لم يخرج لبنان في يوم من الأيام عن سياسة التوافق، وهي السياسة التي يجري من خلالها معالجة كل الملفات العالقة، ولم يطل أمد الفراغ الرئاسي إلا لانعدام هذا التوفق المحلي وربما الإقليمي، وإن كل ما يشاع عن ترتيبات خارج سياق التوافق وخارج إرادة الرئيس نبيه بري وهو مهندس السياسات التوافقية في البلاد كل ذلك لا يعدو كونه فقاعات إعلامية حتى لو أعلن الحريري ترشيحه لعون فإن ذلك سياتي لذر الرماد في العيون ولإرباك الخصوم من جهة ومن جهة ثانية للخروج من عنق الزجاجة .
ربما يعلن الحريري اليوم أو غدًا ترشيح العماد ميشال عون إلا أن ذلك لن يتخطى المناورات السياسية السائدة في البلاد ولن يجرؤ أحد على تجاوز الرئيس بري في موضوع الرئاسة وبالتالي فإن حزب الله الحريص على ترشيح العماد عون لن يفرط ولا بشكل من الأشكال في علاقته بالرئيس بري ولذا فإن الأمور ستبقى قيد المداولات ولن تسمح الظروف السياسية بإنتخاب العماد ميشال عون دون توافق وإلا ستتجه الأمور مجددًا الى مزيد من النقاش حول رئيس توافقي .
لم يشهد لبنان من عقود تسويات من النوع الذي يجري تسويقه الآن عبر اتفاقات ثنائية لأن لبنان بتركيبته السياسية والطائفية محكوم بالتوافق وبالتالي فإن جلسة انتخاب الرئيس لم تقعد ما لم يكن هناك توافق شامل على الرئيس بين جميع الأطراف ولا يمكن لطرف اختزال أي طرف آخر وخصوصًا الرئيس بري الذي يعتبر صمّام الأمان السياسي والطائفي في البلاد ولا يمكن لأحد تجاوز الرئيس بري تحت أي اعتبار كان .
إن كل ما يشاع عن تسويات بين الحريري وحزب الله أو بين الحريري وميشال عون تبقى حبرًا على ورق لإنعدام التوافق السياسي العام وبالتالي فإن جلسة الإنتخاب المقررة في نهاية الشهر الجاري ستكون كسابقاتها لأن تركيبة الرئيس بحاجة الى مزيد من المشارات ومزيد من الوقت .