فشل الاتفاق بين كيري وبين لافروف يمهد لاسوأ جولة من الحرب , وإيران قلقة من إتفاق لا يلحظ مصالحها

 

السفير :

 

الروس يختبرون الحسم العسكري في حلب، امُّ المعارك السورية، في الأيام المقبلة، بانتظار الإدارة الأميركية المقبلة أو قبل صعودها، في غياب أي مؤشر على استئناف العملية السياسية، وفي الهامش الذي لا يزال يفصل الروس عن أقصى درجات الاستنزاف في سوريا، الذي تدفعهم اليه الولايات المتحدة، على ما قاله رئيس هيئة الأركان الأميركية جوزف دانفورد للكونغرس، وأن «روسيا لم تصل بعد الى حافة الاستنزاف» في سوريا، وهو ما يعني أن الاميركيين لن يتوقفوا عن دفعها اليه. ريثما ينضج التمهيد الناري وتنجح الخطة «باء» في تدمير خطوط دفاع المجموعات المسلحة في شرق حلب، وفتح ابواب بعض احيائها، تستعد دبابات الحرس الجمهوري الـ«تي 90» لمعارك الشوارع، وللعودة الى قلب المدينة الشرقي، واختراق خطوط التماس التي لم تتغير كثيراً ونبت على ركامها سواتر ترابية وشجرية، رغم أربعة اعوام من المعارك منذ تموز 2012. وفيما يعمل الجنرال سيرغي سيفركوف على تنفيذ الخطة الروسية باء في حلب، كان سيرغي روسي آخر، كنيته لافروف، يحث السامعين، وزيراً لخارجية روسيا، على الاعتبار من دروس الماضي»وعدم السماح بحصول كارثة في سوريا» كما في ليبيا او العراق، ويقول للصحافيين إنه لا خطة «باء» روسية في سوريا.
الخطة «باء»، التي يعمل سيرغي سيفركوف، قائد القوات الروسية في حلب على تنفيذها لتفادي الكارثة في سوريا، لم ترتجل بمجرد اسقاط غارات البنتاغون في دير الزور ضد الجيش السوري للهدنة التي حاول جون كيري تسويقها عبثاً لدى وكالة الاستخبارات الاميركية ووزير الدفاع آشتون كارتر.
الروس تعلموا بسرعة دروس هدنة 27 شباط الماضية الفاشلة، واستعدوا لما بعد اغلاق الكاستيلو. استنتجوا ان الادارة الاميركية الحالية اصبحت بيد صقور البنتاغون على ما انطوى عليه تساؤل لافروف «من الخارجية الاميركية او البنتاغون يقرر في الملف السوري»، قبل ان تجيب عليه مجازر الاميركيين في جبل الثردة، احد مفاتيح دير الزور، الذي سلمته طائراتهم الى «داعش» بعد ان قتلت الجنود السوريين من دون ان تأبه الى ان يؤدي ذلك الى تسليم حياة آلاف المدنيين المحاصرين في دير الزور الى سكاكين «داعش».
أمزجة الضباط الروس الذي قاتلوا في معارك الراموسة لمواجهة المجموعات المسلحة «تسورنت» الى حد كبير، بحسب ما يقوله السوريون الذين لم يوافقوا على هدنة شباط، واعتبروها احد اخطاء حلفائهم المميتة، فيما كان الروس يعتقدون انها فرصة لاطلاق العملية السياسية بشروط ميدانية افضل تفضي الى حل متوازن على اساس تفاهمات فيينا، تكبح المزيد من تدمير سوريا، وتعصم الروس من فخ الاستنزاف والأفغنة. مع حديث الهدنة الحالية، لم ينقطع الاعداد لما بعدها كي لا تعطى «جبهة النصرة» و «نور الدين الزنكي» و «استقم كما امرت» التي تسيطر على شرق المدينة، فرصة التقاط الانفاس، او اعادة التسليح او نشر قواتها وتنظيم خطوط الدفاع في المدينة، كما جرى في ظلال هدنة شباط. فعندما وقّعت عليها الولايات المتحدة بيد، كانت يدها الاخرى توقع عقود الاسلحة في رومانيا وبلغاريا وأوكرانيا لإعادة تسليح المجموعات المسلحة بعد عاصفة السوخوي الاولى. اتاح ذلك ايضاً للمجموعات المسلحة استعادة نصف ريف حلب الجنوبي، حتى خان طومان، وطرق ابواب حلب مجددا من جنوبها وغربها، واقتحام الراموسة، بوابة الجنوب، بعدما اغلق الجيش السوري بوابة الكاستيلو في الشمال.
كما ان خيار التصعيد العسكري، والحسم يبدو اقل كلفة من انتظار خيارات ديبلوماسية وتسوية لا شركاء فيها بسبب التعنت الاميركي، كما ان البقاء على ابوب حلب وحصارها، اكثر كلفة عسكرياً وديبلوماسيا من خيار اقتحامها على ان تصحّ قراءة من قرروا الذهاب نحو الحسم العسكري، من ان تؤدي عملية الاستيلاء على حي الشيخ سعيد الى تساقط بقية احجار المبنى الحلبي الشرقي وأحيائه بالسرعة التي يتصورها، والتي تشترط انجاز المهمة خلال شهر، علماً انه لم يقيض للجيش السوري، قبل الانخراط الروسي، فرصة اسقاط مدينة كبيرة محاصرة بهذه السرعة. كما ان الخيار العسكري اخف كلفة من تنكّب اعباء الحصار لمدينة لا يزال بين احيائها المدمرة ما يقارب الـ137 الف نسمة ، خصوصاً ان ادارة قوافل الاغاثة، وتدخّل المنظمات الاممية، وضرورات تأمين ممرات انسانية، والثمن الاعلامي لذلك الحصار، تفوق نسبياً كلفة ذلك الحسم. ويعمل الجيش السوري على استباق العملية البرية، بفتح معابر داخل خطوط التماس لتأمين انسحاب المدنيين، ودفع جزء من المسلحين الى وقف القتال، والخروج الى غرب المدينة.
العملية لا تزال جوية، بانتظار العملية البرية. وقد يستغرق التمهيد الصاروخي والمدفعي الثقيل على مواقع «جبهة النصرة» و «نورالدين الزنكي»، و «استقم كما امرت»، اياماً كما قال بيان للجيش السوري أمس. خمسة الاف مقاتل في الافواج التي يقودها العقيد سهيل النمر، ووحدات من الحرس الجمهوري والقوات الخاصة السورية، تنتظر امر التقدم من محاور الراموسة القديمة جنوب المدينة، وطريق المطار الدولي، نحو حي الشيخ سعيد الذي يبدو حتى الان هدف كل العمليات الجوية، واحياء السكري والعامرية. وتؤدي العملية في جانبها التكتيكي الاول الى تعزيز معبر الراموسة جنوبا، وابعاد خطر المجموعات المسلحة عن طريق مطار حلب الدولي، الذي تهدده نيرانهم من الشيخ سعيد المشرف على تلك الطريق. كما تؤدي الى فصل احياء الانصاري والعامرية عن الكلاسة والصالحين والسفاهية والجلوم، لانبساط هذه الاحياء التي تحشد فيها المجموعات المسلحة امام مرتفع الشيخ سعيد، كما ستؤدي الى ايقاعها بين فكي كماشة الجيش السوري، شرقاً في الشيخ سعيد، والشق الغربي الذي يسيطر عليه.
حلب الشرقية قد تعود الى سوريا من بوابة حي الشيخ سعيد التي تسللت منها الغزوة التركية للمدينة قبل اربعة اعوام. الحي الذي سيحاول الجيش اختراقه يمثل العملية الاولى للجيش السوري لاستعادة منطقة مأهولة نسبياً بالسكان، منذ اقتحام بابا عمرو في العام 2012 قرب حمص. الوقت يلعب ضد اي محاولة لتأجيل العملية، رغم ان اولويات اخرى تنتظر السوريين، منها منع التمدد التركي نحو مدينة الباب. تسود تقديرات في غرفة العمليات المشتركة، ان عناصر نجاح اقتحام حلب الشرقية قد تضاعفت في الاسابيع الاخيرة، بسبب خلخلة كتلة الجماعات المسلحة، وتراجع ارداتها القتالية، ونقص مخازن الذخيرة والاعتدة الذي ظهر خلال المناوشات الاختبارية الاولى التي اجراها الجيش في بعض الغارات الجوية او عمليات الاختراق والقصف. ويقول الخبير الحلبي ان المجموعات المسلحة تعاني انهيارا نسبيا في بيئتها الحاضنة، وتضعضع جبهتها الداخلية. ويردف: الرهان توافق غير معلن أن الاتراك الذين جمدوا عمليات امداد المجموعات المسلحة في المدينة، اسهموا في خلخلة كتلتهم بمواصلة سحب المقاتلين من طوقها الغربي، وتجميعهم في ريف حلب الشمالي، من اجل اختراقه، حتى مدينة الباب.
ويقول خبير في غرفة العمليات المشتركة السورية الروسية من حلب إن الجزء الشرقي من المدينة قد ينهار في الاسابيع المقبلة، بمجرد اختراق الجيش لحي الشيخ سعيد، الذي يشكل ربع مساحة الشرق الحلبي المحاصر. وتكتيكياً، يسهل اختراق الشيخ سعيد بالمدرعات اكثر من غيره من الأحياء، بسبب ضعف الكثافة السكانية والعمرانية والاسمنتية، مقارنة بأحياء العامرية او السكري التي ينبغي ان يخوض الجيش معارك اكبر بين كتلها الاسمنتية الكبيرة. وخلال الايام الماضية لجأت «جبهة النصرة» و «نورالدين الزنكي»، الى اخلاء نقاط مهمة في منطقة الباب، والصالحين لتعزيز جبهة الدفاع عن الشيخ سعيد.
وظهر احد مؤشرات انهيار الجبهة الداخلية في حلب الشرقية، مع اقتراب الجيش السوري من استعادة معبر الكاستيلو شمال المدينة في تموز الماضي، واقفاله نهائيا. ذلك ان الامداد الذي يهدد المدينة بدخول الجيش السوري اليه، ليس قطعاً الامداد العسكري وحده، بل انقطاع شريان الامداد بالمواد الاولية الى مصانع حلب الشرقية التي تحولت الى ورشة صناعية كبيرة تعمل لمصلحة امراء الحرب فيها. اذ يقول خبير ورجل اعمال حلبي في المدينة لـ»السفير»، ان سقوط الكاستيلو بيد الجيش اغلق الباب على شرق المدينة الذي حوله امراء الحرب، وبعض اثريائها الى مصنع كبير يمد كردستان العراق عبر القامشلي وشرق سوريا، وحتى بعض المناطق الحكومية، وجنوب تركيا، بالكثير من السلع المصنعة باسعار تنافسية مهمة، تجني منها المجموعات المسلحة، لا سيما «النصرة» و «الزنكي» و «احرار الشام» و «استقم كما امرت» جزءا كبيرا من العائدات لنيل السلاح.
وعملت مئات الورشات والمصانع المتوسطة في الكلاسة لمصلحة «جبهة النصرة»، وأمسكت «الزنكي» في حلب وغربها بصناعات الأدوية، الصحيحة والمزورة، وسيطرت المجموعات على مستطيل صناعي من المناشر يمتد أربعة كيلومترات على مجرى نهر القريق، من جسر الحج جنوب المدينة، حتى حي الصالحين. وبينما عمل التهريب من تركيا على توفير المواد الاولية من دون رسوم جمركية، على خفض كلفة الانتاج، وفر «داعش» تزويد المجموعات المسلحة وورشات امرائها رجال الاعمال، بالنفط والغاز الضروري بنصف الاسعار السائدة في المناطق الحكومية. ومنذ ان اغلق الجيش طريق الكاستيلو، كان العد التنازلي، للمعجزة الاقتصادية التي ادارها امراء الحرب في حلب قد بلغ نهايته، اذ عندما دخل الجيش الى الكاستيلو، كانت اكثر الورشات الصناعية قد اغلقت، بعد ان فقدت اسواقها التركية والكردية ومصادر موادها الاولية. وخلال الايام التي تلت، هجرت كوادر الورشات والمجموعات المسلحة وامراء الحرب معاً المدينة، وفقد الالاف من العاملين فيها مصادر عيشهم، وتحولت حلب الشرقية الى ثمرة، يجزم خبير في غرفة عمليات حلب، انها اينعت وحان قطافها.

 

النهار :

أقر وزيرا الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف علناً، كل بأسلوبه وبصورة منفصلة، بإخفاق جهودهما الديبلوماسية على رأس مجموعة الدعم الدولية لسوريا لإعادة العمل باتفاق وقف الاعمال العدائية وايصال المساعدات الإنسانية الى مئات الآلاف من المحاصرين والملايين من المحتاجين. وانعكس فشل الجهود الديبلوماسية تصعيداً في الميدان، إذ غرقت الاحياء الشرقية في مدينة حلب بشمال سوريا الجمعة في جحيم الغارات الكثيفة التي شنتها طائرات سورية وروسية، متسببة بدمار هائل ومقتل نحو 91 شخصاً بعد ساعات من إعلان الجيش السوري بدء هجوم في المنطقة.

 

وحاول كبيرا الديبلوماسيتين في أحدث اجتماع عقداه أمس على هامش الدورة السنوية الحادية والسبعين للجمعية العمومية للأمم المتحدة حصر تداعيات هذا الفشل، وخصوصاً وقف الإتهامات المباشرة بين الأميركيين والروس بالمسؤولية عن التصعيد الكبير في الميدان العسكري، مع إعلان الحكومة السورية انهيار الهدنة وشن عملية عسكرية واسعة النطاق لاستعادة الأحياء الشرقية لمدينة حلب، بغطاء من الغارات الجوية الكثيفة التي يشنها الطيران الحربي الروسي والسوري. وتحدثا صراحة عن أزمة ثقة بين واشنطن وموسكو في الملف السوري.
وفي ختام اجتماعه مع لافروف، تحدث كيري عن "تقدم محدود جداً". وقال : "نحن نقَوم بعض الأفكار المشتركة بطريقة بناءة". وابدى تشاؤماً بإمكان العودة الى العملية السياسية التي يقودها المبعوث الخاص للامم المتحدة ستافان دو ميستورا.
وفور انتهاء اجتماع مجموعة الدعم الدولية لسوريا ليل أول من أمس بتوقيت نيويورك، صرح كيري بأن "هذه لحظة الحقيقة بالنسبة الى روسيا، لحظة الحقيقة بالنسبة الى نظام الرئيس بشار الأسد، ولحظة الحقيقة بالنسبة الى المعارضة... الأمر الأول الذي يتعين علينا القيام به هو إيجاد وسيلة لاستعادة صدقية العملية الديبلوماسية". وتحدث عن خلاف كبير على اقتراح منع الطيران الحربي السوري "بصورة كلية" من التحليق في أجواء المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية المسلحة المعتدلة، موضحاً أن منطقة حظر الطيران "يجب ألا تستمر يوماً أو يومين، بل أطول وقت ممكن كي يرى العالم كله أنهم جديون". وحض المعارضة السورية على الإبتعاد عن "الدولة الإسلامية - داعش" والجماعات الإرهابية الأخرى، ولا سيما منها "جبهة النصرة" أياً كانت مسمياتها الجديدة والمختلفة. وأقر بأنه "محبط الآن أكثر من أمس"، محذراً من ان سوريا "لم تصل بعد الى الفصل الأسوأ" من الحرب التي بدأت عام 2011.

 

لافروف
وفي المقابل، كرر لافروف طلب موسكو إجراء تحقيق موضوعي في حادث قصف قافلة المساعدات الإنسانية قرب بلدة أورم الكبرى في محيط حلب. وصرح في مؤتمر صحافي عقده بعد إلقائه كلمة روسيا أمام الدورة الحادية والسبعين للجمعية العمومية إن "روسيا لم تتحدث قط عن خطة باء للتسوية السورية"، لأنه "لا حل عسكرياً للأزمة". وكشف أن "بعض أعضاء مجموعة الدعم الدولية لسوريا منعوا تعزيز هذا المبدأ بجملة واحدة" خلال الاجتماع الذي عقد في نيويورك. واعتبر أن "المطالبة برحيل الأسد انتهاك لقرار مجلس الأمن، داعياً الى "التمسك بقرار مجلس الأمن بدل الإصغاء الى رغبات بعض الأطراف المتفاوضين". وقال: "هذه المجموعة تقول إنها لن تشارك في المفاوضات ما لم يتقرر مصير الأسد، وهو انتهاك سافر للمبادىء المثبتة في نص قرار مجلس الأمن". وأبدى استعداد موسكو لوضع خريطة مفصلة لمواقع "جبهة النصرة" في سوريا "لوضع حد لأي غموض حول تمركز إرهابييها وتجنب الامتعاض كلما أصاب صاروخ مواقع هؤلاء". وشدد على أن الجيش السوري "لا يزال القوة الأكثر فاعلية التي تحارب الإرهاب" على رغم كل المساعدات التي يتسلمها "أصدقاء بعض اللاعبين" في المعارضة السورية المسلحة.
وفي كلمته على منبر الجمعية العمومية، قال لافروف إن "قمع داعش والنصرة ومجموعات متطرفة منسجمة معها هو السبيل الوحيد لحل الأزمة السورية وما يرافقها من وضع إنساني مؤسف". وانتقد "التقويض السافر للعملية السياسية من بعض ممثلي المعارضة في الخارج مع تساهل رعاتهم الذي ينعكس سلباً على سمعة الأمم المتحدة ويحمل على التفكير في أن يكون سبب ذلك السعي إلى ايجاد ذريعة لمحاولة تغيير النظام".
كذلك صرّح وزير الخارجية الفرنسي جان- مارك أيرولت في مؤتمر صحافي بأنه "من خلال قصف حلب يلعب النظام ورقة تقسيم سوريا، وداعموه يدعونه يفعل ذلك". وأضاف أن "النظام السوري وحلفاءه يرفضون التخلي عن هروبهم العسكري الى الأمام". ووصف الوضع بأنه "ميؤوس منه"، مطالباً موسكو بأن "توقف هذه المجزرة". لاحظ أن "المحادثات تتمدد بين الروس والأميركيين وتبدو بلا نهاية"، من غير أن ينتقد واشنطن، رأى أن "الوقت حان لاعتماد مقاربة مشتركة في شكل أكبر" لإدارة النزاع السوري.
وقال دو ميستورا إن "ما يحصل هو أن حلب تتعرض للهجوم، والجميع عادوا الى السلاح". وعبر عن خيبة عميقة من هذا الفشل.

حلب في جحيم
ميدانياً (الوكالات)، شنت طائرات حربية غارات جوية مكثفة على الأحياء التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة في حلب.
وأظهرت مشاهد صوّرها سكان فتاة صغيرة تصرخ بينما يحفر رجال الإنقاذ بهمة وسط الأنقاض لينتشلوها حية. وبدا في مشهد آخر رجال انقاذ يستخرجون رضيعاً بأيديهم من بين الأنقاض وهم يهتفون "الله أكبر". ولم تظهر علامات للحياة على الطفل بين أيدي رجال الإنقاذ وهم يسارعون الى نقله.
وقال حمزة الخطيب وهو مدير مستشفى في حلب لـ"رويترز" إن عدد قتلى القصف الذي تعرضت له المناطق الخاضعة للمعارضة في شرق المدينة أمس بلغ 91 .
وأفادت هيئة الدفاع المدني التي تعمل في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في حلب إن 40 مبنى دمرت.
وقال مراسل "وكالة الصحافة الفرنسية" إن جرافة واحدة كانت تعمل على رفع الانقاض، فيما يقف عمال الاغاثة مذهولين محاولين ازالة الركام بأيديهم بحثاً عن العالقين تحته.
وتلا القصف اعلان الجيش السوري ليل الخميس أنه شرع في عملية لاستعادة القطاع الذي تسيطر عليه المعارضة من المدينة.
وقال مصدر عسكري إن الهجوم سيكون "شاملاً" وسيشمل هجوماً برياً. وأضاف إن الهجمات الجوية والمدفعية التمهيدية قد تستمر "فترة من الزمن".
وروى عدد من السكان أن الانفجارات التي سمعت كانت أشد كثيراً من أي انفجارات شهدتها المنطقة من قبل مما أحدث فجوات أكبر في الأرض وأسقط مباني بأكملها.
وقال قيادي في المعارضة في تسجيل صوتي أنه استيقظ على "زلزال" قوي على رغم أنه كان بعيداً من مكان سقوط الصاروخ. وأضاف أن "شهداء" من جماعته تحت الأنقاض في ثلاثة مواقع.
وأعلن المسؤول في فصيل "فاستقم" المعارض زكريا ملاحفجي أن الجيش حاول التقدم في الكثير من الأحياء، لكن قوات المعارضة صدته. وقال "المرصد السوري لحقوق الانسان" الذي يتخذ لندن مقراً له إن الجيش حقق بعض التقدم في حي جنوبي في المدينة.
وندد "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية" في بيان بشن "نظام الأسد والاحتلال الروسي حملة إجرامية من القصف الجوي المسعور، مستهدفاً الأحياء السكنية المحاصرة لمدينة حلب"، كما انتقد صمت المجتمع الدولي.

 

المستقبل :

إنها «هولوكوست» بكل ما في الكلمة من وجع، تزيده مرارة حقيقة أن العالم يقف متفرجاً وليس عجزاً بالتأكيد، إنما تواطؤاً بانتظار أن يرسم الدم السوري خارطة مصالح جديدة في المنطقة. فالهدنة الروسية ـ الأميركية التي أسقطها نظام بشار الأسد، بتغطية من موسكو، فتحت أبواب الجحيم على حلب التي تتعرض منذ أيام لغارات أسدية ـ روسية من دون انقطاع، موقعة كل يوم عشرات الضحايا من المدنيين تحت أنقاض منازلهم، مع استخدام أفتك أسلحة الدمار بما في ذلك قنابل ارتجاجية تزن الواحدة منها 2000 كيلوغرام وتحدث هزة أرضية على مساحة كبيرة.

وبينما الـ«هولوكوست» الحلبية تشتد، كانت طهران، الشريك الفاعل في الجريمة السورية، مشغولة بخوفها من اتفاق روسي ـ أميركي «تحت الطاولة» يتجاهل مصالحها، هي التي استثمرت الكثير من خيرات الشعب الإيراني في حماية «ديكتاتور دمشق»، وهو ما عبّر عنه الجنرال يحيى رحيم صفوي المستشار العسكري للمرشد الإيراني علي خامنئي. 

فعلى الرغم من الاجتماعات المكثفة والاتصالات المتتالية التي يعقدها أطراف المجتمع الدولي ابتداء بالولايات المتحدة وروسيا المعنيتين مباشرة بالملف السوري، مروراً بمجموعة الدعم الدولية التي اجتمعت أخيراً من دون أي نتيجة تُذكر، وليس انتهاء بالجمعية العامة للأمم المتحدة ومناشدات مسؤوليها وتحميلهم بشار الأسد مسؤولية الجرائم في الساحة السورية، فقد غرقت الأحياء الشرقية المحاصرة من مدينة حلب في شمال سوريا في جحيم الغارات الكثيفة التي شنتها طائرات سورية وروسية، متسببة بدمار هائل ومقتل أكثر من مئة مدني بعد ساعات من إعلان قوات الأسد بدء هجوم في المنطقة، في نعي مباشر وصريح لاتفاق الهدنة الذي كان وزيرا خارجية الولايات المتحدة جون كيري وروسيا سيرغي لافروف اتفقا عليه.

وفاق عدد الضحايا في مدينة حلب وريفها من جراء غارات الطائرات الأسدية الروسية المئة قتيل، حيث شنت الطائرات مئات الغارات الجوية على أحياء المدينة المحاصرة ومدن وقرى وبلدات الريف الغربي والشمالي والشرقي للمدينة.

وفي مدينة حلب نفسها استهدفت الطائرات الروسية والأسدية الأحياء المحاصرة بالقنابل الفوسفورية والعنقودية والبراميل المتفجرة والصواريخ الفراغية، كما استخدمت الصواريخ الارتجاجية للمرة الأولى ما أدى لسقوط عشرات الشهداء والجرحى.

وأكد ناشطون أن الطائرات ضربت عشرات الأحياء المحاصرة، ما أدى إلى سقوط 3 شهداء في الفردوس و4 في طريق الباب و8 في الأنصاري و15 في الكلاسة و7 في القاطرجي و6 في باب النيرب و5 في الصالحين و6 في المرجة و3 في المعادي وشهيد في كرم حومد وشهيد في الشيخ خضر وشهيدين في الصاخور، بالإضافة لسقوط عشرات الجرحى.

كما تسببت الغارات التي ضربت المدينة أيضاً بخروج مراكز للدفاع المدني عن الخدمة، علماً بأن محطة مياه باب النيرب خرجت عن الخدمة مساء أمس بعد استهدافها من قبل الطيران الروسي.

وفي الريف الغربي أغارت الطائرات على نقاط عديدة ولا سيما على بلدة بشقاتين حيث سقط 19 شهيداً بينهم 10 أطفال من عائلة واحدة.

أما في الريف الشمالي فقد وثق ناشطون سقوط 3 شهداء وعدد من الجرحى من جراء غارات جوية على بلدة كفرحمرة.

وإلى الريف الشرقي سقط 20 قتيلاً في صفوف المدنيين من جراء الغارات الجوية التي استهدفت منازل المدنيين في مدينة الباب الخاضعة لسيطرة تنظيم «داعش».

وأفاد الناشطون أن القنابل التي استخدمت هي من نوع القنابل الارتجاجية، لكونها تتسبب بعد انفجارها باهتزاز الأرض في مساحات واسعة من المدينة ودمار كبير في المناطق المستهدفة.

وقال ضابط في الجيش السوري الحر إن طائرات النظام والطيران الروسي قصفت أحياء مدينة حلب صباحاً بقنابل ارتجاجية شديدة التدمير والاختراق وأحدثت دماراً واسعاً في الأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة وتسببت بسقوط عشرات القتلى والجرحى من المدنيين«. وأوضح أنها تستخدم بشكل رئيسي لضرب الملاجئ الأرضية والأنفاق والأماكن شديدة التحصين وتتكون حشوتها المتفجرة من خليط لمادة «تي أن تي» ومسحوق الألمنيوم وتزن الواحدة منها حتى ألفي كيلوغرام، وتصدر بعد انفجارها صوتاً قوياً وتتسبب بهزات أرضية متقطعة نتيجة لمكوناتها وضخامتها.

وأشار المتحدث الى أن القنابل التي يتحدث عنها لم تُستخدم سابقاً في المناطق المأهولة وإنما تم استخدامها مثلاً من قبل الطيران الأميركي في قصف مواقع «القاعدة» في جبال أفغانستان ولاحقاً العراق.

ونشر مركز «حلب الإعلامي» مقاطع فيديو وصوراً لآثار الدمار الكبير الذي حل بالأحياء التي تعرضت للقصف بالقنابل الارتجاجية، وأظهرت مشاهد مروعة حجم الدمار الذي أحال أبنية سكنية إلى أكوام من الركام.

وأفادت منظمة أطباء بلا حدود أن المستشفيات التي تدعمها «تلقت في يومين 145 جريحاً«، مضيفة «نعلم بأن الجرحى والمرضى في العديد من الأحياء لا مكان يذهبون اليه وهم ببساطة متروكون للموت».

وندد الائتلاف السوري المعارض في بيان بتنفيذ «نظام الأسد والاحتلال الروسي حملة إجرامية من القصف الجوي المسعور، مستهدفاً الأحياء السكنية المحاصرة لمدينة حلب»، منتقداً صمت المجتمع الدولي.

وفي السياسة قال البيت الأبيض إن صدقية روسيا مهددة بشدة بعد الهجوم الأخير لقوات الأسد في حلب، وأوضح أن موسكو مسؤولة عن ضمان التزام الاسد بوقف إطلاق النار قصير الأجل.

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إيرنست في إفادة صحافية «إن روسيا تستحق اللوم، وإن كان لهذا الاتفاق مستقبل ينبغي لروسيا أن تضاعف جهدها وتثبت ذلك«.

وأعلن وزير الخارجية الأميركي جون كيري في ختام لقائه نظيره الروسي سيرغي لافروف في نيويورك أن «هناك تقدماً محدوداً جداً» لحل الخلافات المتعلقة بالأزمة السورية. وقال كيري «التقيت وزير الخارجية (لافروف)، لقد حققنا تقدماً محدوداً جداً(...) نجري تقويماً لبعض الأفكار المشتركة بطريقة بناءة».

واعتبر لافروف من على منبر الأمم المتحدة أن «من الأساسي» الحفاظ على الاتفاق الموقع في 9 أيلول مع كيري بجنيف لفرض وقف لإطلاق النار في سوريا مدة سبعة أيام قبل أن ينتهي العمل به الاثنين.

وفشلت المجموعة الدولية لدعم سوريا الخميس في تمديد العمل باتفاق الهدنة في سوريا.

ولم يتحدث كيري صراحة عن فشل لكنه لم يخفِ تشاؤمه بشأن استئناف المفاوضات السياسية حول سوريا.

وفي سياق آخر، قال الجنرال يحيى رحيم صفوي المستشار العسكري للمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، إن «هناك اتفاقاً أميركياً - روسياً يجري تحت الطاولة بشأن سوريا يتجاهل مصالح إيران».

وأكد صفوي في برنامج تلفزيوني مساء الخميس، أن «إيران تخشى أن يخدع الأميركيون الروس في هذا الاتفاق، بما يحقق المصالح الأميركية ويتجاهل مصالح إيران في سوريا«.

ووفقاً لوكالة «مهر» الإيرانية شبه الرسمية، فقد طلب صفوي من الساسة الإيرانيين أن يكونوا يقظين لكي لا تحصل طهران على حصة أقل من هذا الاتفاق الذي يجري بين واشنطن وموسكو» على حد تعبيره.

وأضاف المستشار العسكري للمرشد الإيراني والقائد السابق للحرس الثوري، أن «الثقة لا معنى لها في عالم السياسة، ولذا على إيران أن تلاحظ مصالحها في هذا العالم«. وتابع أن القوى الرئيسية التي تدير المعارك في سوريا هي القوات السورية والإيرانية وحزب الله، وزعم أن دور الروس يقتصر على «الإسناد الجوي» فقط، لكنه أكد أن «المعلومات الاستخباراتية تصل لهذه القوات عن طريق القوات البرية الروسية أيضاً»

 

الديار :

يبدو ان الامور تتجه الى مبادرة جديدة وخيار جديد في حال تعذر انتخاب العماد ميشال عون رئىساً للجمهورية وهذا الخيار يقضي بنقل المعركة الى المجلس النيابي لاقرار قانون انتخابي جديد تجري على اساسه الانتخابات النيابية.
فقد كشف الرئيس نبيه بري انه يمكن ان تجري الانتخابات في اواخر ايار 2017 على اساس قانون 1960، اذا لم يتم التوافق على قانون انتخابي جديد وهذا ما ترفضه كتل سياسية بارزة.
وهذا المخرج كشف عنه النائب جورج عدوان في حديث الى «الديار» وقال انه يعمل على ايجاد مخرج للازمة السياسية التي يعيشها لبنان في ظل الشغور الرئاسي عبر طرح حل اخر في حال تعذر وصول العماد ميشال عون الى سدة الرئاسة وهو اعتماد مخرج ثان من الازمة الرئاسية يتضمن  نقل «المعركة» الى المجلس النيابي. وذلك يعني انه بدلاً من خوض معركة رئاسة الجمهورية التي تبين ان ظروفها صعبة للغاية في الوقت الحالي، يجب العمل على اقرار قانون انتخابي جديد، لانه اذا اصبح العماد عون رئيسا وبقي قانون الستين  هو المعتمد فسيستمر الفساد وسيتم انتخاب النواب أنفسهم ولن يحصل تغيير جذري في الدولة. كما اعتبر عدوان ان اقرار قانون انتخابي جديد سيعطي دفعة من الامل والتفاؤل عند اللبنانيين، الامر الذي يؤدي الى تخفيف حدة التوتر التي تشهدها البلاد.
واضاف عدوان ان القوات اللبنانية بمقدار ما هي حريصة على الحفاظ على العلاقة الجيدة مع التيار الوطني الحر بمقدار ما هي حريصة على الحفاظ على الاستقرار في البلاد، واصفا الوضع اللبناني بالدقيق للغاية في ظل التطورات التي تشهدها  المنطقة والحقائق الجغرافية التي تجمع لبنان بمحيطه الملتهب. ولفت عدوان الى ان هناك تطابقاً في وجهات النظر بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر حول المكوّن المسيحي والشراكة المسيحية في الحكم مع باقي الطوائف.
هذا التوجه ايضا يدرسه التيار الوطني الحر لاقرار قانون انتخاب ميثاقي. وقال مصدر نيابي بارز في كتلة التغيير والاصلاح ان قرار نزول التيار الوطني الحر الى الشارع ليس محصورا فقط برفض التيار التمديد لقائد الجيش جان قهوجي ورئيس الاركان وليد سلمان بل يتعدى ذلك، حيث عنوان «النزول الى الشارع» هو المحافظة على الميثاقية ورفض ضربها وخرقها على كل الاصعدة سواء على صعيد رئاسة الجمهورية ام على الصعيد النيابي او الوزاري. وشدد المصدر النيابي على ان التيار العوني يحرص على المحافظة على الميثاقية ولذلك يدعو انصاره الى النزول الى الشارع لرفض هذه الحالة التي تخلو من اي احترام للميثاقية منذ 1990، حيث «ومنذ ذلك التاريخ  وليس هناك قانون انتخابي ميثاقي، لانتخاب مجلس نيابي ميثاقي، خصوصا ان موعد الانتخابات النيابية اقترب وهو بعد ستة اشهر. اضف على ذلك, منذ 1990 ليس هناك رئيس للجمهورية ميثاقي بل الصيغة الرئاسية كانت تقضي بالاتيان برئيس توافقي وهذا ما يرفضه التيار الوطني الحر الذي اكد ان رئيس الجمهورية المقبل يجب ان يتمتع بحيثية في بيئته المسيحية اولا وعند الطوائف الاخرى ثانيا».
واشار المصدر النيابي الى ان موعد نزول العونيين الى الشارع قيد البحث والفترة المقررة تتراوح بين 28 ايلول و13 تشرين الاول.
ورداً على سؤال حول موقف حلفاء التيار الوطني الحر في النزول الى الشارع، قال المصدر النيابي «لم نطلب من حلفائنا اي شيء انما اي مبادرة يقومون بها سنرحب بها».

ـ بري والجلسة التشريعية وغياب المكوّنات المسيحية ـ

بدوره اكد الرئيس نبيه بري انه سيدعو لعقد جلسات تشريعية متتالية بعد بدء العقد العادي لمجلس النواب منتصف تشرين الاول وان الجلسات قد تكون بين اواخر تشرين الاول واوائل تشرين الثاني واكد ان نصاب الجلسات النصف زائدا واحدا اي 65 نائبا، مشيرا الى ان اوضاع البلاد لا تحتمل المماطلة والتسويف ويجب اقرار قوانين تتعلق بتسهيل امور البلد ورواتب الموظفين وقروض لا يمكن تأجيلها.
وفي المعلومات ان نواب حزب الله الذين حضروا لقاء الاربعاء النيابي ايدوا وجهة نظر الرئيس بري لجهة التئام المجلس النيابي واطلاق عجلة التشريع.
وفي المقابل جدد التيار الوطني الحر رفضه التشريع قبل انتخاب رئيس الجمهورية وان كتلة التغيير ستقاطع التشريع. وكان التيار الوطني الحر قد وافق على حضور الجلسات شرط ان يكون جدول اعمال الجلسة محصورا باقرار قانون الانتخابات والمغتربين من دون اي تشريع اخر وهذا ما رفضه الرئىس بري، معتبرا ان التيار الوطني الحر يحدد جدول اعمال الجلسة.
موقف «القوات اللبنانية» يتلاقى مع موقف العونيين لجهة عدم حضور جلسات تشريعية وان يقتصر جدول الاعمال على اقرار قانون للانتخابات قبل اي بند اخر والا فانهم سيقاطعون الجلسات.
اما موقف «الكتائب» فهو معروف لجهة مقاطعة التشريع في ظل غياب موقع رئاسة الجمهورية والتشريع باطل وغير دستوري في غياب الرئيس. لذلك لن يحضروا جلسة المجلس.
اما النواب المسيحيون في كتل جنبلاط و«المســتقبل» والرئىس بري فسيحضرون مع النواب المسيحيين المستقلين.

ـ الارهابي عماد ياسين وبنك اهدافه ـ

الانجاز النوعي للجيش اللبناني باعتقال امير «داعش» عماد ياسين شكل اكبر ضربة للارهابيين و«عقلهم المفكر» ومرجعيتم العسكرية والفقهية.
عماد ياسين، صاحب تاريخ بالارهاب، قاتل في العراق واستقر بعدها في سوريا  لسنوات عاملا في تنظيم الخلايا وعقد الاجتماعات قبل ان ينتقل الى مخيم عين الحلوة وهو على علاقة بأبو بكر البغدادي وكان موضع ثقة مطلقة.
اعتقال عماد ياسين، تم بعد رصد ومتابعة، كونه مناوراً وقادراً على التخفي، والتمويه، واثنان او ثلاثة من المحيطين به كانوا يعرفونه باسمه الحقيقي، ولذلك تعددت ألقابه واخرها عماد عقل.
عماد ياسين وقبل اعتقاله بـ 12 ساعة قام بتغيير شكله وصبغ لحيته باللون الاسود وتخفيفها، لأن الصورة النادرة المعروفة والمكشوفة له تختلف كليا عن شكله، اثناء اعتقاله. وفي المعلومات ان المتابعة الوثيقة لياسين والتعاون الامني من داخل المخيم اسقطا عملية التمويه بعد ان نجا من محاولات سابقة لاختطافه دون ان يعلم بذلك.
الشعور بالاطمئنان لدى ياسين شجعه على التنقل وحيدا أحياناً كثيرة كي لا يثير الشبهات، لكنه سقط اخيرا بعملية نظيفة ونوعية ستسجل في سجل انجازات الجيش اللبناني وفي المعلومات ان ياسين لم يستوعب الصدمة بعد ولم يفق منها وغير مصدق انه موقوف في سجن وزارة الدفاع.
وفي المعلومات «ان التحقيقات انطلقت لكشف سجله الارهابي الطويل، وبدأ يتجاوب وسيكشف الكثير من الاسرار والخلايا النائمة والقيادات واماكن تواجدها وكيف تعمل، وهذه الضربة الاستباقية للجيش اللبناني «ستخربط»، عمل المنظمات الارهابية ويلزمها الكثير من الوقت لاعادة لململة اوضاعها والدفع بجيل جديد غير مكشوف لتنفيذ العمليات الارهابية».

 

الجمهورية :

في السياسة، انتظار مفتوح لتصاعد الدخان من «المدخنة الرئاسيّة»، وكلّ البلد غارق في «عتمة رئاسية» ومضبوط على إيقاع تنجيم سياسي يجتاح كلّ المستويات، تارةً يعزّز احتمال تصاعد الدخان الأبيض في المدى القريب جداً، كمؤشّر لانتخاب وشيك لرئيس الجمهورية ربطاً بالحوار الرئاسي بين الرئيس سعد الحريري ورئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، وتارةً أخرى يعدم هذا الاحتمال نهائياً، بربط الملفّ الرئاسي اللبناني بأزمة المنطقة والحديث عن عمرٍ مديد للفراغ الرئاسي، يقذف بالرئاسة أشهراً إلى الأمام، وعلى الأقلّ إلى ما بعد الانتخابات الأميركية وتشكيل الإدارة الجديدة. وأمّا الأمن فهو تحت السيطرة، بحسب تأكيد قائد الجيش العماد جان قهوجي، والأولوية تبقى لحماية الاستقرار الداخلي بمعزل عن الظروف المحيطة بالوطن، مع التأكيد على أنّ الرسالة النوعية التي وجّهها الإنجاز النوعي بالقبض على أمير «داعش» في مخيّم عين الحلوة عماد ياسين، أمس الأوّل، تؤكّد بما لا يقبل الشكّ قدرةَ الجيش على مواجهة الإرهاب والانتصار عليه.

في زمن التنجيم السياسي هذا، يدخل البلد في عتمة رئاسية، فيقع يوماً تحت تأثير «نوبة تفاؤل» تُبنى لها أسباب موضوعية تحيط الرئاسة الضائعة بألوان زهرية، ولكن سرعان ما يصحو منها في اليوم التالي ليقع تحت تأثير»نوبة تشاؤم» تُبنى لها أسباب موضوعية أيضاً وتجتاح كلّ مفاصله وتمحو كلّ الألوان.

وما بين النوبة والنوبة، هناك من يراهن على أن يميّز الخيط الأبيض الرئاسي من الخيط الأسود في هذه العتمة، فيعلق الملف الرئاسي برُمّته على الخط الحريري - العوني ترقّباً لِما قد يستجد.

وإلى أن يثبت العكس، يبقى ما راج أخيراً عن تحوّلٍ ما في موقف الحريري لناحية التخلّي عن ترشيح رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية ودعم ترشيح عون، في إطار التكهّنات، خصوصاً أنّ الصورة الحريرية لم تثبت على موقف نهائي بعد، في انتظار عبور رئيس تيار «المستقبل» ما بات يسمّى «الممر الإلزامي السعودي»، وهذا ما قد يتوضّح خلال الايام القليلة المقبلة، في ظل ما يتردد عن لقاء وشيك بين الحريري والملك السعودي سلمان بن عبد العزيز.

على أنّ الصورة في هذه الأجواء تشي بأنّ حبال التواصل ما زالت مربوطة ما بين الرابية و»بيت الوسط»، ويلعب مدير مكتب الحريري نادر الحريري الدور الاساس في هذا المجال، سواء في الرابية أو في باريس.

عدّة الشغل

وعلمت «الجمهورية» أنّ ما تَردّد عن لقاء عقِد في باريس بين الرئيس الحريري وباسيل، لم يكن دقيقاً، ذلك انّ اللقاء تمّ بين باسيل ونادر الحريري، وبحسب معلومات موثوقة انّ نادر الحريري ابلغَ الى باسيل إصرار الحريري على ترشيح عون، وأنه يعمل على تأمين الإخراج اللازم داخلَ تيار «المستقبل» وخارجه.

إلّا أنّ ما عكّر الأجواء الإيجابية التي لمسَها باسيل، في اللحظة التي تَوجّه فيها الى نيويورك وانتقلَ فيها نادر الحريري الى بيروت، هو المواقف التي صدرَت عن كتلة «المستقبل» وبعض الشخصيات فيه، التي نفت ان يكون قد حصَل هذا التبنّي، وأكّدت الاستمرار بترشيح فرنجية.

وبحسب المعلومات فإنّ باسيل اتصل بنادر الحريري من نيويورك مستوضحاً حقيقة هذه المواقف وأبعادها، فجاء الجواب بما مفاده «دعكَ مِن ذلك، هذا من عدّة الشغل لتأمين الإخراج اللازم».

تفاهم مع برّي

في هذا الجوّ، بات من المسَلّم به أنّ جلسة 28 أيلول لن تكون «ولّادةً لرئيس جديد للجمهورية»، وذلك تبعاً للأجواء السلبية التي ما زالت تحيط بالملف الرئاسي، بالاضافة الى انّ الجلسة الولّادة، وكما تقول المصادر المواكبة للحوار، يفترض ان تكون وليدةَ تفاهمات سياسية مسبَقة حولها، وتحديداً مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، خصوصاً وأنّ لدى بري الكثير من الأمور والقضايا التي يرى الاتفاق عليها ضرورياً للسير بأيّ مخرج.

ولفتت المصادر الى أنّ الاهتمام يتركّز حاليّاً على إمرار التمديد لقائد الجيش، على ان تنشط الاتصالات مجدداً لمعالجة المقاطعة العونية للحكومة، ولا توحي الأجواء السائدة حالياً بأنّ عون سيقف حجر عثرة أمام استمرار الحكومة.

وفي السياق نفسِه، أكّد وزير بارز لـ«الجمهورية» أنّ الأيام المقبلة مرشّحة لأن تشهد مزيداً من الأحدات السياسية النوعية التي من شأنها أن تؤسس لإرادة جدّية لانتخاب رئيس قبل نهاية السنة الحالية.

وفي هذا الصَدد قد لا يطول غياب الحريري خارج لبنان ليعود في وقتٍ لاحق لينطلقَ بمشاورات مع القيادات السياسية بدءاً ببرّي، مع الاشارة الى انّ هناك من أسدى نصيحة الى الجانب العوني بالانفتاح على برّي من أجل كسر جليد العلاقة والتأسيس لتفاهم ضروري لضمان نجاح الاستحقاق الرئاسي.

في هذا الوقت، لم ترِد أيّ إشارات سعودية سلبية أو إيجابية من الاستحقاق الرئاسي، او حيال انفتاح الحريري على عون، او حيال مباركة وصول عون الى رئاسة الجمهورية .

وقال الوزير البارز لـ«الجمهورية» إنّ جهات لبنانية وغير لبنانية حاولت استمزاجَ رأي المملكة في الفترة الاخيرة، إلّا أنّ الجانب السعودي أفهمَ كلّ هذه الجهات بأنه لا يريد التدخّل في الشأن الرئاسي اللبناني، كما أوحى لهؤلاء بأنّ لبنان ليس في دائرة اهتماماته في هذه المرحلة.

عون يراقب

في المقابل، لا يزال عون يراقب سيرَ الأوضاع والمواقف بصمتٍ مطبق، من جهة، ويترقّب كلمة من الرئيس الحريري من جهة أخرى، قبل أن يُعِدّ خطابَه المرتقَب يوم السبت في 15 تشرين الأوّل، موعد إحياء ذكرى 13 تشرين والتي لم يحدّد مكانها بعد.

وفيما أكّد المطّلعون على موقف عون أنّ خطابه المرتقَب سيكون حسب الظرف، لم تستبعد المعلومات ان يخرج عون عن صمته قبل 15 تشرين، وتحدّثت عن احتمال أن يوجّه نداءً بصوته إلى قواعد «التيار الوطني الحر» قبل هذا التاريخ.

وجهة «التيار»... الشارع

ميدانياً، وبعد التحرّكات المطلبية التي افتتحت الشارع، تتّجه الأنظار الى شكل التحرّكات العونية المرتقبة، والتي ستنطلق وفق معلومات «الجمهورية» في غضون ساعات، والتي شاءَها «التيار الوطني الحر» أن تكون على مراحل: الأولى تمهيدية تسبق جلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 28 أيلول، والثانية تعقب الجلسة، وصولاً الى 15 تشرين.

وفي المعلومات أنّ «التيار» الذي أبقى قواعده مستنفرة وفي أعلى جهوزية، ينكبّ على وضعِ اللمسات على أشكال تحرّكِه المتصاعد وفقَ خطة كاملة وضَعها ورسَمها بشعاراتها وأدواتها وأهدافها، وهي عرضة للتبديل والتغيير بحسب كلّ منطقة، علماً أنّها تشمل كلّ لبنان ويشارك فيها «التيار» بكلّ هيئاته.

وقالت مصادر بارزة في «التيار الوطني الحر» لـ»الجمهورية»: نازلين عالشارع ولو لوحدنا، وهذه المرّة لا خروج منه قبل أن تتحقق حقوقنا، وأيام «السَلبطة» التي كانت في زمن السوريين انتهت، ونحن لا نطالب بشيء يخصّ «التيار» وحده بل بحقّ ميثاقي». وتساءلت «كيف تكون الميثاقية موجودة في ظلّ غياب تمثيل أربع قوى مسيحية أساسية في الحكومة: «التيار» و»القوات» و»الكتائب» و»الطاشناق»؟

ولفَتت المصادر الى أنّ «التيار» لا ينزل على الارض لإظهار حجمِه، «فقد سبقَ أن أظهره قبل، وصناديق الاقتراع غداً ستقول الكلمة الفصل، بل إنّ هدف نزوله توجيه رسائل ذات مغزى وأبعاد ومطالب بالحقوق، شعارُه الأساس الميثاقية كونها مطلباً وطنياً عاماً وليس طائفياً أو حزبياً».
وأكّدت المصادر أنّ «التيار» سيلجأ في تحرّكه «الى كل الوسائل المتاحة، وأشكال التحرّك مفتوحة على كلّ الوسائل الديموقراطية لتحصيل الحقوق ورفضِ الألغاء والتهميش».

إلّا أنّ المصادر حرصَت على التأكيد أنّ هذا التحرك «لن يخرج عن مساره السلمي، ودعت «المهوّلين الى الكف عن تهويلاتهم، لأنّ «التيار» أحرصُ منهم على السِلم الأهلي والاستقرار، وليس عليهم إلّا أن «يزيحوا طوابيرَهم الخامسة من الدرب، وما يِعتَلوا همّنا»، وذكّرَت بأنّ تحرّكات «التيار» تميّزَت دائماً بسِلميتها ولم يتمّ فيها كسرُ لوحِ زجاج واحد».

 

الاخبار :

ما بين 28 أيلول موعد الجلسة الـ 45 لانتخاب رئيس الجمهورية و13 تشرين الأول، طراز آخر من الانتظار: حصول اجتماع بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري. إذا حيل دونه، فالتحضير لتحرّك شعبي اعتراضي كبير بحسب ما يسمعه محيطون بعون منه لا يتوقف عند أي حد.

بعد 13 تشرين الأول تمسي كل الأبواب موصدة بينه وبين تيار المستقبل وما بقي من آلة الحكم. إذ ذاك، تبعاً لما يوحي به، ستكون البلاد أمام حقبة جديدة غير مسبوقة.
في ضوء ما بلغ إلى رئيس تكتل التغيير والإصلاح، وما تناولته لقاءات وزير الخارجية جبران باسيل مع ابن عمة الرئيس السابق للحكومة ومستشاره نادر الحريري، وما يصل إليه هو من موفدي الحريري، سيكون مستعداً للخوض معه في انتخاب الرئيس. بيد أنه يضع في الحسبان أيضاً المفاجآت السلبية: أن لا يعود الحريري إلى بيروت حتى موعد الجلسة 45، أو أن يعود ولا يجتمع به، أو أن يعود ويجتمع به ولا يرشحه، أو أن لا يجتمع به ولا يرشحه. في حصيلة إمرار هذا الوقت، يُنسب إلى عون في محيطه موقفان متلازمان: أولهما أنه يصبح عندئذ في حِلّ تام من التفاوض والوساطات وتنقل الموفدين وحملة الرسائل مع هذا الفريق، ويتحرّر من أي التزام حياله كي يقرر ما يقتضي أن يفعله. ثانيهما يدعو إلى التظاهر الشعبي في 13 تشرين الأول على طريق القصر الجمهوري في بعبدا كي يوجه رسالة مزدوجة: