من المؤكد ان نبيه بري يملك مَرارة من صوان وإلاّ لكانت فقعت منذ زمن بسلامة قلبه، نتيجة ما سمعه ويسمعه في مسلسل الحوار، وهو ليس أكثر من "تعفير" كلام مكرر وممجوج ومشاكس وأحياناً مخرّب ومن باب "أعور في عينك" يدور بين خرسان يحاولون إقناع طرشان بأنهم من الحساسين، او بين عميان يجادلون عمياناً عن دفء الطقس وهم امام بركان ينفجر!

وهكذا تستمر وتيرة العجز ويتزايد خطر الانهيار والحوار، الذي "لا نملك بديلاً منه" على ما يقول بري، والذي يتم دائماً على طريقة دقّ الماء، فلقد عاد الأكارم الذين طلب منهم بري أن يودعوه رؤيتهم للمواصفات التي يرونها في الرئيس العتيد، وسلّموه أوراقاً ليس فيها نقطة التقاء يمكن ان تفك خيطاً من خيوط العقدة المستحيلة، التي تحول حتى الآن [والى أبد الآبدين آمين] دون انتخاب رئيس للجمهورية السعيدة.
نصف الحوار عن الزبالة والمكبّات والمطامر والنصف الثاني عن عقدة الفراغ الرئاسي التي تتكشّف دائماً عن تناقض وقطب مخفية ورغبات فاقعة عند البعض في جعل هذه الدولة وسلطاتها من النفايات السياسية التي يجب ان نبحث لها عن مكبات ومطامر إن لم نحرقها!
على طريقة سوق الأوقية فُتحت دفاتر الشروط التي يجب ان تتوافر في الرئيس وراح بري يهز رأسه ويبتلع ريقه مرارة ويا صبراً جميلاً، فمواصفات الرئيس التي تمّ تداولها: قوي وليس ضعيفاً، وطني وليس مدسوساً، سيادي وليس جاسوساً، صاحب تمثيل في محيطه وليس أبو ناعسي، صاحب حيثية وليس نكرة هامشية، قادر على الحلّ والربط وليس لاعباً على الحبال، متمسك بالعداء لإسرائيل وليس عميلاً لنتنياهو، لا يطعن المقاومة وينام على وسادتها المحشوة بالجيش والشعب!
هكذا بالحرف تقريباً وبما يشكل أكتشافاً إعجازياً للمواصفات النادرة والهائلة والمذهلة المطلوب توافرها في صاحب الفخامة، لكنك في الواقع تستطيع ان توقف أي بائع فجل أو بطاطا فتجده قوياً وطنياً سيادياً صاحب تمثيل في محيطه قادراً على الزرع والقلع ويهتف فوراً يِقلَع لك ولنتنياهو.
ولست أدري لماذا تعب القلب في البحث عن الرئيس الغودو الذي لن يصل فالوضع تماما كما وصفه محمد رعد: "هناك انقسام عمودي حاد وقراءتان متناقضتان لوثيقة الوفاق الوطني والدستور، وهناك برنامجان سياسيان متعارضان وفي هذه الحال يصبح الحديث عن مواصفات الرئيس من الشكليات، نحن مختلفون على ديموقراطيتنا وعلى ثوابث تشكل مرتكزات بناء الدولة ... يجب التفاهم على الثوابت والمرتكزات قبل تضييع الوقت على شكليات مواصفاة الرئيس!".
واضح جداً، الحوار يجب ان يكون على أي لبنان لا على أي رئيس، اذاً تعالوا الى المؤتمر التأسيسي أيها الاذكياء !