الفريق المفترَض أنّه المرشّح والحاضن والمتخندق مع ميشال عون نراه غارقًا في مستنقع من التجهم والامتعاض والغضب مع كل خطوة قد تساهم في وصول الجنرال إلى الرئاسة، فيما نشاهد بالمقابل خصوم الجنرال يلفّهم السرور والشعور بالنشوة حتى نكاد نعتقد بأنهم قد جهّزوا خطابات إعلان الانتصار لفريقهم السياسي متزامنا مع لحظة وصول الجنرال الى بعبدا.
هذه المشهدية السياسية المحيّرة، تشبه كل شيء في هذا البلد القائم أساسًا على اللامنطق، واللامفهومية مما يجعلها لبنانية أصيلة ومنسجمة تماما مع العقلية اللبنانية، حتى كأني أتعاطف هنا مع البعثات الدبلوماسية وسفراء الدول الاجنبية المعتمَدين عندنا عن الحالة التي يمرّون بها وكيف أنهم سيشرحوها للسلطات العليا في بلادهم ! 
مفتاح السرّ في الموضوع هو أنه لم يعد عندنا ميشال عون واحد، بل يوجد لدينا على الأقل " عونان "، ( ميشال عون عدد  2 ) .
فميشال عون (1) المولود في حارة حريك 30/ 9 / 1933 هو ذلك الجنرال الطامح إلى طحن كل من يقف في طريقه، والمفحّم لمن يفكر في مجرّد لمسه، ومحارب لكل الدنيا ولاغٍ لها ومن تحت زنّاره يوجد ما يدهش العالم، والمهدد لوليد جنبلاط ومخرّسه، والمنتزع جزين وغير جزين من أيدي نبيه بري، فاضح الحريرية السياسية وسرقاتها والمتلذذ بمنظر دماء شهداء ثورة الأرز منتظرًا على قارعة التحقيق ليقول كلمته التي لم ولن تصل، والحزين لأنّ طلقات وهمية قد أخفقت بإصابة رأس الفتنة القابع في معراب ... هذا الميشال عون هو المرشّح الأول والأخير لحزب الله إلى رئاسة الجمهورية، وليس أي ميشال عون آخر بالخصوص هذا الذي خرج علينا فجأة في الفترات الأخيرة.
ميشال عون ( 2) الذي ولد في معراب بتاريخ  18 / 1/ 2016 هو ميشال عون المنفتح على جميع اللبنانيين بلا استثناء ولا يرى في الزعامات اللبنانية إلا وجوه الخير والصلاح والتقوى ، هم تمامًا كأولاده أو، قُل، كأصهرته.. يحبهم جميعا حبا جما ولا يتمنى لهم إلا الخير إذ ليس فيهم رجلًا فاسدًا واحد، فلا إبراء ولا من يبرؤون، ولا حاجة للإصلاح ولا من يُصلحون، والتغيّر صار أقرب ما يكون إلى حديث عن مصباح علي بابا أو حكايات هاري بوتر، هذا الميشال عون الجديد هو أقرب إلى شخصية سانتا كلوز؛ لا همّ عنده ولا شغل يشغل باله إلا توزيع الهدايا والجوائز على الجميع بدون استثناء بالخصوص على الزعماء والمسؤولين بغض النظر عن الهويات والانتماءات السياسية! 
هذا الميشال عون الجديد هو مرشح سمير جعجع وسعد الحريري ولا يمتّ بأية صلة لحزب الله وفريقه. يبقى السؤال الأكبر هو أي ميشال عون ذاك الذي سوف يصل إلى قصر بعبدا ؟؟ وهل هذا التنوّع في الشخصية ولعب أكثر من دور ووجه هو بالتنسيق والتكافل مع مرشحيه الأوائل أو مع مرشحيه الجدد ؟؟!! أعتقد أنّ هذا السؤال هو ما يشغل بال طرفَي النزاع،  فكل يغنّي على عوناه، وعند ميشال عون الحقيقي هدف واحد وأخير هو الوصول، ولا فرق عنده بأي وجه يصل، ولا مانع عنده من الجري بالطريقين أو السَّير بالسبيلين معا طالما الهدف واضح وهو بعبدا. 
يبقى أن نستذكر هنا المثل الروسي القائل : من يركض خلف ارنبين فإنّه لن يمسك بأي أرنب .