رافضو رئاسة العماد ميشال عون يتساءلون إذا كان في الإمكان تعطيل ذلك أو إرجاؤه. وهم مُنكبّون على دراسة المواقف الرئاسيّة لأطراف الداخل والخارج المعني أو الذي يعتقدون أنه معني به وذلك في محاولة حتى الآن لاكتشاف تطوّر ما يتوافق مع آمالهم.
هل أسفرت هذه المحاولة عن شيء جدّي حتى الآن؟
تُفيد المعلومات المتوافرة أن هؤلاء ارتاحوا إلى تعليق وزير خارجيّة أميركا جون كيري قبل أيام الذي قال فيه: "نحن نأمل بالتأكيد أن (يحصل) تطوّر في لبنان، لكنّني لست واثقاً من نتيجة دعم الحريري (...) لا أدري. نحن نأمل أن يتم تجاوز هذا المأزق الذي يؤثّر على لبنان والمنطقة". فهو يُدلّل على "نقزة" أميركيّة من ترشيح "المستقبل" عون للرئاسة بل من تعاظم حظوظ انتخابه رئيساً، وعلى شكوك في تأثيراته المحتملة داخليّاً وإقليميّاً. لكن المعلومات المتوافرة عن الموقف الأميركي، وخصوصاً بعد تورّط واشنطن جزئيّاً قبل سنة في إعطاء ضوء أخضر أو أصفر لترئيس النائب سليمان فرنجية مع قوى دوليّة وعربيّة عدّة، وهو أمر لم يحصل، تُفيد أن إدارة أوباما ليست في وارد التدخّل في الرئاسة اللبنانيّة لأن ما يجري في المنطقة وخصوصاً في سوريا والعراق وغيرهما أكثر أهميّة، فضلاً عن أنه هو الذي سيُحدّد عند انتهائه أوضاع لبنان. وهذا أمر لا يزال بعيداً. لكن ذلك لا يعني أنها لن تراقب عن كثب ما يهمّها بعد حصول عون على الرئاسة وتحديداً في وزارة الدفاع وقيادة الجيش. فاهتمامها بالأخير واضح لسببين. الأول نجاحه في محاربة الارهاب على الحدود وفي الداخل مع الأجهزة والمؤسّسات الأمنيّة الأخرى. والثاني تماسكه رغم الأمواج الطائفيّة والمذهبيّة العاتية في لبنان ونجاحه في استرجاع احترام اللبنانيّين له ورهانهم عليه لفرض الأمن وحماية الدولة من دون أن يحلّ مكانها. وفي هذا المجال ستحاول الإدارة الأميركيّة الحاليّة المُوَلّيَة بعد أشهر قليلة كما الإدارة الجديدة معرفة إذا كان "حزب الله" حليف عون ومرشّحه للرئاسة والمنتصر الأوّل بانتخابه رئيساً (إذا تمّ ذلك) سيُسيطر على الجيش في صورة تامّة أو سيزيد دوره فيه أو من تأثيره عليه. وفي ضوء ما يحصل عليه من معلومات في هذا الشأن يتحدّد موقفه من الاستمرار في تزويد الجيش بمساعدات ومعلومات ما كان قادراً من دونها على التصدّي للارهاب في الداخل وعلى الحدود. علماً أن ذلك لا يعني أن الإدارة الأميركيّة لا تعرف بالتعاون القائم بين "الحزب" والجيش في محاربة الإرهابيّين المتشدّدين. فهي تتجاهله لأنّه يحقّق أهدافاً مشتركة لكنّها تستمر في مراقبته. وقبل الانتقال من رهان البعض على محاولة أميركيّة تجهض ترئيس عون دولة لبنان، وهو رهان في غير محلّه، يقول من شاهدوا كيري على "اليوتيوب" قبل تصريحه المُقتضب عن لبنان أن صحافيّاً سأله، بعد انتهائه ونظيره الكويتي من الكلام عن اجتماعهما المغلق وعندما كانا يغادران المكان، عن لبنان والرئاسة فكان تعليقه المعروف.
إلى ذلك يعتقد رافضو رئاسة عون الباحثون عن "خبرية" تٌفرحهم أن جلسة الانتخاب ستؤجّل لأن "حزب الله" لن يقبل أن يشارك وشريكته "أمل" في الثنائيّة الشيعيّة فيها وكل منهما على موقف مناقض للآخر. لكن هذا الاعتقاد في غير محلّه، وقد أكّد أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله ذلك أمس. فما يهمّ "الحزب" عدم تعطيل النصاب وشريكه برّي سيُؤمّنه. وما يهمّه أيضاً فوز عون. وذلك مضمون حتى الآن رغم التزام برّي عدم التصويت له وإن بالنصف زائداً واحداً فقط. إلّا طبعاً إذا حصل ما لا يتوقّعه أحد. وما يهمّه ثالثاً هو عدم انعكاس الاختلاف الشيعي – الشيعي السياسي على الأرض. وهناك تفاهم مع برّي على ذلك. علماً أن ترجمته عمليّاً محفوفة بصعوبات إلّا إذا ساعد "الرئيس" عون "الحزب" في التوصّل مع "المستقبل" والآخرين إلى تفاهمات تُعوّض الرئيس برّي "خسارته" أمام عون وداعميه. وذلك مُرجّح لكن ما يهمّه وبالمقدار نفسه هو عدم خسارة المسيحيّين الممثّلين بعون واحتمال اكتساب المسيحيّين الآخرين الذين تحالفوا مع عون بعد طول عداء. والأمران مهمّان في الصراع المذهبي المحتدم في لبنان والمنطقة. وما يهمّه أيضاً استمرار الاستقرار الأمني في البلاد على هشاشته. لكن السؤال المهمّ وهو من شقّين هما: هل أخطأ برّي وهل أخطأ عون والمسيحيّون عموماً؟ وماذا يحصل إذا تعطّلت جلسة 31 الجاري لتطوّر لم يكن في الحسبان؟