في الوقت الذي توقعت فيه مصادر دبلوماسية في القاهرة لقاءً يجمع قريبا بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ترددت أنباء أمس عن رفض القاهرة قيام الرئيس السوري بشار الأسد بزيارتها، على خلفية رغبة مصر في استعادة الدفء إلى علاقاتها مع السعودية سريعا.
 
ولم تحدد مصادر سياسية لـ“العرب” مكان لقاء بوتين والسيسي، وإن رجحت أن تكون القاهرة محطته المرجحة، كما رفضت التعليق على تسريبات تتعلق بطلب سوري يجمع بين الرئيس السيسي وبشار الأسد، إلا أنها لم تستبعد أن تجرى لقاءات على مستويات الأجهزة الأمنية، وعلى المستوى الشعبي والإعلامي في المدى المنظور.
 
وكان بوتين قد بحث، خلال اتصالات هاتفية عدة أجراها مؤخراً مع السيسي، الوضع في سوريا، وآليات محاربة الإرهاب الدولي، وجدد دعم روسيا لجهود مصر التي تبذلها لحل الأزمة السورية، وشدد على أهمية التوصل إلى تسوية سياسية، بما يساهم في الحفاظ على وحدة الأراضي السورية.
وترى القاهرة أن بعض الدول قد ارتكبت العديد من الأخطاء التي أضرت بمصالح الشعب السوري، ولم تخدمها على الإطلاق، ما أدى إلى تقوية شوكة الجماعات الإرهابية داخل الأراضي السورية، وهو ما خلق وضعا كارثيا هناك، ولم يحقق للشعب سوى الخراب والدمار والتشريد.
 
ورداً على ما رددته بعض الوسائل الإعلامية أمس، بأن دمشق طلبت من القاهرة أن يقوم الرئيس بشار الأسد بزيارة للقاهرة، لإجراء محادثات مع الرئيس عبدالفتاح السيسي، استبعدت مصادر مصرية أن تكون القاهرة قد وافقت على طلب كهذا، وإن لم تستبعد أن تكون سوريا قد تقدمت بالطلب فعلا.
 
وكان اللواء علي المملوك، رئيس جهاز الأمن الوطني السوري، زار القاهرة الأسبوع الماضي، والتقى مسؤولين أمنيين على مستوى رفيع، وقال مراقبون إن المملوك تقدم بطلب زيارة بشار للقاهرة خلال هذه الزيارة.
 
ولاحظ متابعون في حينه، أن وسائل الإعلام السورية سارعت إلى إذاعة خبر زيارة المملوك لمصر، على غير العادة، وهو ما فُسر بأنه رغبة من النظام السوري في إحراج النظام المصري، ما قد يدلل على رفض القاهرة طلبات تقدمت بها دمشق، بينها طلب زيارة الأسد مصر.
 
وأوضحت مصادر مصرية لـ”العرب” أن القاهرة لا ترغب في استقبال الأسد الآن، لعدم توسيع الفجوة بين مصر ودول الخليج، أو تأجيج الأزمة التي شهدتها العلاقات بين القاهرة والرياض.
 
وقال مراقبون إن الاتجاه الواضح حالياً لدى القاهرة هو الإبقاء على تعاملها مع الملف السوري دون إدخال تغييرات جوهرية، حرصاً على علاقاتها الخليجية، ولعدم إثارة مشكلات جديدة، خاصة أن النظام المصري لا تنقصه الأزمات في الوقت الراهن.
 
وشهدت العاصمة المصرية مساء السبت، عودة السفير السعودي أحمد بن عبدالعزيز قطان إليها، وهو ما رأت فيه مصادر دبلوماسية إشارة جيدة من البلدين لإعادة الدفء إلى علاقاتهما.
 
وعقد السفير السعودي لقاء الليلة الماضية (الأحد) في سفارة السعودية بالقاهرة، حيث جمع عددا كبيرا من المثقفين المصريين والأدباء والمفكرين، في محاولة لرأب صدع الخلافات، عقب تصويت مصر للقرار الروسي في مجلس الأمن حول سوريا.
 
ولفت متابعون إلى أن القاهرة يصعب أن تغامر بقبول زيارة الأسد لأراضيها الآن، لأن ذلك قد يتم تفسيره بأنه سعي من جانب القاهرة للتقارب مع طهران، الحليف القوي للأسد، الأمر الذي من شأنه أن يزيد التوتر على مستوى العلاقات مع الخليج.
 
كما أن مصر أكدت أكثر من مرة في الآونة الأخيرة، رغبتها في الحفاظ على مسارات متوازنة في سياستها الخارجية، دون أن يطغى مسار على آخر، حفاظاً على المصلحة الوطنية.
 
ويشار في هذا الصدد إلى أن آخر ما يمكن أن يريده النظام المصري، أن ينظر إليه المجتمع الدولي باعتباره منحازا إلى بشار، الذي يتهمه كثيرون بارتكاب مجازر وجرائم ضد المدنيين ، كما أن ترحيب القاهرة بتطوير وسائل مكافحة الإرهاب مع دمشق، لا يعني انحيازها إلى طرف علـى حساب آخر.
 
صحيفة العرب