تزداد المخاطر الامنية والسياسية التي يواجهها الوضع اللبناني في هذه المرحلة، لا سيما بعد الهجمات الانتحارية الثماني التي نفذت في بلدة القاع الحدودية ووجود مخاوف كبيرة من امكانية حصول تفجيرات جديدة، وفي ظل استمرار الفراغ السياسي وعدم حصول انتخابات رئاسية وفشل كل المحاولات للاتفاق بين القوى اللبنانية، مما جعل بعض الدبلوماسيين العاملين في لبنان يحذرون من ان لبنان يقع حاليا على فوهة بركان ولاسيما في الاشهر القليلة المقبلة، في ظل التطورات المتسارعة في دول المنطقة. 

فما هي طبيعة المخاطر التي يواجهها لبنان حاليا وفي المرحلة المقبلة؟ وهل هناك امكانية لحصول تسوية سياسية داخلية تنهي الازمة القائمة وتحصّن البلد من المخاطر المتصاعدة امنيا وسياسيا؟
على ضوء التفجيرات الثمانية الانتحارية التي حصلت في بلدة القاع الحدودية تحدثت الاوساط السياسية والاعلامية والدبلوماسية في بيروت عن ازدياد المخاطر التي يواجهها لبنان في هذه المرحلة، مما دفع العديد من القوى السياسية والحزبية لالغاء الافطارات الرمضانية المقررة، وكذلك عمدت حركة امل وحزب الله وبعض الجهات الدينية لحصر احياء ليالي القدر في اطر محدودة وعدم اقامة الاحياءات الموسعة في الشوارع او المجمعات الكبيرة، كما انتشرت في العديد من المناطق اللبنانية ولا سيما في الضاحية الجنوبية الحواجز المسلحة والاجراءات الامنية خوفا من حصول تفجيرات جديدة، في حين ان بلدة القاع الحدودية وبعض القرى الاخرى ذات الغالبية المسيحية شهدت انتشار المسلحين في الشوارع وفي بعض الاحياء والبساتين منها في اطار حماية القرى من اعتداءات جديدة محتملة، وكل ذلك دفع بعض القادة السياسيين من التحذير من اعتماد الامن الذاتي او انتشار الاسلحة في الشوارع. 

كما جرى الحديث  لدى الاوساط السياسية والامنية عن وجود مخططات لتنظيم داعش باستهداف مناطق جديدة وشخصيات سياسية وان بعض الموقوفين المنتمين لداعش لدى الاجهزة الامنية اعترفوا بوجود هذه المخططات وانتشار العديد من الخلايا النائمة في بعض المناطق اللبنانية لتنفيذ مثل هذه العمليات.

وبموازاة المخاوف من المخاطر الامنية، فان الازمة السياسية مستمرة في لبنان في ظل الفشل في التوصل لانتخاب رئيس جمهورية او الوصول الى قانون جديد للانتخابات النيابية رغم الحوارات والنقاشات المستمرة سواء داخل اللجان النيابية المشتركة او على طاولة الحوار التي تضم معظم الاطراف اللبنانية وتنعقد برعاية الرئيس نبيه بري. 

ومن اجل انقاذ الوضع اللبناني من الازمة القائمة دعا الرئيس بري لانعقاد جلسات الحوار الوطني بشكل متواصل في اوائل شهر آب/ أغسطس المقبل للبحث في تسوية سياسية شاملة او ما تم تسميته بالسلة المتكاملة والتي تضم رئاسة الجمهورية وقانون الانتخابات والحكومة المقبلة، لكن بعض الاطراف السياسية ولا سيما تيار المستقبل والقوات اللبنانية وبعض نواب قوى 14 آذار اعترضوا على هذا الطرح ورفضوا انعقاد ما سموه "دوحة لبنانية" ودعوا لان يشمل الحوار ايضا سلاح المقاومة او سلاح حزب الله. 

وبانتظار شهر آب/ أغسطس المقبل وامكانية انعقاد طاولة الحوار والوصول الى اتفاق شامل، يبدو ان المخاطر الامنية والسياسية على لبنان لن تنتظر وان ماجرى في بلدة القاع الحدودية من تفجيرات انتحارية ستكون البداية وسيواجه لبنان في الاسابيع المقبلة المزيد من المخاطر حسبما تؤكد مصادر دبلوماسية مطلعة في بيروت، اضافة للتحذيرات الامنية المتكررة سواء من الاجهزة اللبنانية او الجهات الخارجية. 

وعلى ضوء ذلك دعا رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط (وهو كان من اركان قوى 14 آذار وعلى علاقة وثيقة برئيس تيار المستقبل سعد الحريري) الى تجرع الكأس المر وانتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية على ان يعود بالمقابل الحريري لرئاسة الحكومة وبذلك ننقذ لبنان من الازمة القائمة ويتم العمل لتحصين الوضع السياسي والامني. 

فهل ستنجح الدعوات للوصول الى تسوية لبنانية شاملة في ظل استمرار تأزم الاوضاع في المنطقة وتصاعد الصراع السعودي-الايراني؟ الاجابة على هذا السؤال ليست سهلة، فاما تحصل معجزة ويتفق اللبنانيون على تسوية سياسية شاملة او ان البلد سيواجه المزيد من المخاطر القادمة مما يضع لبنان على فوهة البركان مجددا. 

 

قاسم قصير: عربي 21