عقد لقاء جامع  نهار الأربعاء 21 أيلول 2016 في حاريصا بين مختلف المكونات  والعائلات الروحية اللبنانية  تلبية لنداء مؤتمر أسيزي للسلام والحوار بين الأديان و الذي إنعقد في مدينة أسيزي الإيطالية بدعوة من بابا الفاتيكان فرنسيس.

اللقاء ضم العديد من ممثلي الطوائف الروحية في لبنان أبرزهم البطريريك بشارة الراعي وممثل عن مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان وممثل عن الطائفة الشيعية رئيس المركز العربي للحوار سماحة الشيخ عباس الجوهري وجاء تحت عنوان :" الله إله سلام وليس إله حرب".

لقاء أسيزي:

بحسب قناة تيلي لوميار فاللقاء هذا العام عقد بعد مرور 30 عاما على اللقاء الأول، ففي العام 1970 نظمت في كيوتو محاضرة حول الأديان والسلام بمشاركة البابا بولس السادس الذي عبر عن رغبته وشوقه لمحاورة العالم أجمع.
والعمل الفعلي تم في 27 تشرين الأول من العام 1986 مع البابا يوحنا بولس الثاني الذي دعا إلى هذا اللقاء تزامنا مع اعلان الأمم المتحدة العام 1986 سنة عالمية للسلام وإختار مدينة أسيزي بدل روما ومن هنا جاءت تسمية اللقاء.
ودعا البابا بولس الثاني إلى لقاء آخر عام 1993 تزامنا مع حرب البلقان والعام 2001 إثر هجمات 11 أيلول الإرهابية ومرة أخرى عام 2002.
أما البابا بنديكتوس السادس عشر فعقد سلسلة من اللقاءات العام 2006 و 2011.
واللافت هذا العام هو مشاركة غير مؤمنين باللقاء  من اجل الدعاء سويا كل على طريقته لهدف تحقيق السلام في العالم.
عقد اللقاء بعنوان :" العطش إلى السلام، أديان وثقافات في الحوار" وشارك فيه عدد من المسلمين حول العالم بطليعتهم   السيد جواد الخوئي.

حاريصا تلبي النداء:

بموازاة ما حصل في أسيزي، كانت حاريصا عند الموعد وشاركت في الدعاء لتحقيق آمال المتضررين من الحروب حول العالم.
وكان للبطريرك الراعي كلمة قال فيها:" إننا نصلي من أجل إحلال السلام عندنا وفي ما بيننا وفي بلدان الشرق الأوسط ونصلي من أجل المصالحة بين الأفرقاء وحل النزاع السياسي في شأن إنتخاب رئيس للجمهورية وما يتصل بهذا الإنتخاب".
أما سماحة الشيخ عباس الجوهري فكان له كلمة عبر فيها عن واقعية ما يحصل من نزاع يومي في عالمنا العربي والإسلامي ودعا لضرورة العمل وعدم الإكتفاء بالدعاء : " أخجل أن يسبقني غيري في الدعوة إلى السلام وديني الإسلام دين السلام وأمتلأ نعمة بأن فريقا أو طائفة أو شعبا تحسسوا هذه اللحظة المصيرية والتاريخية التي يمر بها عالمنا المشرقي وهذه اللحظة التاريخية الصعبة" وأضاف الجوهري :" نسأل الله سبحانه ونتضرع إلى الله ببركة العذراء مريم وببركة سيد الرحمة محمد (ص) وببركة إمام المحبة علي بن أبي طالب وكل الصحابة الأجلاء نتضرع إلى الله من هذا الصرح وهذا المكان الطاهر أن يعم السلام لبنان وسوريا والعراق واليمن وكل بلاد العالم".

 

إقرأ أيضا : السيد جواد الخوئي يشارك في مؤتمر الاديان والسلام : لا أكفر داعش

موقف المسلمين من عقد هكذا لقاءات:

هي الحيرة بالفعل عندما تجد هذا الإستسلام الكبير من قبل علماء المسلمين للأمر الواقع المعاش يوميا وهذا التسليم لقراءة معينة في الإسلام تدعو إلى العنف وتنبذ التجديد وترفض إعادة صياغة جديدة للرؤية الإسلامية قائمة على أساس النقد والإصلاح كما حصل مع المسيحية سابقا.
وهذا ما قصده الشيخ عباس الجوهري عندما عبر عن خجله كونه مدرك أن هناك قراءة أخرى للإسلام دعاه الشيخ بدين السلام.
فالعلماء والنخبة الإسلامية لا تزال تعيش في أمجاد الماضي وتريد إحيائه بنفس أدوات الماضي وهذا أحد أهم أسباب النفور من الإسلام ولصق تهمة الإرهاب فيه.
ولا شك أن الإسلام يحمل قرائتين إحداها تدعو للعنف وأخرى للسلام فالأولى عبر عنها بعض العلماء  بأنها مقتصرة على زمان معين وبالتالي يمكن التخلي عنها اليوم من خلال تبني الدولة المدنية وفي طياتها قيم السلام التي يدعو إليها الإسلام.
واليوم الناس بعد تجربة مؤلمة مع الإسلام السياسي هم بحاجة لهذا السلام المفقود المعبر عنه في الإسلام ورفض العنف والدعوة للتجديد والإصلاح.
وأولى الخطوات لهذا العمل هو عقد مؤتمرات ولقاءات مع الآخر المختلف كلقاء أسيزي وحاريصا للدعاء والعمل نحو تحقيق السلام في هذه المعمورة.
فلا شيء يمنع المسلمين اليوم من عقد هكذا مؤتمرات وتبني أطروحات في العلم والسلام والتقدم للنهوض بالمجتمعات ورفض العنف والتطرف الراديكالي الإسلامي من خلال مناقشات عميقة ودعوات لإستيعابهم وإعادة تعريف للإسلام بقراءة جديدة لهم والتخلي عن التكفير المتبادل.
خصوصا أن معظم المآسي التي نعيشها اليوم يتحمل وزرها المسلمون أنفسهم من ذبح وسبي وقتل.

إقرأ أيضا :  تاريخنا معظمه كذب ووهم... كيف نعالج الأمر؟

السلام حاجة إنسانية:

في عالمنا اليوم أصبح السلام ضرورة وحاجة للإنسان خصوصا في منطقة الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا.
فهذا الشرق ضجر الدم وهاله مشاهد الكره والذبح بإسم إله لم يثبت أنه طلب أضحيات بشرية ليسعد في عرشه.
فالسلام هو غاية الإنسان وإرادة الرب الحقيقية في دنيا الصعاب.