في بداية الصيف سيكون موعد لبنان مع العملية الجاري التحضير لها في جرود عرسال، وبالتأكيد هذا سيرفع مستوى الضغوط الامنية، أي أنه سيفتح الساحة اللبنانية اكثر أمام شهية داعش" و"النصرة" للضغط، او ربما للانتقام أمنياً، إذ لا تستبعد مصادر أمنية معنيّة احتمال تحرّك الوضع الامني مجدداً، وانّ عبوات طرابلس المكتشفة تأتي في هذا الاطار، إلّا انها في المقابل تبدو حاسمة بأنّ المعالجات الامنية المستمرة منذ سنوات نجحت في التخفيف كثيراً من الأخطار الامنية.


وأخيراً، وبعد المشكلة الأمنية للخطوط الجوية الفرنسية، تمّت إعادة رسم خطط مراقبة أمنية جديدة في مطار بيروت ونَشر كاميرات مراقبة وفَرض منع شامل على كل الموظفين من إدخال أي شيء الى المطار. لا بل أكثر، يشير الكاتب السياسي جوني منير الى أنّ وحدات من الجيش اللبناني أقامت نقاط انتشار ورصد لها عند كل التلال المُشرفة على المطار ومدرجَيه بحيث أضحَت الطائرات في مأمن أكثر عند الاقلاع والهبوط.

وفي موازاة ذلك، تستمر المراقبة الشديدة للمخيمات الفلسطينية وللعناصر المتطرفة الموجودة في داخلها، خصوصاً في مخيم عين الحلوة حيث هنالك مقار لقيادات هذه التنظيمات والتي تتواصل في استمرار مع قيادات "داعش" في الرقة وحلب ودير الزور. لكن هذا العمل الامني الممتاز لا يعني أنّ الساحة اللبنانية باتت مضمونة بكاملها فالخطر يبقى قائماً.


ولكن ماذا يعني كل ذلك على الملف الرئاسي اللبناني؟ ولماذا حزب الله لا يساعد العواصم الغربية في تليين العُقد التي تمنع إتمام الاستحقاق الرئاسي؟ وهو السؤال الذي يحيّر العواصم الغربية ولا تجد له جواباً، على رغم الإيجابيات الكثيرة التي تضمّنتها الكلمة الاخيرة للأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله.

وتكشف مصادر ديبلوماسية موثوقة، وفق منير، أنه بعد طرح الرئيس سعد الحريري مبادرته، والقاضية بوصول رئيس تيار "المردة" النائب سليمان فرنجية الى قصر بعبدا وعودة الحريري الى السراي الحكومي، بَدت الصورة ملبّدة في الداخل، خصوصاً مع رفض رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" النائب ميشال عون المُتسلّح بدعم حزب الله.

وتروي المعلومات انّ الحريري حاول الاستعانة بروسيا من خلال نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف. والتقى الديبلوماسي الروسي، الذي يعالج بعض الملفات اللبنانية والسورية، الوزير السابق كريم بقرادوني القريب من عون.


بوغدانوف حَمّل بقرادوني رسالة الى الرابية مفادها انّ التسوية اكتملت وانه من الضروري السير بها ومن غير المفيد لعون أن يبقى خارجها. لكنّ عون، الذي رفض هذه الرسالة، تسلّحَ بموقف حزب الله الداعم له أيّاً يكن قراره والتزاماً بما كان قد أعلنه السيد نصرالله غير مرة.

والأهمّ انّ عون أرسل الى القيادة السورية سائلاً عن حقيقة الموقف الروسي، وقيل انّ القيادة السورية تواصَلت مع القيادة الروسية من خلال الخطوط الناشطة المفتوحة بينهما على مستوى الكرملين ووزير الخارجية، فكان الجواب الروسي واضحاً: "أنتم وحزب الله قادرون على تقييم الوضع أفضل منّا، ونحن نؤيّد أي قرار تتخذونه". وأرفقت موسكو جوابها باعتذار عمّا صدر عن بوغدانوف.

وخلال التواصل الذي أعقبَ هذه الحادثة أبلغت دمشق، وكذلك قيادة حزب الله، الى الرابية انّ موقفهما النهائي هو خلف العماد عون وانهما يوافقان على ما يقرره هو.


ولأجل ذلك ظهر الأمين العام لحزب الله على شاشة تلفزيون "المنار" ليجدّد التزامه، في إشارة اضافية الى انه غير قابل للعودة عنه. وقيل انّ موسكو سمعت من قيادة حزب الله المعادلة التالية: "إذا خيّرنا بين الرئاسة وعلاقة التحالف مع العماد عون فإنّ حزب الله يختار الثانية".

ما يعني أنّ الفراغ الرئاسي سيطول، وأنّ على البلد التعايش مع هذا الواقع، خصوصاً انّ السعودية لن تعطي موافقتها على وصول عون، وهو ما سيظهر من موقف الحريري الأحد المقبل.