قبل أشهر من انتهاء الفراغ الرئاسي في لبنان٬ الذي استمر أكثر من عامين ونصف العام٬ أعلن وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق٬ أن «انتخاب الرئيس سيتم قبل
نهاية العام الحالي». وردد هذا التوقع في معظم خطاباته وتصريحاته٬ وأمام السفراء العرب والأجانب. تصريح أصر عليه المشنوق٬ فيما اعتبره كثيرون تفاؤلا زائدا في
ظل واقع قاتم٬ أو أنه على طريقة «تفاءلوا بالخير تجدوه». لكن المشنوق كان يستند إلى حصيلة ضخمة من المعلومات وتبادل الآراء في الداخل والخارج٬ وعلى شبكة
كبيرة من العمل والجهد السياسي. وكان مفاجئا لمعظم اللبنانيين أن ما وعد به المشنوق قد حصل بالفعل في 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي٬ قبل شهرين من نهاية
العام. وها هو لبنان قد «استعاد نصابه الدستوري». ولا يخفي نهاد المشنوق دوره في دعم مبادرة رئيس تيار المستقبل٬ الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري٬
لإنهاء الفراغ الرئاسي٬ وقال في حوار مع «الشرق الأوسط» إن لبنان كان محتاجا لعملية «إنقاذ» وأشار إلى أن الرئيس الجديد ميشال عون ملتزم بحياد لبنان٬ وباتفاق
الطائف٬ وأكد وجود فرق كبير بين عون زعيم التيار وعون الرئيس لكل اللبنانيين.

* كنت أول المبشرين بإنهاء الفراغ الرئاسي قبل نهاية العام الحالي٬ هل كان لك دور في كواليس الاتفاق بين الرئيسين عون والحريري؟

­ أنا صاحب رأي ولست صاحب قرار٬ لكنني كنت من أكبر الداعمين لمبادرة الرئيس الحريري إلى العمل على اكتمال النصاب الدستوري؛ وذلك نظ ًرا للمعطيات
السياسية والاقتصادية التي أملكها٬ إضافة إلى مرورنا في واحدة من أصعب الأزمات النقدية. وكنت أعلنتها قبل عام بالتمام والكمال٬ وحينها برزت ردود فعل كبيرة. لكن
بفضل شجاعة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة٬ وهندسته المالية المبدعة٬ رغم اختلاف كثيرين معه٬ استطعنا تجاوز تلك الأزمة. فلبنان كان ولا يزال في حاجة إلى
عملية إنقاذ حقيقية. فوجدنا أنفسنا في موقع الاختيار بين مرشحين٬ الأول هو الجنرال ميشال عون٬ والمرشح الثاني هو استمرار الفراغ٬ على حد تعبير الرئيس
الحريري. لكن مخاطر الفراغ في ظل حساسية تكوين النسيج اللبناني كانت مصدر خوف وقلق لدينا٬ فكانت مبادرة الرئيس الحريري.

* هذه المبادرة «الإنقاذية» أوصلت مرشح «حزب الله» إلى قصر بعبدا وترافقت مع معارضة حادة من بعض نواب كتلة المستقبل وكوادر في قوى 14 آذار. فراح
بعضهم بعيًدا إلى حد وصف المبادرة بأنها «تسليم لبنان إلى المحور الإيراني» و«هزيمة لتيار المستقبل»٬ فما رأيك؟

­ لا يوجد انتصار أو هزيمة لأي تيار سياسي٬ في السياسة لا يوجد انتصارات أو هزائم في مثل هذه القضايا. الانتصار الحقيقي هو للبنان كدولة استعادت نصابها
الدستوري٬ أما تيار المستقبل فهدفه الأساسي كان ولا يزال وسيظل هو الحفاظ على لبنان وعلى وحدته وسيادته٬ ونظامه الدستوري واتفاق الطائف٬ ووصولنا إلى
التوازن داخل المؤسسات الدستورية هو انتصار لمشروعنا.

نحن نعرف أن السياسة الإيرانية لم ولن تكون جز ًءا من الاستقرار؛ فالسياسة الإيرانية في المنطقة «مبتكرة» في تحقيق عدم الاستقرار والدفع نحو الانقسامات بين
الشعوب التي تعمل داخل دولها٬ وهذا ما نشهده في سوريا واليمن والعراق وسوريا. هذا تماما على عكس السياسة السعودية التي تعتبر جز ًءا من الاستقرار في معظم
الدول التي تحتاج إلى دعمها. وحيث تكون المملكة العربية السعودية حاضرة نجد مشروع استقرار ومسعى للإجماع. في هذا السياق٬ كانت زيارة الموفد السعودي
الوزير ثامر السبهان أكبر دليل على اهتمام المملكة العربية السعودية بالحفاظ على الاستقرار في لبنان. فقد اجتمع الوزير السبهان مع عشرات الشخصيات السياسية في
لبنان قبل الاستحقاق الرئاسي٬ واجتمع بهم٬ ولم يسمع أحد منه كلاما خارج سياق الدولة ولّم الشمل. وهو قام بمشاورات موسعة نجحت في التأسيس لعودة العلاقات
اللبنانية – السعودية إلى طبيعتها السابقة.

* وماذا عن الاتهامات بأن «14 آذار» تخلى عن مبادئه؟

­ هذا غير صحيح. لنتذكر أن 14 آذار هي فكرة أولا. والرئيس الحريري عمل على تكريس هذه الفكرة من خلال مبادرته. فهو يملك شجاعة الإقدام على التسوية. هو لم
يرشح النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية٬ ثم العماد ميشال عون٬ ليكون داع ًما للسياسة الإيرانية٬ إنما من أجل السعي إلى قيام دولة. ولأن مشروع 14 آذار هو
قيام الدولة٬ فإن انتخاب رئيس٬ أيا كان٬ يحد من الفوضى ويمنع التخريب ويوقف سياسات الانقسام بين اللبنانيين. هكذا٬ فإذا كانت فكرة 14 آذار هي قيام الدولة٬ فقد جاء
انتخاب عون جزءا من قيام الدولة٬ وهذا ما لا تريده السياسات الإيرانية لا في لبنان ولا في الدول العربية الأخرى رغم كل التصريحات اللاحقة لانتخاب الرئيس.

* شهدنا ترحيًبا بخطاب القسم الذي وصفه الجميع بالإيجابي فهل سيستطيع عون لعب دور الرئيس الجامع؟ خصو ًصا أنه الحليف لـ«حزب الله» الذي دخل في الصراع
المذهبي في سوريا والعراق واليمن؟

ا لا ُيفتى والجنرال عون في الرابية٬ أقول اليوم٬ لا ُيفتى والرئيس عون في بعبدا. وهذا ليس من باب الحماسة أو المحبة٬ بل لأن للجنرال تاريخا مخالفا

­ كما قلت سابقً

للواقع الحالي٬ وهناك جانب مسكوت عنه في تاريخه السياسي وفي شخصيته الحقيقية. علينا ألا ننسى أنه كان أحد أبرز المقاتلين في سبيل استقلال لبنان من الوصاية
السورية. أهم ميزة في الرئيس عون أنه أتى إلى الرئاسة وزعامته المسيحية معه٬ وبالتالي لن يكون كما الرؤساء السابقين الذين سعوا لاكتساب شعبية مسيحية خلال
وجودهم في السلطة. هو ليس في حاجة إلى اتخاذ مواقف شعبوية لزيادة شعبيته في الوسط المسيحي. والدليل الأبرز هو خطاب القسم٬ الذي تميز بثلاثة عناصر رئيسية٬
الأول التأكيد على الالتزام بقرارات جامعة الدول العربية٬ خصوصا في البند الثامن الذي ينص على عدم السماح لأي دولة عربية بالتدخل في شؤون أي دولة أخرى٬
والعنصر الثاني هو الالتزام بالقرارات الدولية٬ أما العنصر الثالث فهو الالتزام باتفاق الطائف٬ والدعوة إلى تنفيذه دون انتقائية. فلو أعلن أي رئيس مسيحي آخر٬ لا
يملك شعبية الرئيس عون٬ لو أعلن التزامه ب«الطائف»٬ لكان سيتلقى الكثير من الانتقادات٬ بينما عندما قالها عون تبناها الجميع وأثنوا عليها٬ كما لو أنها موقف
المسيحيين٬ لكن في الحقيقة هذا القرار ليس موقفا مسيحيا شعبيا٬ بل هو موقف متوازن مسؤول يجتمع عليه اللبنانيون. فعون الذي اتهِ َم بأنه يسعى إلى الفيدرالية ويقف
ا لكل الاتهامات السابقة.

بوجه عروبة لبنان٬ إضافة إلى اتهامه بالسعي لإقامة نظام جديد بديل عن اتفاق الطائف٬ عند وصوله إلى موقع المسؤولية٬ كان خطابه مخالفً

وبدا نقطة لقاء والتقاء لبنانية لجميع القوى. حتى معارضوه وصفوا خطاب القسم بأنه ممتاز.

* وماذا عن التزام الرئيس ميشال عون بورقة تفاهم مع «حزب الله»؟

­ ورقة التفاهم هي التزام وقعه التيار الوطني الحر مع «حزب الله»٬ وليست ورقة تفاهم بين رئيس الجمهورية ميشال عون وبين «حزب الله». اليوم ميشال عون هو
رئيس للجمهورية اللبنانية٬ وليس رئيس حزب. وبالتالي دوره أن يسعى للجمع بين اللبنانيين وليس التفريق بينهم. وعلينا أن نفرق من اليوم وصاعدا بين الجنرال ميشال
عون٬ وبين الرئيس ميشال عون.

* سمير جعجع صرح أكثر من مرة بأن الاستحقاق الرئاسي وللمرة الأولى هو لبناني٬ في حين شهدنا حراكا دوليا وإقليميا للرئيس سعد الحريري قبل إعلانه تأييد ترشيح
عون للرئاسة٬ فهل للدول الإقليمية والدولية دور في إنهاء الفراغ الرئاسي؟

­ حراك الرئيس الحريري كان لتسويق فكرة انتخاب عون٬ والحصول على ضمانات بألا ُيترك لبنان وحيًدا إن تم انتخابه. وقد لاقى الحريري تجاوًبا كبي ًرا في فرنسا
وروسيا٬ مع وعود في المجالين الاقتصادي والسياسي بالحشد لدعم دولي. وبالطبع السعودية جزء من هذا الدعم٬ تمثل ذلك في اتصال أجراه خادم الحرمين الشريفين٬
جلالة الملك سلمان بن عبد العزيز٬ لتهنئة الرئيس عون. وقبلها زيارة الوزير السبهان قبيل الانتخابات بيومين. وهو دليل قبول بما اتفقت عليه الأحزاب الرئيسية في
لبنان؛ لأن السعودية حريصة دو ًما على استقرار لبنان وسلامته. وأتوقع أن تشهد العلاقة اللبنانية – السعودية تطو ًرا كبي ًرا؛ فالجميع باتوا مدعوين إلى تشجيع الرئيس
عون لتطبيق ما جاء في خطاب القسم. أما الفرنسيون فقد وعدوا بأن يعملوا على مؤتمر «باريس – 4 «لدعم لبنان٬ خلال أشهر قليلة.

* في العام الأخير شهدنا توترا للعلاقات بين لبنان ودول الخليج٬ وذلك بعد سلسلة مواقف اتخذها الوزير جبران باسيل في جامعة الدول العربية٬ فهل وصول عون إلى
الرئاسة سيرمم هذه العلاقات٬ أم أن ورقة التفاهم مع «حزب الله» هي التي ستدير علاقات لبنان مع الخارج؟

­ أفضل عدم العودة إلى الوراء.. موقف باسيل جاء حينها في ظل فراغ رئاسي٬ وخلاف حاد داخل الحكومة حول موقفه٬ وقد تصادمت معه بسبب كلامه في ذلك الوقت.
أما اليوم٬ ومع وجود رئيس للجمهورية ورئيس للحكومة٬ هما سيكونان ضابطين لإيقاع السياسة الخارجية التي ينتهجها لبنان كدولة. وهي لا يمكن أن تكون من خارج
نص خطاب القسم٬ وهو ملزم للرئيس. وعمليا الرئيس عون أجاب على سؤال ِك في البند الذي تحدث عن حياد لبنان٬ والتزامه بـ«الطائف» وعدم التدخل في شؤون
الدول العربية الأخرى. هذه هي سياسة لبنان الخارجية في العهد الجديد.

* الخارجية الأميركية رحبت بإنهاء الفراغ الرئاسي بحذر٬ وذكرت بقراراتها ضد «حزب الله» كمنظمة إرهابية٬ واضعة العهد الجديد في فترة امتحان للحكم عليه٬ فهل
سينجح هذا العهد بالحفاظ على علاقات لبنان بالمجتمع الدولي؟

­ موقف الخارجية الأميركية من انتخاب الرئيس عون لا أرى فيه أي جديد أو غير تقليدي. الاستثناء الوحيد هو الترحيب٬ رغم كل الاتهامات التي وجهت إلى الرئيس
عون. فالدبلوماسية الأميركية تعرف أن الرئيس عون هو غير الجنرال عون٬ والدليل مرة أخرى خطابه. أما التذكير بموقفها تجاه «حزب الله» كمنظمة إرهابية فهو
تذكير تقليدي في السياسة الخارجية الأميركية. ولبنان لا يستطيع أن يوافق المجتمع الدولي على اتهام مجموعة لبنانية كاملة٬ لها فريق سياسي لبناني كامل٬ ومنتخب٬
كمنظمة إرهابية.

* تحدث الرئيس الحريري في خطابه عن ضمانات واتفاق لتحييد لبنان عن الأزمات الإقليمية٬ وخصو ًصا السورية٬ فكيف سيترجم هذا التحييد٬ خصو ًصا أننا شهدنا
اتصال تهنئة من رئيس النظام السوري إلى الرئيس عون؟

­ الحرب السورية أحرقت كل القوى الدولية التي دخلت فيها٬ من إيران وروسيا وأميركا و«حزب الله». فور دخولهم البازار السوري تعرضوا لحسومات فورية على
أحجامهم وأدوارهم. لا يوجد قوة بقيت على حجمها. أو تأثيرها. وحياد لبنان اختصره الرئيس الحريري بقوله إنه عندما يقرر الشعب السوري شكل نظامه٬ حينها
سنتعامل معه. أما اتصال التهنئة الذي تلقاه الرئيس عون من الرئيس (النظام) السوري السابق بشار الأسد٬ فهو بروتوكولي لا يؤسس لأي علاقة في المستقبل٬ ولا لأي
تطور دراماتيكي لصالح النظام السوري في لبنان. هذا لن يحصل لأنه موضع خلاف شديد وحاد بين اللبنانيين٬ ورئيس الجمهورية مهمته وطبيعته٬ وما أعلن عنه٬ هو
أنه سيعمل وفق سياسة يتفق عليها اللبنانيون. ولنكن صادقين وواعين أن تحييد لبنان ليس قرا ًرا داخلًيا وحسب. فهذا «النعيم» الذي نعيش فيه اليوم سببه قرار كل القوى
الدولية بحفظ لبنان وتحييده.

* هناك أشياء كثيرة في لبنان تؤثر في استقراره مثل اللاجئين كيف سيمكن تجاوزها؟

­ جزء كبير من الاستقرار اللبناني سببه وجود النازحين السوريين فيه. فالمجتمع الدولي يعمل على إبعاد هذا الكأس المر عنه٬ وتعرض لبنان لأي انهيارات كبيرة سيدفع
النازحين إلى الهجرة ولو عن طريق البحر. وشهدنا حالات كثيرة من الهجرة غير الشرعية إلى الدول الغربية. ولأن المجتمع الدولي حريص على عدم وصول أي
نازح جديد إلى الغرب؛ لذلك يسعى إلى الحفاظ على الاستقرار في لبنان والأردن٬ وتركيا. من جهة أخرى٬ فإن إيران حريصة هي أي ًضا على حياد لبنان واستقراره؛
لأنه أرض إمداد وقاعدة لوجيستية للحرب الإيرانية في سوريا٬ وهو الطريق البري الوحيد المفتوح باتجاه سوريا٬ كي تستمر في أعمالها العدوانية عبر «حزب الله» ضد
الشعوب العربية. لكن على الرغم من أن الحفاظ على استقرار لبنان ينطلق من قواعد سلبية٬ فإن نتائجه إيجابية على لبنان عامة وعلى اللبنانيين.

* هل عادت العلاقة بين الرئيس بري وحركة أمل إلى سابقاتها٬ بعد التوتر الذي أصابها بسبب ترشيح الاتفاق بين عون والحريري؟

­ على الصعيد الشخصي٬ عادت الأمور إلى سابق عهدها٬ والدليل أن بري سمى الحريري في الاستشارات النيابية. أكرر هنا: نحن لا نتخلى عن الرئيس بري. وما فيه
من لبنانية وعروبة ليستا موضع نقاش أو انقسام٬ وبالتالي خيارنا هو التفاهم معه بشكل دائم٬ أما المفاوضات بشأن تشكيل الحكومة فهي مفاوضات عادية وتقليدية٬ وهي
حرب حقائب٬ وليست حرب مبادئ٬ لكن هناك قوة اندفاع نحو تشكيل حكومة بسرعة٬ وأظن أنها ستتشكل في غضون أسابيع قليلة.

وأنا هنا أتفهم موقف بري الذي استاء من حصول الاتفاق بين عون والحريري من دون علمه.. فلو كانت المفاوضات علنية حينها لكانت تحولت إلى اشتباك. فدخول
عشرات القوى السياسية إليها لكانت ستحولها إلى حرب داحس والغبراء٬ والرئيس بري أخذ وقته لكي يثق ويصدق بأن قواعد الاتفاق ليست تفصيلية ولا وزارية ولا
وظائفية٬ بل هي اتفاق عريض يتعلق بسلامة لبنان وتقدمه.

* ما تحديات العهد الجديد؟

­ أهم تحديات العهد الجديد هي تنموية واقتصادية. فهناك امتحان كبير أمام العهد الجديد في مسألة الخدمات التي يحتاج إليها الناس٬ من كهرباء وطرقات ومعالجة أزمة
النفايات التي باتت جز ًءا من هوس اللبنانيين رغم حلها مرحلًيا.

* قرارات تيار المستقبل تأتي دائ ًما بعكس تطلعات قاعدته الشعبية٬ وشهدنا في الانتخابات البلدية تراجعا في طرابلس وبيروت٬ فما هي حسابات تيار المستقبل في اتخاذ
قرارات تؤثر في شعبيته٬ خصو ًصا مع اقتراب مود الانتخابات النيابية؟

­ تراجع شعبية تيار المستقبل لم يكن من أسبابه المبادرات التي أطلقها الرئيس الحريري٬ بل الأصح أن سببها الأساسي كان غياب الرئيس الحريري لسنوات عن لبنان.
ما ترك إحسا ًسا لدى مناصري تيار المستقبل بأنهم متروكون في غرفة الانتظار٬ لا هم مقبلون على تسوية٬ ولا هم ذاهبون على مواجهة.

ما حدث الآن بات واض ًحا: نحن مقبلون على تسوية٬ والثابت أن التسوية تحتاج إلى شجاعة أكبر من المواجهة؛ لأن المواجهة لا تستلزم أكثر من التعبئة الشعبوية
بالكلام الكبير٬ بينما التسوية تحتاج إلى حديث يومي وإقناع يومي ونقاش يومي٬ لكي يتقبلها الناس. وقد رأينا يوم إعلان تكليف الرئيس الحريري تشكيل الحكومة كيف
شهدنا احتفالات عمت المناطق المناصرة لتيار المستقبل. إذا هناك رابط عاطفي وود كبير وواضح بين الرئيس الحريري وبين مناصريه٬ ولديه شعبية حقيقية. ولو
اختلف معه كثيرون في السياسة الود يبقى قائ ًما. والطائفة السنية في لبنان بشكل عام هي من أهل الدولة٬ وخيار أهلها الدائم هو الدولة٬ وعندما تلوح لهم الدولة في أي
مكان ما تراهم يلجأون إليها ويركضون نحوها٬ بأخطائها وسلبياتها٬ وهذا ثابت في تاريخ لبنان.