قال فريد براتي رئيس الأمانة العامة للمنظمة الإيرانية لرعاية المسنين إن نسبة الشيخوخة في إيران وصلت إلى حدود الـ8.2 بالمئة من النسبة العامة للسكان في إيران. ويعد الكشف عن هذا الرقم سابقة في الأجهزة السوسيولوجية الإيرانية التي سعت منذ مدة إلى إخفاء أرقام تتعلق بالبنية العمرية للمجتمع وكيفية توزع الكثافات السكانية والمعلومات المتعلقة بقوة العمل والإنتاجية.

وأكد براتي في سياق تفسيره لظاهرة تهرم المجتمع الإيراني أن الوصول إلى نسبة 12 بالمئة من الشيخوخة في إيران “يعد خطرا حقيقيا وكارثيا” بالنسبة للدولة الإيرانية، قال براتي “إن إيران لم تصل بعد إلى أرقام تقترب من نسبة 12 بالمئة، لكن النسبة مخيفة في بعض المدن”.

وقد أشارت العديد من الإحصاءات المحلية إلى أن الشيخوخة في محافظة جيلان مثلا وصلت إلى نسبة 11 بالمئة وفي مدينة طهران وصلت إلى 10 بالمئة، والرقم نفسه في محافظة أذربيجان الغربية. ويؤكد مراقبون أن هذه النسب في تزايد مستمر، الأمر الذي ينذر بخطر محدق على المجتمع دون أن تتدخل الأجهزة الحكومية في إيجاد حلول لهذه الظاهرة.

وتعود حسب محللين ظاهرة تهرم المجتمع الإيراني وانتشار نسب عالية من الشيخوخة في صفوفه إلى العديد من الأسباب أهمها “انتشار حالات الإجهاض اليومية” وهو ما يسبب على المدى البعيد فقدانا لجيل الشباب والفئة العمرية القادرة على العمل في مقابل تصاعد أصحاب الأعمار المرتفعة.

الإجهاض والعزوف عن الزواج يؤديان إلى تراجع النمو السكاني وإقحام المجتمع في خطر الشيخوخة

وكشف محمد إسلامي وهو المستشار الفني لدائرة السلامة الأسرية في وزارة الصحة الإيرانية، عن وجود ما بين 150 إلى 350 ألف حالة إجهاض تجري سنويا في إيران، وهذا يعني أن هناك ما يقارب الألف حالة إسقاط جنين تحدث يومياً في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وعلى القياس البعيد فإن 3.5 مليون روح تزهق كل 10 سنوات من عمر إيران، مما يؤدي إلى تراجع النمو السكاني وإقحام المجتمع في خطر الشيخوخة.

ويقول خبراء أن المجتمع الإيراني يعاني من خطر الشيخوخة الذي أخذ يتزايد في الآونة الأخيرة ويخيم بظلاله على التركيبة السكانية في البلاد، وذلك باعتراف من القادة الإيرانيين وعلى رأسهم خامنئي نفسه الذي صرح مرارا بعد استشعاره خطورة هذه المشكلة من تراجع معدلات الخصوبة في المجتمع.

ويرى الكثير من الخبراء والمتخصصين أن الشيخوخة ستؤدي إلى انخفاض معدل تزايد السكان في إيران إلى حد الصفر خلال العشرين سنة القادمة، وفي هذا الموضوع يقول رئيس جامعة بهشتي للعلوم الطبية الباحث بيوندي أن نسبة 35 بالمئة فقط من المجتمع الإيراني الآن هم من الشباب، ولكن مع استمرار الوضع الحالي، فإن هذه النسبة ستقل عن 14 بالمئة عام 2050، وأضاف أن معدل الخصوبة (الإنجاب) حاليا يبلغ حوالي 1.8 بالمئة، وفي حالة انخفاضها إلى دون نسبة 2 بالمئة، فهذا يعني أن المجتمع يواجه أزمة الشيخوخة.

 
فريد براتي: الوصول إلى نسبة 12 بالمئة من الشيخوخة في إيران يعد خطرا حقيقيا بالنسبة إلى الدولة
 

وترجع جذور هذه المشكلة إلى عاملين أساسيين، هما تدهور الأوضاع الاقتصادية بشكل عام وما نتج عنه من فقر وعدم توفر فرص عمل، الأمر الذي خلق هاجساً لدى المتزوجين والمقبلين على الزواج من إنجاب الأطفال، وذلك لعدم مقدرتهم على توفير النفقات المترتبة على تربية الأطفال، والثاني وجود ما يسمى زواج المتعة أو الزواج المؤقت المنتشر في إيران، والذي يلبي حاجات الشباب دون الاضطرار إلى إنجاب الأطفال والإنفاق عليه.

وربما لهذا العامل جذور اقتصادية أيضاً تعود إلى الظروف القاسية التي أوجدها سوء إدارة الثروات من جهة، وفرض العقوبات الاقتصادية على إيران بسبب برنامجها النووي وطموحها في الوصول إلى السلاح نووي،

ويقول المختص في طب النساء والتوليد الدكتور رويا تقي بور أن من العوامل التي زادت نسبة الإجهاض في إيران هو توافر مادة “الميسوبروستول” (دواء يسبب إسقاط الجنين)، وعدم وجود رقابة على توزيعها وانتشارها بكميات كبيرة في إيران، وأشار هذا الطبيب إلى الأضرار التي تنتج عن عملية إسقاط الجنين على الأمهات منها نزيف داخلي، عقم دائم، التهابات شديدة، فقر الدم، وقد تصل إلى فقد الحياة.

وأضاف تقي بور أن هنالك ما يقارب 11 مليون إيراني في عتبات الزواج، وسيكون الأمر مقلقا إذا تعدوا سن الزواج والخصوبة، كما أشار إلى وجود 3 مليون زوج في إيران يعانون من العقم.

وقال المدير العام لسلامة الأسرة والمجتمع في وزارة الصحة الإيرانية، محمد اسماعيل مطلق إلى وجود 90 ألف شخص مصاب بالإيدز، و27 ألفا حاملين لهذا الفيروس، “لذا فإن عمليات الإجهاض لا تضر بالحياة الشخصية فحسب، بل إنها تشكل تهديداً خطيرا على الأسرة والمجتمع، وتضع الدولة في أزمة حقيقية، وذلك لأنها تؤدي إلى انخفاض معدل التزايد السكاني، وما يرافقه من تناقص أعداد الشباب”، وهم المحرك الأساسي لأي عملية تنموية في جميع المجالات، وبذلك تتجه الدولة إلى مرحلة الشيخوخة.