تحذير أميركي للبنان من خطورة إسقاط الحكومة , والصراع بين بري والخياط يحتدم

 

السفير :

 الاميركيون يريدون فتح جبهة الجنوب السوري؟ فصل بين مسارح العمليات في العراق وسوريا بحسب كلام وزير الدفاع اشتون كارتر بالامس غداة الحسم المهم في معركة حلب للجيش السوري والحلفاء. تصريح اميركي في توقيت ملتبس واهداف مضللة، خصوصا بعد الانزال الفاشل للقوة المدربة اميركيا واردنيا في البوكمال ومطار الحمدان والذي اباده «داعش» في اواخر حزيران الماضي.
آخر سفينة استأجرتها الولايات المتّحدة لنقل شحنات الموت من دول شرقي اوروبا، غادرت بلغاريا إلى جهةٍ مجهولةٍ في البحر الأحمر في 21 حزيران الماضي، أي قبل نحو شهر فقط، وكانت محمّلة بحوالي ألفٍ و700 طن من المدافع الثّقيلة والرّصاص وراجمات الصّواريخ والأسلحة المضادّة للدّبابات وقذائف الهاون والقنابل اليدويّة وغيرها من المتفجّرات. هذا جزء من تحقيق موسع نشرته صحيفة «الغارديان» البريطانية، يدقق في شحنات ورحلات طيران ومسارات سفن شحن، قد تمثل الجزء الضئيل من حقيقة خط الاسلحة المفتوح من دول شرق اوروبا والبلقان نحو ارض الصراع السوري، بتمويل على ما يبدو من السعوديين والاماراتيين وعبر مطارات ومنافذ حدودية تركية واردنية. (تفاصيل صفحة 4)
فهل يندرج تصريح وزير الدفاع الاميركي ضمن سياق التحضير فعليا لمعركة الجنوب السوري التي يفترض ان يخوضها ما يسمى «جيش سوريا الجديد» بدعم اميركي، على غرار معركة «قوات سوريا الديموقراطية» في الشمال السوري؟
قد لا يعدو تصريح اشتون كارتر اكثر من محاولة مناكفة متعددة الاهداف. اولا ضد الروسي الذي يدفع ويتقدم ببطء نحو ادراج «جبهة النصرة» في لائحة المستهدفين بالضربات الجوية، وسط معاندة كل من البنتاغون ووكالة الـ «سي أي ايه»، وثانيا وربما الاخطر ضد ادارة اوباما في اسابيعها الاخيرة في الحكم وهي تحاول تمرير صفقة اخيرة مع الكرملين حول الاهداف السورية، وثالثا نحو المنتصرين في معركة حلب التي تبرهن الاحداث انها بيضة القبان في مستقبل الصراع في سوريا وعليها، ورابعا نحو بغداد التي وافقت للتو على تحويل «الحشد الشعبي» المتقدم غربا لتحرير باقي التراب الوطني العراقي من قبضة الارهابيين، الى منظومة عسكرية تابعة للدولة العراقية.
ويقال انها «الصفقة الاخيرة» ربما لان المواعيد باتت ملحة. آب هو شهر التسويات السياسية. وهنا ايضا اهمية انجاز حلب ـ الكاستيلو ـ الليرمون ـ بني زيد، اذ لعل المنجز على الارض، يعوض ـ او يدفع لاحقا لتحسين ـ رداءة الصفقة التي حملها جون كيري الى موسكو مؤخرا مراهنا على رغبة الروس في استعجال البحث عن تسوية ما.
فماذا قال كارتر؟
قال الوزير الاميركي أن «التحالف لا يزال يعمل على فتح جبهة جديدة ضد الجهاديين في جنوب سوريا» بالإضافة إلى المعارك الدائرة في شمال شرق البلاد. وقال كارتر امام عسكريين أميركيين في فورت براج في ولاية نورث كارولاينا، يستعدون للانتشار في العراق، «سنواصل بشكل حثيث البحث عن فرص لفرض ضغوط على التنظيم (في سوريا) من الجنوب استكمالاً لجهودنا الحالية الكبيرة في الشمال الشرقي»، مشيراً إلى أن الخطوة تحمل «فوائد إضافية تتمثّل في تحسين الأمن لدى جيراننا الاردنيين وفصل مسرح العمليات في سوريا عن مسرح العمليات في العراق».
قبل يومين، بات الجيش السوري والحلفاء على مشارف بني زيد، بعد تعزيز سيطرتهم على الليرمون والكاستيلو. وبالامس، تقدمت القوات السورية الكردية من حي الشيخ مقصود الى السكن الشبابي، في ما وصفه مصدر مطلع على المشهد العسكري، ببداية كماشة من الطرفين لتطويق «الجهاديين» الذين امطروا حلب طوال سنوات بقذائف الموت.
قبل ايام، كشفت صحف اميركية النقاب عن غارات روسية طاولت منطقة التنف الحدودية مع الاردن، واستهدفت من وصفهم الاميركيون بانهم من المجموعات المسلحة التي تدربها الاستخبارات الاميركية والبريطانية.
في مكان ما تسير التوجهات الاميركية سوريا، بغير ما تتمنى واشنطن. الطيران السوري يلقي مناشير استسلام للمسلحين المطوقين في حلب الشرقية، ويعرض عليهم تسليم السلاح وتسوية اوضاعهم. والان، يقول كارتر انه يريد فتح معركة البادية السورية، لكن يجدر التوقف عند مجموعة ملاحظات:
اولا ان الاميركيين، كما يظهر المشهد السوري، لا يستعجلون انتصارا على الارهاب بالكامل. افضل ما يريده الاميركيون الان، انجاز عسكري باهر، لا في منبج، ولا الفلوجة وبالتأكيد ليس في الحدود الجنوبية حيث «جيش شهداء اليرموك» و «حركة المثنى»، لانها كلها لا تخدم الصندوق الانتخابي لهيلاري كلينتون في تشرين الثاني المقبل.
ثانيا، ان البنتاغون والـ «سي أي ايه» يرفضان ورقة التفاهم التي حملها كيري الى نظيره سيرغي لافروف والرئيس فلاديمير بوتين. تصريحات كارتر تصب في خدمة الاعتراض على التفاهم لانها تصور ان المعركة اساسا مع تنظيم ارهابي واحد يسمى «داعش».، بخلاف ما يرمي اليه الروسي بشمل «النصرة» وغيرها.
ثالثا، ان تصريحات كارتر تأتي على ابواب اجتماعات بين لافروف وكيري ولقاءات جنيف لمحاولة اخيرة ربما لطرح مشروع حل سياسي يقره اوباما كمكسب ديبلوماسي له وللديموقراطيين قبل انتهاء ولايته، لكن الواضح ان المسألة السورية برمتها رحلت الى الادارة الاميركية المقبلة.
رابعا، ان اخطر ما في تصريح وزير الدفاع الاميركي انه يقول بفصل مسرح العمليات في العراق عن مسرح العمليات في سوريا. ولعله الهدف الاستراتيجي الاكبر لفكرة معركة الجنوب السوري، ارتباطا بمعركة الرقة في الشرق السوري. يقول المصدر المطلع ان افضل ما انجزه «داعش» فصل الساحتين العراقية والسورية وامتدادهما شرقا نحو ايران، وغربا نحو لبنان والبحر المتوسط. «تفكيك ترابط جغرافية محور المقاومة»، كما وصفها. القول بمعركة الجنوب السوري تشي بما يدور في الذهن الاميركي، من الرغبة بابقاء الفصل الجغرافي قائما، خصوصا مع النجاحات التي حققتها القوات العراقية من جيش و «حشد شعبي» في الحرب ضد «داعش» في الغرب العراقي والتقدم نحو الموصل، والانجازات الاخيرة للجيش السوري والحلفاء في «ام المعارك» حلب.
خامسا، كيف تستوي التصريحات بشأن معركة الجنوب فيما الاميركي يواجه صعوبات في معركة منبج شمالا؟ كأنما وزير الدفاع الاميركي يقول انه يريد فتح مواجهة واسعة تخالف المنطق، من البادية الاردنية باتجاه ريف حمص الشرقي وصولا الى دير الزور وهي المناطق التي يتواجد «داعش» فيها حاليا.
تدمر استعادها الحلف السوري – الروسي مؤخرا، والان طوق حلب التي تمثل الميزان التحولي في معركة سوريا وليس أي ميدان اخر مع اهمية ميادين الشرق والجنوب وارتباطهما بالعراق وايران. لكن الارجحية تكمن في حلب والشمال التي تعني السيطرة عليهما امتلاك اليد العليا في توجيه الميادين السورية، خاصة اذا استمر الاتراك بـ «غض النظر» عن تطورات الشمال، بانتظار تبلور مشهد اكثر وضوحا بعد لقاء بوتين ورجب طيب اردوغان في 9 آب المقبل، للسياسة التي يعتزم الرئيس التركي المجروح، اتباعها سوريا واقليميا، وفي علاقاته مع كل من موسكو وواشنطن.
حلب
قُتل 18 مدنياً على الأقل في قصف للجيش السوري، أمس، على الأحياء الشرقية في مدينة حلب، وفق ما أفاد «المرصد السوري لحقوق الانسان».
وذكرت «القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة» في بيان نشرته «سانا» أن وحدات منها وبالتعاون مع «القوات الرديفة» تمكّنت من «قطع جميع طرق الامداد والمعابر التي كان الارهابيون يستخدمونها لإدخال المرتزقة والأسلحة والذخيرة إلى الأحياء الشرقية لمدينة حلب».
وتزامناً مع إعلان الرئيس السوري بشار الأسد، في مقابلة مع قناة «أي تي في» اليونانية، أنه سيمنح العفو للإرهابيين الذين يتخلّون عن السلاح، دعا الجيش «كل من يحمل السلاح» في الأحياء الشرقية إلى «تسوية وضعه من خلال تسليم سلاحه والبقاء في حلب لمن يرغب أو تسليم سلاحه ومغادرة المدينة»، داعياً المواطنين إلى التعاون معه «للمساهمة في وقف القتال وعودة الهدوء إلى حلب وإعادة الخدمات من كهرباء ومدارس ومشاف وعودة الحياة إلى طبيعتها السابقة».

النهار :

لم تخرج جلسة مجلس الوزراء أمس ولا مثلها جلسة اللجان النيابية المشتركة عن سياق الرتابة والدوران في دائرة التجاذبات والتباينات التي تشل أي امكان لتحقيق اختراقات في أي من الملفات الحيوية الامر الذي يبقي الجمود السائد المشهد السياسي عالقاً حتى موعد الجولة الحوارية المقبلة في الايام المحددة لها في 2 آب المقبل و3 و4 منه. ولعل هذه المراوحة دفعت الرئيس سعد الحريري الى القول مساء أمس مفتتحا حفل تسجيل بيروت رقما قياسيا لاطول سجادة حمراء في العالم ان لبنان "دخل مقياس غينس في الفراغ الرئاسي ويجب علينا انتخاب رئيس للجمهورية"، واذ أسف "لوصولنا الى هذه المرحلة" رأى انه "على كل الكتل النيابية ان تأخذ قرارها بان انتخاب رئيس للجمهورية يجب ان يحصل في أقرب وقت".
واذا كان حوار آب ونتائجه "لناظره قريب"، فان الاستعدادات لاحياء عيد الجيش في الاول من آب تصطدم للسنة الثالثة توالياً بتعذر اقامة الاحتفال التقليدي بتخريج الدورة الجديدة من الضباط بفعل عدم انتخاب رئيس للجمهورية، كما تخترق هذه الاستعدادات الذكرى الثانية للهجوم الارهابي على عرسال الذي اسرت خلاله "داعش " و"النصرة " مجموعتين عسكريتين اطلقت "النصرة " احداهما فيما لا يزال مصير المجموعة الثانية مجهولاً لاستمرار اسرها لدى "داعش".
وعشية الاول من آب، يبدو الجيش منخرطاً الى أعلى المستويات في استنفار واسع استثنائي في مواجهته مع الارهاب، وهو استنفار عكسه شعار "24 على 24 على 10452" الذي اختاره الجيش هذه السنة لاحياء عيده، في دلالة واضحة على التعبئة العسكرية والامنية الواسعة التي يتبعها في مواجهة الاستهدافات الارهابية والتي كان من أبرز الخطوات المتخذة في محاصرتها تلك التي يستمر اتخاذها في شأن وضع مخيم عين الحلوة وفي عرسال. لكن زوار قائد الجيش العماد جان قهوجي يلمسون لديه اطمئناناً الى ان وضع الجيش جيد على غير ما يخشاه البعض في ظل تعطيل مؤسسات الدولة بل ان مؤسسة الجيش تبقى وحيدة نوعاً ما بعيدة نسبياً من صراعات السياسيين وخلافاتهم بفعل سياسة التحييد التي اتبعتها القيادة العسكرية للجيش عن هذه الصراعات. وبينما يؤكد زوار العماد قهوجي ما اوردته "النهار" أمس عن تمكن الجيش من توقيف زهاء 350 ارهابيا من "داعش" في أقل من ثلاثة اشهر بما يثبت الحجم الكبير للاستنفار والقدرات الاحترافية في تعقب الخلايا الارهابية ينقل هؤلاء عن قائد الجيش تشديده على المضي في الاجراءات الاستباقية اقتناعا من القيادة بان الارهاب فرض أسلوب عمل مختلفاً بحيث لا يجوز انتظار العمليات الارهابية للتحرك بل السعي الى تجنبها. ويقول العماد قهوجي في هذا السياق استناداً الى زواره ان قتال الارهاب هو بمثابة قتال السرطان منعا لانتشاره وتمدده ولا بد من قتاله بقوة اينما كان وبسلاحه، مشددا على استمرار الجيش في استباق خطوات الارهابيين من دون هوادة أو وهن أو احباط ولذا لا يترك الجيش اويهمل أي معلومات من دون التعامل معها بأقصى الجدية. ص2
وفي اطار الدعمين الاميركي والبريطاني المتواصلين للجيش، علمت "النهار" ان القيادة العسكرية تبلغت رسمياً تخصيص بريطانيا مساعدات جديدة للجيش بقيمة 50 مليون اورو. وتزامن ذلك مع قيام السفير البريطاني في لبنان هيوغو شورتر أمس بجولة على القاع وبعلبك اكتسبت وجهين اجتماعياً وعسكرياً. وقدم شورتر الى فوج الحدود البرية الرابع 1000 مجموعة من لوزام الحماية الشخصية دلالة على دعم هذا الفوج ضمن هبة تصل الى 3300 مجموعة في برنامج للتدريب والتجهيز.

 

مجلس الوزراء
في غضون ذلك أبلغت مصادر وزارية "النهار" ان جلسة مجلس الوزراء أمس التي إمتزج فيها الطابع الاستثنائي المتعلق بملف الاتصالات والطابع العادي من خلال جدول الاعمال، شهدت عرضاً لمواقف مختلف الاطراف من قضايا الاتصالات إنتهى الى قرار بإستكمال البحث الخميس المقبل. وكانت لافتاً على هذا الصعيد، كما أوضحت المصادر، ان وزيريّ "حزب الله" محمد فنيش وحسين الحاج حسن ميّزا نفسهما عن وزيريّ "التيار الوطني الحر" جبران باسيل والياس بوصعب، كما ميزا المدير العام للوزارة عبد المنعم يوسف عن فضائح الانترنت. وبدا واضحاً ان الاهتمام إنتقل من تجديد عقديّ الخليوي الى الانترنت غير الشرعي.
وفي الوقائع أن الوزيريّن باسيل وبو صعب ومعهما وزيرا الاشتراكي وائل بو فاعور وأكرم شهيّب طالبوا بإقالة عبدالمنعم يوسف، فرد الوزير فنيش مطالباً بـ"عدم التغطية على جريمة القرصنة بحجة ان هناك شخصاً اسمه عبد المنعم يوسف".
وقال الوزير رشيد درباس: "اذا كان وضع يوسف مخالفاً بشغله وظيفتين (مديرية الوزارة ومدير أوجيرو) فهذه مخالفة تتحمّلها الحكومات المتعاقبة منذ ان تمّ تعيينه".
وكانت مداخلة للوزير نبيل دوفريج فسأل"عن القانون 431 الذي أقرّ بالاجماع في مجلس النواب منذ العام 2002 وينص على هيئة ناظمة ويلغي أوجيرو وادارة الاستثمار ويجري الخصخصة؟". وقال أن القانون لو نفّذ" لما وصلنا الى ما وصلنا اليه". واستند الفريق الوزاري المدافع عن عبد المنعم يوسف الى الحكم الذي اصدرته النيابة العامة المالية في ملف "أوجيرو" والذي نشرته "النهار" أمس وجاء لمصلحة يوسف.
وقد استغرب الوزير حرب الكلام الوارد على لسان بعض الوزراء الذين اعتبروا التقرير الذي رفعه "كبيراً جداً لتضييع مجلس الوزراء"... وقد تم الاتفاق على ان يبدأ الوزراء مناقشة هذا التقرير على ان يرد الوزير حرب في نهاية المطاف على ملاحظاتهم.

 

المستقبل :

دخل ملف «الاتصالات» مرحلة جديدة من التأزّم مع تصاعد السجال من حوله في جلسة مجلس الوزراء أمس بين وزير الاتصالات بطرس حرب من جهة ووزراء التيّار «الوطني الحر» والحزب «التقدمي الاشتراكي» من جهة ثانية، قبل أن يحسمه رئيس مجلس الوزراء تمام سلام ويدعو إلى ترحيل هذا الملف إلى الجلسة المقبلة التي دعا الوزراء إلى أن يكونوا مستعدّين لها كونها قد تتضمن «قرارات مهمّة» في هذا الخصوص من دون أن يفصح عن مضمون هذه القرارات.

وكان الوزير حرب أودع مجلس الوزراء تقريراً مفصلاً من 19 صفحة مقروناً بمستندات ووثائق، معتبراً، حسب مصادر وزارية، أن التقرير لا يحتاج إلى شرح ما دام وزّع على الوزراء وبالتالي لا حاجة لتضييع وقت زملائه، آملاً منهم سماع ملاحظاتهم للردّ عليهم. وسرعان ما طلب الكلام وزير الخارجية جبران باسيل فاعتبر أن الوزارة مسؤولة عن عملية الاعتداء على الانترنت غير الشرعي لأنها لم تكن توفّر هذه الخدمة، مضيفاً أنه لا يجوز لوزير الاتصالات تمديد العقود بوجود مجلس الوزراء بما يخص عقد الصيانة لـ«أوجيرو» بـ176 مليار ليرة.

ثم حمل الوزير وائل أبو فاعور على المدير العام للصيانة والاستثمار ورئيس هيئة «أوجيرو» عبدالمنعم يوسف، منتقداً كيف يتولّى مسؤوليتين متناقضتين، مطالباً بنزعهما وباتخاذ تدبير إداري بحقّه وإلاّ فهو سيضطر للانسحاب من الجلسة، وهو الموقف نفسه الذي أعلنه الوزير أكرم شهيب. لكن عضوَي كتلة «الوفاء للمقاومة» الوزير حسين الحاج حسن ومحمد فنيش أدليا بمواقف لافتة للانتباه حيث اعتبر الأول أن يوسف لم يعيّن نفسه في هذين المنصبَين ولا يتحمّل مسؤولية ذلك بل إن مجلس الوزراء مَن فعل ذلك ومَن يتحمّل المسؤولية، فيما اعتبر الثاني أن ملف الاتصالات أثير بعدما اكتشفت وزارة الاتصالات فضيحة الانترنت غير الشرعي والتخابر غير الشرعي وطالبت بملاحقة الفاعلين وقامت عليها القيامة، داعياً إلى التحقيق حولهما واتخاذ القرار.

وفيما حمّل نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع سمير مقبل مسؤولية الانترنت غير الشرعي إلى الأجهزة التي تشمل الجمارك والقوى الأمنية في موضوع إدخال التجهيزات، سأل الوزير الياس بوصعب الوزير حرب عن اللجنة التي شكلها في موضوع الانترنت، فأجابه بأنها وضعت في تصرف القضاء لمواكبة التحقيق.

أما الوزير رشيد درباس فرفض التحقيق في مسلكية يوسف لا سيما أن قرارات قضائية برّأته مما أسند إليه من اتهامات. فيما سأل الوزير نبيل دي فريج عن الأسباب التي دعت إلى تعيين يوسف في المنصبَين اللذين يشغلهما، لافتاً إلى القانون رقم 431 الصادر سنة 2002 بعد مؤتمر باريس-2 الذي قرر وزراء الاتصالات العونيون المتعاقبون عدم تنفيذه فعطلوا القانون، وكان تعيين يوسف آنذاك على أساس أن يتولى المنصبَين لأشهر قليلة ليبدأ تطبيق القانون الذي رفض الوزراء باسيل ونقولا نحاس ونقولا صحناوي تطبيقه فبقي يوسف ممارساً للمنصبَين. وخلص دي فريج إلى اعتبار أن المسؤولية ليست على يوسف إنما على مَن عيّنه، مشيراً إلى أن عدم تنفيذ القانون كان قراراً سياسياً وهذا ما ترجمه اضطهاد رئيس الهيئة المنظمة للاتصالات آنذاك الذي اضطر للاستقالة لأن الوزراء المذكورين كانوا يخشون تطبيق القانون 431 لأن الهيئة الناظمة للاتصالات ستقلص صلاحيات وزير الاتصالات شيئاً فشيئاً فتأخذها كلها في النتيجة. وبذلك لو طبّق هذا القانون لما كان هناك «أوجيرو» ولا مدير عام ولا عبدالمنعم يوسف.

وفي نهاية المداولات، طلب الوزير حرب الرد على ملاحظات الوزراء وأسئلتهم، إلا أن رئيس الحكومة تمنى عليه إرجاء الرد إلى جلسة يعيّنها قريباً لأن الوقت تأخر.

مكاري

في الغضون، بدأت جلسات اللجان النيابية المشتركة المولجة بدرس قانون الانتخاب تحذو حذو جلسات انتخاب رئيس الجمهورية، حيث شهدت جلسة أمس (20 دقيقة) الدوّامة نفسها التي شهدتها الجلسات السابقة منذ سنوات، حيث أدلى كل من النواب بالموقف نفسه الذي أدلى به على امتداد الجلسات السابقة، لتنتهي الجلسة من دون أي نتيجة.

الديار :

هذا بعض من حديث الوسط الديبلوماسي: مثلما يحكى الان، وبعد مائة عام، عن اتفاقية سايكس - بيكو، يحكى بعد مائة عام عن اتفاقية كيري - لافروف. منذ البداية، قال فلاديمير بوتين ان قواعد النظام العالمي الجديد تنبثق من سوريا.
حتى الخارطة الجديدة للشرق الاوسط، بما في ذلك خارطة العلاقات، والتوازنات، والمصالح، تنبثق من سوريا، السعوديون والايرانيون وصلوا الى الحائط. ماذا تجدي لعبة الحطام امام لعبة الامم. الملف الان في يد الاميركيين الذين لم يكونوا يتصورون ان تنظيم الدولة الاسلامية يمكن ان يتحول الى قوة عابرة للقارات، وفي يد الروس الذين باتوا اكثر استشعاراً بالخطر.
وكان يفغيني بريماكوف يقول ان الدول من الدول الاسلامية، ومن الشرق الاوسط الى الشرق الاقصى هي عبارة عن حقول من القصب وسرعان ما تشتعل «امام النيران الايديولوجية العاتية». هذا قبل ان يظهر «داعش» ويدق ابواب الكرملين...
اتفاق بين وزير الخارجية الاميركي ونظيره الروسي، حول الطريق الى ردهة المفاوضات، هل يستطيع الجانبان ان يحققا في شهرين او ثلاثة ما عجزا عن تحقيقه خلال ستين شهراً؟
واشنطن وموسكو تعتبران الافرقاء وصلوا الى حد الاستهلاك التام. الى حد كبير شعروا او استشعروا عبثية الصراع. ما تبقى من النظام مع ما تبقى من المعارضة على طاولة المفاوضات.
وحديث الوسط الديبلوماسي يشير الى ان النظام بات على اقتناع تام بالحل السياسي الذي يفترض، حتماً، سلسلة من التنازلات. المعارضة كذلك بعدما كانت «جبهة النصرة» ليس فقط بمثابة «المعطف الواقي» وانما القوة الضاربة، وبطبيعة الحال بفعل ما قدمه الاميركيون والحلفاء العرب...
العامل الاهم في توصل كيري ولافروف الى اتفاق هو الانحسار التركي. صحيح ان شعار عادل الجبير هو اسقاط بشار الاسد، لكن رجب طيب اردوغان ظل حتى اللحظة الاخيرية يراهن على طاولة المفاوضات.
الان اردوغان في مكان آخر ولمهمة اخرى في الداخل التركي حيث التصريح السياسي والعسكري، وحيث الاحتمالات التي على النار. بطبيعة الحال هذا اثر على الموقف السعودي المتشدد. لم يعد باستطاعة المملكة ان تلعب وحيدة داخل المتاهة السورية، دون ان يعني هذا انها تغادر الساحة..
الان اللعب التكتيكي لا اللعب الاستراتيجي. الكل في حالة الوهن. الاتراك والايرانيون والسعوديون. ولا شك ان هناك من يرى في «البديل الاسرائيلي، الظهير الاستراتيجي الذي لا يشق له غبار. هذا رهان شديد الخطورة. ومن الافضل الذهاب الى جنيف ما دام موقف واشنطن معروفاً بالنسبة الى مستقبل النظام السوري.
هذا لا يمنع بعض اعضاء الهيئة العليا للمفاوضات، وبالرغم من انها صناعة سعودية بالكامل، عن الاعتراض، والكلام عن «الخيانات الاميركية» رياض حجاب واسعد الزعبي، وصولاً الى مصطفى علوش، يعتبرون ان تخلي واشنطن عن «جبهة النصرة» بمثابة صدمة استراتيجية للمعارضة...
الفصائل الاخرى مبعثرة، وغالبا ما كانت «النصرة» هي الاقوى حضوراً على كل الجبهات، حتى في مناطق التماس مع «داعش» الاميركيون يقولون الا داعي لهذه التفاصيل، المفاوضات هي عملياً بين واشنطن وموسكو.
الاطراف العربية لن تستطيع الرهان على دور اوروبي. القارة العجوز تعيش حالة من الذعر بعدما قدمت خدمات لوجيستية وعملانية للمعارضة، او للمعارضة، السورية لا يمكن تصورها. فرنسا بالكاد تستطيع لملمة جراحها (وضحاياها)، وبريطانيا المتوجسة تبدو وكأنها تخلت عن ديبلوماسية الظل من خلال الاتيان بوزير خارجية (بوريس جونسون) الذي يوصف بـ«ترامب الانكليزي». ينظم قصيدة في اردوغان وهو يضاجع العنزة، ويصف هيلاري كلينتون بالممرضة السادية التي تعذب مرضاها في مسشتفى المجانين، ثم يدعو الى ازاحة بشار الاسد...

ـ احذروا دونالد ترامب ـ

انقلاب في المشهد الدولي والشرق اوسطي. المشكلة، وكما تشير الاوساط الديبلوماسية، ان ولاية باراك اوباما الثانية بانت في نهايتها. الوقت ضاغط جداً، ونصيحة روسية وحتى اميركية لعواصم عربية بالمساعدة على صياغة اطار للتسوية في سوريا قبل آخر ايلول المقبل لان دخول دونالد ترامب الى البيت الابيض، وهذا هو المرجح، بعدما بدا ان هناك جهات غامضة ومؤثرة، تسعى لاغتيال المرشحة الديموقراطية سياسياً، قد يعني انقلاب في الخارطة  الاستراتيجية للشرق الاوسط.
استطراداً، النصيحة حاسمة. ترامب الذي يؤيده حتى الأخ غير الشقيق لاوباما مالك اوباما، وهو اميركي مسلم، لا يعنيه بقاء الاسد او زواله، وسيطالب السعوديين وغيرهم ببدلات حماية الاسطول الاميركي لهم، هكذا قال علناً...
الديبلوماسيون الروس يؤكدون الا تغيير في الخرائط، دون استبعاد هذا الاحتمال كلياً. التغيير في الصيغ لا بد ان تكون سوريا فديرالية او كونفدرالية، وعلى غرار العراق. في هذه الحال، ماذا عن لبنان، اتفاق اميركي ـ روسي على الحفاظ على الخارطة كما على الصيغة اللبنانية، ولكن بعد احداث بعض التعديلات في ما يتعلق بتوزيع الصلاحيات بين الطوائف. حديث في الكواليس عن ان موسكو تريد رئيساً ارثوذكسياً في لبنان، ما رأي الموارنة؟
ويقول الديبلوماسيون الروس والاميركيون ايضاً ان الغاء الدولة أسهل من اقامة الفديرالية او الكونفدرالية في لبنان، وحيث التوازن الديموغرافي وحتى «النوعي» بين السنّة والشيعة، فيما حصة المسيحيين «مرقد عنزة» في الجمهورية الثانية او الثالثة، دون ان يبقى خفياً ان دوائر فاتيكانية استوضحت باريس وواشنطن حول مستقبل مسيحيي لبنان بعدما شاع الحديث عن تغيير في الخرائط، وما اذا كان بالامكان اقامة كيان مسيحي بحكم ذاتي...

ـ الجولاني وغواية السلطة ـ

وهنا يقول ديبلوماسي اوروبي لـ«الديار» ان التسوية في سوريا تحتاج الى الكثير من الوقت. هناك جهات عربية وتلعب الورقة الاخيرة ان تقتنع «النصرة» بالمـــال وباغراءات اخرى بالانفصال عن تنظيم «القاعدة».
ما يتردد وراء الضوء ان ابا مجد الجولاني، الواقع منذ البداية في غواية السلطة، يمكن ان يقبل بمثل هذه الصفقة التي يرفضها الجناح العسكري في الجبهة والذي يعتبر ان هذه الخطوة هي جزء من سيناريو لالغاء الجبهة في نهاية المطاف في صندوق القمامة....
وبحسب المعلومات، فان القادة العسكريين يعتبرون ان اهمية «النصرة» هي في كونها جزءاً من منظومة تتجاوز الحدود السورية، كما ان الاميركيين والروس لا يمكن ان يقبلوا بمشاركة الجبهة في الهيئة الانتقالية بالنظر لتوجهاتها الايديولوجية الراديكالية والتي لا يمكن ان تتخلى عنها في حال من الاحوال.
هذا يعني ان لبنان سيظل تحت مظلة الستاتيكو، ومصادر سياسية تعتبر انه بعد اتفاق كيري ـ لافروف الذي يفرض اجراءات محددة على الارض السورية، ودائماً في اتجاه المفاوضات، فان ثلاثية الحوار في 2 و3 و4 آب لا جدوى منها...

الجمهورية :

يتأكّد يوماً بعد يوم، أن لا سقف للمدى الزمني الذي ستبقى فيه السلبية هي المتحكّمة بالمشهد الداخلي على كلّ المستويات، وبالتالي محكومٌ على اللبنانيين أن يبقوا في سجن الانتظار إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولا، فأبواب الفرج السياسي مقفَلة بالكامل، رئاسة جمهورية يأكلها الفراغ والمكايدات، وتكاد تصبح حلماً. ومجلس نيابيّ ذاهب في رحلة تعطيل طويلة ويكاد يَطويه النسيان، وحكومة غادرَت الفعالية والإنتاجية وحوّلت نفسَها منصّةً للاشتباك السياسي على أبسط الأمور، حتى على جنس الملائكة. وأمّا باب الفرج الاقتصادي فإنّ العثور على مفتاحه يتطلّب معجزة. وربّما إعادةُ توليد موازنة عامة للمرّة الأولى منذ العام 2005 من شأنها أن تعيد تشغيلَ البلد، وربّما تعطي بعضَ الأمل بسلوك الملف المالي والاقتصادي والمعيشي والاجتماعي، الاتّجاه الصحيح.

مِن الطبيعي وسط هذه الأجواء، عدم التعويل على أيّة نتائج نوعية أو حتى عادية من «ثلاثية الحوار» بدءاً مِن 2 آب المقبل، خصوصاً وأنّ مختلف القوى السياسي تقارب هذه «الثلاثية» بوصفها لزومَ ما لا يلزم، وفي أحسن الأحوال واحدة من الجولات الحوارية، التي يدلي فيها كلّ طرف بدلوه ويؤكّد على ثوابته ومسلّماته، من دون القدرة على ابتداع حلول أو التراجع عن قناعات، حتى ولو كانت خاطئة، ولا تقاربها بوصفها «ولادة حلول»، خصوصاً وأنّ الملفات التي تتناولها هي الأكثر تعقيداً أو الأكثر استحالةً في إمكان صياغة تفاهمات حولها، سواء رئاسة الجمهورية والانقسام الحاد حولها، أو الحكومة المقبلة التي يحكمها المجهول، أو القانون الانتخابي العالق، لا بل الثابت ما بين تفصيله توجّهات ورؤى وأفكاراً تفصّله بحسب المقاسات السياسية والتقسيمات المصلحيّة. ولعلّ جلسة اللجان المشتركة بالأمس، خير مثال على ذلك.

رئيس مجلس النواب نبيه بري يعاكس كلّ الأجواء السلبية، وبحسب أوساطه، فإنه لا يرى موجباً للنعي المسبَق للجولات الحوارية، بل هي محطة وفرصة مهمّة لطرح الأمور الاساسية على الطاولة والبحث عن مخارج، ويَعتبرها «الخرطوشة الأخيرة»، لعلّنا نستفيد منها للولوج إلى الحلول، وخصوصاً حول رئاسة الجمهورية، التي برَز حولها موقف بالأمس من الرئيس سعد الحريري الذي كرّر الدعوة إلى إجراء الانتخابات الرئاسية في أقرب وقت ممكن، مؤيّداً القائلين بأنّ لبنان دخل موسوعة «غينيس»من حيث استمرار الفراغ الرئاسي.

إشتباك الاتصالات

من جهة ثانية، واضحٌ أنّ الرياح ما زالت تعصف بالحكومة، وشكّلَ ملف الاتصالات الشرارةَ التي أشعلت اشتباكاً عاصفاً خلال جلسة مجلس الوزراء أمس، ما بين وزراء «التيار الوطني الحر» ووزير الاتصالات بطرس حرب، إلى جانب الحملة العنيفة التي يشنّها وزراء «اللقاء الديموقراطي» على رئيس مجلس إدارة أوجيرو عبد المنعم يوسف « لمحاسبته وإقصائه».

فكلُعبة كرة الطائرة كانت النقاشات داخل الجلسة التي وصَف أجواءَها الوزير الياس بوصعب بالقول: «وزير بعللي ووزير بيكبس». وقد كرّسَت الجلسة الخلافَ الكبير حول الخلوي والإنترنت والتخابر غير الشرعي في حرب «حرب ـ باسيل» والذي لا يبدو أنّه سينتهي في أفقٍ منظور، ولو اقتربَ النقاش من حسمِ مصير يوسف. فقد علمت «الجمهورية» أنّ تيار«المستقبل» رفعَ الغطاء عنه، وبدأ الحديث عن بديل له لتولّي مركز مدير عام أوجيرو.

والمرشّح لهذا المنصب عماد كريدية، وقد لفتَ إلى هذا الأمر الوزير جبران باسيل لدى مغادرته، بقوله لـ»الجمهورية»: «لن يدوم الغطاء السياسي وغطاء الفساد طويلاً على عبد المنعم يوسف».

تقرير حرب

وعلمت «الجمهورية» أنّ حرب عرض 4 ملفّات تتضمن الإنترنت غير الشرعي، التخابر الدولي غير الشرعي، عقد أوجيرو الذي انتقل من المديرية العامة للإنشاء والتجهيز إلى يوسف، ووضع يوسف الذي يَعتبره وزراء «التيار الوطني الحر» غيرَ قانوني بعدما صادرَ صلاحيتين. ويتضمّن تقرير حرب ملخّصاً من 20 صفحة مرفقاً بكلّ المستندات التي يمكن لأيّ شخص أن يطلبها للاستفسار عن الملفّات الأربعة، وعددها نحو 700 صفحة.

وعرضَ حرب بطريقة سريعة هذا الملخّص. فقال رئيس الحكومة تمّام سلام: «ماذا تريدوننا أن نفعل؟ فأجاب الوزير جبران باسيل: «يا دولة الرئيس نقولها مرّةً جديدة، ليس هذا ما نريده.

نحن نريد أن نفهم كيف يحقّ لوزير الاتصالات أن يُبرم عقداً يَنقل فيه صلاحية المديرية العامة للإنشاء والتجهيز لصالح أوجيرو وعبد المنعم يوسف. أي، كيف يصادر صلاحيات ناجي أندراوس وبأي حق وأيّ موجب وأيّ سند؟ وكيف يلغي عقداً بقيمة 90 مليار ليرة لمصلحة عقدٍ بقيمة 170 مليار ليرة؟

هناك مرسوم تكلّفت بموجبه أوجيرو بأن تقوم بمهمّات وزارة الاتصالات، بما فيها إبرام عقود، لكنّ هذه العقود لا تصدر إلّا بمرسوم، وهنا نقطة الخلاف. المرسوم إمّا أن يكون عادياً أي بتوقيع رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والوزير المختص، وإمّا يكون مرسوماً يصدر عن مجلس الوزراء.

حتى المرسوم العادي يحتاج إلى توقيع 24 وزيراً بدلا من رئيس الجمهورية، ونحن بغَضّ النظر وفي كلتا الحالتين نسأله كيف تصدِر مرسوماً بمفردك؟ وقدّمَ باسيل رأياً من ديوان المحاسبة يؤكّد أنّ العقد المبرَم من حرب ما كان يجب إتمامه وكأنّه عديم الوجود.

هنا تدخّلَ الوزير نبيل دوفريج وقال: «لو طبّقنا القرار 431 الذي يحرّر قطاع الاتصالات لَما كنّا وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم».

وأدلى كلّ وزير بدلوه وقدّم معطياته وأفكاره، ولوحِظ أنّ الوزير وائل ابو فاعور دخلَ للمرة الاولى على خط هذا النقاش منتقداً كيف يمكن ليوسف أن يتولّى حقيبتين متناقضتين، داعياً إلى انتزاعهما منه واتّخاذ تدبير إداري اليوم بهذا الشأن، مهدّداً بالانسحاب من الجلسة.

أمّا الوزير محمد فنيش فطالب بمعالجة الخلل الإداري، سائلاً حرب عن الانترنت غير الشرعي وقضية الألياف الضوئية وعدم تشغيلها.
وتناوبَ الوزراء على الكلام منتقدين كلّ التجاوزات في الملفات المتعلقة بوزارة الاتصالات، فكان لكلّ وزير معطياته واتّهاماته وآراؤه.

فلم يُجب حرب بكلمة، واستمعَ إلى الوزراء من غير أن يتسنّى له الردّ، بعدما طلبَ منه سلام تأجيلَ الرد قائلاً: «إذا أراد وزير الاتصالات أن يردّ على كلّ ما أثرتموه فلن ننتهي اليوم، لذلك أقترح أن يؤجّل حرب ردّه إلى الجلسة التي تُعقد الخميس المقبل، على أن يكون هو البند الاوّل، لكن «بَدنا نِخلص»، ويجب أن يتّخذ مجلس الوزراء قرارات لبتّ هذا الملف على أساس ردّ حرب.

مصادر وزارية

وقالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية»: «إنّ النقاشات لم تتناول إقالة يوسف ومصيرَه، واتّخذت مسارين: التخابر الدولي غير الشرعي والإنترنت غير الشرعي الذي أصبح بيد القضاء، أمّا عَقد المديرية العامة للإنشاء والتجهيز فسينتظر مجلس الوزراء ردَّ حرب بشأنه».

وأضافت: «كلّ الوزراء أجمعوا على ضرورة حسمِ هذا الملف وعلى ضرورة أن يأتي حرب باقتراحات عملية طلبَها منه رئيس الحكومة». وقالت إنّ «عقود الخلوي لم تُبحث، وفي هذه النقطة على الأرجح أن يأخذ حرب باقتراح الوزير روني عريجي لحلّ الموضوع».

وعن حسم مصير يوسف أجابت المصادر: «يجب أن لا ننسى أنّ يوسف هو مدير عام الصيانة والاستثمار في وزارة الاتصالات بالأصالة، وإقالته تحتاج إلى قرار إداريّ سيكون من الصعب إصداره في هذه المرحلة، ما يمكن أن يحصل هو أن يبقى يوسف في مركزه، وتعيين بديل له في أوجيرو التي يشغلها وكالةً، وإذا كان هناك قرار سياسي، لا يبدو أنّه متوافر حتى الساعة، يوضَع يوسف في التصرّف. في كلّ الاحوال، فإنّ ردّ حرب والذي يمكن أن يحمل جديداً سيَحسم هذه المسألة».

قانون الانتخاب

إنتخابياً، لم تحمل جلسة اللجان النيابية المشتركة، التي أنقَذ نصابَها حضورُ نواب حزب الكتائب يتقدّمهم النائب سامي الجميّل، أيّ جديد في مناقشاتها التي راوَحت حول صيغة القانون الانتخابي من غير أن تتوصّل الى أيّ قرار نهائي، وبات جليّاً أنّ الجميع ينتظر ما ستؤول إليه ثلاثية الحوار المنوي عقدُه في مطلع شهر آب.

حمادة

وقال النائب مروان حمادة لـ«الجمهورية»: «حاولَت اللجان المشتركة توجيه رسالة موحّدة الى الحوار بشأن قانون الانتخاب، وكان الجهد يصبّ في اعتماد حلّ من ضمن القوانين المختلطة، أي اقتراح الرئيس بري واقتراح «المستقبل» ـ «القوات» ـ «الاشتراكي». غير أنّ المواقف بقيَت متباعدة الى حدّ يَدفعني الى الاعتقاد بأن لا شيء سيتغيّر وبأنّ الحتمية الوحيدة هي إجراء الانتخابات النيابية في الربيع المقبل بالقانون النافذ».

 

اللواء :

إذا كان البت بوجهة قانون الانتخاب يحتاج إلى قرار الكتل السياسية، تماماً كما هو القرار في ما خص انتخاب رئيس جديد للجمهورية، فإن هذا لا ينطبق على جلسة مجلس الوزراء التي غرقت في عجز يكاد يكون فاضحاً وهي تقارب للمرة الثالثة، ملف الاتصالات، وما يتفرع عنه من عقود الهاتف الخليوي والتخابر غير الشرعي، وبروز المدير العام لهيئة «اوجيرو» المهندس عبد المنعم يوسف كموضوع قائم بذاته، وسط مفارقة بالغة الغرابة:
فبعد ان كسب حكماً لصالحه في وجه الحزب التقدمي الاشتراكي، استعرت الحملة عليه، ودارت نقاشات على لسان أكثر من وزير مؤيداً كان أو غير مؤيد تتساءل عن كيف يكون مديراً للإستثمار في وزارة الاتصالات وفي الوقت نفسه مديراً لـ«اوجيرو»، مع العلم ان القانون يتيح له ذلك، وهو معين في هذين المركزين منذ العام 2006.
ورفعت الجلسة إلى بعد ظهر الخميس المقبل في 4 آب، وهي تراهن على ما يمكن ان تسفر عنه جلسات الحوار الوطني، التي سبقها اهتزازات واستعراض عروض، وبت أجواء يغلب عليها التصعيد والتشاؤم، وسط حديث متزايد عن ان مخيم عين الحلوة، جنوب لبنان يقترب من ان يكون في عين العاصفة الأمنية، على الرغم من تأكيدات وزير  الداخلية نهاد المشنوق بأن الوضع ممسوك وهو تحت السيطرة.
وتربط بعض المصادر بين ما يجري في جرود عرسال ومناورات الجيش هناك والاشتباكات شبه اليومية مع المجموعات المسلحة، ومحاولات بعض الأطراف المسلحة داخل المخيم بتحريك الوضع الأمني لتخفيف الضغط على عرسال، أو إخراج فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، وفرض السيطرة على المخيم من قبل تنظيم «داعش». (ص 3)
وفيما كان الرئيس سعد الحريري، وهو يرعى احتفال إطلاق السجادة الحمراء بطول 5.5 كيلومتر لتدخل كتاب «غينيس»، يطالب الكتل السياسية بأن تأخذ قرارها بانتخاب رئيس على ان يحصل ذلك في أقرب وقت ممكن (في إشارة إلى موعد طاولة الحوار التي تبدأ أولى جلساتها الثلاثاء المقبل)، كان الوزير السابق وئام وهّاب يجدد من الرابية عرض ترابط رئاستي الجمهورية والحكومة معاً، واعتبار ان المفتاح هو بيد النائب ميشال عون، معتبراً ان الكرة الآن هي في ملعب الرئيس الحريري.
وقللت مصادر في تيّار «المردة» من حجم التفاؤل العوني، واصفة أنه «أقرب إلى التخيلات منه إلى الواقع السياسي»، مشيرة إلى أن المستقبل القريب لن يحمل عون ولا أي مرشج آخر إلى قصر بعبدا.
وبعيداً عن استباق جلسات الحوار، أعربت مصادر سياسية عن خشيتها من التطورات غير المريحة التي تملأ الفراغ التشريعي والسياسي على مستوى السلطة التنفيذية، وهو بدأ يلقي انعكاساته على غير مستوى خدماتي وتوتيري وحزبي - سياسي.
فعلى صعيد الخدمات، تتخوّف هذه المصادر من أن تنضم خدمات الإ نترنت إلى خدمات المياه والكهرباء تظهر وتختفي في الدقيقة الواحدة، منذرة بأجواء سلبية.
وفي مرحلة انعدام الوزن هذه، استأثر انفجار َالقلوب الملآنة» بين بعض المحطات التلفزيونية، خاصة مع إعلان قناة الجديد أن مكتب رئيس مجلس إدارتها تحسين خياط والكائن في بئر حسن قرب السفارة المصرية، تعرّض لـ21 رصاصة منتصف الليلة ما قبل الماضية، وتكليف النائب العام التمييزي القاضي سمير حمود شعبة المعلومات التحقيق في الشكوى التي قدّمها خياط.
ومساءً شنّت «الجديد» حملة عنيفة على قناة N.B.N، وشملت الحملة الرئيس نبيه برّي.
أما حزبياً، انشغلت الأوساط العونية بتفاعل الإنقسام الذي يعيشه التيار على خلفية رفض ثلاثة من نشطائه البارزين وهم: نعيم عون (أبن شقيق العماد عون) وزياد عبس (مُنسّق التيار السابق في الأشرفية) والمحامي أنطوان نصر الله الذي كان مسؤولاً سابقاً عن قطاع الإعلام في التيار، المثول أمام محكمة حزبية اتهمها الناشط عون بأنها منحازة ولم تعتمد الأصول المتعارف عليها في التبليغات.
واتهم عون رئيس التيار الحالي جبران باسيل بأنه يقود التيار نحو التصفية على المدى البعيد (ص3).
اللجان
وإذا كانت مصادر نيابية ما تزال تراهن على جلسات الحوار الثلاثية، في مطلع آب لجهة البحث في قانون الانتخاب العتيد لتقرير مصير جلسات اللجان النيابية، بعدما فشلت «جلسة» أمس في إحراز أي تقدّم على هذا الصعيد، بحسب ما أعلن رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب روبير غانم، الذي أوضح بعد انتهاء الاجتماع أنه «لم يتم التوصّل إلى أي قرار نهائي، لكن البحث سيستمر في الجلسات المقبلة» من دون تحديد موعد، فإن مصدراً نيابياً حضر الجلسة أمس، أوضح أن الجلسة لم تكن قانونية، لأن النصاب لم يكن متوفراً، لا عند موعد انعقادها الأول في العاشرة والنصف، ولا في الدعوة الثانية بعد نصف ساعة، بحسب النظام الداخلي، وهو 22 نائباً، لافتاً إلى أن حضور النائب سامي الجميّل مع نواب حزب الكتائب كان لحفظ ماء الوجه، إذ أنه حضر في الحادية عشرة والثلث، بعدما كان خرج من القاعة العامة قرابة أربعة نواب من أصل 21 نائباً بمن فيهم الجميّل نفسه.
وكشف المصدر أن نائب رئيس المجلس فريد مكاري رفع الجلسة، قبل مغادرة المصدر النيابي القاعة، لكنه اضطر للخضوع للشعبوية بعد أن أحرجه حضور الجميّل متأخراً.
وقال لـ«اللواء» في الشكل والمضمون فإن الجلسة لم تخرج بشيء بالنسبة لقانون الانتخاب، مشيراً إلى انه حتى لو كانت أقرّت شيئاً فلم يكن قانونياً.&