ينذر التقارب الروسي الأميركي وانشغال تركيا باحتواء تداعيات الانقلاب الفاشل وتصاعد الهجمات الإرهابية في أوروبا، بمحاصرة المعارضة السورية المسلحة التي بدأت بالفعل تفقد مناطق استراتيجية كانت خاضعة لسيطرتها.
ومرّ الصراع في سوريا منذ بدايته في 2011 في تقلّبات كبرى، وكان للمعارضة في بعض المراحل اليد العليا المسيطرة على مساحات كبيرة في البلاد.

لكن الأحوال تبدّلت ووجدت المعارضة السورية نفسها تفقد السيطرة في وقت حساس جدا، يشهد مفاوضات روسية أميركية لإيجاد حل في البلاد.

وكان للتطورات المتلاحقة التي شهدتها المنطقة، والتقاربات السياسية بين قوى كبرى كانت تناصب بعضها العداء، أثرا سلبيا على المعارضة السورية التي وجدت داعميها يبتعدون عنها واحدا تلو الآخر، حسبما يرى مركز "ستراتفور" الأميركي للدراسات الاستراتيجية. 

تركيا مشغولة بنفسها

تركيا، التي تعد من أكبر الداعمين الإقليميين لفصائل المعارضة السورية إن لم تكن أكبرهم، وجدت نفسها فجأة غارقة في الفوضى جراء محاولة الانقلاب التي شهدتها البلاد، وأصبح همّها الأكبر ترتيب بيتها الداخلي، وانشغلت عما يجري في سوريا بحملة اعتقالات طالت الآلاف من جميع قطاعات الدولة بذريعة تورطهم في محاولة الانقلاب.

ولسوء حظ المعارضة السورية فإن توقيت ما جرى في تركيا هو الأسوأ، لأن تلك الفصائل التي تواجه الأسد تتعرض لضغوط كبيرة جدا وخاصة في حلب.

فالقوات الجوية الروسية والميلشيات الإيرانية التي تدعم الرئيس السوري بشار الأسد كثفت جهودها مع القوات الحكومية في حلب على وجه الخصوص حتى أصبحت المعارضة في حصار مطبق بعد قطع آخر طرق إمدادها المعروف بطريق الكاستيلّو.

والملاحظ أن قوات المعارضة السورية لا تستطيع التقاط أنفاسها في حلب، لأنها كانت تعتمد بشكل شبه كلّي على الإمدادات التركية بالذخيرة والأسلحة، فأنقرة حاليا مشغولة حاليا بما هو أهم، حسب مركز ستراتفور.

تقارب روسي تركي

كما أن تركيا وقبل محاولة الانقلاب اعتذرت من موسكو عن إسقاط مقاتلتها قرب الحدود السورية وأعادت علاقاتها مع روسيا، الحليف الصريح للرئيس السوري بشار الأسد.

أما بعد الانقلاب الفاشل وبعد ما لمسته أنقرة من فتور أوروبي أميركي في الوقوف بصفها، وجدت تركيا نفسها مضطرة أكثر للتقارب مع موسكو، وهو الأمر الذي سيكبح الاندفاع التركي نحو دعم المعارضة.

أولوية واشنطن هي محاربة الإرهاب

ومنذ أكثر من عامين ركزّت الولايات المتحدة، التي تقول دائما إنها في صف المعارضة حتى إزاحة الأسد، كل جهودها على محاربة الإرهاب، وأصبح الدعم الذي توفره مقتصر على القوات التي تحارب داعش والقوى المتطرفة، مثل ميليشيات سوريا الديمقراطية التي يغلب عليها المسلحون الأكراد، بالإضافة جيش سوريا الجديد شرقي البلاد، وفصائل الجبهة الجنوبية التابعة للجيش الحر في درعا.

ومنذ شهر ينشط وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره الأميركي جون كيري للتوصل إلى اتفاق أميركي روسي، أشارت كل التسريبات المتعلقة به برغبة روسيا في مشاركة واشنطن لها بقصف جبهة النصرة مع داعش، في وقت طالبت واشنطن فقط بإيقاف قصف المدنيين بالبراميل.

أما رحيل الأسد فتراه موسكو مستحيلا، وتبدي واشنطن مرونة تجاهه. في حين أصبحت مطالب أخرى مثل دعم المعارضة بالسلاح أو التدريب شيئا من الماضي، وحل مكانها فقط مطالب من واشنطن لموسكو بوقف استهداف المعارضة المعتدلة أو ما تبقى منها.

 

 

سكاي نيوز عربية