لا يبدو أن مؤسس التيار الوطني الحر النائب ميشال عون يدرك او يريد أن يدرك أنه ليس أكثر من ورقة بيد حزب الله، خصوصًا بعد الصفعة القوية الأخيرة التي تلقاها التيار بانعقاد جلسة مجلس الوزراء في موعدها المقرر يوم الخميس الماضي بعد إعلان عون قبل انعقادها بيومين عن مقاطعتها، حيث شارك وزراء حليفه حزب الله في هذه الجلسة رغم دعوة عون للمقاطعة وتلويحه باتخاذ إجراءات أخرى قد تصل إلى حد استقالة وزرائه والنزول إلى الشارع في رد على معظم القوى السياسية التي وافقت على التمديد لقائد الجيش جان قهوجي درءا لأي فراغ في قيادة المؤسسة العسكرية وهو ما يرفضه عون بذريعة حماية حقوق المسيحيين.
وفيما توقع العماد ميشال عون من ما يعتبره حليفه الإستراتيجي حزب الله أن يجاريه ويلتحق بركبه بالمقاطعة، إلا أن ذلك لم يحصل، إذ أن الحزب حاول مداراة عون وطلب من رئيس الحكومة تمام سلام تأجيل موعد جلسة مجلس الوزراء لكنه أمام إصرار سلام على انعقادها في موعدها اضطر إلى المشاركة في الجلسة مما شكل خيبة جديدة وخذلانا آخر لعون. 
ورجحت أوساط سياسية أن مشاركة حزب الله في الجلسة من شأنها أن تفرمل اندفاعة التيار الوطني الحر بالتصعيد الذي يشكل مضمون الصراع الذي يخوضه العماد عون لفرض خياراته بانتخابه رئيسا للجمهورية والوصول إلى قصر بعبدا. 
ومن الواضح أن رفض عون للتمديد لقائد الجيش والسعي لذلك من خلال التهديد بالتصعيد فإنه يصارع أمواج معظم التيارات السياسية على المستوى الداخلي ويسير بعكس التوجهات الإقليمية والدولية المتعلقة بلبنان وهذا ما اوضحته زيارة قائد القوات الأميركية الجنرال فوتل يوم الثلاثاء الماضي إلى لبنان واجتماعه مع قائد الجيش وتأكيده على متانة الشراكة الأمنية مع الجيش اللبناني والإشادة بدوره لجهة التصدي لعناصر تنظيم داعش ومحاربتها وإلقاء القبض على الكثير من المجموعات المرتبطة بالإرهاب. 
لذا فإن أوساط سياسية لبنانية ترى أن تهديدات العماد ميشال عون بالتصعيد لا تعدو كونها زوبعة في فنجان الساحة السياسية الداخلية وضجيج إعلامي لا يتماهى ولا يتلائم البتة مع مجمل التطورات الإقليمية والدولية في المنطقة ولا سيما ما يجري في سوريا. 
فالعماد عون لجأ إلى التهديد بالتصعيد والعصيان المدني منتظرًا من المجتمع الدولي التسليم برغباته الرئاسية حماية للسلم الأهلي في لبنان المطلوب دوليًا، إلا أن حزب الله ليس له مصلحة في التصعيد على مستوى الشارع أو في تفجير الحكومة اللبنانية التي تؤمن للحزب غطاءًا شرعيًا ودستوريًا في ظل الضغوط الدولية لا سيما الأميركية التي تمارس ضده. 
وعليه فإذا كان العماد ميشال عون لا يدري حتى هذه اللحظة أنه بالنسبة لحزب الله ليس أكثر من أداة داخلية يحركها وفق الحسابات الإيرانية وورقة يستخدمها لخدمة المشروع الإيراني الإقليمي فتلك مصيبة وإذا كان يدري فالمصيبة أعظم. 
وفي كلا الحالتين فعون يثير الشفقة على حلم لم ولن يتحقق، ففي أواخر الثمانينيات من القرن الماضي فإن طائرات الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد أخرجت عون هربا من قصر بعبدا رغم أن قنوات الاتصال الودية كانت قائمة بينهما لحسابات لها علاقة بعاصفة الصحراء، واليوم فإن إيران التي اوحت له بالترشح للرئاسة فهي من يتخلى عنه وأيضا لأسباب إقليمية، وما بين حلم عون وقصر بعبدا حكاية إسمها تعطيل مؤسسات الدولة اللبنانية يؤديها العماد بلغة متلعثمة ولسان فارسي.