الجمهورية: القاع تزفّ «العرسان الخمسة»... والتحقيق يُطبِق على «الرأس الكبير»

 

 

زفّت القاع عرسانها الخمسة في عرس مهيب بمشاركة رسمية وسياسية وكنسية وشعبية، ورافقتهم في رحلتهم الاخيرة بالدموع والزغاريد، واحتضنتهم في قلبها، وقالت كلمتها صريحة عالية بالوفاء لهم، وعهداً، بمنع تدنيسها من قبل شياطين الارهاب والجاهلية، مصّاصي الدماء باسم الدين... والى ذلك، ظلّ الهاجس الارهابي متقدماً على كل ما عداه، التحقيقات العسكرية مستمرة في الهجوم الارهابي على القاع، مترافقة مع إجراءات ميدانية مكثّفة للجيش اللبناني وعمليات عسكرية متصاعدة على الحدود اللبنانية السورية المترافقة مع قصف مركّز على مواقع تمركز المجموعات الارهابية في الجانب السوري من الحدود. وذلك بالتزامن مع مداهمات متتالية تنفذها الوحدات العسكرية بحثاً عن الإرهابيين في العديد من المناطق اللبنانية، والجديد في هذا السياق إنجاز وُصِف بالمهم جداً، حقّقه الجيش وتمثّل بإلقاء القبض على شخص يوصف بـ»الرأس الكبير»، كتدليل على خطورته، وله ارتباط مباشر بعمليات إرهابية كانت قيد الاعداد.

الهاجس الارهابي ظلّ وحده الطاغي على كل ما عداه، ولبنان في ظل هذا الجو القلق واقع على خط المعاناة، يسير على طريق الجلجلة، في منطقة تغلي، وتعصف بها موجات كثيفة من العنف والارهاب.

ولكي لا يطول درب الآلام أكثر، يفترض ان تستمر الدولة في استنفارها السياسي والامني والعسكري، ربطاً بالمستجدات المتلاحقة في المنطقة، وكذلك التطورات الداخلية الاخيرة، وبروز العامل الارهابي وظاهرة الانتحاريين، وهو الامر الذي استغلّه بعض من تَصحّ تسميتهم بـ«إرهابيي الغرف السوداء»، لإغراق البلد بشائعات واختلاق روايات لا أساس لها عن استهدافات إرهابية في هذه المنطقة او تلك، فرضت جوّاً من التوتر والقلق الشديد في صفوف المواطنين.

في هذا الوقت، أكدت مصادر التحقيق الجاري حول الهجوم الارهابي على بلدة القاع، انّ هويات الانتحاريين باتت معلومة بالكامل لدى مخابرات الجيش اللبناني، وعلى رغم عدم إعلان ايّة جهة تبنّي التفجيرات، الّا انّ كل الدلائل ترجّح انتماء الارهابيين الى التنظيم الارهابي «داعش».

وفيما ذكرت بعض المصادر انّ من بين الانتحاريين مَن عمره 15 عاماً، أكدت مصادر التحقيق انه من الواضح انّ التنظيم الارهابي يعتمد على اصحاب الاعمار الصغيرة، إذ انّ وجوه الانتحاريين تدلّ على انّ اعمارهم ما بين 18 و19 و20 سنة.

هل سلكوا «تلة الصليب»؟

وفي السياق، ما زال الغموض يكتنف كيفية وصول الارهابيين الى القاع، والهدف الحقيقي لعمليتهم. وشَكّكت مصادر امنية غير رسمية بإمكان قدوم الانتحاريين من خارج المنطقة، مرجّحة ان يكون انطلاقهم من «تجمّعات معينة» في الداخل، الّا انّ مصادر عسكرية اكّدت فرضية قدوم الانتحاريين جميعاً من خارج الحدود، وقد يكونون قد تسللوا من الجانب السوري عبر مسلك يسمّى «تلة الصليب».

ولفتت المصادر الانتباه الى انّ التحقيقات الجارية لا تقف عند فرضية انّ عدد الانتحاريين هو 8 الذين فجّروا أنفسهم في القاع، بل هي تتوسع نحو احتمالات اخرى، وهي ان يكون العدد اكثر من 8، وما زال الآخرون متوارين في مناطق قريبة من القاع، وعلى هذا الاساس تمّ تكثيف عمليات الدهم والملاحقة.

ولا يلغي التحقيق، بحسب المصادر، احتمال أن تكون القاع هي المستهدفة، الّا انه يدور ايضاً حول فرضيات أخرى، لعلّ اكثرها قُرباً الى الواقع هي انّ الارهابيين الثمانية كانوا يتخذون من القاع نقطة انتظار مؤقتة، ومن ثم الانطلاق الى مناطق اخرى لتنفيذ عملياتهم، ويرجّح هنا بعض البلدات في بعلبك حيث كانت هناك تجمّعات لإحياء ليلة القدر. وكذلك منطقة الضاحية الجنوبية.

ولفتت المصادر الى أنّ الانتباه الى انكشاف الارهابيين، قد يكون أحبط المخطط الاساسي الذي رَسمه المشغّلون، ولذلك فجّر هؤلاء أنفسهم بطريقة عشوائية. وقد اتخذت اجراءات امنية مشددة، وضرب الجيش طوقا أمنيا مشددا حول القاع، الامر الذي جعل الدخول اليها والخروج منها أمراً صعباً جداً.

ويبدو انّ الارهابيين الاربعة الذين كانوا ما يزالون متوارين شعروا انّ إمكان نفاذهم الى خارج القاع بات صعباً، فاختاروا ان ينتحروا عشوائياً على أن يَقعوا في الأسر. فَفجّر أحدهم نفسه قرب المتضامنين مع الشهداء في كنيسة البلدة، وفَجّر آخر نفسه قرب ملّالة للجيش، وفَجّر ثالث نفسه قرب مركز مخابرات الجيش في البلدة.

مرجع أمني: الإنتحاريون مجموعة واحدة

الّا انّ مرجعا امنيا قال لـ«الجمهورية»: التحقيقات لم تنته الى حسم الكثير ممّا نريده للإحاطة بالجريمة من جوانبها المختلفة، فالعملية تبدو جديدة في الشكل والمضمون ولم نتمكن الى اليوم من الوصول الى أية معلومة تدلّ الى أهدافهم الحقيقية.

ولكن ما هو ثابت، يضيف المرجع، انّ الارهابيين مجموعة واحدة تَوزّعوا الأدوار بين مجموعتي الفجر والليل، بدليل انهم مدربون على تنفيذ العملية بالأسلوب نفسه، وقد فجّروا أنفسهم بالطريقة عينها وكأنهم مستنسخون عن بعضهم بعضاً.

ورداً على سؤال قال: «المعلومات تشير الى انّ الارهابيين حضروا الى البلدة مجهّزين سلفاً بالأحزمة، ولم يظهر انهم استخدموا أحزمة وُضعت في الغرفة التي دخلها الإعلاميون أمس.

وختم المرجع بالقول: تبقى المفاجأة الوحيدة انّ المجموعة تعتبر كبيرة، وانها المرة الأولى التي ينفّذ مثل هذه العملية 8 إنتحاريين كمجموعة واحدة.

فحوصات الـ«دي آن آي»

وفي جديد التحقيقات الجارية لمعرفة هوية الإنتحاريين تبلّغ مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر عصر أمس انّ جميع الإنتحاريين من الرجال وليس من بينهم امرأة، وانّ الصورة التي التقطت لرأس أحد الإنتحاريين لا تعدو كونها لرجل له شعر طويل.

وقالت مصادر قضائية لـ«الجمهورية» انّ التقرير الذي أعدّه فريق من الأدلة الجنائية بإشراف الدكتور فؤاد ايوب حسم أمر كونهم من الرجال نتيجة فحوص الـ»دي آن آي» التي انتهت عصر أمس وأبلغت الى القاضي صقر.

القبض على «الرأس الكبير»

وعلمت «الجمهورية» انّ خيط التحقيق الذي يُجريه التحقيق العسكري لا ينحصر بالهجوم الارهابي على القاع حَصراً، بل هو ممتدّ الى مناطق بعيدة وصولاً الى بيروت والضاحية والجنوب، في ظل تراكم معطيات وأدلّة حسية، وخيوط دقيقة، باتت لدى مخابرات الجيش، مُعزّزة باعترافات صريحة من قبل بعض الموقوفين، عن نوايا وخطط واهداف، مَكّنت الوحدات العسكرية من تحقيق إنجاز امني كبير، تجلى في الاطباق على أحد الرؤوس الكبيرة، وبالتالي إحباط عملية إرهابية كبرى قبل تنفيذها بوقت قصير.

وتحفّظت المصادر على تحديد المكان المستهدف، الّا انها أشارت الى انّ الساعات القليلة المقبلة قد تكون كفيلة بجلاء كل الصورة عبر بيان مفصّل يصدر عن الجهات المعنية.

واشارت مصادر عسكرية الى تكثيف الاجراءات العسكرية في الفترة المقبلة في كل المناطق اللبنانية، وخصوصاً مع حلول عيد الفطر، فيما قال مرجع أمني لـ«الجمهورية» انّ «الجيش يقوم بما هو مطلوب منه، ونُشدّد اننا لسنا في حالة خوف، إنما نحن حذرون ومُحتاطون في أعلى جهوزيتنا للحفاظ على الاستقرار والأمن وتماسك المجتمع.

وحذّر المرجع من الشائعات التي تطلق من هنا وهناك، معتبراً انّ وقعها قد يكون أخطر من العمليات الارهابية نفسها، مُطمئناً الى انّ الأمن تحت السيطرة، والارهابيين لن يستطيعوا ان يجعلوا من بلدنا مقرّاً لهم، ويبدو انّ هؤلاء الارهابيين في حالة ضياع جرّاء ما يتعرضون له في العراق وسوريا، ولذلك تراهم يبحثون عن ساحات بديلة للردّ، فها هم يستهدفون الاردن قبل ايام، وقبل يومين استهدفوا القاع، وبالأمس استهدفوا تركيا.

لسنا قلقين على الوضع الداخلي، قد يستطيع الارهابيون النفاذ من بعض النقاط، الّا انهم لن يستطيعوا ان يغيّروا في الواقع اللبناني شيئاً، إذ انّ ما يقومون به لا يعدو أكثر من أذية موضعية...

وينتظر ان تحتلّ المستجدات الارهابية جانباً من خطاب الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله الذي سيُلقيه غداً في مناسبة يوم القدس. فيما برز أمس موقف لرئيس مجلس النواب نبيه بري حذّر فيه من الاستمرار بالدوران في الازمة، مشدداً على وحدة الصف اللبناني في مواجهة الخطر الارهابي التكفيري.

وقال في «لقاء الاربعاء النيابي» انّه «في مقابل الاستهداف الانتحاري الارهابي لأمن لبنان واستقراره نحن نمارس انتحاراً منذ اكثر من سنتين ونصف من خلال الشغور الرئاسي وتعطيل المؤسسات».

الى ذلك، تلقّى لبنان دعماً بريطانياً لأمنه واستقراره، نَقله السفير في بيروت هيوغو شورتر الى كلّ من رئيس الحكومة تمام سلام ووزير الخارجية جبران باسيل، مع تأكيد الوقوف الى جانب لبنان في مواجهة الإرهاب، وحماية حدوده وتعزيز فرَص العمل وسبل العيش والتعليم والمساعدة على مواجهة تداعيات الأزمة السورية.

المظلّة الدولية... مستمرة

من جهة ثانية، أبلغت مصادر دبلوماسية «الجمهورية» قولها «انّ المظلة الدولية لاستقرار لبنان لا تزال قائمة، شأنها شأن المظلة الاقليمية. وبالتالي، لا خوف على لبنان، والغطاء الامني لا يزال مستمراً، على رغم الاحداث الامنية التي شهدتها البلاد منذ يومين.

خصوصاً انّ هذا الاستقرار أولوية ومصلحة وضرورة دولية وإقليمية، وتحديداً أميركية وروسية وايرانية. مشيرة الى تَلقّي مستويات رسمية رفيعة، تطمينات صريحة من مراجع دولية، وأميركية على وجه الخصوص.

وقالت انّ عدم استقرار لبنان بالنسبة الى تنظيم «داعش» وجبهة «النصرة» يتوقّف على قوتهما، وحتى الآن قوتهما محدودة، فهما يستطيعان اختراق الجدار الامني في لبنان كل فترة كما في المرات السابقة لتنفيذ أعمال تفجيرية في أمكنة معينة، لكن لا قدرة لهما على تنفيذ هجوم كاسح لأنّ الغالبية الساحقة من اللبنانيين تقف ضد هؤلاء الارهابيين وهي جاهزة لمحاربتهم. وبالتالي، لا بيئة حاضنة لهم على رغم تعاطف البعض القليل معهم.

ولفتت كذلك الى انّ هؤلاء الارهابيين لديهم معارك قاسية في سوريا ويدافعون عن أماكن تواجدهم، وبالتالي ليسوا جاهزين لفتح جبهة طويلة عريضة وخاسرة في لبنان.

واستبعدت المصادر أن يصرف الخروج البريطاني من الاتحاد الاوروبي الاهتمامات الدولية عن لبنان، خصوصاً انّ الدول الكبرى لديها اجهزة، وكل جهاز يهتمّ بملف معين في الوقت نفسه، إنما الغطاء الدولي للبنان هو لمصلحتهم. كما هو لمصلحة لبنان. ومصلحتهم ايضاً تكمن في عدم نشوب حرب أهلية فيه وبقاء الجبهة اللبنانية هادئة.

وفي مناسبة زيارة وزير الخارجية الفرنسية جان مارك ايرولت الى لبنان، استبعدت المصادر ان يحمل معه حلاً للمأزق الرئاسي. فبشائر هذا الحل لم تظهر بعد. وربما تكون زيارته مندرجة في إطار الجهود التي تبذلها باريس لفَكفكة العقدة الرئاسية.

ورداً على سؤال، قالت المصادر الدبلوماسية: واشنطن لا تهتمّ بكل شاردة وواردة في لبنان، فالاهتمام هو بالاستقرار فيه. وحتى الآن، هي لا تعتبر انّ وجود رئيس جمهورية سيبدّل كثيراً في الاستقرار، فالاستقرار موجود و«ماشي حالو»، لكنها لن تتدخل في الشؤون الداخلية لأنّ الهدف هو الاستقرار وهو موجود.

امّا فرنسا فلديها علاقة خاصة بلبنان، لذلك انّ اندفاعها لمعالجة الملف الرئاسي اقوى، وتحاول بذل جهد لإنجاز الاستحقاق الرئاسي. امّا الدول الاخرى فلا ترى انه بعدم انتخاب الرئيس ستنشب حرب أهلية في لبنان على رغم التصريحات الصادرة من هنا وهناك.

يتقاطع كلام المصادر الدبلوماسية مع ما ذهب اليه مصدر سياسي لناحية القول: الاميركيون والروس والعرب يريدون استقرار لبنان، لكنّ ذلك لا يعني انهم سيُنزلون أساطيلهم من أجله، او يستطيعون منع حدوث اي شيء أمني كما جرى في القاع مثلاً. فالمظلّة الدولية لا تمنع حدوث عمليات مشابهة.

لكنّ المصادر رأت انّ ما يجري حالياً لن يتسبّب بفتنة، وانّ الاستقرار يهتزّ لكنه لن يقع، لأن لا احد من اللبنانيين سيقع في الفتنة، والجميع دانوا ما حصل.

وذكرت مجدداً بأنّ القوى الدولية والاقليمية تريد الاستقرار في لبنان، لكن يجب أن لا نزيد نحن عبارة خط أحمر، أي انهم سيهجمون بجيوشهم وطائراتهم واساطيلهم اذا حدث شيء.

مجلس الوزراء... تعيينات

من جهة ثانية، يعود مجلس الوزراء الى الانعقاد في جلسة عادية اليوم، وينتظر ان يطغى عليها الموضوع الامني، بالإضافة الى تناول مجموعة من الملفات.

وعلمت «الجمهورية» انّ هناك توجّهاً لدى الحكومة للسّير بتعيينات ادارية، من بينها تعيين القاضي محمود مكية محافظاً لجبل لبنان وإلغاء انتداب أحد المحافظين القضاة وتعيين بديل عنه بسبب عدم رضا القوى السياسية الرئيسية عن أدائه، إضافة الى تعيين عضو للمجلس الأعلى للجمارك ورئيس للمجلس الاعلى للتنظيم المدني، كما سيتم وضع كل من مدير مرفأ بيروت ومدير عام هيئة اوجيرو بالتصرّف وتعيين بديلين عنهما إضافة الى تعيين مدير عام للصيانة والاستثمار في وزارة الاتصالات بدلاً من عبد المنعم يوسف.

ويبحث مجلس الوزراء اليوم في تجديد عقد شركتي الخلوي، وتحويل أموال لتأمين كلفة استملاكات توسيع اوتوستراد نهر الكلب ـ طبرجا بقيمة 32 مليون دولار.

 

 

«السفير» تكشف مسار الانغماسيين العشرة من وادي ميرا إلى القاع

 

من وادي ميرا، بدأت مأساة بلدة القاع التي فجعت باستشهاد خمسة من أبنائها شيّعوا، أمس.
في هذا الوادي الذي يشكل مثلّثاً حدودياً مشتركاً في جرود عرسال (غرباً) ورأس بعلبك (شمال غرب) وسوريا نحو جرود قارة (شمال شرق)، تمّ تدريب الانتحاريين العشرة الذين وصلوا إلى القاع، ففجّر أربعة منهم أنفسهم فجر الإثنين الماضي، فيما انتظر الأربعة الأخرين هبوط الليل ليفجّروا أنفسهم تباعاً خلال ربع ساعة بدءاً من العاشرة والربع من ليل الإثنين نفسه، محوّلين ليل القاع إلى جحيم.
ولكن ماذا عن الانتحاريين الإثنين اللذين كانا برفقة الإرهابيين الثمانية، ولم يعرف ما إذا كانا قد نجحا في مغادرة القاع أم ما زالا مختبئين فيها؟
عشرة انتحاريين هو عدد الانغماسيين الذين حصلت «السفير» على كامل تفاصيل إعدادهم وتدريبهم وعملية «غسل أدمغتهم» وتجهيزهم وصولاً إلى تسللهم إلى القاع سيراً على الأقدام، فما هي حكاية هؤلاء العشرة؟
تؤكد مصادر أمنية لـ«السفير» أن الانتحاريين العشرة ينتمون إلى «كتيبة الانغماسيين» التي كان يتولى تدريب أفرادها أبو بلقيس البغدادي في وادي ميرا في الجرود المشتركة بين لبنان (جرود عرسال ورأس بعلبك) وسوريا (على حدود جرد قارة) في المقلب الغربي لجرود القلمون.
خضع الانتحاريون لدورة تدريب متخصصة لمدة ستة أشهر في وادي ميرا، يشكّل الإعداد النفسي حيزاً كبيراً منها، بالإضافة إلى التدريب العسكري الذي غالباً ما يتركز على التفجير، حيث لا «خلاص» للانغماسي إلا بتفجير نفسه.
بعد إعدادهم مع آخرين، ومع حلول ساعة الصفر، تم اختيار العشرة الأكثر استعداداً لتنفيذ المهمة المطلوبة منهم، وتم رسم خط التسلل الأنجع من الجرود باتجاه القاع.
ترجح المصادر الأمنية تسلل الانتحاريين عبر خط وادي ميرا إلى أحد المواقع التي يحتلونها في جرود القاع (الكاف أو الكسارة او تلة المخيرمة) وهي مواقع محتلة من «داعش» أيضاً ويتمركز عناصر التنظيم فيها.
من هناك، تسلّل الانغماسيون في الوادي الواقع بين تلتي وادي رافق ووادي اللاتون في أعالي القاع ايضاً. وهي منطقة غنية بـ«الخلالي» والوديان التي تساعد في الاختفاء والتلطّي، ومن الصعب مراقبتها وضبطها ليلاً.
ومن الأودية بين «رافق» و«اللاتون» وصل الانتحاريون إلى خراج القاع ومنه إلى قلب البلدة حيث قصدوا أحد المنازل التي كان قد سبق واستأجرها سوريون قبل أن يغادروها (تتحفظ «السفير» عن نشر اسم صاحب المنزل الذي يقع في الحي الخلفي لمنزل آل مقلد).
تقول المصادر الأمنية نفسها أن المعلومات المتوافرة عن انغماسيي كتيبة وادي ميرا تطابقت مع مواصفات الانتحاريين الذين فجروا أنفسهم في القاع، مشيرة إلى عدم صحة المعلومات التي تحدثت عن وجود امرأة انتحارية بينهم وذلك بناء على ما اثبتته نتائج الطب الشرعي.
ووفق المعلومات، فإن سبعة من الانتحاريين، بينهم انتحاريو الفجر الأربعة تتراوح أعمارهم بين 16 و19 عاماُ فقط، وهم من التابعية السورية على الأرجح، فيما يراوح عمر انتحاري ساحة الكنيسة (وهو رقم خمسة حسب تسلسل تفجيرهم أنفسهم) الذي افتتح تفجيرات الليل، نحو 25 عاماً وهو من جنسية عربية (خليجية).
وقبل أن يعترضهم شادي مقلد، علمت «السفير» أن أحد الأشخاص، من أهالي القاع، قد شاهد أحد الانتحاريين فجراً وهو في طريقه إلى الصيد. كان الانتحاري يحمل حقيبة على ظهره ويسير في الشارع المؤدي نحو الجهة التي يقع فيها منزل آل مقلد، فقام بإبلاغ أحد الأجهزة الأمنية بذلك.
ولكن كيف تسلل انغماسيو وادي ميرا إلى القاع وما هي خريطة المواقع العسكرية التي ينتشر فيها الجيش اللبناني من جهة الأراضي اللبنانية، والجيش السوري و «حزب الله» من الجهة الثانية؟
تبين خريطة المواقع العسكرية في جرود رأس بعلبك والقاع التي حصلت عليها «السفير»، أن الجيش اللبناني يتمركز على مواقع تلة أم خالد وتلة الجرش وتلة وادي رافق (الحد بين جرود رأس بعلبك والقاع) وتلة اللاتون وتل الصليب، وهي مواقع تشرف على وادي الدمينة ومراحاتها ووادي النصراني الساقط بالنيران.
في مقابل مواقع الجيش، يحتل «داعش» مواقع شميسة المخيرمة وتلة المخيرمة والكسارة وتلة الكاف ومغارة الكاف والشجرة والكسارة (موقع ثان اسمه الكسارة غير الموقع الأول). وتبلغ المسافة الفاصلة بين مواقع «داعش»(تتمركز فيها ولا تحتلها) وبين مواقع الجيش اللبناني حوالي كيلومترين ونصف الكيلومتر.
وفي الجهة الثانية، يتمركز «حزب الله» في مواقع تلة السمرمر وبعيون والنصراني والمدبحة على الحدود مع سوريا. وتبلغ المسافة الفاصلة بين مواقع «داعش» وحزب الله» 1500 متر في بعض المواقع (لناحية موقع الشجرة الذي يحتله داعش) و1800 متر في مواقع أخرى (بين مغارة الكاف الذي يحتله «داعش» وبين تلة السمرمر(«حزب الله»).
ويحتل «داعش» نحو 120 كيلومتراً مربعاً من جرود رأس بعلبك وعشرين كيلومتراً مربعاً من جرود القاع، أي بمسافة ستة كيلومترات عن منازل القاع.
وعلمت «السفير» ايضاً ان إعادة تموضع للجيش اللبناني ستتم قريباً على خلفية تعزيز الجبهة الحدودية التي يسهر الجيش على حمايتها، فيما سيولّى ملف وجود نحو 30 الف سوري في منطقة مشاريع القاع الأهمية اللازمة لناحية توثيق ملفاتهم وكامل المعلومات الواجبة عنهم، ومراقبة أي تحركات مشبوهة. أما مسألة انشاء مخيم رسمي محصور أمنياً، فهو قرار بيد السلطة السياسية في لبنان (مجلس الوزراء). وأكدت المصادر أن الجيش اللبناني يقدم التضحيات في المنطقة ويسهر على أمنها ومن خلفه القوى السياسية والحزبية على الأرض بالإضافة إلى أهالي المنطقة.

 

 

النهار: القاع ترد في يوم شهدائها على الارهاب التحقيق يثبت انتماء الانتحاريين إلى داعش

 

 

بدت القاع الجريحة بخسارتها خمسة شهداء من أبنائها كأنها تقدم أمس في يوم وداعهم امثولة جديدة للبنان كله في المواجهة الصلبة مع الارهاب بعيداً مما كان يجري في انحاء البلاد الأخرى. ذلك ان اليوم الثالث بعد الهجمات الارهابية الانتحارية على القاع شهد ما يشبه الهستيريا في موجة الشائعات الواسعة التي انتشرت بقوة دفع مجهولة توسلت تعميم الذعر والتخويف عبر الرسائل النصية الخليوية أو وسائل التواصل الاجتماعي متضمنة مزاعم عن تهديدات بتفجيرات تطاول أماكن عامة ومتاجر وأنحاء حساسة من العاصمة وبعض المدن ومرافق سياحية أساسية. وبدا واضحاً ان مناخ المخاوف الذي أثارته الهجمات الارهابية على القاع قد أدخل البلاد في دوامة تخويف تقتضي معالجات سريعة فعالة، علماً ان هذه الظاهرة تتكرر في كل مرة تضرب أيادي الارهاب لبنان باستهدافاتها ولكن ما زادها تفاقماً هذه المرة الخلط بين تحذيرات رسمية سياسية وأمنية صدرت عقب تفجيرات القاع وتوظيف مجهول المصادر لحال القلق والتوتر التي سادت البلاد للدفع نحو احداث مناخ شديد التوتر.
وبازاء هذه الظاهرة سارعت قوى الامن الداخلي الى دعوة المواطنين الى عدم الانجرار خلف مثل هذه الاخبار والتقيد بما يصدر عن الأجهزة الامنية المختصة، لافتة الى ان المعلومات التي تتلقاها الاجهزة غالباً ما تكون غير دقيقة أو يتم احباط المخططات المنوي تنفيذها في حال صحتها.
وفي غضون ذلك، كشفت مصادر معنية بالتحقيق الجاري في هجمات الارهابيين على القاع لـ"النهار" ان التحقيق تمكن من تحديد الجهة التي ينتمي اليها الانتحاريون الثمانية الذين فجروا انفسهم باحزمة ناسفة ورمي قنابل يدوية وهي تنظيم الدولة الاسلامية (داعش). وقال إن الانتحاريين تسلّلوا في الوعر من خارج القاع الى غرفة مهجورة في البلدة حيث ضبطت مواد متفجرة كانت في حوزتهم. ولوحظ وجود دراجتين ناريتين مع اثنين من الانتحاريين اللذين شاركا في هجمات المساء فيما كان يمكنهما الفرار بواسطتهما الى خارج البلدة ولم يفعلا. وتبين أيضاً ان هؤلاء الانتحاريين يحملون ألقاباً ويعرفون مفاصل البلدة عندما قصدوا مكان تجمع للاهالي قرب الكنيسة مساء الاثنين الامر الذي يثبت انهم جاؤوا لتنفيذ تفجيراتهم في البلدة. وتقاطعت معظم هذه المعلومات مع ما اعلنه وزير الداخلية نهاد المشنوق مساء أمس عبر محطة "الجديد" التلفزيونية من ان متهمين موقوفين لدى الأجهزة تعرفوا على سبعة من انتحاريي القاع وأكدوا ان هؤلاء قدموا من الرقة وليس من مخيمات اللاجئين السوريين وانهم أتوا بهدف تنفيذ هذه العملية تحديداً وهم لا يقيمون في مشاريع القاع. واذ أشار الىاستمرار التحقيقات أوضح الى ان الخلايا الارهابية الجديدة هي عنقودية أي ان الاشخاص لا يعرفون بعضهم بعضاً وكل منهم مكلف عملية وهذا اسلوب جديد. وتحدث عن تنوع الأهداف التي لم تعد مركزة على بيئة "حزب الله " بل تركز على الاجانب ولذا فان الاماكن السياحية هي من الأماكن التي يستهدفها الارهابيون في شكل أساسي. وأضاف أن ثمة عشرة أهداف محتملة استناداً الى التحقيقات، لكن "المولات" والشواطئ اللبنانية ليست منها، مشدداً على ان القوى الامنية تنفذ كل الاحتياطات.
وسط هذه الاجواء تحول يوم الوداع الذي اقامته القاع لشهدائها الخمسة ماجد وهبي وفيصل عاد وجوزف ليوس وبولس الاحمر وجورج فارس الى رد اضافي على الهجمات الارهابية التي استهدفتها من خلال الجنازة الحاشدة التي شهدتها البلدة،، علماً ان الجيش اتخذ اجراءات مشددة للغاية بعدما استكمل عمليات المسح الامني حول البلدة في اليومين الاخيرين. كما شكلت المشاركة الواسعة السياسية والحزبية والدينية المتنوعة من منطقة البقاع الشمالي تحديداً ومن خارجها مشهداً متعاطفاً بقوة مع أبناء القاع في وحدة موقف من التحدي الارهابي. ووسط اجواء مؤثرة دعا مطران بعلبك والبقاع الشمالي للروم الكاثوليك الياس رحال الذي رأس القداس والجناز لراحة الشهداء في كنيسة مار الياس الى اعلان القاع منطقة عسكرية تامة "اذ اننا نعيش في صعوبة وهناك 30 ألف نازح يتنزهون كيفما يشاؤون". وقال ان "القاع هي الصخرة التي كسرت الارهابيين وايماننا قوي بابناء هذه الارض ولن نتزحزح من هنا".

مجلس الوزراء
وقالت مصادر وزارية لـ"النهار" إن رئيس الوزراء تمام سلام سيقارب في مستهل جلسة مجلس الوزراء العادية قبل ظهر اليوم تطورات القاع من زاوية توجيه التحية الى أهلها والتنويه بالتدابير التي إتخذها الجيش وأدت الى الامساك بزمام الامور أمنياً.
أما في ما يتعلّق بجدول الاعمال، فقالت المصادر أن من البنود التي ستثير نقاشاً مشروع مرسوم تعديل المخطط التوجيهي للمنطقة العقارية في الدبية.كذلك من المتوقع أن يثير البحث في تجديد عقديّ الخليوي جدلاً بين بعض الوزراء. وهناك على جدول الاعمال أيضا بنود تتصل بشؤون عقارية في البترون وكفرعبيدا ونقل إعتماد بقيمة 32 مليون دولار بدل إستملاكات لمشروع توسيع أوتوستراد نهر الكلب - جونية - طبرجا.
على صعيد متصل علمت "النهار" ان الرئيس سلام تبلّغ أمس من وزير الاقتصاد المستقيل ألان حكيم رغبته في تصريف الاعمال.

ريفي
الى ذلك، صرح وزير العدل المستقيل اللواء اشرف ريفي بانه لا يخشى انفجاراً أمنياً شاملاً في لبنان نظرا ًالى القرار الدولي والاقليمي وقدرة الجيش والقوى الامنية على ضبط الاوضاع ولان أحداً لا مصلحة له في انهيار الاستقرار، لكنه لم يستبعد حوادث متفرقة بعضها قد يكون مؤلماً ومؤذياً. وعزا في حديث الى برنامج "وجهاً لوجه" من "تلفزيون لبنان" مطالبته باستقالة الحكومة الى انها صارت من "اوراق التوت التي يحتاج اليها حزب الله ولذا يجب نزع هذه الاوراق والعودة الى المربع الاول لانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة". واذ اكد تمسكه باستقالته من الحكومة "لانني تحولت شاهد زور"، كرر ان "القاتل في كل الاغتيالات التي طاولت 14 آذار واحد ولدينا الادلة الدامغة وقدمناها الى المحكمة الدولية فالقرار سوري ايراني والتنفيذ لحزب الله". وكشف ريفي للمرة الاولى انه قابل مع اللواء الشهيد وسام الحسن السيد حسن نصرالله "وقلنا له إن هناك أشخاصاً من الحزب متهمين بالاغتيالات وكان الحزب ينفي لحاجته الى دليل". وجزم بان لا العماد ميشال عون ولا النائب سليمان فرنجية سيصل الى رئاسة الجمهورية. وفي رده على الخطاب الذي القاه الرئيس سعد الحريري في طرابلس الاسبوع الماضي وطالبه فيه "بان يحل عن رفيق الحريري". قال ريفي: "أنا لا أزايد على الرئيس سعد الحريري لاني باق على ثوابتي وغيري تخلى عن ثوابته وانا قلت له انه سجل للتاريخ أنك ترتكب خطأ كبيراً لدى ترشيحه لسليمان فرنجية". واعتبر ان الحريري لن يستعيد جمهور طرابلس الا اذا عاد الى الثوابت "فطرابلس لم تخطئ بل هم اخطأوا معها".

 

 

المستقبل : القاع تحتضن جثامين شهدائها في مأتم رسمي وشعبي مهيب

 

 

احتضنت بلدة القاع البقاعية وسط أجواء من الحزن البالغ، جثامين شهدائها الخمسة الذين افتدوا الوطن في التفجيرات الانتحارية التي طالت البلدة وسقط الى جانبهم قرابة ثلاثين جريحاً لا يزال بعضهم في حال خطرة في المستشفيات. 

وكان أبناء البلدة تجمعوا منذ ساعات الصباح لتهيئة الكنيسة ومدفن البلدة لاستقبال جثامين الشهداء رافق ذلك انتشار واسع للجيش اللبناني وفوج المجوقل وكافة الأجهزة الأمنية على الطريق الرئيسية المؤدية للبلدة وفي الطرقات الداخلية ومناطق السهل والمرتفعات المحيطة تحسباً لأي أمر طارئ قد يحدث.

ووصلت جثامين الشهداء قرابة الثالثة والنصف من بعد الظهر الى ساحة كنيسة مار الياس وسط نثر الأرز والورود والزغاريد وأُدخلت الى قاعة الكنيسة التي غصّت بأهالي وأقرباء الشهداء وأهالي البلدة لبدء مراسم الجناز الذي شارك فيه وزير السياحة ميشال فرعون ممثلاً رئيس الحكومة تمام سلام، النائب اميل رحمة ممثلاً الرئيس نبيه بري، محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر ممثلاً وزير الداخلية نهاد المشنوق، العميد حسن المعلم ممثلاً قائد الجيش العماد جان قهوجي، النقيب أبو زكي ممثلاً رئيس شعبة المعلومات العميد عماد عثمان، النائب انطوان زهرا ممثلاً الدكتور سمير جعجع، وزارء سابقون ونواب، السفير البابوي في لبنان غبريال كاتشيا، راعي أبرشية بعلبك دير الأحمر للموارنة المطران حنا رحمة، راعي أبرشية بعلبك للروم الكاثوليك المطران الياس رحال، ضباط وقادة الأجهزة الأمنية وفعاليات سياسية ودينية وحشد من أهالي المنطقة.

وشدد الرقيم البطريركي الصادر عن بطريرك الروم الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام على «الوقوف صفاً واحداً مع هذه البلدة المباركة التي تودع اليوم شهداءها وتتذكر شهداء الحرب اللبنانية». 

وأكد المطران الياس رحال في كلمة أن «بلدة القاع هي صخرة لبنان، وعلى هذه الصخرة تكسر الإرهابيون وفتحت لهم أبواب الحجيم، أما شهداؤنا ففتحت لهم أبواب السماء، وإلى هناك انتقلوا وسيدفنون في أرض القاع أرض الشهداء والعزة والكرامة«.

ولفت إلى أن «هذه الأرض هي أرضنا، أرض القداسة وصخرة المحبة ونعيش فيها بمحبة تامة وبانفتاح تام مع أهلنا في محافظة بعلبك الهرمل»، لافتاً إلى أنه «بقلوب منفتحة وأيادٍ ممدودة سنتعاون معاً للعيش بكرامة وفخر في المنطقة، لأن جميعنا عيشنا واحد وحياتنا واحدة، لا نفرق بين دين ودين وبين طائفة وطائفة وبين إنسان وإنسان، لننتصر على الإرهاب والتكفير«.

وأكد أن «شهداءنا في القاع هم شهداء الوطن وماتوا عن جميع اللبنانيين، وهم وقفوا في جه الإرهاب وقدموا أرواحهم فداء جميع اللبنانيين»، وطلب من الحكومة أن «تنظم من هم من حولنا، أي الـ20 ألف نازح الذين يتنزهون كيفما يريدون»، مشدداً على «ضرورة إغلاق الثغرات التي يتسللون منها، وأن تكون مشاريع القاع منطقة عسكرية تامة لكي لا تُعاد هذه الفاجعة».

من جهته، شدد كاتشيا خلال مراسم الجناز على أنه «لا يجب أن ننجرف أبداً الى العنف»، مشيراً الى أن «المسيح يقول إنه إذا سلمتم على من يحبكم فما الشيء المميز الذي فعلتموه، وهناك من يسير على مبدأ العين بالعين والسن بالسن، والمسيح يقول أحبوا أعداءكم وصلوا للجميع«.

وكان وفد مشترك من «الرابطة المارونية« و«المؤسسة المارونية للانتشار« ضم النقيب انطوان قليموس، نعمت أفرام ونائب رئيس المؤسسة شارل الحاج وعدداً من أعضاء المجلس التنفيذي للرابطة توجه إلى بلدة القاع وقدم العزاء بالشهداء الذين سقطوا في التفجيرات الإرهابية التي ضربت البلدة، ثم عقد اجتماع موسع في بلدية القاع ضم قليموس وأفرام ورئيس البلدية بشير مطر، رئيس بلدية الفرزل ملحم الغصان ومختارها هاني ضاهر ورجل الأعمال ميشال ضاهر ونائب رئيس «حركة لبنان الرسالة» العميد خليل حلو.

وبعد عرض مفصل للواقع الذي تعانيه القاع وقرى المنطقة على كل المستويات تلا قليموس بياناً أشار فيه إلى أنه تم الاتفاق على مجموعة من الإجراءات لتعزيز ثبات أبنائها في أرضهم، وتقرر اعتبار الاعتداء على القاع اعتداء على كل لبنان من دون أي تمييز.

وطالب المجتمعون الحكومة بـ«إعلان القاع ومشاريع القاع ورأس بعلبك منطقة عسكرية يتولى الجيش مسؤوليتها«، وتطبيق قرار وزارة الداخلية الخاص بتعزيز قدرات الشرطة البلدية، وتعزيز وجود قوى الأمن الداخلي «التي يعتبر حضورها ضعيفاً حتى الآن«.

كما طالبوا رئيس الحكومة بـ«اتخاذ القرار اللازم لتخصيص المبالغ المطلوبة في أسرع وقت لإغاثة بلدة القاع بواسطة الهيئة العليا للإغاثة، والطلب إلى وزارات المال والإتصالات والداخلية التنسيق واتخاذ ما يلزم للإسراع في حصول البلدية على حقوقها من الصندوق البلدي المستقل«.

وأعلن المجتمعون عن تأسيس «صندوق لدعم صمود الأهالي ومساعدة أسر الشهداء والاهتمام بالجرحى« بمبادرة من الرابطة المارونية ، وتعهد الوفد «إجراء الإتصالات اللازمة مع وزارة التربية والمؤسسات التربوية المسيحية لدعم تعليم أبناء المنطقة وتخفيف كلفة الأعباء المدرسية عنهم وإعادة دور القاع كمركز استقطاب للتعليم في البقاع الشمالي«، واعتبر المجتمعون «اجتماعاتهم مفتوحة« وكلفوا رئيس البلدية متابعة تنفيذ المقرارات«.

إلى ذلك، عاد المدير العام للدفاع المدني العميد ريمون خطار المتطوع مروان مطانوس ليوس في مستشفى الجعيتاوي، حيث أدخل يوم الإثنين الماضي ليعالج من حروق بالغة تعرض لها عند قيامه بإغاثة جرحى انفجار القاع، ليطمئن على صحته. وتمنى له الشفاء العاجل ومعزياً أهله الذين استشهد ابنهم الآخر في الانفجار نفسه. وأثنى خطار على «الجهود الجبارة التي يقوم بها عناصر الدفاع المدني تلبية لنداء الواجب مقدمين الغالي والنفيس في سبيل تأدية الرسالة الإنسانية التي يؤمنون بها«. 

وقدّم مفتي بعلبك الهرمل الشيخ خالد صلح على رأس وفد من العلماء واجب العزاء في البلدة متمنياً الشفاء العاجل للجرحى. وأكد «أهمية حصرية السلاح بيد الشرعية المتمثلة بالمؤسسة العسكرية وأن لا يكون هناك سلاح غير شرعي على الأرض اللبنانية«.

الى ذلك، أعلن المحافظ خضر، خلال مؤتمر صحافي عقده بعد ظهر أمس «منع سير الدراجات النارية في المحافظة إلا بإذن رسمي«، مؤكّداً أن «أمن المواطن اللبناني فوق كل اعتبار، ونرفض إعطاء اللبناني دروساً بالضيافة والسوريون ضيوف لدينا«.

وإذ شدّد على أن «الإرهاب لا دين له ولا جنسية«، طالب النازحين السوريين بأن «يتعاونوا معنا لنتمكن من القضاء على الإرهابيين»، مشيراً الى أن «الهدف من الانفجارات فشل، ولن ننجر لمواجهات لبنانية سورية«.

*استنكرت نقابة «مخرجي الصحافة ومصممي الغرافيك« في بيان، «الهجمات الإرهابية التي ضربت بلدة القاع الحدودية والتي وإن دلت على شيء، تدل على مدى ما وصلت اليه يد الإرهاب والتكفير من انحطاط أخلاقي عميق»، داعية «الأجهزة الأمنية الى الوقوف بقوة وحزم في وجه هذه القوى الظلامية«. وطالبت أهل السياسة والسياسيين بـ«الترفع عن صغائر الأمور وتحكيم ضمائرهم والمبادرة فوراً الى انتخاب رئيس للجمهورية لما فيه من انتظام للأمور في البلاد«.

كما استنكرت «رابطة مخاتير البقاع الشمالي« التفجيرات الإرهابية في بلدة القاع، ودانت في بيان «التفجيرات الإرهابية التي طالت أهلنا الآمنين في منازلهم في بلدة القاع وترويعهم، والتي تعتبر جريمة في حق الإنسانية من دون تمييز بين إنسان وآخر ودين وآخر«.

ودعت «أهلنا في منطقة بعلبك الهرمل خصوصاً، ولبنان عموماً الى الوقوف صفاً واحداً خلف المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية لمواجهة هذا الإرهاب للحفاظ على وحدة وطننا بجميع أطيافه، متمسكين بالعيش المشترك وبثالوث الجيش والشعب والمقاومة، سائلين الله الرحمة للشهداء والشفاء العاجل للجرحى«.

وفي تعبير عن رفض الإرهاب بكل أشكاله، نفّذ عدد من الناشطين في مدينة طرابلس وقفة تضامنية مع أهالي القاع في ساحة عبد الحميد كرامي (النور)، لفتوا خلالها إلى أن «هذه الوقفة هي موقف رمزي من هذه المدينة المناضلة التي يشهد لها الوطن اللبناني بوقوفها الدائم إلى جانب القضايا الوطنية»، معتبرين أنهم يوجهون «رسالة لكل الشعب اللبناني لنقول بأن أي قطعة من لبنان تتعرض لأي شيء يقف معها لبنان كله، وطرابلس هي جزء من هذا الوطن وطرابلس وكل أهلها رافضين للإرهاب«.