منذ انتشار الفيروس الطائفي والجرثومة المذهبية والعصبيتين السُنية والشيعية تأخذ أدوارها في استحضار الماضي لتوظيف الحاضر وفق أحزانها ومآسيها ولمنح الخلافات السياسية بين المسلمين جدلية التاريخ منذ الخلاف الأول حول الخلافة الى  كل ما أنتجته التجربة الاسلامية من خلافات لا حصر لها في السياسة والدين .
لقد عاد أهل السُنة الى جحور الاسلام المُبكر وتزيّوا به وتزينوا بأسماء الصحابة الكبار والصغار وسلّوا سيوفهم وحلّوا رباط خيلهم  لا ليرهبوا عدو الله في مشارق الأرض ومغاربها بل ليغتالوا فرح الحياة في عيون الناس وكانت بعثات وغزوات النبي الأكرم ما بين قوافل وعير قريش تقتحم  اليوم أسواق الناس في العراق وليبيا وسورية واليمن ولبنان وألمانيا وفرنسا وأميركا وتهدد العالم بنسف الكرة الأرضية بحزام معتوه توضأ للصلاة خلف الخليفة في زاروب من زواريب الحروب القائمة في المنطقة .
لم يعد خالد ابن الوليد مجرد فارس في الجاهلية والاسلام بل أمسى فوارس يملؤون بطون الكهوف والثغور من طورا بورا الى جرود عرسال كما هو صلاح الدين الأيوبي الذي أمسى سوري وبغدادي ويمني وليبي وأفغاني وباكستاني وشيشاني ومصري وكويتي وسعودي وحال طارق ابن زياد وكل جيل الفتوحات الذين رسموا بسيوفهم حدود اسلام  صهيل الخيول.
من يوقف زحف أكثر من مليار مسلم سنُي نحو التاريخ لاستحضاره و بشراسة أكثر ؟ ومن يُعيد الحياة الطبيعية الى المسلمين بعد أن هاجوا هيجتهم المجنونة ؟ لا يعرف البعض ممن دغدغتهم مشاعر المذهبية واستفاقوا لها ليستنصروا أمواتاُ على أحياء هم أكثر موتاً من الرميم القديم ورغم ذلك تستفحلهم الرغبة في الانتقام من الانتقام نفسه فيذهبون باتجاه التاريخ لينبشوا قبوره وليغذوا نعرة الجاهلية الأولى بثأر لا ينتهي ولا يتوقف عند رأس ضحية من ضحاياه .
تأتي مناسبة الحسين سلام الله عليه ليوظفها بعض الجاهلين بأمور دينهم ودنياهم في الطريق الذي لم يقطعه سبط رسول الله (ص) على أقدامه هو وأهل بيته بل في الطريق المؤدي الى قصر يزيد في دمشق وفق تصرفات يزيدية يتعدون من خلالها على الأمن والأملاك العامة ويصادرون حرية الناس لصالح ترتيبات يقوم بها شُبّان لا يعرفون أسماء أولاد الحسين ولا من مات مع الحسين في كربلاء لأن المسألة بالنسبة لهم عصبية شارع وهم لا يعرفون قبلة ولا يقيمون صلاة ولكنهم يلطمون حتى الفجر ويشجون رؤوسهم ويضربون أجسادهم ويجرحونها بالسكاكين .
يمشي الكثيرون على جمر بناءً على أوامر من يمشي على حرير فهذا العراق  يمشي أهله وشيعته حفاة  وهم في رواح ومجيء دائمين ما بين المُدن العراقية والمقامات ورائحة فقرهم تصل السماء السابعة في حين أن آلهة العراق تنعم بنعم لم يشهدها لا الإله معاوية ولا الإله يزيد ولا أي صنم من أصنام مكّة .