إنتهى الإستحقاق البلدي والإختياري أمس، وأوحى المشهد الديمقراطي في كل لبنان بصورة نقية وناصعة عن قدرة الدولة اللبنانية والثوى والاحزاب السياسية بإنجاز الإستحقاقات الدستورية  فيما لو أرادت ذلك.

أنجزت الدولة الإستحقاق البلدي والإختياري فيما عجزت عن إجراء الإنتخابات النيابية في موعدها وجرى التمديد للمجلس النيابي الحالي لمرتين متتاليتين، وبذلك تدين الدولة نفسها وتمديدها، ويتأكد للجميع عدم قانونية المجلس النيابي المدد له بدليل إجراء الإنتخابات البلدية والاختيارية دون أي مشاكل أمنية وهي الذريعة التي قدمها الممدون لأنفسهم في التمديد الأول والثاني.

يطوي المشهد الانتخابي آخر صفحاته ليؤكد الروح الوطنية العالية لدى جميع الشرائح في المجتمع اللبناني، وليؤكد حرص هذا المجتمع على ممارسة حقوقه الوطنية والدستوية بأبهى صورها.

أنجز هذا الإستحقاق  لتنتفي ذرائع التعطيل والإستئثار بالمجلس النيابي والاستحقاق الرئاسي، وتمكنت مشاهد الإنتخابات البلدية والاختيارية في بيروت والبقاع وجبل لبنان والجنوب والشمال وعكار من نزع أسباب التمديد للمجلس النيابي من الأذهان، وعرّت هذه الإنتخابات النواب أنفسهم أمام مشهد الديمقراطية التي عبّر عنها المجتمع اللبناني بأبهى حللها وصورها، فغدا إجراء الإنتخابات النيابية أمرا محتوما فور إنتهاء مدة التمديد في العام القادم .

لقد أثبت اللبنانيون قدرتهم على قطع الطريق أمام الدولة من المماطلة والتسويف في أيه إستحقاقات قادمة، واكدوا تمسكهم بمبدأ تداول السلطة والتعبير عن إرادتهم في ممارسة حقوقهم الديمقراطية.

وبدورها أثبت وزارة والبلديات وسائر الأجهزة الأمنية والعسكرية في تحصين وحسن تنظيم سير العمليات الانتخابية على امتداد أسابيع الاستحقاق الأربعة.

وإذا كانت مشهدية الانتخابات بحد ذاتها تمكنت من إنقاذ ما تبقى من ماء وجه للدولة وأعادت إحياء الأمل في أنّ طوق التعطيل لم يتمكن من خنق توق أبنائها إلى الديموقراطية، غير أنّ التحرّر نهائياً من هذا الطوق وكسره لن يكون ناجزاً إلا بإنجاز الاستحقاقات الأخرى التي ينتظرها اللبنانيون بفارغ الصبر وأهمها انتخاب الرئيس القادر برمزيته الوفاقية والوطنية الجامعة على إنقاذ الجمهورية كلها وانتشالها من مستنقع الفراغ والتفريغ المؤسساتي والسير بها نحو برّ الأمان والانتظام الدستوري .