ليس من عاداته أن يدعوها لعشاءٍ رومنسيٍّ، فهو كثير الانشغال والمشاغل. لكنّه فعلها هذه المرّة. ليس هذا فقط، بل اشترى لها فستاناً أبيض جميلاً جدّاً ووضع الى جانبه في الكيس رسالةً كتب عليها: "كوني جاهزة يوم الجمعة في تمام السّاعة الثامنة، فإنّني سأدعوك لعشاءٍ مميّزٍ. لا تتأخّري. مع حبّي الكبير".   حلّ يوم الجمعة المنتظر حيث يُصادف عيد الحبّ. السّعادة ترقصُ في قلبها، شعورٌ غريبٌ يخالجها وكأنّها أميرةٌ تنتظر فارس أحلامها. ربّما هو الفستان الجميل أو هي المناسبة التي تحتفل بها للمرّة الأولى. لم يدعُها أحدٌ من قبل للخروج في عيد الحبّ. حتّى أنّها لم تتلقَ أيّ رسالة عشقٍ وهيامٍ كصديقاتها. لكنّ هذا أصبح من الماضي فالمهمّ هو ما ينتظرها اللّيلة.     إستقلّت السيّارة وهي بأبهى حلّة. نظرَ اليها وقد اغرورقت عيناه بالدّموع. جميلةٌ هي بالابيض والفرحُ يزيّن شفتيها. طلبَ منها أن تَنظُرَ الى الخلف، ففعلت. لم تُصدّق ما رأته. باقةٌ ضخمةٌ من الورود الحمراء تكادُ تقعُ على أرض السيّارة. غمرتها الى صدرها بحرارة وطَبَعت قبلةَ شكرٍ على خدّه.      جلست بكامل أناقتها الى طاولةٍ محايدةٍ بجانب الشّرفة، أمّا هو فجلس الى كرسيّه المقابل لها. نظر إليها مبتسماً. كلّ شيءٍ فيها جميلٌ، وهي تشبهه في الكثير الكثير. "ماذا ترغبين أن تتناولي الليّلة؟" سألها. "بيتزا أكيد!" أجابت. فضحكا. "بيتزا إذن يا أميرتي". أمّا هو فطلب كأساً من المشروب وطبقاً نصحه فيه النادل.   حديثهما في هذه اللّيلة، لم يكن عادّياً. هي ليلة عيد الحبّ فعلاً، لكنّ ليلتهما كانت مختلفة عن باقي اللّيالي.  أخبرها كيف أحبّها من النظرة الأولى في ذاك اليوم حين كانت تبكي وتَصرخُ في المستشفى. هي لم تعرف من هو يومها، لكنّها أمسكت إصبعه بيدها الصّغيرة ونظرت إليه بتعجّبٍ.  أخبرها كيف غيّرت قساوة قلبه في لحظات، وأسكنت مكانها الحنان والرّقة. أخبرها كيف امتلك العالم وما فيه يوم لفظت كلمة "بابا" و"دبدبت" الى غرفتها لتلعب. أخبرها كيف لم يكن يخف من شيء قبلها، وبعدها خاف عليها من كلّ شيء. أخبرها أنّها عنيدةٌ ولجوجةٌ مثله، لا تصبرُ على شيء ولا تزايدُ على شيء. أخبرها أنّها جميلة وذكيّة تماماً كأمّها. أخبرها أنّه يُحبها حبّاً عظيماً ولو أنّه يمضي وقتا كبيراً في عمله. أخبرها أنّه سندها ورفيقها وداعمها الابديّ، وأنّها لو لفّت العالم لن تجد أوفى من حبّه لها.   انتهى العشاء وحان موعد العودة الى المنزل. خلدت الى النوم في ليلة عيد الحبّ بعد أنّ قبّل والدها عينيها. خلدت وقد علمت في قرارة نفسها أنّ الحبّ بألف شكلٍ ولون، وهي في هذه الليلة لن تحلم بأميرٍ، بل ستُصلي ليحفظ الله ملكها!