناء الصرخي الذي لا يمتلك إلا مناصريه، ومقلديه! والصرخي ليس لديه جيش لكن لديه مجاميع مستميتة من أجله "فدائيين" حسب القراءة الأميركية لما بعد داعش.

والنتيجة:

أولا: ــ  سوف يستمر الصراع  الإعلامي والشعبي بين الجبهة في "أولا" والتي توالي مرجعية النجف والسيد السيستاني، وبين الجبهة في "ثانيا" والتي توالي مرجعية قم والسيد الخامنئي
ثانيا: ــ  سوف ينتقل الصراع إلى "صراع مسلح" هنا وهناك بين الجبهتين.
ثالثا: ــ سوف يكون الصراع عسكريا يقود لحرب شرسة ومؤذية.

ومن هنا يبرز السؤال الكبير والمرعب وهو :

 هل سيدخل جسر "بزيبز" التاريخ السياسي والعسكري مرة أخرى حيث يهاجر منه الشيعة نحو المحافظات السنية "الإقليم السني"؟

فالولايات المتحدة ليست غبية عندما تركت "100 مليشيا غير رسمية" بشهادة الدكتور العبادي تجول وتصول في  بغداد والعراق. وليست غبية عندما تركت أكثر من "55 فصيل مسلح" على علاقة بإيران ماليا وعسكريا وسياسيا وعقائديا يصول ويجول. وبعدها انتقل قسم منها للتعاون مع روسيا مباشرة ( كل هذا تعرفه  واشنطن).
 وليست غبية عندما غضّت بصرها عن السلاح الفتاك وبمختلف الأنواع والأشكال والمديات الذي انتشر في القرى والقصبات والمدن والمحافظات الشيعية، بحيث باتت بعض القبائل تمتلك كل شيء باستثناء الطائرات، هنا أسست واشنطن لأفغانستان في الإقليم الشيعي من وراء ظهر الحكومة المركزية والحكومات المحلية الفاشلة!! وسوف تصبح لدينا سلسلة من المدن التي ستفوق قندهار الأفغانية!!
وهنا الفرق حيث أن الساسة في العراق يخططون ليوم واحد، ويخططون للنهب والسلب وكيفية الفوز بالانتخابات والبقاء في الخضراء وفي الصدارة ..الخ. والساسة في أميركا يخططون لـ 100 سنة مقبلة.
 وأميركا تعرف أن عملية اشتعال "الشارع الشيعي" أسهل بكثير من عملية أشتعال "الشارع السني"، خصوصا بعد تورّط رجال الدين ورجال السياسة بجريمة إغراق الشيعة في الجهل، والأمية، فباتت المنطقة الشيعية خصبة جدا للشروع في المرحلة القندهارية الأفغانية!!

فالحرب قادمة لا محال في الإقليم "الشيعي" مقابل استقرار وأمان في "الإقليم السني" وفي "الإقليم الكردي" وسوف تكون في الإقليمين ثورة اقتصادية وتنموية، وأن ما حصل بالضد من المدن السنية هو عندما سقط "السنة" في الفخ الأميركي من أجل كسر ثقافتهم السياسية على أن الحكم لهم، فجاء داعش لكسر إرادتهم وتطويعهم وتغيير طريقة تفكيرهم لكي يقبلوا بجميع الحلول التي تقررها واشنطن وهذا ما حصل بالضبط.

الخلاصة: 

1. إرسال محققين دوليين للعراق للتحقيق في ملفات الفساد لكي تنهي حضور وتواجد وتأثير كثير من الزعامات الشيعية التي تمتلك نفوذ ومليشيات وأموال..الخ، وكذلك إنهاء المستقبل السياسي لبعض الزعامات السنية والكردية المؤثرة والتي سوف تعيق تطبيق الإستراتيجية الأميركية الجديدة.

2.  وكذلك ذهبت واشنطن عبر سفارتها في بغداد لإعطاء رئيس الحكومة حيدر العبادي جرعات مشجعة ليمضي في سياسة جديدة وشجاعة، واتخاذ قرارات جديدة وشجاعة أيضا، دون المرور على رغبة الكتل وحزب الدعوة.

3. ذهبت واشنطن لدعم "شرائح شبابية، ووطنية، ونسائية، ووجوه قديمة جديدة" لكي تستمر في التصعيد ضد الفساد والفاسدين، والتصعيد في شعارات التغيير والإصلاح، وشعارات الدولة المدنية.

4. احتمال كبير ستلجأ واشنطن إلى نشر قائمة حظر بحق بعض الفصائل المسلحة وبعض السياسيين والزعماء العراقيين.