الجنرال ميشال عون سيكون رئيساً للجمهورية يوم الإثنين، في 31 تشرين الأول، وعلى أبعد تقدير في دورة لاحقة، في حال لم ينسحب رئيس تيار المردة سليمان فرنجية من السباق إلى بعبدا. هذه على الأقل قناعة الرابية، التي وجهت تعليمات إلى ناشطيها وممثليات التيار الوطني الحر في أوروبا للاستعداد لتقبل التهاني بالحدث في مقرات لبنانية رسمية أو شبه رسمية في الخارج.

اليقين العوني لم يعد حكراً على مناصري التيار ومحبي الجنرال، بل بدا قناعة بالنسبة إلى أوساط برلمانيين لبنانيين، بعضهم من المقربين من رئيس مجلس النواب نبيه بري، المعارض الأشرس لوصول عون إلى بعبدا، والذي يزور جنيف حالياً. فأجواء جنيف لا تعكس كثيراً الأجواء السائدة في بيروت حيث الترقب مازال قائماً حول خواتيم جلسة 31 تشرين الأول.

وتوحي أجواء جنيف أن "الجنرال بات سيد قصر بعبدا، حتى ولو لم يسحب فرنجية ترشيحه. وفي هذه الحالة ستذهب الانتخابات إلى دورة ثانية تحسم لمصلحة عون بأكثرية النصف زائداً واحداً، على أساس أن الدورة الأولى لن يحصل منها الجنرال على الأكثرية اللازمة، أي ثلثي عدد نواب المجلس لانتخابه رئيساً. والسبب هو بقاء كتلة بري، بالإضافة إلى من أعلنوا من تيار المستقبل والأطراف الأخرى، على موقفهم المبدئي الرافض انتخاب عون".

لكن يبدو أن الأمور لن تذهب إلى هذا الحد، إذ يسود الاعتقاد في جنيف أن المساعي التي ستجري خلال الساعات المقبلة والاتصالات التي يقوم بها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مع فرنجية ستنتهي إلى سحب فرنجية ترشيحه، وسيتوج ذلك بلقاء ثلاثي يجمع نصرالله وعون وفرنجية.

ومن المعلومات التي رشحت عن الحضور البرلماني اللبناني في جنيف أن انتخاب عون رئيساً بدأ التفاهم عليه منذ أكثر من شهرين، بقناعة مشتركة من رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري وبري، لكن رئيس المجلس كان يفضل التروي بالانتقال إلى مرحلة الترشيح كي "تنضج الطبخة". وهذا يعني التفاهم مع عون على السلة المتكاملة التي طرحها بري. ويبدو أن اخلال الحريري بهذا التفاهم والمسارعة إلى ترشيح عون دفعا بري إلى معارضة انتخاب عون رئيساً.

وتعود الأسباب التي دفعت إلى تغيير الموقف من ترشيح عون منذ أكثر من شهرين إلى التحذيرات التي أطلقتها القطاعات الإقتصادية والمالية في لبنان. ووفق الأوساط المقربة من بري، فإن لبنان "وصل إلى الحد الأخطر بالنسبة إلى وضعه المالي، وأن التهديد بات يواجه العملة الوطنية بشكل جدي، وأن المصرف المركزي اضطر إلى شراء ودائع بالدولار بفوائد عالية لتغطية حاجات السوق. ما دفع معظم معارضي عون إلى القبول به من أجل وضع حد للشغور الرئاسي، واضعين المواقف السياسية من رئيس التيار جانباً". 

ويبدو أن فسحة التفاؤل باجراء الانتخابات هذه المرة قد حظيت بدعم أميركي. وتفسر الأوساط البرلمانية اللبنانية الموجودة في جنيف عدم معارضة السعودية انتخاب عون تعود إلى تمنيات أميركية على الرياض بتسهيل حصول الانتخابات الرئاسية في لبنان وترجمة التفاهمات الداخلية على شخص عون "لأنه يجب وضع حد للفراغ الرئاسي". وقد فسر الموقف الأميركي بهذا الاتجاه كجزء من موقف دولي يصر على تحييد لبنان مهما كلف الأمر عن الحرائق المجاورة.

 

 

دينا أبي صعب