لاقت عملية نجاح مخابرات الجيش في القاء القبض على امير "داعش" في عين الحلوة ترحيبا عند مختلف الافرقاء السياسيين على رغم خلافاتهم المفتوحة على اكثر من صعيد. ودفع توقيف عماد ياسين الرئيس نبيه بري الى الدعوة الى اخذ العبر وانتقال هذه العدوى الايجابية عند الاجهزة الامنية الى الجسم السياسي العليل. وفي المناسبة كان ياسين يعد لمحاولة اغتيال بري واستهداف عين التينة قبل نحو عامين ولم يشأ انذاك تناول هذه القضية بالتفصيل.

وجاء هذا الاختراق الذي نفذه الجيش في عملية امنية مركبة في عمق عرين "امارة" ياسين في حي الطوارىء حيث كان صاحب الكلمة الفصل في هذه البقعة. واظهرت ان للمؤسسة العسكرية ذراعا طويلة في عين الحلوة وازدادت صلابة وقوة بعد نجاحها في تطوير خطوط تعاونها مع حركة "فتح" وصولا الى تطويرها مع "عصبة الانصار" واكثر من فصيل يتشاور في مسائل يومية وحساسة مع مخابرات الجيش والامن العام.
وبات من الواضح ان الجيش يمارس حربا استباقية ضد رؤوس المجموعات الارهابية في عين الحلوة واماكن فلسطينية ولبنانية اخرى ويعمل على تفكيكها ومواجهتها وهي في المهد وقبل ان ينتقل افرادها الى تنفيذ العمليات التي كان يحضر لها. وتثبت المؤسسة العسكرية مرة اخرى انها قادرة على المواجهة وتريد توجيه رسائل دولية والى كل من يعنيه الامر انها محل ثقة ويتكل عليها في مثل هذه المهمات التي تنفذها والتي تحتاج الى تخطيط وتنفيذ كبيرين ودفع الجهات المعنية الى دعم لبنان في وقت تتخبط فيه الحكومة ولا تقدم رؤية موحدة حيال اكثر من ملف ولا سيما ان كابوس اللاجئين السوريين يهدد الاقتصاد والوضع المالي في البلاد حيث تنتقل الامور من سيئ الى اسوأ على قول مرجع "ولا تدفعوننا الى الحديث اكثر". وعلى رغم الصورة السياسية غير المطمئنة في لبنان، الا ان ثمة بقعة من الضوء تتمثل في ان الامن لا يزال ممسوكا يؤمن استقرارا مقبولا مقارنة مع دول المنطقة الجانب الذي تتوقف عنده اكثر من دولة تهتم بلبنان.
وكان اللافت في عملية اعتقال ياسين الناجحة ان كثيرين فوجئوا بها من "فتح" الى " حماس" الى فصائل اخرى. وثمة من يقول ان قياديين في "عصبة الانصار" ساهموا في تمكن الجيش من تحقيقها ولذلك صدرت اتهامات في حق "العصبة" وجهات اخرى في المخيم وعمدت الى تكفيرها والتلويح وتوعدت بالنيل منها لانها بحسب خصومها من الاسلاميين المتشددين تتعاون مع " جيش كافر" بحسب ادبياتها. وفي موازاة ذلك ثمة من يحذر من تضخيم حجم ياسين" على اهميته" وانه من اصحاب الافكار السيئة والاجرامية وان لا قدرة له على تنفيذ كل الافعال التي يجري التحدث عنها.
وفي غضون ذلك لم يكن من المستغرب اقدام سائر الفصائل على تهدئة الاوضاع في عين الحلوة وابلاغ رسائل تهديد الى مجموعات ياسين من " الشباب المسلم" الى ما تبقى من " فتح الاسلام" اضافة الى سلفيين متشددين الى اللبنانيين المطلوبين الذين يتحصنون في المخيم وفي مقدمهم شادي المولوي الذين ما زالوا في عين الحلوة و اخذوا يتحسسون رؤوسهم قبل النوم بعد اعتقال ياسين. وثمة رسالة تحذيرية تلقاها هؤلاء من " العصبة" مفادها "كونوا عاقلين " وهي ان اطلاق اي رصاصة في اتجاه مراكز الجيش في محيط المخيم يعني ان قوة فلسطينية ستواجههم وان التلاعب بأمن المخيم خط احمر وان تجربة نهر البارد لا تتكرر هنا.
وبعد التمكن من توقيف ياسين والاعلان عن هذه العملية استنفر الجيش على اكثر من اتجاه تحسبا من ردات فعل لخلايا نائمة قد تكون على علاقة بياسين، في وقت كان فيه " حزب الله" قد اتخذ اجراءاته المعهودة قبل اسبوع من بدء ذكرى عاشوراء في الاسبوع المقبل. وتضاعفت هذه الاحتياطات في الساعات الـ 24 الاخيرة في محيط مخيم برج البراجنة الى مناطق اخرى في الضاحية الجنوبية ومناطق شيعية اخرى في البقاع والجنوب علما ان الحزب اتخذ جملة من الاحتياطات المسبقة في محيط اماكن اقامة المجالس العاشورائية.