في سن الثامنة والثلاثين، كنتُ متزوجاً ولديّ أربعة أولاد، أقطن في عاليه وأدير مجموعة من العمّال. كانت الحرب قد بدأت ولكنني كنت عازماً على متابعة حياتي وتفادي الحرب.

لم أكن منضماً لأي من الأحزاب أو منضويا تحت أي تحرّك.   ما كان يهمّني، عملي وعائلتي. كنتُ رجلاً صلباً وأحببت العمل بيديّ. ابني، أيمن، الذي كان صغيراً آنذاك كان يعتقد أنني قويّ جدا،ً فقد كان يقول دوماً إنّ باستطاعتي تكسير حجر من الاسمنت بيديّ المجرّدتين. كنتُ أحبّ قضاء السهرات مع أصدقائي وعائلتي، وعادة ما كنا نجتمع في منزلنا لأخذ دروس موسيقية.

أحببت الغناء، والحياة كانت جيدة، حقاً. وبعد ذلك، توقفت الحياة. لم تتوقف حياتي فقط بل حياة عائلتي أيضاً. ففي الثاني عشر من آب عام 1982، كنت متوجهاً الى البقاع لإجراء الصيانة. تركت منزلي في الخامسة فجراً، عندما كان الكلّ نياما. كان من المفترض أن أتصل بزوجتي حالما أصل الى البقاع، ولكنني لم أفعل ذلك مطلقاً.

  وُجدت سيارتي لاحقاً في مكان ليس ببعيد عن منزلي، بالقرب من بلدة بحمدون. بَحثُ أولادي عني قاد ابني إلى مركز إعتقال مهجور. هناك وجدَ كومةً من جوازات سفرٍ عائدة الى العديد من الأشخاص الذين نقلوا إلى هناك خلال الحرب. ومن ضمنهم كان جواز سفري. هذه هي المعلومة الوحيدة التي استطاعت عائلتي جمعها عني. ولا تزال تنتظر لمعرفة ما حلّ بي.   اسمي وجيه زحلان   لا تدعوا قصتي تنتهي هنا.  

(من قصص المفقودين خلال الحرب الأهلية اللبنانية)  

(الأخبار)