من تصفّح السيرة الذاتية التي وزعها الدكتور الان حكيم عن نفسه حين رقيّ إلى "رتبة" وزير، لاحظ أنها "طويلة عريضة"، حافلة بخبراته المصرفية ودراساته الأكاديمية، ما ساعد حزب الكتائب على تقديمه على أساس "الرجل المناسب في المكان المناسب".

 

هكذا، ما كان لأحد أن يتوقع من القادم حديثًا إلى المقعد الوزاري وزواريبه، أن يحمل يومًا "عصا الكلمة" ليواجه بها منتقديه، ويصل بمنازلته المنبرية مع "زميله" وائل أبو فاعور إلى حدّ وصف أداء الأخير في ما يخصّ حملة السلامة الغذائية، بالمهرجان الإعلامي، لا بل بالسيرك الدعائي.

 

لا شك بأنّ وزير الاقتصاد خرج عن طوره حتى خلع قفازات اللياقة من يديه، حين شعر بأن الموس وصل إلى ذقنه، كما صوّره أبو فاعور، وذلك بعدما دقّ أبواب إهراءات القمح ففتحت له الجراذين، وحين قصد مرفأ طرابلس فخرج "السوس" من بين أكياس السكر.

 

اكتفى ألان حكيم بالرد على الطريقة التقنية- الأكاديمية، المُنكّهة ببعض التعابير الاستعراضية التي يحبها الرأي العام، من دون أن يقارب السياسة ولو قليلاً... مع أن الكتائبيين يتحدثون عن جوانب سياسية تكاد تتفوق على الجانب التقني، وهي التي أشعلت الحرب على محور الصيفي- المختارة، والتي دفعت وليد جنبلاط إلى النزول بثقله إلى "التويتر" مدججًا بقاموسه اللغوي للتصويب على "الذئاب".

 

هنا يستحضر الكتائبيون بعض خفايا الخلافات على طاولة مجلس الوزراء، والتي تدفع بنظرهم، إلى تحريك حملة السلامة الغذائية وفق معايير سياسية، يقصد منها الضغط على حزب الكتائب. ولهذا اختار وزير الصحة إهراءات القمح ذلك لأن مديرها موسى خوري، معيّن حديثًا بتوصية من الكتائب، كما اختار السكر كون المسؤول عن مديرية الحبوب والشمندر السكري مقرب أيضًا من الكتائب.

 

ولكن لماذا؟

 

وفقاً للكتائبيين، لهذا التصويب جانبان من الإجابات، الأول يتصل بملف "سوكلين" وورثتها، والثاني يتصل بمسألة طمر الحوض الرابع في مرفأ بيروت.

 

- في ما يخصّ الحوض الرابع، فإنّ اعتراضات كثيرة سجلت على العقد الذي وقع بالتراضي مع شركة "حورية" لتنفيذ أشغال توسيع وردم الحوض الرابع في المرفأ، لأسباب كثيرة منها تتصل بالكلفة التي قفزت من 70 مليون دولار إلى 138 مليون دولار حيث هنا تدور الشبهة حول مستفيدين من هذا العقد، فيتردد أن أحد المقربين من الحزب التقدمي الاشتراكي من بين المستفيدين.

 

ومنها ما له علاقة بالأضرار الاقتصادية التي قد يخلفها هذا الأمر، حيث قد تضطر السفن الكبيرة إلى تغيير وجهتها بفعل عدم تمكنها من إنزال حمولتها في مرفأ بيروت، إلى جانب المخالفات القانونية المشكو منها.

 

ولهذا تنفذ مجموعة من القوى المسيحية ومنها الكتائب اليوم الخميس تحركاً ميدانياً اعتراضياً على المشروع بالتزامن مع اجتماع لجنة الأشغال العامة التي ستعقد اجتماعاً بهدف بحث المسألة.

 

- في ما يخص ملف "سوكلين" التي تتولى لمّ ومعالجة 3000 طن من النفايات يومياً بكلفة تصل إلى 125 مليون دولار سنوياً، حيث يتردد أن دفتر الشروط الذي وضعه مجلس الإنماء والإعمار لوراثة "سوكلين"، مفصّل على قياس شركتين محددتين، أحداهما تعود ملكيتها لأحد أصدقاء وليد جنبلاط.

 

وبالنسبة الى الكتائب فإنّ اعتراضهم على طاولة مجلس الوزراء على كيفية معالجة ملف النفايات، كما لدفتر الشروط الذي وضعه مجلس الإنماء والإعمار، واعتراضهم أيضاً، إلى جانب الأحزاب المسيحية الأخرى (التيار الوطني الحر والمردة)، على قضية طمر الحوض الرابع، هو الذي يدفع الإشتراكيين إلى التصويب عليهم من خلال "سيف" السلامة الغذائية... وأشعل الحرب بين الوزيرين الشابين.

 

المصدر: لبنان24