تحاول إيران بكل الطرق المناورة للالتفاف على عوائق تمنعها من المضي قدما في زيادة إنتاجها من النفط عبر خفض الأسعار على منتجها الذي يعادل في جودته الخام السعودي.

ولا تبدو إيران مهتمة بنتائج بيع النفط بأسعار أقل من جيرانها بعدما فقدت الأمل في التوصل مع السعودية وحلفائها إلى اتفاق يقضي برفع الأسعار عبر خفض حصصهم في السوق.

وتخطط إيران لبيع خامها الثقيل إلى آسيا في مارس المقبل بأكبر خصم عن الخام العربي المتوسط السعودي منذ عام 2008 بما يعكس استعداد المسؤولين الإيرانيين للإلقاء بآخر أوراقهم من أجل تحقيق وعودهم برفع الإنتاج.

وقال مصدر إيراني مطلع لرويترز إن إيران عرضت على مشتري الخام الإيراني الثقيل خصما قدره 20 سنتا دون سعر الخام العربي المتوسط السعودي -وهو خام من نفس الجودة- في شحنات مارس.

وأبقت إيران على سعر الخام عند خصم قدره 2.60 دولار للبرميل دون متوسط سعر خامات عمان ودبي على منصة بلاتس.

وجاء ذلك بعدما رفعت السعودية الأسبوع الماضي سعر الخام العربي المتوسط عشرة سنتات إلى متوسط سعر خامي عمان ودبي ناقصا 2.40 دولار للبرميل.

وتتطلع طهران إلى أن تسهم الخصومات على أسعار خامها في استعادة حصتها بالسوق عقب رفع العقوبات عنها، إثر توصلها مع الغرب في يوليو الماضي إلى اتفاق نهائي حول ملفها النووي.

ويراقب كبار منتجي النفط الآخرين في الشرق الأوسط عن كثب استراتيجية إيران مع تنامي صادراتها إلى سوق متخمة بالمعروض بالفعل.

وحاولت إيران دعم جهود فنزويلا لإقناع أعضاء منظمة أوبك بخفض الإنتاج من أجل إعطاء دفعة لعوائد النفط التي تعتمد عليها بشكل كبير.

وقالت مصادر الخميس إن وزير النفط الفنزويلي إيلوخيو ديل بينو اقترح على أوبك والمنتجين المستقلين “تجميد” الإنتاج عند المستويات الحالية. ورحبت السعودية بعرض فنزويلا، لكنها وضعت مشاركتها في تنفيذه رهنا لمشاركة إيران.

واستبعدت المصادر أن توافق طهران على مبادرة فنزويلا مستندة إلى محاولات يائسة للتكيف مع متطلبات السوق الحالية، وعدم الانتظار إلى حين عودة الأسعار إلى الارتفاع.

ويحمل تمسك إيران باستراتيجيتها الحالية تناقضات جمة، إذ تشترط خفض المنتجين الخليجيـــين لحصتهم في السوق، بينما تسعى إلى رفع إنتاجها بمعدل 500 ألف برميل يوميا خلال الستة أشهر المقبلة.

وقال ديفيد باتر، الباحث الاقتصادي في معهد تشاثام هاوس في لندن لـ”العرب” إنه “بعد رفع العقوبات عن إيران انتقلت من مرحلة مراقبة السوق المتخمة بالمعروض إلى مرحلة أخرى تقوم على المناورة من أجل اختراق هذه السوق ودعم اقتصادها المتهالك”. ولا تبدو السعودية جاهزة للتخلي عن قيادة المعسكر الرافض لخفض الإنتاج داخل أوبك.

وتواجه السعودية معضلة التعاطي مع مناورات إيرانية لا تبدو فعالة للاستحواذ على حصة أي من المنتجين المستعدين لتقديم تنازلات وخفض الإنتــاج، إذ تصر طهران على أن أي اتفاق سيتم التوصل إليه من جانبها سيشمل تقليل حجم الزيادة المنتظــرة في الإنتاج، لكنــه لن يمـــس حجم إنتاجها الحالي.

ويقول باتر إن اتجاه إيران إلى البيع بسعر أقل من الخام العربي سلاح ذو حدين، فبالإضافة إلى مساعدته إيران على تحقيق هدف زيادة الإنتاج، فقد يتسبب أيضا في المزيد من تراجع الأسعار.

وقال مصدر إيراني “الآن بعد رفع العقوبات نريد وضع الأسعار عند مستويات أكثر جاذبية”.

وتواجه السعودية على الجانب الآخر حربا أكثر شراسة مع منتجي النفط الصخري في أميركا، وتقول إن أي محاولة لخفض الإنتاج من أجل الوصول بسعر البرميل إلى حاجز 70 دولارا سيعزز إنتاج النفط الصخري وسيجبر المنتجين التقليديين على التخلي عن حصصهم في السوق دون أي مقابل.

وسيقود هذا الصراع إلى ترك آلية تحديد سعر البرميل لتقلبات السوق.

ويقول ماثيو باي الخبير الاقتصادي في مؤسسة ستراتفور الخاصة لخدمات الاستخبارات “القرار بترك تحديد السعر للسوق سيعود بتكلفة مرتفعة على المنتجين الذين يعانون من أزمات مالية طاحنة كفنزويلا وإيران ونيجيريا والعراق، وستجد هذه الدول نفسها في موقف أصعب بكثير كلما طالت مدة تراجع الأسعار”.

 

 

المصدر: العرب