قبل ساعات قليلة، توجهت الأنظار في العالم إلى الولايات المتحدة الأميركية، حيث الإنتخابات الرئاسية في الدولة التي تملك التأثير الأكبر في الكرة الأرضية، وسط تسجيل الكثير من الأمور اللافتة في السباق إلى البيت الأبيض، بين المرشحين عن الحزب  "الجمهوري" دونالد ترامب و"الديمقراطي" هيلاري كلينتون.
فمنذ عام 1840 وحتى 2016 أثبتت شعارات المرشحين للإنتخابات الرئاسية الأميركية أهميتها في تحريك مشاعر الناخبين وتوجيه أصواتهم، خاصة إذا كانت تجمع بين الواقع والمستقبل، فتعبر عن الشعب بشكل بسيط وجذاب وفي نفس الوقت تحمل قيمة معينة لرؤية المرشح ومؤيديه للمجتمع الذي يريدونه.
فشعار حملة ترامب يقول "لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى"، بينما إختارت كلينتون شعارات "أنا معها- أقوى معًا"، التي لم تكترث بأهمية شعارها الإنتخابي، بقدر إهتمامها بإنتقاد شعار ترامب، بقولها:"كما تعلمون فإن الشعارات تأتي وتذهب".
ولكن عشية "الثلاثاء الكبير" في الولايات المتحدة الأميركية، أطلقت كل من المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون "أميركا للجميع"، والمرشح الجمهوري دونالد ترامب "أميركا اولًا"، يخال للمرء أن هذه الإنتخابات لا تجري في أميركا بل في لبنان، هي الشعارات نفسها تُستخدم، مع فارق أن الشعب الأميركي هو من يختار الرئيس، وهو الذي يتأثر كثيرًا بالشعارات وبالحملات الإنتخابية، وهو الذي يقرّر في النهاية، أما في لبنان فالشعارات تبقى شعارات من دون أن يكون لمضمونها تأثير مباشر على من سيكون الرئيس، هنا شعب يراقب فقط فيما تغيب المحاسبة غير المقدّرة له من خلال قوانين إنتخابات لا تتيح له التعبير عما يريده عكس ما يحصل في دولة عظمى كأميركا اليوم.
وهنا بين شعار كلينتون "أميركا للجميع" وشعار ترامب "أميركا أولًا" تعود بنا الذاكرة إلى شعارات 8 و14 آذار، فأتى "الجنرال" المحسوب على الفئة الأولى بدعم من أكبر قوتين في الفئة الثانية، أي الرئيس سعد الحريري ورئيس حزب "القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع، فيما وقف الرئيس نبيه بري والنائب سليمان فرنجية، وهما من قوى 8 آذار في وجه حليف حليفهما الأقوى في هذه القوى، فأصبح "بي الكل"، بما يعادل شعار "لبنان للجميع"، على أمل أن تتلاشى كل الخيارات والشعارات الأخرى ليبقى "لبنان أولًا" شعارًا للجميع.
فما بين أميركا ولبنان وحدة شعارات وكثرة وعود، تبقى الترجمة رهن الظروف والإمكانات، وما بين إمكانات لبنان وإمكانات أميركا فرق شاسع، وهذا الفرق يجعل من هذا البلد الصغير المثقل بالمشاكل المتراكمة مغلوبًا على أمره، فيما يجعل هذا الفرق أميركا تقود العالم.