أولاً: المخضرمون في اللغة..
في اللغة: ناقةٌ مُخضرمة : قُطع طرف أذنها. والخضرمة: قطعُ إحدى الأذنين، وهي سمةُ الجاهلية، وقيل: المخضرمة من النوق والشاء المقطوعة نصف الأذن، وفي الحديث: خطبنا رسول الله "ص" يوم النحر على ناقةٍ مخضرمة، وكان أهل الجاهلية يُخضرمون نعمهم (أي مواشيهم) فلما جاء الإسلام أمرهم النبي أنّ يُخضرموا من غير الموضع الذي يخضرم منه أهل الجاهلية؛ وأصل الخضرمة أن يجعل الشيئ بين بين، فإذا قطع بعض الأذن فهي بين الوافرة والناقصة ، ومنه قيل لكلّ من أدرك الجاهلية والإسلام: مُخضرم لأنّه أدرك الخضرمتين، وقال إبراهيم الحربي: كانت خضرمة أهل الإسلام بائنة من خضرمة أهل الجاهلية، فقيل بهذا المعنى لكل من أدرك الجاهلية والإسلام: مُخضرم، لأنّه أدرك الخضرمتين: خضرمة الجاهلية وخضرمة الإسلام، ورجلٌ مخضرم: لم يختتن، وشاعر مخضرم أدرك الجاهلية والإسلام مثل لبيد وغيره ممّن أدركهما، وقال ابن برّي: من قال رجلٌ مخضرم، بكسر الراء هو الرجل الذي أدرك الجاهلية والإسلام، أمّا قوله: مخضرم بفتح الراء ، فتاويله أنّه قُطع من الكفر إلى الإسلام، وقيل: رجل مخضرم: أبوه أبيض وهو أسود، وقيل أيضاً: ناقص الحسب.
وفي اللغة: لحمٌ مخضرم بفتح الراء : لا يُدرى أمن ذكرٍ هو أم من أنثى ،وطعام مخضرم: ليس بحلوٍ ولا مر كما فسره ابن سيده، وماءٌ مخضرم :غير عذب، وبين الحلو والملح عن يعقوب.
ثانياً: الرفاق "الإخوة" المخضرمون..
الرفاق الشيوعيون (في الحزب الشيوعي وخارجه) هم مُخضرمون، فقد أدركوا أواخر أيام ستالين وخروتشوف واندروبوف وغورباتشوف، كما أدركوا عصر بن لادن وأيمن الظواهري وروح الله الخميني، وضاقوا ذرعاً، لفترة من الزمن بوصمة الشيوعية عندما زحفت كتائب الإسلام المظفّر، وفكروا جدياً بانتقال تدريجي إلى حضن الإسلام، وهم مخضرمون أيضا بمعنى آخر، فهم الذين عايشوا عصر الحركة الوطنية، كمال جنبلاط وجورج حاوي ومحسن إبراهيم وجورج حبش، ثمّ أدركوا عصر خالد حدادة ونجاح واكيم والرئيس بري وسماحة السيد حسن نصرالله، وحارو كغيرهم من المخضرمين بين الكفر والإيمان، ذلك أنّ شاعراً كبيرا كالحطيئة أدرك الإسلام ومات على الكفر بفضل أبي سفيان، وهم حائرون بين بين، بين الديمقراطية والشورى، بين الثوار والعصابات التكفيرية، بين "جمول" ومن اجهضها لجمول من أهل البيت، مخضرمون بين القرار الوطني المستقل والالتحاق بقوى الأمر الواقع، بين الوفاء لدماء الشهداء والتغني بها والتنكّر لها، ولعلّ أبلغ وصفٍ ، وللأسف طبعا، أنّهم كالماء المخضرم، لا هو حلو ولا مالح، بين بين، كالطالب الذي ينجح في الامتحان، لكنّه لم يحصل على مجموع يخوله دخول الكليات المرغوبة، بل عليه أن يلتحق بالزراعة أو السياحة، ويترك المكارم لأهل المكارم.