لم يجد أحمد الأسير من ينجده في إعلاء صوته سوى "هيئة علماء المسلمين". هو الذي كان يستقبل قياداتهم بالأمس القريب للصلاة خلفه في "مسجد بلال بن رباح"، صار اليوم يحتاج أن يزوره بعض المشايخ فيها لينقلوا إلى من هم خارج السّجن صورته الحاليّة.

 

ولذلك، فقد التقى ثلاثة مشايخ من "الهيئة" هم: عدنان إمامة وخالد العارفي وأحمد عمورة، مع أحمد الأسير، أمس، في حضور وكيل الدّفاع عنه المحامي محمّد صبلوح، وذلك بعد أن وافقت النيابة العامّة التمييزيّة على هذا الطلب الذي تقدّم به وكلاء الدفاع الثلاثة عن الأسير.

وعند السّاعة العاشرة صباحاً، أُخرج إمام "مسجد بلال بن رباح" السّابق من خلف القضبان إلى غرفة مجاورة، حيث كان ينتظره زائروه.

وروى الأسير على مدى نصف ساعة، معاناته في سجن الريحانيّة. فهو لا يستطيع أن يتبع نصائح الأطباء الذين طلبوا منه التعرّض للهواء والمشي بشكلٍ دائم كي لا يصاب بالتجلّطات، خصوصاً أنّه يعاني من عدّة أمراض أبرزها الربو والسّكري والروماتيزم.

ولكنّ الأسير تحدّث عن غرفته الصغيرة التي تقع تحت الأرض وتتضمّن نافذةً صغيرة ما يمنعه من المشي داخلها. وبدلاً من أن يشمّ القليل من الهواء النظيف بات يشمّ روائح الدّخان، إذ أن نافذة غرفته تقع عند المكان المسموح فيه للموقوفين بالتدخين تحت الشجرة، ممّا يزيد من تعرّضه لنوبات ربو دائمة.

وشرح الأسير سبب توقيعه على ورقة تطلب نقله إلى سجنٍ انفرادي، لافتاً الانتباه إلى أنّ الأمر حصل بعدما تقاسم الغرفة التي يبلغ طولها المتر مع موقوف آخر.

كما شكا الأسير من كميّة ونوعيّة الطّعام التي لا تكفيه ولا تتناسب مع وضعه الصحيّ. ولذلك، تقدّم وكلاء الدّفاع عنه إلى مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكريّة القاضي صقر صقر بأن يتمّ التعاقد مع مطعم آخر على نفقة الموقوف، ليرفض صقر هذا الأمر وذلك خوفاً على حياته، على اعتبار أنّ هناك خوفا بأن يتعرّض لعمليّة تسميم عبر الأكل.

أمّا الأبرز فكان أنّ النيابة العامّة التمييزيّة أرسلت كتاباً إلى المدير العام لقوى الأمن الدّاخلي اللواء ابراهيم بصبوص لاستشارته في عمليّة نقل قائد معارك عبرا إلى سجن رومية، فكانت إجابته الرفض معلّلاً إيّاها بخشيته من أن يتحوّل الأسير إلى "أمير الموقوفين الإسلاميين" داخل السّجن، ويعود الوضع إلى ما كان عليه قبل تطبيق الخطّة الأمنيّة داخل رومية السنة الماضية. في حين يصرّ الأسير على نقله إلى أي سجن كان، بما فيه سجنه انفرادياً في الغرفة التي كان عمر بكري فستق نزيلاً فيها في رومية.

كلّ ذلك رواه الأسير على مسامع المشايخ الثلاثة الذين وعدوه بأن يعقدوا مؤتمراً صحافياً بعد أن ينقلوا معاناته إلى مفتي الجمهوريّة عبد اللطيف دريان في اجتماع سيعقد اليوم عند السّاعة الواحدة في دار الفتوى.

ويعتقد كثيرون أنّ هذا اللقاء سيكون أشبه بضغط على بصبوص والسّلطات المعنيّة بنقل الأسير إلى سجن رومية، من دون الأخذ بعين الاعتبار مخاوف صقر وبصبوص.

من جهة أخرى، وفي تفاصيل الزيارة، أُخرج "بطل" أحداث عبرا من زنزانته المنفردة للقاء "ضيوفه"، في غرفة محايدة، لنحو نصف ساعة. هناك استمعوا منه الى شكاويه من تدهور صحته، ومن إقامته في سجن انفرادي منذ توقيفه. وأبلغهم، بحسب مصادر الهيئة، أنّ "السجّان" استجاب لمطلب اللجنة الدولية للصليب الأحمر بإخراجه من السجن الانفرادي، فتقرّر جمعه مع موقوفٍ آخر، ولكن في غرفته نفسها التي لا يزيد طولها على متر و60 سنتيمتراً وعرضها عن متر و20 سنتيمتراً. ولما رفض ذلك لضيق الغرفة، طُلِب إليه التوقيع على ورقة تُفيد بأنّه مسجون انفرادياً بناءً على رغبته.

وقد نقل عن الصفحة الرسمية لهيئة علماء المسلمين أن "الشيخ يعيش حالة موت بطيء، هذا في لبنان الذي يزعم أنه بلد المؤسسات وحقوق الانسان".

(السفير الأخبار)