رأت صحيفة "نيويورك تايمز الأمريكية أن معركة الفلوجة غرب العاصمة بغداد تعد مثالاً حياً على تلاقي المصالح الأمريكية والإيرانية، على الرغم من التناقضات والتباين في العلاقة بين الدولتين.

 

وتقول الصحيفة، إنه وعلى الرغم من أن الدعم الأمريكي لمعركة الفلوجة التي تشنها القوات العراقية والحشد الشعبي المدعومة إيرانياً، فإن واشنطن ترى أن مشاركة طهران بشكل واضح كما يجري في الفلوجة، يمكن أن يزيد من تعقيدات الوضع في العراق، وخاصة فيما يتعلق بسخط السنة ودفعهم باتجاه تنظيم الدولة.

وتخوض قوات عراقية وقوات الحشد الشعبي مساندة لها، معركة منذ نحو أسبوع على مشارف مدينة الفلوجة الواقعة إلى الغرب من العاصمة بغداد بنحو 62 كيلومتراً، حيث تسعى تلك القوات إلى استعادة المدينة من قبضة تنظيم الدولة الذي سيطر عليها قبل عامين ونصف.

وتدعم واشنطن الحكومة المركزية ببغداد في هذه المعركة، حيث يوجد مستشارون أمريكيون مع القوات العراقية، بالإضافة إلى وجود دور إيراني في تلك المعركة بات واضحاً.

وما زال قرابة 100 ألف مدني يعيشون داخل الفلوجة يعانون الجوع وفقدان الأدوية بفعل الحصار الذي فرضته عليهم قوات الحكومة والمليشيات الداعمة لها، في وقت يمنع عناصر التنظيم أهالي المدينة من الخروج.

ورغم أن الولايات المتحدة تشارك بفاعلية في معركة استعادة الفلوجة من قبضة التنظيم فإنها تخشى في الوقت ذاته أن تؤدي المعركة إلى تأجيج المشاعر الطائفية التي سمحت في وقت ما لتنظيم الدولة في أن يكبر وينمو في المناطق السنية.

وظهرت صور لرجل الدين الشيعي السعودي نمر النمر، الذي أعدمته المملكة سابقاً، على آليات وعربات تابعة للحشد الشعبي، كما نشرت فيديوهات لقادة في الحشد تعتبر الفلوجة معقل الإرهاب، وأنها مدينة بلا وطنيين، ولا يوجد فيها شعب، وأن هذه المعركة فرصة لمسح المدينة من خارطة العراق، بالإضافة إلى صور أظهرت مشاركة قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني في المعركة.

وترى الصحيفة أن كل ما سبق "دلائل على أن المعركة يمكن أن تؤدي إلى زيادة الشرخ الطائفي في العراق، وربما تدفع بالمدنيين في الفلوجة وغيرها من المدن الخاضعة لسيطرة التنظيم إلى الارتماء بحضن التنظيم، هرباً من المصير الذي يتوعدونهم به".

ورغم التأكيدات الحكومية العراقية بأن المليشيات لن تشارك في اقتحام الفلوجة، خشية مما قد تقوم به من عمليات انتقامية بحق أهلها، فإن البعض يرى أن على الولايات المتحدة الأمريكية أن تتدخل وتمنع الحشد من دخول الفلوجة، تماماً كما منعته من دخول الرمادي وبقي بعيداً عن المدينة.

والسؤال الآن هل سيقاتل التنظيم بالفلوجة حتى النهاية، أم أنه سيعمد إلى إلقاء أسلحته وترك المدينة كما فعل في مدن عراقية أخرى كان يحتلها؟

بحسب مراقبين فإن الفلوجة ربما تمثل للتنظيم رمزية كبيرة، ومن ثم فإن الحديث عن عملية ترك المدينة ربما غير ممكن، خاصة أنه قاتل بشراسة في معارك الرمادي خلافاً لمدن أخرى مثل هيت والرطبة التي انسحب منها.

ويبقى التاريخ حاضراً في تعامل أمريكا مع الفلوجة، حيث خاضت قوات المارينز معركتين كبيرتين في الفلوجة عام 2004، أدت إلى مقتل العشرات من المارينز قبل أن تتمكن من السيطرة عليها.

(نيويورك تايمز)